ساركوزى ومسيو بدانة

استقبل الشعب الفرنسى، بمنتهى الارتياح والسعادة، قرار ساركوزى بتعيين البروفيسور آرنو باسدوفان، مسؤولاً عن خطة فرنسا الوطنية لمحاربة البدانة!!، بالطبع، وكالعادة، سنستقبل نحن العرب هذا القرار بالسخرية والاشمئناط، ضاربين كفاً بكف من هيافة حاكم يوقع على خطة وطنية لمحاربة «التخن»!!، ولكن إذا قسنا قرار ساركوزى بمقاييس العقل والمنطق سنجده من أهم القرارات وأكثرها حكمة وبعد نظر فى تاريخه السياسى.
البدانة خطر صحى واقتصادى أيضاً، فمحاربة البدانة هى وقاية من أمراض متعددة مثل السكر والضغط وأمراض الكبد وتصلب الشرايين والذبحة الصدرية وتآكل الغضاريف والسكتة الدماغية وعقم الرجال والنساء وبعض أنواع السرطانات... إلخ، وهى وقاية أيضاً من نزيف اقتصادى بسبب هذه الأمراض وتكلفة علاجها، بالإضافة إلى انخفاض إنتاجية المرضى وأدائهم فى العمل، ولذلك من الحكمة أن تتصدى الدول المحترمة، التى ترسم لمستقبلها، لمحاربة البدانة، ولذلك أيضاً ليس فى قرار ساركوزى أى خطأ أو تطرف أو هيافة!، فهكذا تفكر الدول المتحضرة التى لا تنظر تحت أقدامها والتى تتمرد على تمرين الجرى فى المكان!!
ماذا فعل ساركوزى وكيف فكر فى هذا القرار؟،
أولاً: اختار أهم وأشهر شخص فى فرنسا يحارب البدانة عبر كل الوسائط المتاحة من أبحاث علمية وبرامج إعلامية وهو باسدوفان، رئيس مركز دراسات وعلاج البدانة فى مستشفى لابيتييه بباريس، والذى من كثرة حماسه لقضية الحرب ضد البدانة أطلقوا عليه فى فرنسا «مسيو بدانة»!،
ثانياً: طلب ساركوزى دراسات حول خطر البدانة على فرنسا وكانت الأرقام مرعبة، فى فرنسا 20 مليون بدين بينهم 14 مليون طفل ومراهق!، وهذا معناه أن مستقبل فرنسا الصحى فى خطر،
ثالثاً: عندما أحس ساركوزى بهذا الخطر المقبل أعلن عن خطة وطنية تنفذ، على مدى ثلاث سنوات، من أجل وقاية أفضل من الوزن الزائد وتشجيع الطلاب على ممارسة الرياضة بشكل منتظم وتقديم وجبات غذائية مفيدة فى المطاعم المدرسية،
رابعاً : فتح ميزانية حرب البدانة بلا حدود لدرجة أنه سمح للتأمين الصحى بأن يدرج عمليات تصغير المعدة بالحزام أو التدبيس وأيضاً عملية تحويل مسار المعدة ضمن الجراحات المسموح بها فى التأمين الصحى مجاناً!!
لهذه الدرجة صارت البدانة وسواساً مؤرقاً للفرنسيين والعالم المتحضر، فالبدانة ثانى أكبر سبب للوفاة فى العالم، ويموت بسببها سنوياً أكثر من سبعة ملايين شخص، الأمراض المرتبطة بالبدانة تشكل 10% من إجمالى النفقات الطبية فى الولايات المتحدة، أو ما يعادل 147 مليار دولار فى العام، البدانة مسؤولة عن 14 ألف حالة سرطان فى بريطانيا سنوياً، بسبب البدانة دخلت مصر طابور أول عشر دول ينتشر فيها مرض السكر، وبسببها أيضاً انتشر سرطان الكبد فى مصر وهناك دراسات على ضعف فاعلية الإنترفيرون فى علاج فيروس سى لكبد المريض البدين.
الأرقام السابقة تؤكد معنى واحداً.. البدانة أقصر طريق للانتحار.
info@khaledmontaser.com