«هيرتا مولر» تستعرض "ندبات" القرن ال20 بروحها في خطابها بمقر الأكاديمية السويدية

استعرضت الأديبة "الرومانية-الألمانية" الحائزة على جائزة نوبل للآداب لعام 2009، «هيرتا مولر»، الندبات التي تركتها مآسي القرن العشرين بروحها وحياتها، في كلمة أدلت بها في مقر الأكاديمية السويدية قبيل تسلمها للجائزة العريقة.
وقالت «مولر» خلال خطاب بعنوان "كل كلمة تعرف شيئا من الحلقة المفرغة"، والذي أدلت به أمس الاثنين "الأشياء لا تعرف المادة التي صنعت منها، والإيماءات لا تعرف المشاعر التي وراءها، والكلمات لا تعرف الأفواه التي لفظتها .. لكن لكي نكون على يقين من وجودنا، فإننا نحتاج للأشياء والإيماءات والكلمات .. وكلما يسمحوا لنا بالتفوه بمزيد من الكلمات، نصبح أكثر حرية".
وأكدت الكاتبة التي ولدت بمدينة «نتزكيدفورت» الرومانية عام 1953 في كنف أقلية ألمانية، أنها منعت من أداة عملها، خلال الحقبة الديكتاتورية في رومانيا لرفضها التعاون بشكل سري مع النظام الشيوعي في ظل حكم «نيكولاي شاوشيسكو» مما تسبب في أن تفقد وظيفتها كمترجمة في أحد المصانع، بعد اتهامها بالتجسس.
واستعرضت «مولر»، التي تعيش منذ 1987 في برلين، والذي يأتي حصولها على نوبل بالتزامن مع الذكرى ال20 لسقوط جدار برلين أحداثا من حياتها، التي عانت فيها من ويلات النازية والشيوعية، بعد أن تحملت جاليتها الألمانية في رومانيا خطايا النازية، لتتعرض لاحقا لقهر الشيوعية.
واختصرت «مولر» معاناتها في كلمة "وشاح"، في إشارة لوشاح الرأس الذي كانت تسألها أمها كل صباح عما إذا كانت قد أخذته معها قبل الخروج، في بادرة من الحنان داخل أسرة يعاني أفرادها من القهر، وهو ما وصفته في عملها الأول الأدبي «في الأراضي السفلية»، والذي مكث أربع سنوات في دار النشر إلى أن صدر عام 1982 ، بعد أن حذفت الرقابة الرومانية منه بعض الأجزاء.
وقد ظهر وشاح الرأس في صورة وفاة عمها «ماتز» الذي رضخ للأيديولوجيا الإشتراكية الوطنية، وظهر أيضاً في حياة صديقتها ورفيقتها «أوسكار باستيور»، التي حصلت عليه بينما كانت في أحد معسكرات الاعتقال الروسية، كهدية من امرأة كانت في انتظار عودة ابنها من الحرب، مضيفة أن أمها كانت تستعمل أيضا غطاء رأسها لتنظيف طاولة أحد أفراد الشرطة الرومانية، والدموع تفيض من عينيها.
وأردفت «مولي» في مرارة "لقد تفاعلت مع خوفي المعنوي عبر ظمأي للحياة .. إنه جوع للكلمات، وليس سواها ما يمكن أن يعي ما بداخلي، وبفضلها قد يتحول كل شيء إلى حقيقة، أو يصبح بلا معنى".
ومن المنتظر أن تتسلم «هيرتا مولر»، التي درست الآداب الرومانية والألمانية وتعمقت فيهما، جائزة نوبل بعد غد الخميس في حفل رسمي، تترأسه الأسرة الملكية السويدية في العاصمة ستوكهولم.