جامعة العاصمة تستضيف الاجتماع التنفيذي الأول للمؤتمر العام لاتحاد الجامعات العربية    وزير البترول يبحث التعاون في مجال البتروكيماويات مع الرئيس التنفيذي لشركة سابك    جولة إعلامية موسعة لوزير السياحة بالولايات المتحدة لتعزيز مكانة مصر على خريطة السياحة العالمية    وفد مجلس الأمن في لبنان يطالب جميع الأطراف بالالتزام بوقف إطلاق النار    برشلونة يعزز صدارة الدوري الإسباني بخماسية مثيرة ضد ريال بيتيس.. فيديو    بتروجت يعطل انتصارات بيراميدز بتعادل مثير في الدوري    هيئة موانئ البحر الأحمر تغلق ميناء نويبع لسوء الأحوال الجوية حفاظا على سلامة الملاحة    دولة التلاوة.. لجنة التحكيم للمتسابق أحمد جمال: إيه الجمال ده أمتعتنا    محمد كريم على السجادة الحمراء لفيلم جوليت بينوش In-I in Motion بمهرجان البحر الأحمر    قطر وسوريا تبحثان تعزيز التعاون التجاري والصناعي    هرتسوج معلقًا علي طلب ترامب العفو عن نتنياهو: إسرائيل دولة ذات سيادة    جامعة القاهرة تهنئ المجلس الأعلى للجامعات لحصوله على شهادات المطابقة الدولية (الأيزو)    جامعة كفر الشيخ تنظم مسابقتي «المراسل التلفزيوني» و«الأفلام القصيرة» لنشر ثقافة الكلمة المسؤولة    أسعار مواد البناء مساء اليوم السبت 6 ديسمبر 2025    مستشار أوكراني: كييف تتجه لاستهداف العمق الروسي لإيلام الاقتصاد    صور تجمع مصطفى قمر وزوجته في كليب "مش هاشوفك" قبل طرحه    تعليق مفاجئ من حمزة العيلي على الانتقادات الموجهة للنجوم    «هيئة الكتاب» تدعم قصر ثقافة العريش بألف نسخة متنوعة    الأزهري يتفقد فعاليات اللجنة الثانية في اليوم الأول من المسابقة العالمية للقرآن الكريم    بسمة عبدالعزيز: الشباب هم القوة الدافعة للتصنيع والتصدير    قرار قضائي ضد مساعدة هالة صدقي في اتهامات بالتهديد والابتزاز    جوائز ب13 مليون جنيه ومشاركة 72 دولة.. تفاصيل اليوم الأول لمسابقة القرآن الكريم| صور    «أسرتي قوتي».. قافلة طبية شاملة بالمجان لخدمة ذوي الإعاقة بالمنوفية    أسلوب حياة    سرق أسلاك كهرباء المقابر.. السجن 3 سنوات لشاب بقنا    انتهاء فرز الأصوات ب عمومية المحامين لزيادة المعاشات    تقرير عن ندوة اللجنة الأسقفية للعدالة والسلام حول وثيقة نوسترا إيتاتي    الإصلاح مستمر في ماراثون الانتخابات.. وحماية الإرادة الشعبية "أولاً"    بايرن ميونخ يكتسح شتوتجارت بخماسية.. وجولة مثيرة في الدوري الألماني    جيش الاحتلال الإسرائيلي يصيب فلسطينيين اثنين بالرصاص شمال القدس    أصالة تحسم الجدل حول انفصالها عن زوجها فائق حسن    الجيش الباكستاني يعلن مقتل 9 مسلحين في عمليتين استخباراتيتين بولاية خيبر باختونخوا    سكرتير عام الجيزة يتابع جهود رفع الإشغالات وكفاءة النظاقة من داخل مركز السيطرة    محافظ الأقصر والسفيرة الأمريكية يفتتحان «الركن الأمريكي» بمكتبة مصر العامة    بيطري الشرقية: استدعاء لجنة من إدارة المحميات الطبيعية بأسوان لاستخراج تماسيح قرية الزوامل    اسكواش – تأهل عسل ويوسف ونور لنهائي بطولة هونج كونج المفتوحة    الإعدام لمتهم والمؤبد ل2 آخرين بقضية جبهة النصرة الثانية    لليوم السادس التموين تواصل صرف مقررات ديسمبر حتى 8 مساء    ضبط عاطل اعتدى على شقيقته بالمرج    الاتصالات: 22 وحدة تقدم خدمات التشخيص عن بُعد بمستشفى الصدر في المنصورة    عمرو عابد يكشف سر عدم تعاونه مع أبطال «أوقات فراغ»    نظام «ACI».. آلية متطورة تُسهل التجارة ولا تُطبق على الطرود البريدية أقل من 50 كجم    الدوري الإنجليزي.. موقف مرموش من تشكيل السيتي أمام سندرلاند    لماذا يزداد جفاف العين في الشتاء؟ ونصائح للتعامل معه    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    احذر.. الإفراط في فيتامين C قد يصيبك بحصى الكلى    الشرع: إسرائيل قابلت سوريا بعنف شديد وشنت عليها أكثر من ألف غارة ونفذت 400 توغل في أراضيها    فيلم السلم والثعبان.. لعب عيال يحصد 65 مليون جنيه خلال 24 يوم عرض    وزير الصحة يشهد انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها ال32    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    تحليل فيروسات B وC وHIV لمتعاطي المخدرات بالحقن ضمن خدمات علاج الإدمان المجانية في السويس    السيسي يوجه بمحاسبة عاجلة تجاه أي انفلات أخلاقي بالمدارس    حارس بتروجت: تتويج بيراميدز بإفريقيا "مفاجأة كبيرة".. ودوري الموسم الحالي "الأقوى" تاريخيا    اندلاع حريق ضخم يلتهم محتويات مصنع مراتب بقرية العزيزية في البدرشين    فليك يعلن قائمة برشلونة لمباراة ريال بيتيس في الليجا    الصحة: توقعات بوصول نسبة كبار السن من السكان ل 10.6% بحلول 2050    لاعب بلجيكا السابق: صلاح يتقدم في السن.. وحصلنا على أسهل القرعات    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوقف فى العهد الإسلامى والمدارس الداخلية فى مصر ونظامها (2/2)
نشر في المصري اليوم يوم 07 - 08 - 2011

نواصل الحديث عن الدور التربوى والقيمى للمدرسة المصرية الإسلامية القديمة، حيث تحدث الدكتور إبراهيم المزينى، فى دراسته عن المساكن الداخلية فى المدارس الإسلامية (مجلة المؤرخ العربى، مارس 1998) عن شروط المساكن وآدابها، موضحا أن نظام السكنى فى هذه المساكن كان يتم وفق ضوابط وترتيبات دقيقة، يضعها ويشرف على تنفيذها القائمون على هذه المدارس.. حيث وضع بعضهم شروطا مثل: كأن يكون الطالب عزباً غير متزوج، وألا يبيت خارج مساكن المدارس إلا أياما معدودات يحدد الواقف عددها... إلخ
والجميل أن المساكن كانت توزع حسب الأعمار وحسب القدرة، إذ جعلت المساكن العالية لمن لا يضعفون عن الصعود إليها، أما الضعيف ومن يقصد الفتيا، فالمساكن السفلية أولى بهم.. وكان الساكن يختار من يجاوره من أصلحهم حالا وأكثرهم اشتغالا وأجودهم طبعا، ليكون معينًا له على ما هو بصدده من طلب العلم والبراعة فيه.. فضلا عن الآداب والشروط الدقيقة التى وضعها الفقهاء والواقفون لتحديد العلاقة بين الطلاب والمدرسين فى المدرسة ومساكنها، من أجل المحافظة على مبناها وصيانته، والمحافظة على سمعة المدرسة، ومن ينتمى إليها أو يسكن فيها، ومراعاة حالة السكن الصحية، واختيار المكان الملائم، ومراعاة المستوى الأخلاقى للطلبة، بما يضمن حسن العلاقة بين جميع الساكنين، والسماح للطالب- كما سبق- بالمبيت خارج السكن لبضعة أيام فى الشهر، لزيارة الأهل، أو قضاء بعض الحاجات، أو للنزهة، أو للترويح عن النفس وتغيير جو المدرسة الرتيب.
ومن هذه الآداب: إلزام الطالب بحضور الدرس، لأن عدم حضوره الدرس- وهو موجود داخل المدرسة دون عذر- فيه إساءة أدب، وترفع على العلماء والطلاب، واستغناء عن فوائدهم، واستهتار بجماعتهم.. ويلزم على الساكنين فيها مراعاة أصولها وسبب بنائها، حيث لم تُجعل لمجرد المقام والعشرة، ولا لمجرد التعبد بالصلاة والصيام، بل جُعلت لتكون معينة لهم على تحصيل العلم والتفرغ له والتجرد عن الشواغل فى أوطان الأهل والأقارب.. ومن الآداب إفشاء السلام، وإظهار المودة والاحترام، ومراعاة حق الجيرة والصحبة والأخوة فى الدين والحرفة، لأنهم أهل العلم وحملته وطلابه.. ومن الآداب أيضا: أنه ينبغى للفقيه ألا يدخل إلى بيت فيه ريبة أو شر أو قلة دين.. وأيضا إذا سكن الطالب البيوت العليا خفف المشى والاستلقاء عليها، كى لا يؤذى من تحته. وإذا اجتمع اثنان من سكان العلو أو هما فى أعلى الدرجة بدأ أصغرهما بالنزول قبل الكبير، والأدب للمتأخر أن يلبث ولا يُسرع فى النزول إلى أن ينتهى المتقدم إلى آخر الدرجة من أسفل ثم ينزل، وإن اجتمعا فى أسفل الدرجة للصعود تأخر أصغرهما ليصعد أكبرهما قبله.. وأيضا ألا يتخذ باب المدرسة مجلسا، بل لا يجلس -إذا أمكن- إلا لحاجة، أو فى ندرة لقبض أو ضيق صدر، فقد نهى عن الجلوس فى الطرقات، ولأنها فى مظنة دخول فقيه بطعامه وحاجته فربما استحيا من الجالس.. وألا يكثر من التمشى فى ساحة المدرسة من غير حاجة -كرياضة أو انتظار أحد- وعليه أن يقلل من الدخول والخروج ما أمكنه، ويسلم على من بالباب إذا مر به.
ولم تغفل تلك الآداب الإشارة إلى ضرورة المحافظة على المبانى المدرسية وتجهيزاتها، ومن ذلك أنه يجب على الساكن ألا يدخل ميضأتها العامة عند الزحام إلا لضرورة. وأن يطرق الباب طرقًا خفيفًا ثلاثًا، ثم يفتحه بتأنٍ، ولا يستجمر بالحائط فينجسه، ولا يمسح يده المتنجسة بالحائط، وألا يتوضأ من الفسقية والصهريج والزير لأنها مخصصة للشراب. وعليه المحافظة على الفرش والحصر والقناديل والأثاث والمبانى باعتبارها ملكًا عامًا للمسلمين. ولا ينظر فى بيت أحد- فى مروره- من شقوق الباب ونحوه، ولا يلتفت إليه إذا كان مفتوحا، وإذا سلَّم سلَّم وهو مار به من غير التفات، ولا يكثر الإشارة إلى الطاقات- النوافذ والشبابيك- لاسيما إن كان فيها نساء أو عورات، وألا يرفع صوته عالياً فى تكرار أو نداء أحد، كى لا يشوش على غيره، بل يخفضه ما أمكنه مطلقًا، لاسيما بحضور المصلين أو حضور أهل الدرس، وأن يتحفظ من شدة وقع القبقاب -حذاء يصنع نعله من الخشب، يُحدث صوتا عاليا عند المشى به- ويحذر العنف عند إغلاق الباب، ولا يطرق باب المدرسة أو المساكن بشدة لا يحتاج إليها، وألا يرفع صوته بالنداء، بل يجب أن يكون معتدلا فى صوته. وإذا كانت المدرسة مكشوفة إلى الطريق السالك من باب أو شباك تَحفَّظ منها عن التجرد عن الثياب، كما نهى الساكن عن سلوك أى سلوك يُعاب أو يُعد من العادات القبيحة، ومنها الأكل ماشيًا، وكلام الهزل، والبسط بالنعل، وفرط التمطى والتمايل على الجنب والقفا، والضحك الفاحش بالقهقهة... إلخ. كما قال د. إبراهيم المزينى فى دراسته الباهرة، وهذه الآداب تؤكد حرص الفقهاء والمربين المسلمين على راحة الساكنين، وملاحظتهم الدقيقة للفروق الفردية بينهم فى النواحى الجسمية والعقلية والاجتماعية والنفسية والسلوكية بشكل عام.. كما حافظت على حرمة المدارس ومساكنها، ومكنت القائمين عليها، والعاملين بها، والمدرسين والدارسين فيها من أداء وظائفهم على أكمل وجه، كما أسست لمنظومة القيم والأخلاق التى يجب أن يلتزم بها طلاب العلم، الذين سيكونون مصابيح الهدى وعناصر القدوة للناس فى مستقبلهم القريب.
أحمد على سليمان..الباحث- المدير التنفيذى لرابطة الجامعات الإسلامية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.