تسونامي كورونا يضرب الهند (التفاصيل)

في بداية العام كان واضحا أن الهند قد سيطرت على تفشي فيروس كورونا، حيث انخفضت الحالات اليومية بنسبة 90 ٪ تقريبًا عن ذروة الموجة الأولى العام الماضي. وبدأ إعادة الفتح والانتعاش الواضح ناجحًا لدرجة أن راجيش بوشان وزير الصحة في البلاد أعلن في أوائل مارس أنهم "في نهاية لعبة" الوباء. وفي 16 يناير بدأت الهند حملة التطعيم ضد كورونا التي تعد من بين أكبر حملات التطعيم وأكثرها طموحًا في العالم.
والان على عكس ما ذكره وزير الصحة أن بلادة في "نهاية لعبة الوباء"، لم تشهد الهند نهاية للوباء، بل أصبحت مركز تسونامي كورونا، وتمر بأسوأ موجة تفشي في العالم. وارتفعت الحالات اليومية بشكل مستمر خلال الأيام الماضية، ففي يوم الاثنين أبلغت الهند عن 352991 حالة جديدة، محطمة بذلك رقمًا قياسيًا لأعلى رقم ليوم واحد على مستوى العالم. وسجلت رقم قياسي جديد خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية حيث بلغت الاصابات بالفيروس حوالي 360960 حالة وهو أكبر عدد يومي في العالم.
وبلغت الموجة الأولى للوباء ذروتها في سبتمبر الماضي وانخفضت الحالات اليومية بشكل مطرد في الأشهر التالية.وخفف السكان من ممارسات وقيود فيروس كورونا مثل التباعد الاجتماعي، والحفلات الدينية والزواج على الرغم من أن بعض الولايات ظلت حذرة واستعدت لموجة ثانية، إلا أن أيا منها لم يكن كافيا ولم يتوقع أحد الموجة الهائلة القادمة.
وحسب موقع سي إن إن بدأت الحالات في الارتفاع في أوائل مارس، لكنها تسارعت بسرعة فقد قفز عدد الحالات اليومية بحلول نهاية الشهر ستة أضعاف ما كان عليه في بداية الشهر. ويقول الخبراء إن الموجة الثانية كانت أصعب بكثير لأن الناس لم يكونوا مستعدين.
ونفدت الإمدادات الطبية الأساسية في المستشفيات، مما أدى إلى وفاة العديد من المرضى بسبب نقص الأكسجين. وتسعى الحكومة جاهدة للاستجابة للأزمة، حيث تقدم دول في جميع أنحاء العالم المساعدة. لكن في الوقت الحالي، لا يُظهر تفشي المرض أي بوادر للتراجع، ويحذر الخبراء من أنه قد يزداد سوءًا. وفي 20 أبريل قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في خطابه للأمة، إن الحكومة تعمل على تسليم 100 ألف أسطوانة أكسجين جديدة للولايات، وأنها ستعلق جميع استخدامات الأكسجين للأغراض الصناعية لتوفير الإمدادات للاستخدام الطبي. وأضاف إن العمل جار لزيادة عدد أسرة المستشفيات، وبناء مستشفيات مخصصة لفيروس كوفيد في بعض المدن.
ووفقا لخبراء الأوبئة هناك علاقة بين الارتفاع الحالي في عدد الإصابات وظهور "السلالة الهندية"، وهي نوع متحور من الفيروس تم اكتشافه لأول مرة في ولاية ماهاراشترا الغربية، ويُعتقد أنه أكثر قابلية للانتقال. ولا يزال العلماء يدرسون السلالة الهندية ويقومون بإجراء تسلسل الجينوم لتحديد التأثير للطفرة الجديدة. ومن جانبها حذرت منظمة الصحة العالمية من التعجل في الوصول إلى استنتاجات بشأن السلالة الجديدة من فيروس كورونا في الهند، قائلة انها لم تصنفها بعد على أنها مقلقة.
وتضررت العاصمة نيودلهي، بشدة من الموجة الثانية، وتم وضع إقليم دلهي حيث تقع نيودلهي، تحت الإغلاق في 19 أبريل، وتم تمديد الإغلاق منذ ذلك الحين حتى 3 مايو.
وتُظهر الصور الحرق الجماعي للجثث وتؤدي الطقوس الأخيرة محاطة بالعشرات من المحارق الجنائزية المحترقة الأخرى. وحوّلت السلطات في دلهي متنزها إلى ساحة لحرق الجثث.
وتدير الهند لقاحين محليًا هما لقاح Oxford-AstraZeneca المعروف باسم Covishield في الهند، ولقاح Covaxin المحلي، الذي تم تطويره بالاشتراك مع Bharat Biotech والمجلس الهندي للأبحاث الطبية (ICMR) الذي تديره الحكومة.
ووفقًا لوزارة الصحة اعتبارًا من 25 أبريل، قامت الهند بإعطاء 140.9 مليون جرعة من اللقاحات ضد فيروس كورونا. ووفقا لسي إن إن قالت الحكومة المركزية إنها ستعجل الموافقات الطارئة للقاحات التي وافقت عليها بالفعل منظمة الصحة العالمية أو السلطات في الولايات المتحدة وأوروبا وبريطانيا واليابان. وبالتالي لا تزال الشركات بحاجة إلى التقدم للحصول على الموافقة في الهند، لكنها ستُعفى من الاضطرار إلى إجراء تجارب سلامة محلية، مما يسرع العملية.
ويعد تفشي المرض في الهند مأساة هائلة، ولكنه يمثل أيضًا كارثة بالنسبة لبقية العالم، وتعتمد 92 دولة نامية على الهند، الموجود بها معهد السيروم، أكبر صانع للقاحات في العالم، للحصول على الجرعات اللازمة لحماية سكانها، وهو المعروض المقيد بالتزامات الهند المحلية.
وعرضت البلدان في جميع أنحاء العالم تقديم الدعم والمساعدات الضرورية، وستقدم إدارة بايدن ووزارة الدفاع الأمريكية الإمدادات والدعم للهند، بما في ذلك إرسال أجهزة التنفس الصناعي ومعدات الوقاية الشخصية ومعدات اختبار التشخيص السريع والعلاجات، والمواد الأولية للقاحات.
وأعلنت الحكومة البريطانية أن المملكة المتحدة سترسل أيضًا 600 قطعة من المعدات الطبية إلى الهند، بما في ذلك مكثفات الأكسجين وأجهزة التنفس الصناعي.
وأعلنت استراليا إرسال مساعدات طبية إلى الهند وقال رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون أن البلاد سترسل 500 جهاز تنفس صناعي، ومليون قناع جراحي و500 ألف قناع من طرازي P2 وN95، إضافة إلى عدد 100 ألف نظارة واقية، و100 ألف زوج من القفازات الطبية، و20 ألف واقي للوجه لمساعدة الهند للتعامل مع النقص الشديد في الإمدادات الطبية، مؤكدا أنه سوف يتم إرسال المزيد من المساعدات إلى الهند لاحقا.
وأعلنت باكستان التي لها تاريخ عدائي مع الهند، أنها ستقدم دعم إغاثة بما في ذلك أجهزة التنفس الصناعي ومعدات الوقاية الشخصية وغيرها من المساعدات الطبية. وقال رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان في بيان:"أريد أن أعبر عن تضامننا مع شعب الهند وهم يكافحون موجة خطيرة من كوفيد -19". وأضاف خان: "صلواتنا من أجل الشفاء العاجل لكل أولئك الذين يعانون من هذا الوباء".
وبلغ عدد أجمالي حالات الإصابات بفيروس كورونا في الهند أكثر من 18 مليون إصابة بينها 360960 خلال ال 24 ساعة الماضية. وتجاوز عدد حالات الوفاة أكثر من 200 ألف حالة، بعد أن أعلنت وزارة الصحة الهندية أن اجمالي عدد الوفيات بالفيروس بلغ 201187 وفاة.