تحديد مقار وعناوين اللجان في انتخابات مجلس الشيوخ    محافظ الجيزة يتابع نسب التنفيذ بمصنع شبرامنت لمعالجة وتدوير المخلفات البلدية الصلبة    البورصة المصرية تربح 15.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الخميس    روسيا: يجب اكتمال عملية تبادل الجنود الأسرى قبل الجولة الثالثة من المفاوضات مع أوكرانيا    إصابة 8 من طاقم التمريض في حادث تصادم سيارة بشجرة على طريق سنهور بالفيوم    واتكينز يرحّب باهتمام مانشستر يونايتد رغم تمسك أستون فيلا    المنتج أحمد الجنايني يكشف دور هشام جمال في خروج مسلسل كتالوج للنور    الداخلية تكشف قضية غسل أموال بقيمة 90 مليون جنيه    رئيس اتحاد المحامين العرب يدين العدوان الصهيونى على سوريا ويدعو لوحدة الصف    بين التحديات الإنتاجية والقدرة على الإبداع.. المهرجان القومي للمسرح يناقش أساليب الإخراج وآليات الإنتاج غير الحكومي بمشاركة أساتذة مسرح ونقاد وفنانين    إنقاذ ذراع طفلة من ورم نادر في عملية دقيقة بمستشفى سوهاج الجامعي    مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى .. والاحتلال يعتقل 8 فلسطينيين فى الضفة    محافظ الفيوم يطالب بتسريع وتيرة العمل بملفي تقنين الأراضي والتصالح في مخالفات البناء    الأهلي يستبعد وسام أبو علي من معسكر الفريق في تونس    بمنحة دولية.. منتخب الكانوى والكياك يشارك فى بطولة العالم للناشئين بالبرتغال    سحب قرعة دوري الكرة النسائية للموسم الجديد ..تعرف علي مباريات الأسبوع الأول    كباكا: قطع إعارتي جه في مصلحتي بسبب ريبيرو..النجوم مصعبين فرصتي وتريزيجيه فاجئني بهذه الرسالة    للعام الثالث.. تربية حلوان تحصد المركز الأول في المشروع القومي لمحو الأمية    إسلام عفيفي: تراث مصر كنز معرفي.. والشراكة مع الإمارات تفتح آفاقاً جديدة    وفاة شاب صعقًا بالكهرباء نتيجة شرز في كابل ضغط عالي فوق منزله بالفيوم    «أزهرية القليوبية»: انتهاء تصحيح مواد العلوم الثقافية اليوم والشرعية غدا    "IPCC" الدولي يطلب دعم مصر فى التقرير القادم لتقييم الأهداف في مواجهة التحديات البيئية    وزارة الدفاع الروسية تعلن سيطرة قواتها على قرى في ثلاث مناطق أوكرانية    في الذكرى ال82 لافتتاحه... «جاير أندرسون» يحتفل بتنظيم معارض أثرية وورش فنية وتثقيفية    بعد 15 ليلة.. أحمد السقا يتنازل عن صدارة شباك التذاكر لأول مرة الأربعاء (تفاصيل)    تبدأ الأمور الغامضة في الانكشاف.. توقعات برج الميزان خلال النصف الثاني من يوليو 2025    الأونروا: 6 آلاف شاحنة مساعدات تنتظر على حدود غزة.. والآلية الحالية لا تعمل مطلقا    ترامب: كوكاكولا وافقت على استخدام سكر القصب في منتجاتها    أصوات البراءة غرقت.. كيف ابتلعت ترعة البداري أحلام الطفولة لثلاث شقيقات؟    ليفربول يقدم عرضا ضخما إلى آينتراخت لحسم صفقة إيكيتيتي    سقوط 54 قتيلا جراء الأمطار الموسمية فى باكستان خلال 24 ساعة    الإسكان: كراسات شروط الطرح الثاني ل"سكن لكل المصريين7" متاحة بمنصة مصر الرقمية    قرار جمهورى بالموافقة على منحة لتمويل برنامج المرفق الأخضر من الاتحاد الأوروبى    إغلاق حركة الملاحة الجوية والنهرية بأسوان بسبب سوء أحوال الطقس    الفرص ومواعيد الامتحان والدرجات.. التعليم تجيب عن أسئلة حول البكالوريا    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبى جرائم الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبى    خلال زيارته لسوهاج.. نقيب المهندسين يلتقي المحافظ لبحث أوجه التعاون    اليوم بدء تلقي طلبات التقديم لمدارس التمريض بالبحر الأحمر (الشروط والدرجات)    أبي أحمد يكذب ورسائل حاسمة من السيسي وترامب، آخر مستجدات أزمة سد النهضة الإثيوبي    بشرى لطلاب الثانوية العامة: الأكاديمية العربية تقدم كلية العلاج الطبيعي بفرع العلمين الجديدة    شوبير يكشف مفاجأة بشأن موعد عودة إمام عاشور لتدريبات الأهلي    تشييع جثمان والدة الفنانة هند صبري ودفنها بعد صلاة عصر غد بتونس    كابتن محمود الخطيب يحقق أمنية الراحل نبيل الحلفاوى ويشارك في مسلسل كتالوج    مباحثات لتعزيز علاقات التعاون المشتركة بين جامعة القاهرة وجامعة جيجيانغ الصينية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 17-7-2025 في محافظة قنا    وزير البترول يستقبل رئيس شركة مناجم النوبة العاملة فى مجال التنقيب وإنتاج الذهب    ارتفاع حصيلة ضحايا حريق مول «هايبر ماركت» في العراق ل63 حالة وفاة و40 إصابة (فيديو)    نائب وزير الصحة يعقد الاجتماع الثالث للمجلس الأعلى لشباب مقدمى خدمات الرعاية الصحية    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: بروتوكول تعاون مع الصحة لتفعيل مبادرة "الألف يوم الذهبية" للحد من الولادات القيصرية    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير (139) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    ما الفرق بين المتوكل والمتواكل؟.. محمود الهواري يجيب    التفاصيل والشروط.. إدارة المنح والقروض ب"الصحة" تعلن احتياجها لكوادر بشرية    كيف نواجه الضغوطات الحياتية؟.. أمين الفتوى يجيب    أكذوبة بعث القومية العربية في عهد ناصر    مبعوث أمريكا لسوريا يحث إسرائيل على الوقف الفوري لجميع الانتهاكات بسوريا    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة    الأهلي يكشف كواليس عرض الحزم السعودي لضم أحمد عبد القادر    لو لقيت حاجة فى الشارع اتصرف إزاى؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالرحمن الحصري يكتب : كمال النفسِ .. نقصانُ نقصانها !
نشر في المصري اليوم يوم 22 - 06 - 2011

لمصطلح "النفس" في القرآن الكريم هيبة ووقار ، ومكانة واعتبار .. إذ أن الله -عزوجل- ذكر هذا المصطلح في مواضع شتى متفرقة ومتعددة .. للدلالة على جوانب كثيرة من الطبيعة الإنسانية ..
وإذا كان القرآن قد قسَم الإنسان إلى أجزاء متراكبة ، متكاملة ومتداخلة أحيانا –من جسد وروح وعقل ونفس!- نفهم تكوين بعضها ، ونحار في فهم بعضها الآخر .. فقد كانت أوسع هذه الأجزاء دلالة هي "النفس" ، ذلك أن سياقاتها الكثيرة والمتنوعة ، نوعت معها دلالاتها ومعانيها ، وجعلتها تشمل أحيانا معها أجزاء أخرى كالروح ، والجسد ، والعقل !
فالنفس ارتبطت بكينونة –معنوية غالبا ومعنوية حسية ملموسة أحيانا- قادرة على التمييز بين الخير والشر ، والصواب والخطأ ، تُحاسب على ما تفعله وتُجازى عليه ، وبالتالي هي منبع الإدراك الاختيار والقرار –وهي في هذا تقترب من مفهوم العقل- ، يقول تعالى : "اليوم تُجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب" ..
وارتبطت كذلك بدلالات مشتركة مع الروح التي لا يعلم تفصيل أمرها إلا الله –عز وجل- ، يقول تعالى :"الله يتوفى الأنفس حين موتها ، والتي لم تمت في منامها" ، وهنا من أبواب الاختلاف كثير ، إذ يحتمل أن انقباض الروح أو وفاة النفس قائم بالحالين ، ويحتمل كذلك أن الروح لا تغادر إلا عند الموت فالنفس مساوية لها في النصف الأول من الآية ، بينما عند النوم فإن العقل هو الذي يغيب ، وبالتالي فإن النفس مساوية له هنا !
وفي الحالين الواردين في السياق الأخير ، وفي مجموع السياقين معا ، وما في السياقات الأخرى التي لا يستع المجال لذكرها دلالة على شمول مفهوم "النفس" ، واتساعه ليشمل المكون الحسي ، والشعوري ، والعقلي ، وربما ما وراء الإدراكي للإنسان ..
وإنما أردت بما سبق من تقديم –موجز وعابر- توضيح مدى تعقيد النفس البشرية ، وصعوبة اختزالها في رؤية ضيقة ، تمهيدا لخاطرة بسيطة تراودني منذ زمن حول درجات النفس البشرية كما وردت في القرآن ..
وكما سمعنا وقرأنا –معظمنا- أن للنفس في القرآن الكريم مراتب ثلاث هي من أدناها لأرقاها كما يلي :
أولا – الأمارة بالسوء ، يقول تعالى على لسان امرأة العزيز : "وما أبرئ نفسي ، إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي" ..
ثانيا – اللوامة ، يقول تعالى : "لا أقسم بيوم القيامة * ولا أقسم بالنفس اللوامة" ..
ثالثا – المطمئنة ، والتي ترجعُ إلى ربها راضية مرضية ، يقول تعالى : "يا أيتها النفس المطمئنة * ارجعي إلى ربك راضية مرضية" ..
وفي كثير مما قرأته ، أو ناقشته وجدت تصورا سائدا له منطقه وحجيته .. يقول بأن المراتب الثلاث منفصلة عن بعضها ، وأن ارتقاء النفس من مرتبة إلى مرتبة ، وسموها من درجة لدرجة ، يطهرها من المرتبة الأقل ، وينفي عنها الدرجة الأدنى بشكل كلي ..
ولكن يراودني دائما أن النفس –كل نفس- إنما تحمل الدرجات الثلاث بنسب متفاوتة ، وهذا يتضح أكثر مع السمو لا الدنو فكلما ارتقت فقد جمعت درجة أخرى أرقى تسود على الدرجة الأدنى بداخلها وتنتصر في تهذيبها ومقاومتها لكنها لا تقصيها ولا تنفيها نفيا كليا ..
فالنفس اللوامة ، إنما هي في حقيقة الأمر .. نفس تأمر بالسوء ، وتقاومه وتلومه .. أو تقصر عن الاطمئنان فتلوم تقصيرها وتقاومه ، وتسعى إليه ! ..
وما هي أدنى منها أي النفس الأمارة بالسوء فإنها تأمر بالسوء ، وتقصر عن الاطمئنان –دون أو تأنيب داخلي كافٍ للوم السوء فإيقافه أو إيجاد الاطمئنان في حينه- لكنه ليس منعدما تمام الانعدام بدليل أن امرأة العزيز في النهاية رضخت لزيادة هذا التأنيب ووصوله لمرحلة تسمى في الطب
"threshold"
وهي المرحلة الناتجة من تراكم المؤثر الضعيف ليصبح قادرا على التأثير .. ولذلك لامت نفسها ونراها قالت " الآن حصحص الحق ، أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين * ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين"
وكذلك الأمر فيما هو أعلى منها أي النفس المطمئنة ، فهي كذلك تأمر بالسوء ، وتلومه –سواء قبل حدوثه لمجرد التفكير فيه أو حين حدوثه- ، وهذا جزء من بشريتها أو إنسانيتها أو "نفسانيتها" ! ، لكن سواء هذا الأمر أو اللوم فإنهما عابران غير متكررين ولا مؤثرين على حالة اطمئنانها السائدة الغالبة ، لكنهما كذلك غير منعدمين انعداما تاما ، يؤكد لي ذلك حديث الرسول-ص- : "كل بني آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون" ! ، وكما أوردت في المقدمة أن النفس تحمل مسئولية الأخطاء –وإن قلت- والأمر بها ! وهي التي تلومها وتقاومها حين يصل التأنيب الداخلي لمرحلة التأثير ، ثم هي التي تطمئن كذلك حين يصل اللوم لمرحلة التأثير في عدم تكرار السوء ، والزيادة في الخير !
والإنصاف يقتضي الذكر أن من يرى أن النفس درجات مستقلات لا تداخل بينها له منطقه ، إذ يستدل بقول امرأة العزيز الوارد في سورة يوسف : "إن النفس لأمارة بالسوء ، إلا ما رحم ربي" ، وهذا الاستثناء يدل دلالة مباشرة على أن هناك من الأنفس أنفسا رحمها الله فاستثناها –وهي بالتالي أرقاها أي النفس المطمئنة- ! ، إلا أن ذلك يمكن الرد عليه بأن النفس المطمئنة ليست "أمارة بالسوء" بما للفظة من دلالة على تكرار الأمر وتأثيره ، وإنما هي وفق بشريتها "آمرة" أوامر عابرة هي الاستثناء لا الأصل ، وهي لا تصل غالبا لمرحلة التأثير وبذلك هي مستثناة وغير مستثناة !
وخلاصة خاطرتي أن كمال النفس ، نقصانُ نقصانِها ! ولوم أمرها بالسوء فيه زيادةُ حسنِها ، ولوم قصورها عن حسنها نبع اطمئنانِها !
اللهم هب لنا رقيا وسموا في نفوسنا يارب العالمين ، حتى ترضى فنرضى !
**
على الهامش .. أخاف من الكتابة عن القرآن ، ومن تسجيل خواطري حوله –على بساطتها- علها قد يكون فيها خطأ أو قصور ، أو علها تُفهم أنها آراء أهل علم فتؤخذ باعتبارها صحيحة الفهم والاستنتاج ، ألا وقد حسمت أمري وكتبت .. فليسامحني الله –عز وجل- إن كنت أخطأت أو قصرت ، وإنما هذا من باب حثه لنا على التدبر والتأمل ، إذ يقول : "أفلا يتدبرون القرآن ، أم على قلوبٍ أقفالُها !؟" ، وهو بذلك لم يجعل التدبر ومحاولة الفهم قاصرة على أهل الذكر والعلم ، كذلك فلتعذورني ولتأخذوا كلامي على أنه تدبر شخصي بحت ، ربما يثير أسئلة نحو مزيد من التدبر ، ولا يقدم علما أو إجابات .. اللهم اغفر لنا تقصيرنا ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.