علاج مرضى الكرونا بالأجسام المضادة بين النظرية والتطبيق ونتائج واعدة

حالة من الترقب والشغف أثارها إعلان وزارة الصحة والسكان، عن بدء تجربة حقن المصابين بفيروس كرونا المستجد من بلازما المتعافين من الفيروس، وذلك لعلاج الحالات الحرجة، ويأتى ذلك بعد إعلان هيئة الغذاء والدواء الأمريكية عن إمكانية استخدام البلازما الخاصة بالمرضى المتعافين من المرض في علاج الحالات الحرجة، نظرًا لكونها تحتوي على الأجسام المضادة للفيروس مما يعطي احتمالية لتحسن تلك الحالات خاصة مع توافر نتائج أولية مشجعة.
قامت الجهات البحثية المصرية بالبدء في استخلاص بلازما من 6 مرضى متعافين من الفيروس، وذلك بعد إجراء التحاليل الخاصة بمأمونية البلازما وخلوها من أى ميكروبات مُعدية، ثم إجراء قياس لمستوى الأجسام المضادة بالبلازما حيث يجب ان تكون عند مستوى يسمح بفصلها ونقلها للمريض بكميات تكفى لتحقيق استفادته منها.
هذه الطريقة والتي تسمى "العلاج ببلازما المتعافين من المرض"، تستخدم لدعم مناعة المصابين بواسطة مناعة مرضى استطاعوا مكافحة الفيروس وتسمى هذه الطريقة (المناعة السلبية) لأننا نقوم بنقل الاجسام المضادة لجسم المريض مباشرة بهدف تدعيم مقاومته للقضاء على الفيروس، ولكن لا يمكن استخدامها كوسيلة وقاية أو بناء مناعة لجسم شخص سليم ضد الميكروب لأنها ستختفى من الجسم سريعًا عكس الأجسام المضادة التى ينتجها الجسم عند الإصابة أو عند التطعيم ضد المرض والتي ينتج عنها المناعة الإيجابية، تلك المناعة التى تستمر لعقود طويلة فى جسم الإنسان.
وقد تم الاعتماد على طريقة المناعة السلبية للتعافي من ميكروب التيتانوس - والذى يتم التعرض له عند تلوث جروح بهذا الميكروب مثل الجنود فى المعارك - وذلك بإعطاء المصاب الأجسام المضاده المنتجة سلفًا، والتى تنجح فى القضاء سريعًا على هذا الميكروب قبل ان يتمكن من جسم المصاب، وجدير بالذكر أنه جرى مؤخرًا استخدام العلاج ببلازما المتعافين في علاج بعض حالات الإصابة بفيروس زيكا وإيبولا وسارس وإنفلونزا الطيور.
ويعقد الكثيرون الآمال على طريقة )المناعة السلبية( فى علاج فيروس كرونا المستجد، لكنها لا تزال قيد التجربة على عدد محدود من المرضى الذين تدهورت حالتهم وتم حقنهم بالبلازما جاءت النتائج واعدة بعد حوالي 3 أيام من الحقن، حيث تحسنت حالة المصابين الذين جرى حقنهم، وتضاءلت بالفعل الأعراض التنفسية بشكل كبير وقل احتياجهم إلى أجهزة تنفس اصطناعية، ويتطلب التوسع في استخدام بلازما المتعافين في العلاج مزيدًا من الدراسات عن استجابة ذوي المشاكل الصحية المزمنة لهذا النوع من العلاج، وتستمر التجارب السريرية متسارعة لتقييم العلاج، ومعرفه نسبة تأثيره الإيجابى والمدة التى يستمر فيها هذا التاثير وكمية الأجسام المضادة التى يمكن حقنها، ومدى الأضرار الصحية التي قد تصيب المريض.
من هذا يتضح أهمية الجهاز المناعى فى التعامل دفاعيًا عن الجسم فى ظل عدم وجود علاج معترف به حتى الآن ضد فيروس الكرونا فإن التعويل على جهاز المناعة فى القضاء على الفيروس هو الرهان الآن.
وتظل الحاجة مُلحة لإيجاد لقاح ضد المرض يُحفز الجسم لإنتاج أجسام مضادة خاصة به حيث أنها تعطى وقاية مؤثرة ودائمة ضد المرض حيث تظل محاطة بذاكرة مناعية ضد الفيروس تمكنها من تحجيمه والقضاء عليه بمجرد دخوله الجسم، وهو ما يعرف بالمناعة الإيجابية التى تحدثها اللقاحات المعروفة.
الأستاذ بكلية طب القاهرة