وزير خارجية إيران: «كيرى» سرَّب 200 عملية سرية إسرائيلية لطهران

خلَّف التسجيل الصوتى المسرب لوزير الخارجية الإيرانى، محمد جواد ظريف، ضجة واسعة داخليًا فى إيران وخارجها، وبخاصة بعدما ندد ظريف بتحكم الحرس الثورى الإيرانى فى السياسة الخارجية الإيرانية، وبعدما قال إن وزير الخارجية الأمريكى السابق، جون كيرى، السفير الأمريكى للمناخ فى إدارة الرئيس الأمريكى الحالى، جو بايدن، سرب لإيران أكثر من 200 عملية إسرائيلية ضد إيران فى سوريا، وإن كيرى بحث معه العمليات العسكرية الإسرائيلية، عندما كان وزيرًا للخارجية فى عهد الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما، ونفى كيرى تلك المزاعم واعتبرها «كاذبة بشكل لا لبس فيه». وزعم ظريف فى التسجيل المُسرب له أن كيرى أبلغه بما لا يقل عن 200 غارة إسرائيلية على مواقع عسكرية إيرانية فى سوريا، ووفقًا لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية فإن كيرى ربما كشف عن معلومات سرية. وفى المقابل، كتب كيرى على «تويتر»: «لم يحدث هذا قط، سواء عندما كنت وزيرًا للخارجية أو منذ ذلك الحين».
وطالب عدد من الجمهوريين باستقالة كيرى من منصبه، وقال السيناتور الجمهورى دان سوليفان إن كيرى «بحاجة إلى الرحيل»، وأكد السيناتور الجمهورى تيد كروز أن كيرى «تم القبض عليه مرارًا وهو يجتمع مع ظريف أثناء إدارة الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب»، وقال السيناتور الجمهورى توم كوتن، عضو لجنة المخابرات، إن «هذه التقارير مقلقة، وأود أن تتاح لى الفرصة لسؤال كيرى عن هذا فى جلسة استماع مغلقة»، فيما طالب وزير الخارجية الأمريكى السابق مايك بومبيو وقادة السياسة الخارجية الجمهوريون فى الكونجرس بإجراء تحقيق رسمى مع كيرى، وقال بومبيو إن الشريط الصوتى يثبت «أن ظريف واصل التعامل مع كيرى بشأن المسائل السياسية بعد نهاية خدمة كيرى»، وأضاف بومبيو: «قبل أن نبرم صفقة مع إيران تقلل من أمن الأمريكيين، سيكون من الجيد معرفة الترتيب إن وُجد ذلك بين الوزيرين». من جهته، قال النائب الجمهورى جيم بانكس، عضو لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب: «يجب أن يستقيل جون كيرى على الفور. يجب أن يكون التحقيق بأثر رجعى». من جهته، قلل المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، من أهمية هذه القضية عندما ضغط عليه الصحفيون قائلا إنه لن يتحدث عن تسجيل صوتى مسرب.
وفى الوقت نفسه، اشتكى ظريف فى التسجيل من أن الحرس الثورى يمارس نفوذًا على الشؤون الخارجية والملف النووى للبلاد أكثر منه، وكشف فى التسجيل الذى نشرته قناة «إيران إنترناشيونال» الصراع بين التيار «المعتدل» الذى يتزعمه الرئيس الإيرانى حسن روحانى، والتيار المتشدد الذى يمثل الحرس الثورى عموده الفقرى، ويضم مجموعة من العسكريين والشخصيات السياسية والأمنية والدينية.
وقال ظريف فى التسجيل إن نفوذه فى السياسة الخارجية الإيرانية «صفر»، وأضاف: «لم أتمكن مطلقًا من مطالبة أى قائد عسكرى بفعل شىء ما من أجل مساعدة الجهود الدبلوماسية»، واشتكى ظريف مستخدمًا لغة نادرة فى أروقة السياسة الإيرانية، من المدى الذى وصل إليه تأثير قاسم سليمانى، القائد السابق لفيلق القدس، التابع للحرس الثورى، فى السياسة الخارجية، ملمحًا إلى أن سليمانى حاول إفساد اتفاق إيران النووى عام 2015 بالتواطؤ مع روسيا، وقال ظريف: «فى كل مرة تقريبًا ذهبت فيها للتفاوض مع الدول الكبرى كان سليمانى يطلب منى أن أقدم هذا التنازل أو ذاك أو أثير نقطة ما»، ومضى قائلا: «كان النجاح على الساحة العسكرية أهم من نجاح الدبلوماسية، كنت أتفاوض من أجل النجاح على الساحة العسكرية». وكان سليمانى شخصية محورية وأقام شبكة من الجماعات المسلحة الموالية لطهران فى أنحاء الشرق الأوسط، وقُتل فى هجوم أمريكى بطائرة مسيرة فى العراق العام الماضى، وردت إيران بهجوم بالصواريخ على قاعدة عراقية تتمركز فيها قوات أمريكية، وبعد ساعات أسقطت القوات الإيرانية طائرة ركاب أوكرانية حال إقلاعها من طهران، وبعد أيام اعترف الحرس الثورى بأنها أُسقطت «بطريق الخطأ»، وقال ظريف فى التسجيل: «قلت فى اجتماع المجلس الأعلى للأمن القومى إن العالم يقول إن صواريخ أسقطت الطائرة، إذا كان هذا ما حدث أبلغونا كى نرى كيف نستطيع تسوية الأمر». ومضى ظريف قائلا: «قالوا لى: (لا.. اذهب، غرد على (تويتر) وأنكر ذلك)».
وعلى الرغم من أن ظريف قال إنه لا يعتزم الترشح لانتخابات الرئاسة التى ستجرى فى 18 يونيو المقبل، يرى مراقبون أن تصريحاته تهدف إلى كسب أصوات الإيرانيين الذين يعيشون ظروفًا اقتصادية صعبة ويعانون غياب الحريات السياسية والاجتماعية، وطرحت شخصيات بارزة فى التيار المعتدل اسمه باعتباره مرشحًا محتملًا للانتخابات التى سيخوضها أيضًا عدة قادة بارزين من الحرس الثورى، تلك المؤسسة المحورية التى تأسست بعد الثورة الإسلامية عام 1979 لحماية المؤسسة الدينية الحاكمة والحفاظ على القيم الثورية، وتتبع المرشد الأعلى على خامنئى، ويؤمن الحرس الثورى بأهمية القوة العسكرية كلاعب رئيسى فى السياسة الخارجية، وأنها يجب أن تكون صاحبة حضور فاعل، يفوق الدور الذى تمارسه وزارة الخارجية الإيرانية.