كشفت قائمة أدلة الثبوت وأقوال الشهود، التي أعدتها هيئة التحقيق القضائية المنتدبة من وزير العدل في شأن وقائع الاعتداء على المتظاهرين السلميين بميدان التحرير في فبراير الماضي فيما سُمي ب «موقعة الجمل» عن أن «صفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى السابق، وبوصفه أمينا عاما للحزب الوطني "المنحل"هو العقل المدبر لفكرة المسيرات والتجمعات المنظمة المؤيدة للرئيس السابق، حسني مبارك، والتي ضمت مجموعات من البلطجية اعتدت على المتظاهرين». وأكدت أن «الشريف» تواصل هاتفيا مع أعضاء مجلسي الشعب والشورى من أعضاء الحزب الوطني والموالين لتحريضهم على فض التظاهرات المناوئة لمبارك بالقوة والعنف بميدان التحرير وإن اضطروا إلى قتل المتظاهرين وتصفيتهم. وتبين لهيئة التحقيق برئاسة المستشار محمود السبروت والمستشار حامد راشد، أنتلك الاتصالات انطوت على تكليفات واضحة ومباشرة من الشريف لقيادات وكوادر الحزبالوطني، بحشد التظاهرات المضادة للموجودين بالتحرير والاعتداء عليهم، على أنيتم تنظيم الصفوف والتوجه إلى هناك من خلال ميداني مصطفى محمود وعبد المنعم رياضومنطقة ماسبيرو. كما تبين توافد الحشود يقودها أعضاء البرلمان من الحزب الوطني والموالين له، بل إن بعضهم اعتلى بنفسه الجمال والجياد والعربات، التيتجرها الخيول، عبد الناصر الجابري، عضو الشعب عن الهرم والعمرانية، ويوسف خطاب، عضوالشورى عن قسم الجيزة، حيث حضوا التجمعات المتأهبة للهجوم على المتظاهرين. وتضمنت قائمة أدلة الثبوت أقوال 87 شاهدًا إثبات ما بين صحفيين ومحامين وأطباء ورجال أعمال وموظفين وأعضاء بالحزب الوطني وخيالة بمنطقةنزلة السمان، وجاء بها أن تجمعات البلطجية والخارجين عن القانون التي اعتدت على المتظاهرين تم حشدها بصورة ممنهجة في ضوء تكليفات مباشرة منقيادات الحزب الوطني لجميع كوادر الحزب في كافة الجهات وباقي قطاعات الدولة. وأضاف الشهود أن الخطة حملت تكليفا محددا بضرورة إخلاء ميدان التحرير بأي سبيل ممكن تحت ستار أن الموجودين بالتحرير يضرون بمصلحة مصر العليا ويريدون الخرابللبلاد وأنهم يتلقون تعليمات من جهات خارجية بغية تنفيذمخطط خارجي للإضرار بمصلحة مصر، وهو ما ترتب عليه الاستخدام الواسع النطاقللأسلحة النارية الآلية والبيضاء وكسر الرخام وزجاجات المولوتوف الحارق والسيوفوالسياط والجنازير ضد المتظاهرين بالتحرير. وأكد الشهود أنهم تمكنوا من رؤية القيادي البارز بالحزب الوطني، الدكتور إبراهيمكامل، وسط تجمعات «تبدو عليها الشراسة والعنف»، وهو يحرضهم ضد المتظاهرينبالتحرير. وأضاف الشهود أن بعضهم تلقى اتصالات هاتفية من معارف لهم بالحزبالوطني تخبرهم بوجود عملية حشد ضخمة تجري على قدم وساق بغية اقتحام ميدان التحريرعلى نحو يثير الصدمة والترويع والذعر بين المتظاهرين، مشيرين إلى أنه عقب تلكالمكالمات الهاتفية بساعة واحدة بدأ الهجوم ضد المتظاهرين السلميين. وأكد الشهود أن «قناصة» اعتلوا أسطح البنايات السكنية المطلة على ميدان التحريروكوبري 6 أكتوبر وأخذوا يطلقون الأعيرة النارية صوب المتظاهرين، في الوقت الذيكان راكبو الجمال والخيول والعربات والبلطجية يقتحمون الميدان آخذين في الاعتداءعلى المتظاهرين بكل عنف وشراسة. وقال الشهود إنهم لدى مقاومتهم صفوف البلطجية المندفعة نحوهم، تمكنوا من إلقاءالقبض على بعض منهم، حيث تبين بفحص هويتهم أنهم من أفراد الشرطة والبلطجيةبالدوائر الانتخابية لأعضاء الحزب الوطني ممن يستعان بهم خلال فترة الانتخاباتالبرلمانية، وأنه بمناقشة المقبوض عليهم أفصحوا عن أنهم تم استئجارهم بمعرفةالدكتور أحمد فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب السابق، ورجل الأعمال محمد أبو العينين وعبدالناصر الجابري ورجب هلال حميدة وطلعت القواس ومحمد عودة وأحمد شيحة وعلي رضوان، أعضاء مجلس الشعب. وأشار الشهود إلى أن المقبوض عليهم من البلطجية الذين تم استئجارهم بمعرفة فتحيسرور، أكدوا لهم جميعا لدى مناقشتهم عن سبب قيامهم بتلك الاعتداءات، أنهم حصلواعلى مقابل مادي متفاوت ما بين 50 إلى 500 جنيه لكل منهم ووجبات غداء وشرائطلعقار ترامادول المخدر، مع وعود بتوفير فرص عمل لهم ومبالغ مالية بقيمة 5 آلافجنيه حال نجاحهم في فض الاعتصام بميدان التحرير وطرد المتظاهرين. فيما قال آخرونمن المقبوض عليهم أنهم جاؤوا بمعرفة عبد الناصر الجابري ويوسف خطاب وأحمد شيحةلذات الهدف نظير مبلغ 300 جنيه للفرد الواحد، فيما قام محمد عودة بتسليحهم بالعصيوكسر الرخام والسياط والسيوف وقنابل المولوتوف. وأشار الشهود، ومن بينهم أعضاء بالحزب الوطني نفسه، إلى أن كلا من رجليالأعمال إبراهيم كامل ومحمد أبو العينين موّلوا عمليات الاعتداء بحقالمتظاهرين بتعليمات من صفوت الشريف، حيث تضمن ذلك سداد قيمة الخيول والجمالالقادمة من نزلة السمان لأصحابها نقدا خشية فقدانها أثناء الاعتداءات. وقال شاهدان من الخيّالة بمنطقة نزلة السمان، إنه صباح يوم 2 فبراير بدأتالتجمعات من أصحاب الخيول والجمال أمام منزل عبد الناصر الجابري، الذي استقل«الكارتة» الخاصة به وطلب منهم أن يتبعوه إلى ميدان مصطفى محمود، حيث تقابلوا معيوسف خطاب، الذي كان يمتطي جملا، واقتادهم المتهمان، الجابري وخطاب، حتى ماسبيرو ثمإلى المتحف المصري ومكنوهم من الدخول إلى التحرير للاعتداء على المتظاهرين. وأشار الشاهدان إلى أنهما انسحبا من الميدان لدى رؤيتهما حجم الاشتباكات معالمتظاهرين ومدى عنفها، وقالا إن الجابري وخطاب اتصلا بهما لاحقا طالبين إليهماالشهادة لصالحهما إذا ما تم إلقاء القبض عليهما. وقال الشهود إن تجمعات وحشودا غفيرة اتجهت من شارع الجلاء إلى ميدان التحريرحاملين لافتات مكتوب عليها أنهم يتبعون اتحاد عمال مصر، بالإضافة إلى شعاراتمؤيدة للرئيس السابق، حسني مبارك، وأن تلك التجمعات والحشود قادتها بنفسهاعائشة عبد الهادي، وزير القوى العاملة السابقة، وحسين مجاور، رئيس اتحاد عمال مصرالسابق، وأنها مرت من أمام مؤسسة الأهرام الصحفية، حيث حمل المشاركون في تلكالتجمعات العصي والهروات والزجاجات. وقالت إحدى الشاهدات، وتعمل صحفية بجريدة «الأهرام»، إنها لدى سؤالها المتهمة عائشةعبد الهادي عما إذا كانت توافق أن يقوم عمال مصر بالاعتداء بالضرب على شبابالمتظاهرين، فأجابتها الوزيرة السابقة بأنهم «يستحقون ذلك.. بل ويستحقون القتلأيضا». فيما تدخل في الحوار حسين مجاور مؤيدًا لحديث الوزيرة عبد الهادي ومعقباعلى الحديث ب «امصر بدون مبارك ولا حاجة». وكشف أحد الشهود ويعمل محررا برلمانيا بجريدة «الشروق» أنه لدى حضوره اجتماعبالمحررين البرلمانيين مع فتحي سرور صباح يوم 2 فبراير، أخبرهم الأخير أنالتظاهرات المؤيدة للرئيس حسني مبارك ستخرج من كل المحافظات، وأنه في أعقاب ذلكسمع هتافات خارج مجلس الشعب مؤيدة للرئيس السابق، في الوقت الذي حضر فيه مديرمكتب سرور وأبلغه بأن «متظاهري السيدة زينب قد وصلوا أمام المجلس». وأشار الشاهد إلى أنه تمكن من رؤية المتظاهرين المؤيدين لمبارك خارج المجلس وتبدوعليهم علامات الشراسة والعنف، ويرددون السباب للمتظاهرين السلميين بالتحريرويصفونهم بالخونة والعملاء المأجورين من جهات أجنبية، وأنهم حضروا لطردهم منميدان التحرير. وقال شهود إنهم تمكنوا من رؤية عضوي مجلس الشعب، رجب هلال حميدة وحسن تونسي، وهمايسلمان مجموعات من البلطجية الأموال ويدفعانهم إلى ميدان التحرير للاعتداء علىالمتظاهرين، فيما قال آخرون إنهم شاهدوا عضو الشعب، سعيد عبد الخالق، محمولا على أكتافزميله بالمجلس إيهاب العمدة، ويلتف حولهما بلطجية ويحرضان ضد المتظاهرين بالتحريرداعين إلى الاعتداء عليهم. وأكدوا أنهم شاهدوا المحامي مرتضى منصور ونجله أحمد وابن شقيقته وحيد صلاح وهميحرضون على قتل المتظاهرين بالتحرير ويمنحون الأموال للبلطجية، وأن مرتضى كانيعطي بنفسه التعليمات لتلك التجمعات التي كانت تجيبه «تمام يا سيادة المستشار».. فيما أخذ مرتضى يسب في الدكتور محمد البرداعي والدكتور أيمن نور وأمير قطر وآخرينوفي المتظاهرين السلميين بميدان التحرير، واصفا إياهم بالخونة والعملاءوالمرتزقة. وأكد الشاهد الخبير الفني بالإذاعة والتلفزيون الذي كلف من جانب هيئة التحقيقبفحص مقاطع الفيديو المصورة، أن كافة اللقطات المصورة لمرتضى منصور وإبراهيم كاملومحمد عودة وهم يحرضون ضد المتظاهرين بالتحرير، سليمة ولم تدخل عليها أية تعديلاتأو تلاعب. فيما كشف الفحص عن أن الأسطوانات المدمجة، التي قدمها مرتضى منصورنفسه في التحقيقات وحملت لقطات ومقاطع مصورة جاء بها أنه لا يدعو إلى الذهاب إلى التحرير، وعدم الاعتداء أو المساس بالمعتصمين، إنما جاءت «مفتعلة من جانبه وغيرصحيحة». وأشار عدد من الشهود إلى أنهم شاهدوا ضابطي الشرطة المتهمين في القضية حسامحنفي، رئيس مباحث قسم السلام ثان، وهاني عبد الرؤوف، رئيس مباحث المرج، وهما يحشدان المسجلين خطر والبلطجية للتوجه إلى ميدان التحرير، وأصدرا تعليماتهما لهمبالاعتداء على المتظاهرين، وقد أصيب الضابطان المذكوران نفسيهما في تلكالاعتداءات.