جاءت سلسلة الأحداث الماضية لتصفعنا جميعاً صفعة قوية شديدة أظنها كانت كفيلة وحدها بأن تجعلنا نعود إلى رشدنا وأن نستيقظ من غفوتنا ونعود لنتسأل هل كنا نحلم هل ما قمنا به من ثورة عظيمة أثنى عليها الجميع وشهد لها بالقوة والمثالية وبالصورة الحضارية كانت ثورة فعلاً أم أنها كانت حلم أم كانت مسرحية هزلية . هل مايحدث حتى الأن من مماطلة وتأجيل في المحاكمات يدل على أن هناك ثورة قامت وأنتفضت لتنادي بالتغير وإجتساس الظلم والفساد . وما يجعلني أكثر دهشة وتعجباً هو تشتت المصريين الثوار كلاً في فريق لكل منهم هدف ولكل منهم طريقه الذي يراه الأنسب والأمثل له للحصول على أكبر قدر ممكن من الغنائم وكذلك النخبة الذين أخذوا يتناظرون ويتبارون أمام بعضهم البعض في المؤتمرات والندوات والفضائيات والصحف فمنهم من ينادي بدولة مدنية ومنهم من ينادي بدولة إسلامية ومنهم من ينادي بدولة مدنية بمرجعية كذا وكذا ومنهم أيضاً من جاء بالأختراع الأمثل ورأى أنه من الأفضل تحويل نظام الحكم المصري إلى النظام الفيدرالي على نهج الولاياتالمتحدةالأمريكية بينما سعدت كثيراً بالمناظرات الممتعة الشيقة والمعارك والحروب الشعواء بين من ينادي بالدستور أولاً وبين الأخر الذي يقول أنه يمتلك الشرعية من أصوات ثلثي الشعب المصري الذين قالوا نعم للاستفتاء ومن ثم يجب أن تكون الانتخابات أولاً ناهيك عن سلسلة التخوين والتخويف والتكفير التي نسمع منها يومياً ما يجعلنا نشكك في وطنية وتدين وإيمان أنفسنا وجاءت الصفعة لتقول لكل هؤلاء سلامات يا نخبة . واتسأل هل كانت الثورة أصلاً تدعوا لأي من هذه الأفكار ..! مطالب الثورة كانت واضحة من يومها الأول " عيش .. حرية .. كرامة إنسانية " فمالكم كيف تفكرون ما كل هذا الجدل وما كل هذا الخلاف . هل نجح المجلس العسكري والقائمون على الأمور فيما لم ينجح فيه مبارك نفسه من سياسة فرق تسد والتي إتبعها منذ تولي حكمه البائد ؟ للأسف أيها النخبة سأم الجميع منكم كما سأم من مواقف وقرارات المجلس العسكري والسادة الوزراء الموقرين . كنا نتفاخر بأن ثورتنا كانت بلا قائد وهذا كان من أهم مايميزها ولكن بمرور الوقت أكتشفنا أن هذا أيضاً من أهم سلبياتها نظراً لأن من قاموا بالثورة لم يتمكنوا من إدارتها وتولي شئون البلاد فأصبحت البلاد في ثورة بلا قرارات ثورية ومن ثم لم يشعر أي منا بنتائج مرضية على العكس تماما من ثورة 1952 والتي قام بها الضباط الأحرار وفي عام واحد فقط تمت محاكمات وإصدار قوانين وتشريعات وإسقاط الدستور وإعلان الجمهورية وسواء إتفقنا أو أختلفنا فقد نجحت الثورة في تحقيق الأستقلال ولكنها لم تتمكن أبداً من بناء الدولة الحديثة وتفعيل الديموقراطية الحقيقية ولذلك قامت ثورة 25 يناير إذن إذا لم تتحقق مطالب هذه الثورة وأستمر الوضع على ماهو عليه علينا أن ننتظر ثورة أخرى ولنكتفي بتغير شخص مبارك وإنهاء ملف التوريث وليستعوض أهالي الشهداء وذويهم الله العزيز الكريم في دماء شهدائهم ومصابيهم الشهداء الذين قيل عنهم بلطجية تارة ومنتحرين تارة ولم يتم حسم موقفهم أو الحكم على من قتلوهم حتى الأن بل وعادت الشرطة بسيناريو وثوب جديد أقوى من ذي قبل لتعلن أنها عادت لتنتقم في مشهد أعاد إلى الأذهان صور أحداث يناير من قتل وتعذيب وأعتداء على أهالي الشهداء واستعراض أفراد الأمن وأستفزازهم للثوار ولعلنا جميعاً شاهدنا ماقام به ظابط الأمن المركزي من رقصة ذكورية جارحة بإستخدام " سيف وسنجة " يالها من أدوات وأساليب حديثة لعودة الأمن والعمل على إستقرار البلاد وليزداد الأمر سخرية أطل علينا وزير الداخلية بتصريحاته القوية الأمن لم يعتدي على المتظاهرين وأن الموجودين حالياً في ميدان التحرير هم مجموعة من البلطجية . بعد أن أنتهى سيناريو العملاء والأجانب والأصابع والأطراف الخارجية عادت الداخلية إلينا بقصتها الجديدة " البلطجية " والأغرب من ذلك ما سبقه من أحداث وما عرف بملف كشف العذرية عن المتظاهرات والناشطات اللائي تم القبض عليهن في ميدان التحرير ولم يحرك أحد من المجلس العسكري ساكناً ليدافع عن موقف المؤسسة العسكرية أو بفتح تحقيق في القضية رغم ظهور عدد من الفتيات وتصريحاتهم التي تؤكد حدوث ذلك بالعكس تم إستدعاء وإستجواب كل من تحدث أو نشر عن هذا الموضوع من الاعلاميين والصحفيين أمام النيابة العسكرية دعوني أخبركم أنكم قد أنتصرتم على نظام مبارك نفسه . أي عدالة هذه التي تحاكم المدنيين والثوار والمتظاهرين أمام النيابات والمحاكم العسكرية بينما الذين خربوا بلادنا وعاثوا فيها فساداً ونهبوا ثرواتنا يقومون بالأستجمام في قصور شرم الشيخ ويقضون العطلات الصيفية في بورتو طره ولم يتم محاكمتهم بل وإخلاء سبيل الكثير منهم . أي عدالة هذه التي تسلب أهالي الشهداء حقوقهم بينما قاتلي أبنائهم مطلوقي السراح . أكتب كلامي هذا وأنا أعلم أنني قد لا أتمكن مرة أخرى من الكتابة وقد أكون قد حكمت على نفسي بإنهاء مشواري المهني و الذي مازلت في بدايته وأحاول شق طريقي فيه حتى الأن وأوجه كلامي هذا إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة يا مجلسنا المحترم قد سأم الناس وفاضت بهم بحور الصبر وأعلم جيداً أن من نجحوا في إسقاط طاغية أستمر لمدة ثلاثون عاماً قادرين على إسقاط أي حاكم أخر يريد العودة بهم إلى عهد الظلم والأستبداد واسأل الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء يامن حملك الناس على أكتافهم في ميدان التحرير ووضعوا كل ثقتهم وأمالهم فيك ووعدتهم بتحقيق كل مطالبهم ألا يستحق هؤلاء الناس أن تخرج لهم وأن تشرح لهم الموقف وتخبرهم لماذا لم تستطيع القيام بتنفيذ مطالب الثورة التي منحتك الشرعية وحب وتأييد الناس لك تحدثت كثيراً وبعفوية شديدة وأظن أن هذا الكلام موجود في خاطر كل مصري حر خرج وشارك مع الملايين في الثورة وشعر مثلي بتلك الصفعة فأستيقظ وهو يردد عفواً الثورة لم تنتهي بعد ومصر لم ولن تعود خطوة إلى الخلف