عيار 21 الآن بالمصنعية.. سعر الذهب اليوم الخميس 21-8-2025 بعد الارتفاع الكبير    روسيا تفرض قيودًا على الطيران في مطاري كالوجا وساراتوف لأسباب أمنية    كيم جونغ أون يحيي جنوده المشاركين في القتال إلى جانب روسيا    قصف إسرائيل ل جباليا البلد والنزلة وحي الصبرة في قطاع غزة    «لازم تتعب جدًا».. رسالة نارية من علاء ميهوب لنجم الأهلي    عاجل- درجة الحرارة تصل 42 ورياح.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس اليوم الخميس    سامح الصريطي بعد انضمامه للجبهة الوطنية: لم أسعَ للسياسة يومًا.. لكن وجدت فرصة لخدمة الوطن عبر الثقافة والفن    «الشيخ زويد المركزي» يبحث مع «اليونيسف» ووزارة الصحة تأهيله كمركز تميز للنساء والتوليد ورعاية حديثي الولادة    نائب ترامب: لقد غير النزاع اقتصاد أوروبا وآسيا.. ونحن بحاجة إلى العودة للسلام    وداعا لمكالمات المبيعات والتسويق.. القومي للاتصالات: الإيقاف للخطوط والهواتف غير الملتزمة بالتسجيل    فلكيًا.. موعد المولد النبوي الشريف 2025 رسميًا في مصر وعدد أيام الإجازة    مروة يسري: جهة أمنية احتجزتني في 2023 أما قلت إني بنت مبارك.. وأفرجوا عني بعد التأكد من سلامة موقفي    رجل الدولة ورجل السياسة    حين يصل المثقف إلى السلطة    أذكار الصباح اليوم الخميس.. حصن يومك بالذكر والدعاء    رئيس شعبة السيارات: خفض الأسعار 20% ليس قرار الحكومة.. والأوفر برايس مستمر    للرجال فقط.. اكتشف شخصيتك من شكل أصابعك    الآن.. شروط القبول في أقسام كلية الآداب جامعة القاهرة 2025-2026 (انتظام)    إصابة مواطن ب«خرطوش» في «السلام»    درجة الحرارة تصل 43.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس اليوم    سعر السمك البلطي والكابوريا والجمبري بالاسواق اليوم الخميس 21 أغسطس 2025    عيار 21 بالمصنعية يسجل أقل مستوياته.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الهبوط الكبير    توقعات الأبراج حظك اليوم الخميس 21-8-2025.. «الثور» أمام أرباح تتجاوز التوقعات    ابلغوا عن المخالفين.. محافظ الدقهلية: تعريفة التاكسي 9 جنيهات وغرامة عدم تشغيل العداد 1000 جنيه    «عنده 28 سنة ومش قادر يجري».. أحمد بلال يفتح النار على رمضان صبحي    تعاون علمي بين جامعة العريش والجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا    لماذا لا يستطيع برج العقرب النوم ليلاً؟    استشاري تغذية يُحذر: «الأغذية الخارقة» خدعة تجارية.. والسكر الدايت «كارثة»    90 دقيقة تحسم 7 بطاقات أخيرة.. من يتأهل إلى دوري أبطال أوروبا؟    "تجارة أعضاء وتشريح جثة وأدلة طبية".. القصة الكاملة وآخر مستجدات قضية اللاعب إبراهيم شيكا    استخدم أسد في ترويع عامل مصري.. النيابة العامة الليبية تٌقرر حبس ليبي على ذمة التحقيقات    الجبهة الوطنية يعين عددًا من الأمناء المساعدين بسوهاج    الصحة في غزة: ارتفاع حصيلة ضحايا المجاعة وسوء التغذية إلى 269 بينهم 112 طفلًا    الجنائية الدولية: العقوبات الأمريكية هجوم صارخ على استقلالنا    شراكة جديدة بين «المتحدة» و«تيك توك» لتعزيز الحضور الإعلامى وتوسيع الانتشار    ضربها ب ملة السرير.. مصرع ربة منزل على يد زوجها بسبب خلافات أسرية بسوهاج    شراكة جديدة بين "المتحدة" و"تيك توك" لتعزيز الحضور الإعلامي وتوسيع نطاق الانتشار    السفير الفلسطيني بالقاهرة: مصر وقفت سدًا منيعًا أمام مخطط التهجير    احتجاجات في مايكروسوفت بسبب إسرائيل والشركة تتعهد بإجراء مراجعة- فيديو    رئيس اتحاد الجاليات المصرية بألمانيا يزور مجمع عمال مصر    بعد التحقيق معها.. "المهن التمثيلية" تحيل بدرية طلبة لمجلس تأديب    بعد معاناة مع السرطان.. وفاة القاضي الأمريكي "الرحيم" فرانك كابريو    ليلة فنية رائعة فى مهرجان القلعة للموسيقى والغناء.. النجم إيهاب توفيق يستحضر ذكريات قصص الحب وحكايات الشباب.. فرقة رسائل كنعان الفلسطينية تحمل عطور أشجار الزيتون.. وعلم فلسطين يرفرف فى سماء المهرجان.. صور    ناصر أطلقها والسيسي يقود ثورتها الرقمية| إذاعة القرآن الكريم.. صوت مصر الروحي    طارق سعدة: معركة الوعي مستمرة.. ومركز لمكافحة الشائعات يعمل على مدار الساعة    عودة شيكو بانزا| قائمة الزمالك لمواجهة مودرن سبورت    "أخطأ في رسم خط التسلل".. الإسماعيلي يقدم احتجاجا رسميا ضد حكم لقاء الاتحاد    محافظ كفر الشيخ يقدم واجب العزاء في وفاة والد الكابتن محمد الشناوي    اتحاد الكرة يفاوض اتحادات أوروبية لاختيار طاقم تحكيم أجنبي لمباراة الأهلي وبيراميدز    جمال شعبان: سرعة تناول الأدوية التي توضع تحت اللسان لخفض الضغط خطر    كلب ضال جديد يعقر 12 شخصا جديدا في بيانكي وارتفاع العدد إلى 21 حالة خلال 24 ساعة    عودة المياه تدريجيا إلى كفر طهرمس بالجيزة بعد إصلاح خط الطرد الرئيسي    وفاة أكثر قاض محبوب في العالم وولاية رود آيلاند الأمريكية تنكس الأعلام (فيديو وصور)    افتتاح قمة الإبداع الإعلامي للشباب العربي بحضور هنو ومبارك وعمار وعبدالغفار وسعده    ما الفرق بين التبديل والتزوير في القرآن الكريم؟.. خالد الجندي يوضح    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الاكتئاب والفتور في العبادة (فيديو)    طلقها وبعد 4 أشهر تريد العودة لزوجها فكيف تكون الرجعة؟.. أمين الفتوى يوضح    كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما؟.. الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التمييز .... لعنة العالم
نشر في المصري اليوم يوم 25 - 07 - 2011

يشكل مبدأ عدم التمييز كل أسس القانون الدولي الإنساني الذي هو عبارة عن مجموعة من القواعد التي تهدف, على وجه الخصوص, إلى حل المشاكل الإنسانية الناجمة بشكل مباشر عن النزاعات المسلحة. إن الهدف من القانون الدولي الإنساني هو حماية الأعيان والأشخاص الذين يكونون أو ربما يكونون عرضة للتأثر من النزاع المسلح ووضع قيود على حقوق أطراف النزاع في استخدام وسائل وأساليب الحرب التي يختارونها بأنفسهم. ويسعى القانون الدولي الإنساني إلى تنظيم النزاعات المسلحة التي قد تكون دولية أو غير دولي. والنزاعات الدولية هي حروب تشترك فيها دولتان أو أكثر بصرف النظر عما إذا كان قد جرى إعلان بالحرب أو إذا كانت الأطراف تعترف بوجود حالة حرب.أما النزاعات المسلحة غير الدولية فهي ما يدور من قتال بين قوات الحكومة من جهة, وقوات متمردة أو مجموعات مسلحة تقاتل لصالحها الخاص من جهة أخرى. ولأن القانون الدولي الإنساني يتعامل مع حالات إستثنائية النزاعات المسلحة فإنه يُحظَر في كل الأحوال أي إنتقاص من أحكامه. ويأتي وعلى قدر مساوى من الأهمية, دور القانون الدولي الإنساني في أنه ملزِم ليس فقط للدول, ولكن أيضاً لأطراف النزاع التي ليست لها صفة الدولة.إن المستفيدين من القانون الدولي الإنساني هم أشخاص لا يشاركون, أو لم يعودوا يشاركون في الأعمال العدائية وتستهدف اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949[1] وفقاً لتسمياتها حماية الجرحى والمرضى بالقوات المسلحة في الميدان (الاتفاقية الأولى) وجرحى ومرضى وغرقى القوات المسلحة في البحار (الاتفاقية الثانية) وأسرى الحرب (الاتفاقية الثالثة) والأشخاص والسكان والمدنيين (الاتفاقية الرابعة).إن تعريف المدنيين بموجب البروتوكول الأول الإضافي لعام 1977 {2} والمكمل لاتفاقيات 1949 يشمل اللاجئين والأشخاص عديمي الجنسية والصحفيين وفئات أخرى من الأفراد الذين يجب منحهم وضع الشخص المحمي عندما يقعون في قبضة طرف معادٍ.وعلى حين تم إعداد مجموعة القواعد المُطَبَّقَة في حالات النزاعات المسلحة غير الدولية ( المادة 3 المشتركة بين كل اتفاقيات جنيف الأربع, والبروتوكول الثاني الإضافي لعام 1977 ) {3} لتراعي أن الأشخاص المشاركين في هذه النزاعات هم مواطنون لنفس الدولة, فإنها تحمي أيضاً الأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية أو الذين لم يعودوا يشاركون فيها. وعلى سبيل المثال فهناك فئة هامة من هؤلاء الأشخاص, هم النازحون داخلياً بسبب النزاع.لقد كانت الحاجة الملحة لتقديم المساعدة للجرحى والمرضى من المتحاربين, على أساس عدم التمييز, هي الدافع الذي حدا بهنري دونان الأب المؤسس للجنة الدولية للصليب الأحمر لحشد الجهود لصياغة أول معاهدة قانونية دولية إنسانية في التاريخ – اتفاقية جنيف الأصلية لعام 1864 {4}. لقد وضعت هذه الاتفاقية أسُس مبدأ ضرورة العناية بالجرحى والمرضى في صفوف المتحاربين بصرف النظرعن جنسيتهم ونصت على ضرورة الاعتراف بحياد أفراد الخدمات الطبية وأدت بالتالي إلى اعتماد الشارة المميزة للصليب الأحمر. ومنذ ذلك الوقت ظل مبدأ عدم التمييز قاعدة أساسية في القانون الدولي الإنساني ومُلزماً لأطراف النزاع المسلح بوجوب معاملة الأشخاص دون أي نوع من التمييز, باستثناء الحالات التي تتطلب احتياجاتها سرعة في تلبيتها. لقد وجد مبدأ عدم التمييز ما يعبر عنه ويوضحه في كثير من القواعد المحددة في اتفاقيات جنيف وبروتوكوليها الإضافيين على حين توسعت الأسباب المحظورة للتمييز نتيجة لذلك ولم تعالج بعد معالجة شاملة ونورد فيما يلي بعض الأمثلة على ذلك.النزاع الدولي المسلح تنص الاتفاقيتان الأولى والثانية من اتفاقيات جنيف (المادة 12 على التوالي) على وجوب معاملة الجرحى والمرضى وضحايا السفن الغارقة من أفراد القوات المسلحة وغيرهم من الأفراد المحميين بطريقة إنسانية ومعاملتهم معاملة حسنة من الطرف المشارك في النزاع الذين يخضعون لسلطته, وذلك دون أي تمييز مجحف قائم على أساس الجنس أو العنصر أو الجنسية أو الديانة أو الآراء السياسية أو أية معايير مماثلة أخرى. كما تحظر بقوة أي محاولة للاعتداء على حياتهم أو القيام بأعمال عنف ضدهم ويُحظَر على وجه الخصوص اغتيالهم عمداً أو إبادتهم جسدياً أو تعريضهم للتعذيب أو للتجارب المعملية أو تركهم عمداً دون عناية أو مساعدة طبية أو تركهم في ظروف تعرضهم لالتقاط عدوى الأمراض أو خلق ظرف للعدوى بها.وتعطي هاتان الاتفاقيتان للمبررات الطبية العاجلة وحدها الحق في ترتيب الأولوية في نظام العلاج الذي يقدم للمرضى, كما تؤكدان على ضرورة معاملة النساء بالتقدير الواجب نحو جنسهن.إن مفهوم عدم التمييز المجحف - الذي يمكن أن توجد له نظائر في الصكوك الدولية لحقوق الإنسان – يطبق في كل حالات النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية. ويعني ذلك أنه يجوز بل يجب في ظروف معينة, وبسبب الاحتياجات الخاصة لمجموعات معينة من الضحايا منحهم معاملة تفضيلية, قد تكون بالغة الضرورة لهم. ويتضمن القانون الدولي الإنساني أحكاماً عديدة صيغت, على سبيل المثال, لتقديم حماية خاصة للنساء والأطفال الذين يمكن أن يتأثروا بالنزاع المسلح.كما تعطي الاتفاقية الثالثة المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب مثالاً آخر على المساواة الإلزامية في المعاملة بموجب القانون الدولي الإنساني. وتنص المادة 16 على ما يلي : "مع مراعاة أحكام هذه الاتفاقية فيما يتعلق برتب الأسرى وجنسهم, ورهناً بأية معاملة مميزة يمكن أن تمنح لهم بسبب حالتهم الصحية أو أعمارهم أو مؤهلاتهم المهنية, يتعين على الدولة الحاجزة أن تعاملهم جميعاً على قدم المساواة, دون أي تمييز ضار على أساس العنصر أو الجنسية أو المعتقدات الدينية أو الآراء السياسية أو أي معايير مماثلة أخرى".وتنص المادة 13 من الاتفاقية الرابعة بالمثل على أن الإجراءات الخاصة بالحماية العامة للسكان المدنيين من عواقب معينة للحرب (على سبيل المثال إنشاء المستشفيات ومناطق آمنة ومناطق محايدة وحماية المستشفيات المدنية والعاملين بها والمرور الآمن لإمدادات الإغاثة ... إلخ) تشمل كل سكان الدول المشاركة في النزاع دون أي تمييز مجحف يقوم, خاصة, على أساس العنصر أو الجنسية أو الديانة أو الآراء السياسية. وبموجب المادة 27 من الاتفاقية فإن من حق المدنيين, في كل الأحوال, أن يعاملوا باحترام لأشخاصهم وشرفهم وحقوقهم الأسرية ومعتقداتهم الدينية وممارسة هذه المعتقدات وعاداتهم وتقاليدهم. ويجب في كل الأوقات أن يلقوا معاملة إنسانية مع توفير الحماية لهم, خاصة, من أعمال العنف والتهديد بذلك والإهانات وفضول الجماهير. كما يجب حماية النساء على وجه الخصوص من أي اعتداء على شرفهن وحمايتهن بخاصة من الاغتصاب أو الإجبار القسري على ممارسة البغاء أو أي شكل غير لائق لخدش حيائهن.ومع مراعاة الأحكام المتعلقة بالحالة الصحية والسن والجنس, يجب أن يعامل كل الأشخاص المحميين بنفس الاعتبار والمراعاة للمشاعر, من جانب الطرف الذي يخضعون لسلطته, ودون تمييز مجحف قائم, على وجه الخصوص, على أساس العنصر أو الديانة أو الرأي السياسي.كما يتضمن البروتوكول الأول الإضافي لعام 1977, والمتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة الدولية, أحكاماً هامة تتعلق بعدم التمييز. فالمادة 75 وعنوانها " الضمانات الأساسية " تهدف إلى ضمان حد أدنى من معايير معاملة الأشخاص الخاضعين لسيطرة أحد أطراف النزاع الدولي, والذين لا يستفيدون من معاملة أفضل بموجب أحكام أخرى. وتنص هذه المادة على أن يعامل هؤلاء الأشخاص معاملة إنسانية وأن يتمتعوا, كحد أدنى, بالحماية التي تكفلها لهم هذه المادة دون أي تمييز مجحف يقوم على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو الرأي السياسي أو خلافه أو الانتماء القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع اجتماعي آخر أو على أساس أية معايير مماثلة أخرى.وتحظر المادة 75 الأفعال الآتية: ممارسة العنف إزاء حياة الأشخاص أو صحتهم أو سلامتهم البدنية أو العقلية (وبوجه خاص القتل والتعذيب والعقوبات البدنية والتشويه) وانتهاك الكرامة الشخصية (وبوجه خاص المعاملة المهينة للإنسان والمُحِطَة من قدره والإكراه على الدعارة أو أية صورة من صور خدش الحياء) وأخذ الرهائن والعقوبات الجماعية والتهديد بارتكاب أي من الأفعال السابقة.كما تتضمن مجموعة من الأحكام المتعلقة بالضمانات القضائية التي يجب مراعاتها في سير الإجراءات الجنائية ضد أشخاص مشتبه في ارتكابهم جرائم تتعلق بالنزاع المسلح, إضافة إلى المبادئ التي تطبق في مقاضاة ومحاكمة الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية.كما يورد البروتوكول الأول الإضافي قائمة بالأعمال التي تعد مخالفات جسيمة للبروتوكول. ومن بين هذه المخالفات " ممارسة الفصل العنصري وغيرها من الممارسات غير الإنسانية المحطة من قدر الإنسان بما فيها انتهاك الكرامة الشخصية على أساس التمييز العنصري" [5]. وتعد الانتهاكات الجسيمة أعمالاً ضارة للغاية بمصالح المجتمع الدولي وتخضع لأحكام السلطة القضائية العالمية الإلزامية, وهذا يعني أن على كل الدول الالتزام بالبحث عن مرتكبي هذه الأعمال الإجرامية وتقديمهم, بصرف النظر عن جنسيتهم للمحاكمة أمام محاكمها, أو محاكمتهم في دولة أخرى استطاعت أن تجد أسباباً كافية لمحاكمتهم وإثبات واقعة الدعوى.النزاع المسلح غير الدوليتتضمن المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف قواعد تنطبق في النزاع المسلح غير الدولي, والذي يعد أكثر أنواع النزاعات انتشاراً في الوقت الراهن. وهي تنص على أن المعاملة الإنسانية وعدم التمييز هما من بين المبادئ الأساسية التي يجب أن توجه سلوك أطراف النزاع تجاه الأشخاص غير المشاركين فيه, وتقدم أيضاً قائمة بالقواعد التي تعد, طبقاً لمحكمة العدل الدولية, تعبيراً عن الاعتبارات الأولية للإنسانية [6].ولهذا فهي ليست فقط مجرد قانون تعاهدي ملزم, ولكنها أيضاً جزء من القانون الدولي العرفي الذي يدخل ضمن قائمة القواعد الآمرة ذات الأولوية المطلقة.وتنص المادة الثالثة على ما يلي:"في حالة نشوب نزاع مسلح ليس له طابع دولي في أراضي أحد الأطراف السامية المتعاقدة, يلتزم كل طرف في النزاع بأن يطبق كحد أدنى الأحكام التالية:(1) الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية, بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا بأسلحتهم, والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الإصابة بالجروح أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر, يعاملون في جميع الأحوال معاملة إنسانية دون أي تمييز ضار يقوم على أساس العنصر أو اللون أو الدين أو المعتقدات أو الجنس أو المولد أو الثروة أو معايير مماثلة أخرى. ولهذا الغرض, تحظر الأفعال التالية, وتظل محظورة, فيما يتعلق بالأشخاص السابق ذكرهم في كل وقت وكل مكان:(أ) الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية, وبخاصة القتل بجميع أشكاله والتشويه, والمعاملة القاسية والتعذيب;(II) أخذ الرهائن;(ج الاعتداء على الكرامة الشخصية وعلى الأخص المعاملة المهينة والمحطة بالكرامة;(د) إصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشَكَّلَة بطريقة قانونية وتُكفَل جميع الضمانات القضائية التي لا غنى عنها في نظر الشعوب المتمدنة".وبالنسبة للبروتوكول الثاني الإضافي لعام 1977 والمتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية فهو يطور ويكمل المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف. ويُطبَّق البروتوكول في النزاعات التي تندلع في أراضي دولة تكون طرفاً في نزاع مسلح ناشب بين قواتها المسلحة النظامية وقوات مسلحة متمردة تمارس تحت قيادة مسئولة نوعاً من التحكم في جزء من الأراضي بدرجة تجعلها قادرة على شن عمليات عسكرية منسقة ومتواصلة.ونظراً إلى أنه تتوفر للبروتوكول مجالات أوسع في التطبيق عن المادة 3 المشتركة بين الاتفاقيات, فهو يؤكد أيضاً الأهمية الأساسية لمبدأ عدم التمييز. وتنص المادة 2 من البروتوكول وعنوانها "المجال الشخصي للتطبيق" على أن البروتوكول يسري على كافة الأشخاص الذين يتأثرون بنزاع مسلح دون أي تمييز مجحف على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو الآراء السياسية أو غيرها أو الانتماء الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر أو أية معايير مماثلة أخرى.ويتكرر
التزام الأطراف بعدم ممارسة التمييز فيما يتعلق بأحكام البروتوكول حول "الضمانات الأساسية " تحت عنوان "المعاملة الإنسانية", إذ ينص على أن "يكون لجميع الأشخاص الذين لا يشتركون بصورة مباشرة أو الذين يكفون عن الاشتراك في الأعمال العدائية – سواء قيدت حريتهم أو لم تقيد – الحق في التمتع بالاحترام لأشخاصهم وشرفهم ومعتقداتهم وممارستهم لشعائرهم الدينية. ويجب أن يعاملوا في جميع الأحوال معاملة إنسانية دون أي تمييز مجحف". ويحظر البروتوكول بشكل خاص "في كل الأوقات والأماكن" الأفعال الآتية:"(أ) الاعتداء على حياة الأشخاص وصحتهم وسلامتهم البدنية أو العقلية, ولا سيما القتل والمعاملة القاسية, كالتعذيب أو التشويه أو أية صورة من صور العقوبات البدنية;(ب) العقوبات الجماعية;(ج‌) أخذ الرهائن;(د‌) أعمال الإرهاب;(ه‍) انتهاك الكرامة الشخصية, وبخاصة المعاملة المهينة والمُحِطَة من قدر الإنسان والاغتصاب والإكراه على الدعارة وكل ما من شأنه خدش الحياء;(و‌) الرق وتجارة الرقيق بكل أشكالها;(ز) السلب والنهب;(ح) التهديد بارتكاب أي من الأفعال السابق ذكرها." [7]ونظراً لأحكام القانون الدولي الإنساني الموضحة أعلاه فإن اللجنة الدولية للصليب الأحمر ترى أن المؤتمر العالمي الثالث المناهض للعنصرية سوف يتيح فرصة طيبة لتذكير الحكومات بأن عدم التمييز هو قاعدة أساسية ليست فقط, بالنسبة لقانون حقوق الإنسان, بل وأيضاً بالنسبة للقانون الدولي الإنساني.ومن وجهة نظر اللجنة الدولية للصليب الأحمر, فإن الاستعدادات للمؤتمر, وصياغة وثائق المؤتمر, ينبغي أن تعكس أهمية عدم التمييز في حالات النزاع المسلح, سواء كان دولياً أو غير دولي. وينبغي أن يحث المؤتمر الحكومات على الانضمام, دون أي تحفظ, إلى اتفاقيات جنيف وبروتوكوليها الإضافيين, إضافة إلى صكوك القانون الدولي الإنساني. وينبغي أيضاً دعوة الدول إلى الالتزام الكامل بتعهداتها, بموجب القانون الدولي الإنساني, كوسيلة لكفالة عدم التمييز في أوقات النزاعات المسلحة.تطبيق القانون الدولي الإنسانيإن اللجنة الدولية للصليب الأحمر بصفتها الحارس الأمين على القانون الدولي الإنساني تبدي اهتماماً خاصاً بضرورة احترام قواعد القانون الدولي الإنساني وكفالة هذا الاحترام في جميع الأحوال كما تنص على ذلك المادة الأولى من اتفاقيات جنيف والبروتوكول الأول الإضافي. إن احترام القانون الدولي الإنساني يعني أن الدول عليها واجب اتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ واحترام الالتزامات المتعلقة بالمعاهدات.ومن بين هذه التدابير الالتزام باعتماد تشريع لتنفيذ المعاهدات, وعلى وجه الخصوص, الالتزام بإعداد قانون محلي لمحاكمة ومعاقبة الأشخاص المتهمين بارتكاب انتهاكات جسيمة للاتفاقيات والبروتوكول الأول.. وكما جاء ذِكرُه فإن قائمة المخالفات الجسيمة تضم "ممارسات الفصل العنصري, وغيرها من الممارسات غير الإنسانية والمُحِطَة من القدر, والتي تشمل امتهان الكرامة الشخصية على أساس التمييز العنصري". إن الاستجابة لالتزامات المعاهدات تشمل أيضاً واجب الحكومات لنشر قواعد القانون الدولي الإنساني على أوسع نطاق ممكن بين أفراد القوات المسلحة وبين السكان المدنيين في وقت السلم وفي وقت النزاع المسلح على السواء.وثمة مظهران للمخالفات الجسيمة. أولهما على الحكومات إتخاذ الإجراءات التشريعية اللازمة لإقامة نظام ملائم لمعاقبة الأشخاص الذين ارتكبوا أو أمروا بارتكاب المخالفات الجسيمة. وثانيهما وجوب خضوع المخالفات الجسيمة للسلطة القضائية العالمية الإلزامية.وطبقاً لمبدأ إما التسليم أو المحاكمة, فإن على الحكومة أن تقدم مرتكب الجريمة, بصرف النظر عن جنسيته, للمحاكمة أمام محاكمها, أو تسلم هذا الشخص للمحاكمة في دولة أخرى استطاعت أن تجد أسباباً ظاهرية كافية للمحاكمة [8].وعلى حين لم تحدد المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف والبروتوكول الثاني الإضافي صراحة المسئولية الجنائية الدولية للأشخاص المتهمين بانتهاك أحكامها, فإن الأمر قد استقر حالياً على اعتبار أعمال معينة ترتكب في النزاعات المسلحة غير الدولية على أنها أيضاً جرائم حرب, يجب أن تمارس الدولة عليها السلطة القضائية العالمية. وجاء الدليل على صحة وجهة النظر هذه فيما حدث في الفترة الأخيرة من إخضاع جرائم الحرب التي ارتكبت في نزاعات داخلية للسلطة القضائية للمحكمة الجنائية الدولية إضافة إلى ما قامت به اللجنة التحضيرية التابعة للأمم المتحدة حول المحكمة الجنائية الدولية من عمل, أوضحت فيه العناصر التي تشكل مثل هذه الجرائم.إن اللجنة الدولية للصليب الأحمر ترى أنه ينبغي إيلاء الاهتمام المناسب عند الإعداد للمؤتمر العالمي وصياغة وثائق المؤتمر لمسألة مكافحة الحصانة من العقاب لمرتكبي انتهاكات القانون الدولي الإنساني, وإيجاد سُبُل لدعم آليات التنفيذ.إضافة إلى ذلك, فإن المؤتمر العالمي ينبغي أن يدعو الدول إلى أن تسن تشريعات وطنية لتنفيذ التزاماتها بموجب اتفاقيات جنيف والبروتوكولين الإضافيين أيضاً, وينبغي أن يركز هذا التشريع, على وجه الخصوص, على حظر جرائم الحرب وعقاب مرتكبيها ويسمح بتطبيق مبدأ السلطة القضائية العالمية في محاكمة مرتكبي هذه الجرائم. كما ينبغي أن يُذَكِّر المؤتمر بأهمية التصديق على الصكوك الدولية الأخرى المؤدية إلى مكافحة الحصانة من العقاب لمرتكبي جرائم الحرب, سواء ارتكبت في نزاعات دولية أو غير دولية, مثل معاهدة روما لعام 1998 التي أنشئت بموجبها محكمة جنائية دولية دائمة.عدم التحيُّز كمبدأ أساسي بالنسبة لحركة الصليب الأحمر والهلال الأحمرإن عدم التمييز هو العنصر الأساسي لمبدأ عدم التحيز, وهو واحد من سبعة مبادئ أساسية توجه عمل الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر. وطبقاً لنظامها الأساسي فإن الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر – التي تشكل اللجنة الدولية للصليب الأحمر جزءاً منها – لا تمارس أي تمييز على أساس الجنسية أو العرق أو المعتقدات الدينية أو الطبقة الاجتماعية أو الآراء السياسية. وهي تسعى إلى تخفيف معاناة الأفراد, مسترشدة فقط باحتياجاتهم, وإلى إعطاء الأولوية لأكثر الحالات كرباً وإلحاحاً [9].وهذا يعني وجوب الاعتراف بكل الأفراد على أساس المساواة الكاملة, وضرورة معاملتهم على هذا الأساس, وأن احتياجات الضحايا هي المعيار الوحيد الذي يتم بناء عليه تزويدهم بالمساعدات والحماية.إضافة إلى ذلك, وطبقاً للمبدأ الأساسي للحياد, فإن حركة الصليب الأحمر والهلال الأحمر لا تساند أي طرف خلال الأعمال العدائية أو تتورط في أي وقت في مجادلات ذات طابع سياسي أو عرقي أو ديني أو مذهبي [10].ولأن أنشطة اللجنة الدولية للصليب الأحمر تستند إلى هذه المبادئ الأساسية, فإن اللجنة تعتقد أنه من المفيد تذكير الحكومات بضرورة التطبيق المستمر والمنتظم لهذه المبادئ. وينبغي للمشاركين في المؤتمر أن يكونوا على وعي بأهمية المبادئ الأساسية التي توجه الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر في أدائها لكافة أنشطتها والسماح لعناصر الحركة في كل الظروف بممارسة أنشطتها والالتزام بهذه المبادئ.عدم التحيُّز كأساس للعمل الإنسانيإن مبدأ عدم التحيز يشكل أساساً ومرشداً للعمل الإنساني بشكل عام, بما في ذلك الأنشطة التي تهدف إلى تقديم المساعدة للأشخاص الذين هم في حاجة إليها. وإذا كان عرض أحكام القانون الدولي الإنساني ذات الصلة خارج نطاق هذا البحث فإنه يكفي أن نقدم نموذجين فقط.بموجب المادة 70 من البروتوكول الأول الإضافي يُعَد عدم التحيز شرطاً أساسياً لأعمال الإغاثة التي تتم في حالة النزاع المسلح الدولي. وينص البروتوكول على أن أعمال الإغاثة تقدم عندما لا تتوفر لدى السكان المؤن الكافية. وتحدد هذه المادة أن هذه الأعمال يجب أن تكون " إنسانية وغير متحيزة من حيث الطابع وتجرى دون تمييز مجحف".وإذا كان البروتوكول يشير إلى أن أعمال الإغاثة تخضع لاتفاق الأطراف المعنية, إلا أنه ينبغي أن نلاحظ أنه طبقاً للتفسير المتفق عليه بشكل عام يجب على الدولة قبول أعمال الإغاثة عندما تستوفى الشروط السابق ذكرها, ومنها على سبيل المثال, عندما لا يتم تزويد السكان المدنيين بالمؤن الكافية وعندما تكون الإغاثة, التي هي بطبيعتها إنسانية وغير متحيزة, متوفرة.وبالمثل, يُذكَر عدم التحيز كشرط لتسليم مواد الإغاثة التي تقدمها المنظمات الإنسانية لسكان المناطق المحتلة, وذلك بموجب المادة 59 من الاتفاقية الرابعة.وتشتمل قواعد القانون الدولي الإنساني المطبقة في النزاعات المسلحة الداخلية على أحكام مماثلة. وهكذا, فإن المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف تنص على أنه "يجوز لهيئة إنسانية غير متحيزة مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن تعرض خدماتها على أطراف النزاع". إن مثل هذا العرض لا يمكن رفضه بشكل تعسفي عندما يكون مقدماً من هيئة غير متحيزة. كما يشرح البروتوكول الثاني الإضافي أعمال الإغاثة التي يجوز مباشرتها في حالات النزاع المسلح غير الدولي. فبناء على المادة 18 أعمال الإغاثة "ذات الطابع الإنساني والحيادي البحت وغير القائمة على أي تمييز مجحف, تقدم لصالح السكان المدنيين بموافقة الطرف السامي المتعاقد المعني" ويظل ما سبق ذكره صالحاً للتطبيق على الوجه التالي: إذا ما تلقى طرف ما عرضاً بالمساعدة من منظمة إنسانية تلبي المطلوب من شروط عدم التحيز, فإن مثل هذا الطلب لا يمكن رفضه دون ذِكر أسباب وجيهة لذلك.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.