"جبران" يلتقي مديرة مكتب الأنشطة العمالية لمنظمة العمل الدولية    محافظ بورسعيد يتفقد منافذ بيع اللحوم للتأكد من جودة وأسعار السلع الغذائية    التنمية المحلية: وفد مشروع الدعم الفني للوزارة يزور محافظة الأقصر    الجيش اللبناني يتدخل لحل إشكال بين عناصر من اليونيفيل وشبان جنوبي البلاد    رسميًا.. رحيل حارس مرمى ليفربول إلى برينتفورد    مهاجم مانشستر يونايتد يدخل حسابات الميلان    رسميا.. سيميوني إنزاجي يغادر تدريب إنتر ميلان    السعودية تمنع التصوير ورفع الأعلام السياسية والمذهبية والهتافات بالمشاعر المقدسة    الفنانة القديرة سيدة المسرح العربى سميحة أيوب فى ذمة الله    نجوم الفن يشيعون جثمان سيدة المسرح العربي سميحة أيوب.. صور    محافظ بني سويف يُكرّم الأمهات المثاليات الفائزات في مسابقة وزارة التضامن    الرئيس السيسى يشارك باجتماع رفيع المستوى بشأن المؤتمر الدولى ال4 لتمويل التنمية    البورصة المصرية تغلق على صعود جماعي ومؤشر EGX30 يرتفع بنسبة طفيفة    استعدادا لقيادة الهلال.. إنتر ميلان يعلن رحيل إنزاجي رسميًا    الجباس: الحديث عن تواجدي في بيراميدز بسبب علاقتي مع ممدوح عيد "عبث"    جامعة سوهاج تطلق قافلة طبية توعوية مجانية بقرية الشواولة بالتعاون مع "حياة كريمة"    أمانة التنظيم المركزي ب"الجبهة الوطنية": نسعى لتأهيل الكوادر والحشد السياسي والعمل المؤسسي    الأعلى للإعلام يجري تعديلات على مواعيد بث البرامج الرياضية.. اعرف التفاصيل    الرسالة الأخيرة لمنفذ الهجوم على مسيرة مؤيدة للاحتلال بمدينة كولورادو بأمريكا    "الحاج الخفي".. تجربة واقعية لرصد جودة الخدمات في موسم الحج    منظمة التحرير الفلسطينية: غزة تتعرض لإبادة برعاية أمريكية وصمت دولي شريك    استشاري: الاتحاد الأوروبي بدأ التلويح للمعاملة بالمثل بعدما ضاعف ترامب الرسوم الجمركية    حملات تفتيشية لمتابعة انضباط سيارات السرفيس والتاكسي بنطاق مدينة الفيوم.. صور    الطريق إلى عرفات| أحب البقاع إلى الله.. فضل المسجد الحرام والصلاة فيه    ما حكم الأكل بعد فجر أول أيام عيد الأضحى حتى الصلاة؟ عالم أزهرى يجيب    ارتفاع حاد في مخزونات النفط العالمية مع تسارع إمدادات "أوبك+"    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد جاهزية مستشفى نخل المركزي لاستقبال عيد الأضحى    بعد اتصال السيسي وماكرون.. إشادة برلمانية بجهود مصر لإنهاء حرب غزة    منظمة التحرير الفلسطينية: غزة تتعرض لإبادة برعاية أمريكية وصمت دولى    المشدد 10 سنوات لعاطل لاتجاره في المخدرات بشبرا الخيمة    بيطري القليوبية: ضبط 25.5 طن لحوم ودواجن غير صالحة للاستهلاك خلال شهر    مانشستر يونايتد مستعد لتلقي عروض لبيع سانشو    «محلية النواب» تطالب بسرعة الموافقة على إنشاء مستشفى بنها    استعدادات مبكرة بجامعة القاهرة لاستقبال مكتب تنسيق القبول بالجامعات والمعاهد    وزير المالية: 50% من مستحقات الشركات في برنامج دعم الصادرات سيتم تسويتها من الضرائب أو الكهرباء    Alpha وAirbus يدمجان الذكاء المسير في قلب العمليات الجوية العسكرية    فيفي عبده تنعي الفنانة سميحة أيوب    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو قيام شخص بالتعدى على ابنته بالجيزة    تطهير وتعقيم ونظافة الأماكن المعدة لصلاة عيد الأضحي المبارك بالقاهرة    الخارجية: يجب الالتزام بالقوانين المنظمة للسفر والهجرة والإقامة بكل دول العالم    الاتحاد السكندري: عبدالعاطي استقال على «الفيسبوك».. والمغادرة غير مقبولة    السبكي: الشراكة المصرية الألمانية في الصحة نموذج للتحول الرقمي والتميّز الطبي    رسالة دكتوراه تناقش تقييم جدوى تقنية الحقن الأسمنتي كعلاج فعال لكسور هشاشة العظام    أخبار سارة على صعيد العمل.. توقعات برج الجدي في يونيو 2025    موعد ومكان جنازة الفنانة سميحة أيوب    تعرف على عدد ساحات صلاة العيد وخطة الأوقاف في بني سويف.. 161 ساحة و322 خطيباً لخدمة المصلين    قبل نهائي الكأس.. أرقام الحكم محمود بسيوني مع الزمالك وبيراميدز هذا الموسم؟    رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية يهنئ رئيس الجمهورية وشيخ الأزهر بحلول عيد الأضحى    وزارة السياحة والآثار تستضيف وفدًا صحفيًا من المكسيك في زيارة تعريفية للمقصد السياحي المصري    ضبط أصحاب شركة المقاولات المتورطة في التنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر    المركز القومي للمسرح ناعيا سميحة أيوب: أفنت عمرها في تشكيل ملامح تاريخ الفن    مهرجان إيزيس الدولي ينعى سيدة المسرح العربي سميحة أيوب    من الصفائح التكتونية إلى الكوارث.. كيف تحدث الزلازل ؟    دار الإفتاء توضح الحكم الشرعي حول الزلازل: ليست انتقامًا من الله    هيئة الأرصاد: أجواء ربيعية ممتعة اليوم والعظمى بالقاهرة الكبرى 31 درجة    مستشار الرئيس للشئون الصحية: مصر تشهد معدلات مرتفعة في استهلاك الأدوية    الحج 2025 .. ماذا يقال عند نية الإحرام ؟    «هاجي في يوم وهقتله».. يورتشيتش يمازح مصطفى فتحي بسبب عصبية الشيبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فتوى تاريخية
نشر في المصري اليوم يوم 20 - 01 - 2021

فى يوم السبت الموافق 19 /12 /2020، أفتى مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية بأن الانضمام لجماعة «الإخوان» الإرهابية وغيرها من الجماعات الإرهابية مُحرم شرعاً، مؤكداً فى فتواه أن الله تعالى أمر المسلمين بالاعتصام والاجتماع على كلمة واحدة، حيث قال تعالى «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا»، كما نهى سبحانه عن الفرقة والاختلاف فقال «إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم فى شىء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون».
وأنا أعتبر هذه الفتوى تاريخية لأنها غير مسبوقة على مدى تاريخ المؤسسة الإسلامية الرسمية سواء صدرت عن مشيخة الأزهر أو عن الهيئات والمراكز التابعة لها. فمنذ أن تأسست جماعة الإخوان المسلمين فى عام 1928 وحتى نشأة التنظيمات الإرهابية المنبثقة عنها، وصولاً إلى القاعدة وداعش وأتباعهما، لم تبادر أى من المؤسسات الدينية الرسمية بالتصدى لأعمال تلك التنظيمات الإرهابية من خلال إصدار فتوى تحرم وتجرم الانضمام لأى من تلك التنظيمات على أساس دينى شرعى. وقد كان هذا الموقف السلبى من قِبَل مؤسسة عريقة كالأزهر يثير التعجب والتساؤل، إلى أن صدرت مبادرة الفتوى التاريخية التى أزالت أى التباس حول هذا الشأن.
إن الاستشهاد بالآية القرآنية الكريمة الواردة فى الفتوى يوضح بجلاء شديد مدى عدم مشروعية تنظيم الإخوان شكلاً وموضوعاً، فمن حيث الشكل، فإن مجرد إطلاق لفظ «الإخوان المسلمين» على الجماعة يعد خروجاً على جوهر الإسلام من حيث أنه رسالة إلهية موجهة لعامة المسلمين فى الأرض، ولا تخص جماعة بعينها اصطفت نفسها بنفسها، واعتبرت أن الله قد فوضها فى فهم رسالته فهماً خاصاً بها، وفرض هذا الفهم على كافة المسلمين. أما من حيث الموضوع، فإن الفهم الإخوانى لرسالة الإسلام يعتبر تطبيقاً غير شرعى للفهم الخارج على جوهر الإسلام، ومن ثم يفتقد شرعيته لأنه يعادى الرسالة ومعتنقيها فى آن.
ونسأل: لماذا اختارت تلك الجماعات الإرهابية فهماً خاصاً لمعنى الإسلام كرسالة من أجل تحويلها إلى معتقد لكى تفرضها على المؤمنين الذين اعتبرتهم من الكفار، لأنهم غافلون عن ذلك المعنى الذى تحول إلى معتقد؟
ونجيب عن السؤال بسؤال: ما هو مضمون ذلك المعنى للإسلام الذى فهمته تلك الجماعات عن الإسلام؟
بدايةَ، يجدر التنويه إلى طبيعة الفهم الإخوانى للنص القرآنى، وهو يستند إلى التفسير الحرفى للنص دون تأويل بناءً على فتاوى ابن تيمية صاحب مبدأ السمع والطاعة الناتج عن الفهم الحرفى للنص القرآنى، وتحريم وتجريم تأويله، ويتبلور هذا الفهم بوضوح فى مفهوم الحاكمية، كما ورد عند حسن البنا، ومن بعده سيد قطب. والحاكمية من الحكم، والحكم يعنى السلطة السياسية، أى أن معنى الحاكمية يقع خارج مجال الدين كرسالة وينتقل إلى مجال السياسة. وحيث إن الرسالة الدينية تدور حول مفهوم الألوهية، ولا شأن لها بمجال السياسة بشرية الطابع، فإنه يتضح أن فهم الجماعات الإرهابية يُسقط الألوهية على عالم البشر، أو بالأدق يؤله السياسة، ويسميها الحاكمية لله. وهذا الخلط بين ما هو إلهى وما هو بشرى يفضى بالضرورة إلى أن يصبح الحكم للبشر، وليس لله، حيث إنهم هم الذين يفهمون قول الله، ويؤلونه طبقاً لهدف مسبق اختلقوه هم، وهو حكم العالم سياسياً.
ومن هذه الزاوية، فإن الفتوى التاريخية تحرم تحريماً شرعياً خلط الدين بالسياسة، من حيث أن ذلك يتنافى مع الفهم السليم والسوى لجوهر رسالة الإسلام. ومن ثم فإن الفتوى التاريخية ضمنياً تقدم فهماً متنوراً لمعنى لفظ الحاكمية يستند على تأويل عقلانى ومنطقى، لا يخلط بين المجال الإلهى المقدس والمطلق والمجال السياسى البشرى النسبى والمتغير.
ونسأل: هل من المشروع أن نستخلص من الفتوى التاريخية أن العلمانية لا تعادى الدين، وأنها لا تعنى اللادينية، وهو المعنى المطروح والشائع حتى الآن؟
هذا السؤال المنطقى نابع من أن الفتوى التاريخية تحرم تحريماً شرعياً المزج بين الدين والسياسة، أى بين السلطة الروحية المتمثلة فى النص الدينى كما نفهمه، والسلطة البشرية المتمثلة فى القوانين والتشريعات والمستمدة من الفكر السياسى وتطبيقاته فى السلطة السياسية للدولة. إذاً نستطيع القول إن النتيجة المنطقية لذلك التحريم الشرعى للمزج بين السلطتين، كما تنطوى عليه الفتوى التاريخية يعد تأييداً وتدعيماً ضمنياً لما ينطوى عليه نظام الدولة العلمانى القائم على فصل السلطات، وبالأدق فصل السلطة الدينية عن السلطة السياسية.
وإذا كان ذلك الاستنتاج صحيحاً، فيلزم منه التطرق للمادة الثانية من الدستور التى تنص على أن «الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع». فى تقديرى أن هذه المادة تنطوى على عدم شرعية دينية طبقاً للفتوى التاريخية، حيث إن المادة تنص بوضوح على تأسيس نظام الحكم السياسى على قاعدة شرعية دينية، وبذلك تخلط بين المجال الإلهى والمجال السياسى.
وأنا أطرح السؤال الآتى بمناسبة انعقاد مجلس النواب فى دورته الثانية، والذى يضم نخبا ثقافية وسياسية وشبابية جديدة إلى دراسة هذا التناقض بين الفتوى التاريخية والمادة الثانية من الدستور، والعمل على إزالة ذلك التناقض، والمطلوب هو الجواب على السؤال المصيرى: هل الدولة المصرية دولة دينية الحكم فيها قائم على الفهم الحرفى للنص القرآنى دون تأويل، واستخلاص مواد دستورية وقانونية من ذلك الفهم، أم الدولة المصرية دولة علمانية- ولا أقول مدنية- لأن هذا اللفظ يكتنفه الغموض وعدم الوضوح؟
الخيار فى يد أعضاء مجلس النواب الجدد.
وهذا الخيار يعد خياراً تاريخياً غير مسبوق، لأنه سيخرج الدولة المصرية من مفترق الطرق، ويختار لها الطريق الواضح بلا غموض نحو تدعيم الدولة الحديثة التى تستمد شرعيتها من القوانين البشرية الصادرة عن المؤسسات التشريعية فقط ليس إلا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.