«مصريات».. سلسلة أسبوعية تقدمها «أيقونة» بالتعاون مع المتحف القومى للحضارة المصرية، لسرد حكايا رموز التاريخ المصرى. يهتم المتحف القومى للحضارة المصرية عبر سلسلة «مصريات» بعرض حكايا التاريخ المصرى عبر شخصيات أثرت الحضارة المصرية على مر العصور، بدءًا من مصر القديمة، مرورًا بالحقبتين القبطية والإسلامية، وصولًا إلى مصر الحديثة. حلقة اليوم من مصريات تتناول خيمة «إيست إم خب».. تلك المقصورة الملكية التى تحكى الأسرار الجنائزية، وتقدم دليلًا تاريخيًا على ريادة مصر القديمة لعالم الصناعة. خيمة «إيست إم خب» ذات الألوان البديعة المحتفظة برونقها، رغم مرور آلاف السنين، هى أحد النماذج النادرة للمشغولات الجلدية، ودليل تاريخى مادى يؤكد تقدم صناعة الجلود فى مصر القديمة. تلك الخيمة مستطيلة الشكل المُصنعة من جلد الماعز جرى اكتشافها بخبيئة المومياوات الملكية بالدير البحرى عام 1881، بحالة رائعة، هى إحدى مخصصات الأميرة «إيست إم خب» الثانية، ابنة كبير كهنة آمون، وكبيرة حريم الإله مين وإيزيس وحورس فى«إخميم». ترجع الخيمة نادرة التصميم لعصر الأسرة ال 21 فى طيبة (1085:950 ق.م)، أى قبل حوالى 3000 عام، وقد صممت هذه الخيمة على غرار المقصورة الذهبية للملك «توت عنخ آمون» وزينت بأشكال مفرغة أشبه بأسلوب طباعة الاستنسل المعاصرة (تقنية التلوين بالتفريغ). تمثل الخيمة رسومًا وكتابات تذكر «الكاهن الأكبر لآمون» وتسرد مساهرة الأميرة إيست إم خب ل «صادق الصوت»، مما يؤكد أنها صُنعت لها بعد وفاة والدها؛ إذ لات طلق عبارة صادق الصوت إلا على مَن توفى وفق التقليد المصرى القديم. الخيمة بديعة التصميم تبدو كمقصورة ملكية متنقلة؛ زُينت أحد جوانبها بإفريز من علامات «الخكر»- وهو عنصر زخرفى يزين واجهات المبانى بداية من عصرالأسرة الأولى- ويحاكى تصميمها أوراق البوص المشدود بعضها إلى بعض بأسلوب محور، يليه سطر من الكتابة، ثم منظر لجعران مجنح يعلوه قرص الشمس وعلى جانبيه اسم الكاهن «بانجم الأول» داخل خرطوش يحيط به كوبرا على رأسها قرص الشمس. الجانب الآخر عبارة عن إفريز من علامات الخكر، تليه زخارف لمجموعة من زهور«اللوتس»، على جانبيها خرطوش «بانجم»، بجانب كل منه منظر لوعل ولزهرة اللوتس، وهى زخارف لها دلالات دينية فى العقيدة المصرية القديمة.. فحسب نظرية الخلق (ثامون الأشمونين)، فإن زهرة اللوتس هى أول ما خرج من نون (المياه الأزلية)، التى استخدمها الإله فى عملية الخلق. كذلك ارتبطت زخارف خيمة «إيست إم خب» ببعض المعبودات؛ ففى حال ارتباطها بالمعبود «رع» تكون رمزا للبعث والتجلى.. وإذا ارتبطت بالمعبود «نفرتم» يعنى ولادته منها. كما ظهر رأس الملك توت عنخ آمون فى إحدى القطع الأثرية خارجا منها، وفى حال وجود مناظر تمثل استنشاق هذه الزهرة يعنى ذلكاستنشاق رحيق الأبدية وإعادة الوعى. الجانب الثالث بخيمة «إيست إم خب» عبارة عن إفريز من علامات الخكر، أسفله سطر من الكتابة، تليه مجموعة من الجعارين المجنحة التى يعلوها قرص الشمس. ويعد الجعران أحد أبرز وأهم الرموز المقدسة فى مصر القديمة، لارتباطه بالمعبود رع، فهو صورة رع فى الظهيرة، وقد استخدم كتميمة عند المصرى القديم، وكان يحمل فقرات من كتاب الموتى «فهو خبر»، وتعنى: الذى يأتى إلى الوجود، أو الوليد كما ظهرت الجعارين التذكارية التى كانت تستخدم من قبل الملوك لتسجيل أحداث مهمة كالانتصارات فى الحروب أو الاحتفال بالزواج. الجانب الرابع والأخير بخيمة «إيست إم خب» عبارة عن مجموعة من مربعات الجلد ذات اللونين الأخضر والوردى. ورغم وجود 3 أميرات تحمل اسم «إيست إم خب»، إلا أن دراسة حديثة لمركز الدراسات المصرية بالأكاديمية الروسية للعلوم، نشرت فى 2007 وتتناول سقف وجوانب هذه الخيمة، أثبتت أنها صنعت للأميرة «إيست إم خب الثانية». وقد دفنت هذه الخيمة مع الأميرة بعد انتهاء الموكب الجنائزى.