ان العالم يشهد تغيرات هائلة و مذهلة فى العلاقة بين الحكام والمحكومين فالشعوب ترفض هيمنة الطبقة الحاكمة التى تستغل سلطتها ضد مصلحة شعوبها لان الشعوب تريد أسترداد سيادتها لتختار الحكام الذين يمثلونها ويحققون رغباتها وطموحاتها و على الرغم من ان الثورات التى بدأت شرارتها الاولى من المغرب العربى فى تونس الشقيق وانتقلت الى مصر و ليبيا و اليمن وسوريا وهناك محاولات من شعوب بعض الدول العربية الاخرى لتقوم بدورها فى انتزاع سيادتها من الحكام الظلمة الجاثمين على السلطة والقابضين عليها بيد من حديد كأنها أصبحت حكرا عليهم و لا دخل للشعوب فى تلك المنطقة الخاصة بهم لان الاقتراب منها خطر مميت فأننا بصدد التعرف على بعض الملامح العامة التى تمكننا من معرفة هل الشعوب التى ثارت على السلطة استردت سيادتها ام انها ما زالت فى طور الاسترداد وتحتاج الى المزيد من الغضب و البحث عن بدائل ثورية جديدة من أجل الضغط على السلطة العامة لاتنزاع الحقوق المشروعة التى طالما نادت بها الشعوب فى المنطقة ولكن للآسف السلطات العامة ما زالت غير متفهمة لطبيعة التغيرات التى تشهدها المنطقة وان المنطق الجديد هو ان السيادة للشعوب و من تلك الملامح التى تعد مؤشرا على استرداد الشعب لسيادته هو اطلاق الحريات العامة مع تقييد دور السلطة العامة فى مجال الحقوق و الحريات العامة و من تلك الحريات هو الحرية فى تكوين احزاب او الانضمام اليها و عدم وجود قيود باى شكل من الاشكال على تلك الاحزاب فى ممارستها للعمل السياسى العام و ايضا من اهم تلك الحريات هو حرية الصحافة فاذا ما كان هناك قيود من الرقابة على الصحف على الموضوعات التى تناقشها الصحف فأن الشعب ما زال منقوص السيادة لان حق معرفة الحقيقة وتبصير الرأى العام أمر حيوى وضرورى للشعب فى ممارسته للسيادة واذا ما زالت السلطة العامة حتى ولو فى المرحلة الانتقالية تتمتع بسلطة الحكم المطلق حتى ولو كان هذا نصا دستوريا فأن ذلك يعد انتهاكا لسلطة الشعب لانه لا يعقل ان تتمتع السلطة العامة بالحكم المطلق الذى رفضه الشعب من قبل عندما قامت الثورة لاننا بذلك نناقض أنفسنا و لدينا حالة من الانفصام السياسى و الازدواجية فى المعايير لان ما رفضناه بالامس لا يمكن ان نقبله باى حال من الاحوال اليوم او غدا و بالتبعية لذلك فالاخذ بالنظام الديمقراطى كوسيلة لتغيير نظام الحكم هو أحد الاسس الهامة لسيادة الشعب وبناء المؤسسات الديمقراطية و التشريعية على مبدأ الارادة الشعبية يعتبر العنصر الجوهرى لبناء دولة تؤمن بسيادة القانون الذى يتساوى أمامه الجميع بما يحقق إقرار مبدأ تدوال السلطة و تفعيل أثره من خلال حظر الاستئثار بالسلطة لأكثر من فترة محددة ويحقق أيضا إقرار مبدأ الفصل بين السلطات و تفعيل الدور الرقابى للمجالس التشريعية و تفعيل دور السلطة القضائية كضمانة لممارسة الحقوق والحريات ومن اهم ملامح المرحلة غياب مراكز القوى و النفوذ واستغلال السلطة بين أفراد المجتمع وهنا نركز على ان أعضاء الحزب الوطنى المنحل هم الآن خطر على المجتمع بعد السماح لهم بخوض الانتخابات القادمة وعدم تفعيل قوانين تمكن الثورة من ان تقف حائط صد ضد تلك مراكز القوى التى يمكن ان تؤثر بشكل سلبى على الحياة السياسية التى يأملها المواطن فى المستقبل القريب و بالطبع وجود أسس واضحة لا تقوم على التمييز الطبقى للمحاسبة لان عدم محاسبة مراكز القوى من اعضاء الحزب الوطنى المنحل يعتبر بمثابة خيانة للثورة وفى نفس الوقت وجود تمييز طبقى فى المجتمع لان هناك تقاعس من قبل السلطة العامة حتى تستبعدهم من الحياة السياسية لان هناك مصالح مشتركة منعقدة بين السلطة العامة و مراكز القوى من أعضاء الحزب الوطنى المنحل إحداث حراك اجتماعى فى النخب الحاكمة وهذا ما لم يحدث بعد الثورة لان ما زالت النخب الحاكمة مسيطرة ومتشبثة بمناصبها فى كل المواقع القيادية للدولة ولا تريد تسليم السلطة لتكوين قيادات جديدة قادرة على قيادة البلاد فى المرحلة المقبلة مما لا يؤدى الى إحداث تغيرات اجتماعية و حراك اجتماعى فى النخب الحاكمة فملامح استرداد الشعوب لسيادتها ما زالت غائبة ولم تتحقق بعد على أرض الواقع فعلى الشعوب التى ثارت ان تكن على وعى تام بأن كل لحظة تمر يمكن السلطة العامة من وضع دعائم الهيمنة عليها مرة أخرى و لذلك اليقظة والحذر من الارتداد الى الوراء لاننا لا نريد ان يعود الزمن بنا الى الخلف ونجد أنفسنا ما زالنا نبحث عن ثورة جديدة فعلينا ان نعلنها صريحة واضحة ان السيادة للشعوب