البابا تواضروس يدشن كنيسة مارمينا فلمنج في الإسكندرية    أسعار الفراخ اليوم السبت 23-8-2025 فى أسواق محافظة المنوفية    الطماطم ب7 جنيهات والليمون ب15.. أسعار الخضراوات والفواكه بكفر الشيخ اليوم    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    توجيه حكومي جديد لبيع السلع بأسعار مخفضة    استشهاد 19 فلسطينيا إثر قصف إسرائيل خيام النازحين بخان يونس ومخيم المغازي    الأمم المتحدة: نصف مليون شخص بغزة محاصرون فى مجاعة    تفاصيل وأسباب تفتيش منزل مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق جون بولتون    وزارة الخارجية الروسية تكشف عدد المواطنين الروس المتبقين في غزة    أمريكا: مقتل خمسة ركاب جراء حادث تحطم حافلة سياحية في نيويورك    سوريا: هجوم انتحاري نفذه تنظيم داعش الإرهابي في دير الزور    ارتفاع مؤقت لهذه المدة.. "الأرصاد" تكشف تفاصيل حالة الطقس اليوم السبت    كان بيركب ميكروفون مسجد.. حزن على وفاة طالب طب صعقًا بالكهرباء في قنا    3 وفيات ومصاب في حادث تصادم مروّع على طريق أسيوط الزراعي    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر ربيع الأول اليوم    حسن الخاتمة.. وفاة معتمر أقصري أثناء أدائه مناسك الحج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    «100 يوم صحة» تقدم 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يومًا    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لمدينة الحوامدية (صور)    طلاب الثانوية العامة للدور الثاني يؤدون امتحان الأحياء والاحصاء والرياضيات    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    ثوانٍ فارقة أنقذت شابًا من دهس القطار.. وعامل مزلقان السادات يروي التفاصيل    هل يحق لمكتسبي الجنسية المصرية مباشرة الحقوق السياسية؟ القانون يجيب    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 23 أغسطس 2025    60 دقيقة تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 23 أغسطس 2025    مهاجر التيك توك «الأفغاني» يقدم نصائح لقتل الزوجات وتجنب العقوبة    القاهرة تسجل 40 مجددا والصعيد يعود إلى "الجحيم"، درجات الحرارة اليوم السبت في مصر    سيف الإسلام القذافي يعلن دعمه لتشكيل حكومة جديدة في ليبيا    إنقاذ حياة مريض بعمل شق حنجري بمستشفى الجامعي بالمنوفية    نقيب الفلاحين: تكلفة كيلو اللحم البلدي على الجزار 270 جنيها.. «لو باع ب 300 كسبان»    كأس السوبر السعودي.. هونج كونج ترغب في استضافة النسخة المقبلة    ملف يلا كورة.. خطة انتخابات الأهلي.. رسائل الزمالك.. واعتماد لجنة الحكام    الجرام يسجل أقل من 3900 جنيها.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الانخفاض الجديد    شريف حافظ: الحب هو المعنى في حد ذاته ولا يقبل التفسير... والنجاح مسؤولية يجب أن أكون مستعدًا لها    نوال الزغبي: ضحيت بالفن من أجل حماية أولادي بعد الطلاق    تنسيق دبلوم التجارة 2025.. قائمة الكليات والمعاهد المتاحة لطلاب 3 سنوات «رابط وموعد التسجيل»    «ميستحقوش يلعبوا في الزمالك».. إكرامي يفتح النار على ألفينا وشيكو بانزا    سهير جودة عن شيرين عبدالوهاب وحسام حبيب: «انفصال وعودة مزمنة.. متى تعود إلينا؟»    فيفي عبده تعلن وفاة الراقصة المعتزلة سهير مجدي    عميد تجارة القاهرة الأسبق: الجامعات الحكومية ما زالت الأفضل.. وهذه أسباب تفضيل البعض للخاصة    «الأستانلس أم التيفال»: هل نوع حلة الطبخ يغير طعم أكلك؟    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه بحماس    بعثة منتخب مصر للناشئين تؤدي مناسك العمرة عقب مواجهة السعودية    أطعمة تسبب الصداع النصفي لدى النساء ونصائح للسيطرة عليه    رسميا.. مدرسة صناعة الطائرات تعلن قوائم القبول للعام الدراسي الجديد 2025/ 2026    رسميا.. جامعة الأزهر 2025 تفتتح أول كلية للبنات في مطروح وتعلن عن تخصصات جديدة    التعليم تطلق دورات تدريبية لمعلمي الابتدائي على المناهج المطورة عبر منصة (CPD)    مدحت صالح يتألق بغناء حبيبى يا عاشق وزى المليونيرات بحفله فى مهرجان القلعة    محمود وفا حكما لمباراة الاتحاد والبنك الأهلى والسيد للإسماعيلى والطلائع    تشيلسي يقسو على وست هام بخماسية في الدوري الإنجليزي (فيديو)    مصدر ليلا كورة: كهربا وقع عقدا مع القادسية الكويتي    غزل المحلة يبدأ استعداداته لمواجهة الأهلي في الدوري.. صور    ارتفاع الكندوز 39 جنيها، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    استقالة وزير الخارجية الهولندي بسبب موقف بلاده من إسرائيل    حدث بالفن| أول تعليق من شيرين عبد الوهاب بعد أنباء عودتها ل حسام حبيب وفنان يرفض مصافحة معجبة ونجوم الفن في سهرة صيفية خاصة    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    هل يجوز شرعًا معاقبة تارك صلاة الجمعة بالسجن؟.. أحمد كريمة يجيب    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة من الدكتور محمود غزلان إلى «المصرى اليوم»
نشر في المصري اليوم يوم 18 - 06 - 2011

تلقى رئيس التحرير هذه الرسالة المطولة من الدكتور محمود غزلان، عضو مكتب الإرشاد فى جماعة الإخوان المسلمين، السبت، و«المصرى اليوم» تنشرها كاملة لإيمانها العميق بحرية الرأى والتعبير، ولحرصها الدائم على أن تظل صفحاتها مفتوحة ومتاحة لجميع الآراء والقوى السياسية، للتعبير عن مواقفها بحرية تامة، حتى لو كان ذلك هجوماً وتعريضاً بالجريدة دون الاستناد إلى تحليل المضمون العلمى أو التركيز على جانب وإغفال جوانب أخرى.
وتؤكد «المصرى اليوم» أن ما جاء فى الرسالة يعبر عن وجهة نظر الدكتور غزلان التى نحترمها ونقدرها، رغم اختلافنا معها، حيث تضمنت الرسالة وجهة نظر فى جانبين مختلفين، الجانب الأول يتعلق بالأخبار والتغطيات اليومية، وللجريدة الحق فى التعقيب عليها وتفنيدها، وهو ما سيحدث خلال الأيام المقبلة، حيث لم يتسن ذلك، أمس، نظراً لحرص الجريدة على سرعة نشر الرسالة حتى لا يستولى الغضب على الدكتور غزلان كالعادة، أما الجانب الآخر الذى تعرضت له الرسالة فيتعرض لمقالات الرأى فى الجريدة، وهى لكُتاب أجلاء يحظون باحترام القراء، ولطالما وقفوا إلى جانب الإخوان، ودافعوا عنهم، ومن المهم أن نوضح فى هذا الصدد أن الصحف المحترمة فى العالم كله لا تتدخل فى مقالات كُتاب الرأى حذفاً أو إضافة أو منعاً أو إملاء، فكل كاتب رأى فى الجريدة يعبر عن وجهة نظره الخاصة، ولا يجوز لنا، أو لأى صحيفة تحترم قارئها وكاتبها، أن تمنع نشر مقال لأى كاتب إلا إذا كان يخالف القانون.. فإذا كان كُتاب «المصرى اليوم» درة التاج للصحيفة وأغلى ما تملك فإن مساومتها عليهم غير مقبولة.. فإذا كانت للضغوط والمقاطعات والمساومات مساحة فى علاقة «المصرى اليوم» بكتاب الرأى لكانت تخلت عنهم تحت سطوة واستبداد النظام الحاكم السابق، وهو الذى تعرض لأعنف وأشرس الهجوم من كتاب الجريدة، فهل تفرض الصحيفة رقابة على كُتابها حتى لا يغضب مكتب إرشاد الإخوان المسلمين، وهى التى لم تخضع لضغوط نظام مبارك فى ذروة قوته وسطوته؟!
من حق الدكتور محمود غزلان أن يدافع عن قناعاته السياسية، ومن حقه أيضاً أن يقول «انتخابات مجلس الشعب أولاً»، ولكن ليس من حقه أن يتهم كتاب «المصرى اليوم»، وغيرهم من الكتاب المحترمين فى الصحف الأخرى، بمعاداة الشعب المصرى، لأنهم يرون مصلحة البلد فى وضع الدستور أولاً.. إن الرأى يقارع بالرأى الآخر، وليس بالانتقاص من الوطنية، كما أن من حق القوى السياسية الأخرى أن تختلف مع الإخوان مثلما اختلفت من قبل مع النظام السابق، ومن واجب «المصرى اليوم» أن تلقى الضوء على هذا الاختلاف بموضوعية، بحيث تبرز رأى الإخوان ورأى الأحزاب والائتلافات والقوى السياسية، لاسيما أن النقاش بينهم يتعلق بقضية مصيرية تهم 85 مليون مصرى يحلمون بمستقبل أفضل.. وربما يغضب «الإخوان» من احتضان الجريدة للرأى الآخر، فى حين أننا نفرد المساحات نفسها وربما أكثر لآراء الجماعة دون تمييز لطرف على حساب الآخر، ولا شك أن خيار المقاطعة الذى اختاره مكتب الإرشاد لا يعبر عن تغيير واضح فى عقل القيادات بعد الثورة، كما أن التجارب البشرية أثبتت أن المقاطعة هى الخيار السلبى دائماً، لأنها تولد من رحم الانغلاق والغضب.. وإذا كان العزيز الدكتور محمود غزلان استشهد بآيات من القرآن الكريم فإننا نذكره بالحديث الشريف عن الرسول صلى الله عليه وسلم: «ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وإنا يا دكتور غزلان لم ولن نغضب، وستظل قلوبنا، وعقولنا، وصدورنا مفتوحة للرأى الآخر مهما كان قاسياً.. لقد اختارت «المصرى اليوم» منهج الاستقلال ومبادئ الليبرالية ولن تحيد عنها أبداً.. وربما تعلم أن هذه التجربة الصحفية قامت على الروح الشابة، وهى سر النجاح.. لذا فمن واجبنا أن نكون أوسع صدراً من الكبار.. ولكم «الحكمة» ولنا «الحماس».. والثورة العظيمة صنعها حماس الشباب، بعد أن تجمدت مصر لعقود طويلة بين أصابع «الكبار».. ولك ولكل قيادات وأعضاء «الإخوان المسلمين» كل تحية وتقدير واحترام.. ولكم أيضاً مساحات مفتوحة على صفحات «المصرى اليوم» إن أردتم، دون منع أو حذف أو إملاءات.. تلك رسالتنا، وهذه عقيدتنا.. والسلام.
للكلمة تأثير خطير فى حياة الفرد والمجتمع، بل والعلاقة بين الدول، فهى يمكن أن توطد محبة وصداقة، ويمكن أن تثير ضغائن وأحقاداً، بل تؤجج نيران عداوات وحروب، وقديماً قالوا: الحرب أولها كلام.
لذلك فقد نبه الإسلام إلى هذه الخطورة وحضَّ الناس على الالتزام بالصدق وقول الحق والتكلم بالطيب والحسن من الكلام، فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ)، وقال سبحانه: (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً)، وقال عليه الصلاة والسلام «الكلمة الطيبة صدقة»، وحذر أشد التحذير من نقيض ذلك فقال سبحانه: (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، وقال (فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)، وقال- صلى الله عليه وسلم- «وهل يكب الناس فى النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم»، وقال «ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذاباً».
ولقد أدرك الصهاينة، أعداء البشرية، خطورة الكلام والإعلام وقدراته الفائقة على غسل العقول وصناعة المفاهيم والتصورات والتأثير فى الرأى العام؛ فسيطروا على غالبيته فى الغرب لنصرة باطلهم، وها نحن أولاء نعانى أشد المعاناة من هذا التغول الذى يرسم- للأسف الشديد- سياسات الغرب مجتمعة.
ولقد تعرضنا نحن- الإخوان المسلمين- لحملات إعلامية شرسة من النظام البائد تفترى علينا الأكاذيب، وتنسب لنا كل المصائب، لتمهد الرأى العام لتقبّل كل ما يفعله بنا من ظلم وبطش واضطهاد وسجن واعتقال ومصادرة، شارك فيها صحفيون وإعلاميون ومثقفون كبار وصغار، فى الوقت الذى كانت تُغلق فيه لنا أى صحيفة نستأجرها، وتُمنع لنا أى مقالة نكتبها، ونُحرَم من حق الدفاع عن النفس، حتى لم يعد لنا إلا الله نبثه شكوانا وأنيننا.
ثم ظهرت صحف مستقلة استبشرنا بها خيراً، وأملنا منها الانحياز للحق والحقيقة والصدق والعدل والحرية، وكانت على رأسها صحيفة «المصرى اليوم»، وأشهد أنها بدأت سنة 2005م إبان انتخابات مجلس الشعب باتخاذ موقف مهنى محايد، ونشرت الحقائق وما دار أثناء الانتخابات، ثم نشرت تقارير عدد من القضاة الذين أثبتوا التزوير فى لجانهم الانتخابية، وأظهرت العنف والقسوة اللذين استخدمتهما قوات الأمن ضد الناخبين، واللذين وصلا إلى حد القتل والإصابة بالعمى والعاهات المستديمة، ولقد جرَّ عليها ذلك هجوم كُتّاب السلطة، لكنها كانت قد استحوذت على ثقة القراء.
وفجأة وجدناها تتنكر لكل المبادئ الشريفة والقيم المهنية النبيلة وتقلب لها ظهر المجن، لا ندرى خضوعاً لضغوط الحكومة، أم تنفيذاً لسياسة ملاك الصحيفة - وهى معروفة - بعد أن نالوا ثقة القراء وإقبالهم، فوجدناها تناصب جماعة الإخوان المسلمين أشد العداء، وتهاجمها أعنف هجوم، وتحرّض عليها أعظم التحريض.
وفيما يلى بعض الأمثلة لاستحالة الحصر:
- انتهزتْ فرصة العرض الرياضى الذى قام به بعض طلاب كلية التربية الرياضية بجامعة الأزهر من الإخوان المسلمين، أثناء اعتصامهم احتجاجاً على فصل بعض الطلاب من كلياتهم، نتيجة لاعتراضهم على شطبهم من قوائم المرشحين لاتحاد الطلاب، وأسمت هذا العرض بأنه عرض ل«ميليشيات الإخوان»، وكلمة «ميليشيات» تعنى «المجموعات المسلحة»، والإخوان لا يستخدمون العنف وليس لديهم سلاح، وظلت الصحيفة تنفخ فى هذا الموضوع وتنشر الصور مرة بعد مرة، حتى انتهزت الحكومة الفرصة، وقامت باعتقال عشرات من قيادات الإخوان، وعلى رأسهم المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام، إضافة إلى هؤلاء الشباب، وما لبثت أن أفرجت عن الشباب الذى قام بالعرض الرياضى، وقدمت القيادات إلى المحاكمة العسكرية بتهم كثيرة منها إعداد ميليشيات عسكرية لقلب نظام الحكم، إضافة إلى قيام الحكومة بإغلاق الشركات ومصادرة أموال يمتلكها هؤلاء القادة بتهمة غسيل أموال.
ولم تكتفِ الصحيفة بذلك بل نشرت مذكرة التحريات التى أعدها ضابط أمن دولة بمفرده وعلى مكتبه، ونسب فيها إلى هؤلاء القيادات وآخرين يعيشون فى أوروبا والسعودية والخليج عقد لقاءات فى لندن وألمانيا والسعودية والكويت وماليزيا للتآمر ضد النظام، ونشرت هذه المذكرة على عدة أعداد من الصحيفة، الأمر الذى دفعنى لكتابة رسالة مفتوحة إلى الصحيفة موجهة إلى رئيس التحرير أعتب عليه نشر مثل هذه المذكرة؛ لأنها دائماً ما تكون ملفقة فى حق الإخوان المسلمين، وأضرب له أمثلة لتلفيقات مباحث أمن الدولة فى قضايا كثيرة، لكن السيد رئيس التحرير أبى أن ينشر رسالتى بعد أن وعد بذلك، وعندما راجع الأستاذ على عبدالفتاح- مسؤول العلاقات العامة لدى مكتب الإرشاد- الأستاذ المسؤول عن صفحة الرأى فى الصحيفة لعدم نشر الرسالة، رد عليه الأخير بقوله: «لن ننشرها»، وعندما سأله الأستاذ على: لماذا؟ قال: «لن ننشر شيئاً للإخوان»، وعندما سأله: لماذا؟ قال: «سياسة جريدة».
وكان من نتيجة هذه الحملة الجائرة أن حُكم على عددٍ من الإخوان بالخارج بالسجن لمدة عشرة أعوام، وعلى المهندس خيرت الشاطر والأستاذ حسن مالك بالسجن سبعة أعوام، وعلى باقى قيادات الإخوان بالسجن من ثلاثة إلى خمسة أعوام.
- ومرت الأيام وعلق فضيلة الشيخ الدكتور القرضاوى على أمر تنظيمى داخل جماعة الإخوان المسلمين، واختلفت معه فى موقفه، وكتبت رسالة مفتوحة صدرتها بقولى بعد السلام عليه: «فضيلة الشيخ العلامة الدكتور يوسف القرضاوى: ما كنت أتصور أن يأتى اليوم الذى يرد فيه مثلى على مثلك، وأنا أعتبر نفسى من تلاميذك الذين نهلوا من فيض علمك، ودرسوا كثيراً من كتبك، وتأثروا بمنهجك ومذهبك، ولا أحسب أحداً من الإسلاميين فى هذا الزمان إلا ويقر بفضلك ويقدر جهدك واجتهادك وفكرك وفقهك..».
- ونشرتها فى موقع «إسلام أون لاين»، وإذا بصحيفة «المصرى اليوم» التى تقاطع كتاباتى تأخذها دون إذنى وتنشرها، لا لشىء إلا لتضع لها عناوين مثيرة تبغى الوقيعة وتثير الحقد بين النفوس، فكان العنوان الرئيسى «غزلان يهاجم القرضاوى» ثم عناوين أخرى تُنسَج على نفس المنوال؛ ولكن الشيخ- شفاه الله وعافاه- خيّب أملهم؛ فقد كتب مقالاً كتب فيه بالحرف الواحد: «خامساً: الإخوان الذين علقوا على تصريحى بأدب وحسن خلق أمثال الدكتور محمود غزلان الذى أعرفه منذ زمن، والدكتور أحمد عبدالعاطى الذى لم أسعد بمعرفته أشكر لهما حسن أدبهما وذوقهما، وإن كنت أختلف معهما فى تفسير موقفى..».
وختم مقاله بقوله: «اللهم إن كنت أحسنت فتقبل منى، وإن كنت أسأت فاغفر لى، ومن ظن من إخوانى وأبنائى أنى أسأت إليه أو قسوت عليه، فأنا أعتذر إليه، وما قصدت سوءاً بأحد (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِى إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)، ولقد اتصلت به تليفونيًّا، وأثنيت على خلقه وتواضعه اللذين يليقان بالعلماء، ووُئدتْ فتنة «المصرى اليوم».
- وفى يوم واحد قرأنا لكاتب فى صحيفة «المصرى اليوم» يطالب بالنص فى الدستور على حظر جماعة الإخوان المسلمين لمدة عشر أو عشرين سنة، وقرأنا أيضاً فى نفس الصحيفة خبراً عن حزب مغمور يطالب بإسقاط الجنسية المصرية عنا.. وسكتنا وصبرنا.
- وفى يوم آخر شنَّت الحكومة حملة اعتقالات على مجموعة جديدة من قيادات الإخوان، وسمَّت القضية قضية «التنظيم الدولى»، وأضافت إليها مجموعة من الإخوان الذين يعيشون فى الخارج، وفوجئنا للمرة الثانية بنشر مذكرة المعلومات التى أعدَّها ضابط أمن الدولة على صفحات الجريدة، الأمر الذى أثار تساؤلات الناس عن المصدر الذى يحصلون منه على هذه المذكرات، ولمصلحة من ينشرونها ويشاركون فى حملات الإفك والتشويه ضد الإخوان.
- ونشرت إحدى المؤسسات التى ينتمى إليها أحد المتهمين فى هذه القضية إعلاناً مدفوع الأجر ينفى عنه التهم المنسوبة إليه، فعرض رئيس التحرير استعداده لنشر دفاعه عن نفسه مجاناً، فانتهزت الفرصة، وأرسلت إليه المقالة التى سبق لهم عدم نشرها، لأنها كانت لاتزال مناسبة لاتحاد الظروف، فاضطر لنشرها هذه المرة بعد حذف مقدمتها التى تتحدث عن سبق رفضه لنشرها.
- ثم قامت الثورة الشعبية المباركة، وظننا أن ضغوط الحكومة والأمن قد زالت، وتوقعنا اعتدالاً وحياداً ومهنية فى أداء الصحيفة، إلا أننا فوجئنا باستمرار سياسة الهجوم والتجريح للإخوان، فقد كان للإخوان رأيهم فى تأييد التعديلات الدستورية، وكان للصحيفة وآخرين رأيهم فى رفض هذه التعديلات، وظلت تدعو لرأيها وعقدت مؤتمراً كبيراً ثم نشرت ما دار فيه- وهذا حقهم- وظهرت نتيجة الاستفتاء على التعديلات بموافقة أغلبية الشعب عليها، الأمر الذى أثار حفيظة الرافضين لها، فراحوا يهاجمون الإخوان بلا هوادة، وينسبون إليهم ما هم منه براء ويحاولون الالتفاف على نتائج الاستفتاء بشتى الحجج، والتعليلات، وكان الأولى بهم أن يحترموا إرادة الشعب وينزلوا على اختياره، فذلك مقتضى الديمقراطية والحرية، ولكنهم بدلاً من ذلك سمحوا لبعض كتابهم بأن يسخروا من الشعب، متهمين إياه بأنه «لا يعرف الفرق بين الدستور وقرص الطعمية»، ونقل عن آخر قوله: إن الدستور يجب أن تضعه لجنة ليست منتخبة من الشعب، «لأن الشعب يجهل أولوياته وتحكمه العصبيات». وذكر كاتب آخر فى محاولة للتفلت من نتيجة الاستفتاء «أن الأغلبية ليست دائماً على حق»، ولا ندرى لماذا تتم الانتخابات والاستفتاءات، هل لنهدر نتيجتها؟ وهل هذا قول من يحترم شعبه؟
- وتحدث الدكتور محمود عزت فى مؤتمر شعبى فى إمبابة، وتعرض للإجابة عن سؤال عن الحدود فى الإسلام، فإذا بصحفى «المصرى اليوم» يحرف الكلم ويشوه الحديث إما بسوء فهم أو بسوء قصد، ولكنه أساء بشدة إلى المتحدث وإلى الإخوان المسلمين، فهمَّ الدكتور عزت برفع دعوى ضد الجريدة والصحفى، فخرج السيد رئيس التحرير فى إحدى القنوات الفضائية ليؤكد احترامه للدكتور عزت واستعداده لنشر توضيح منه- إذا أراد- على مساحة صفحتين من الصحيفة، وطلب منى الدكتور محمود عزت أن أكتب توضيحاً ففعلت، وكتب إليه الدكتور محمود خطاباً يرجوه نشر التوضيح وفاءً بوعده على القناة الفضائية، ثم أرسل إليه الخطاب والتوضيح، ومر حتى الآن ما يزيد على شهر ولم ينشره، وكان هذا محكاً جديداً لمصداقيته.
- ولا أدرى حتى الآن من هو الصحفى الذى اختلق قصة إصدار المحكمة الدستورية العليا حكماً بتاريخ 17/12/94، وزعم أن هذا الحكم رقم 13 لسنة 15 قضائية، وأن هذا الحكم يتعارض مع نص المادة 60 من الإعلان الدستورى الجديد الذى يتضمن اختيار الجمعية التأسيسية بمعرفة مجلسى الشعب والشورى بعد انتخابهما لإعداد مشروع الدستور الجديد، وهو ما سوف يؤدى إلى إهداره، ولحبك القصة ذكر الصحفى أن مذكرة رُفعت للمجلس الأعلى للقوات المسلحة بهذا الشأن.
- وتلقف عدد من العلمانيين هذا الخبر المكذوب وراحوا ينشرونه فى كل المجالس والفضائيات، بل إن أحد الدكاترة الباحثين والذى يوصف بالخبير فى الحركات الإسلامية، وهو الدكتور عمار على حسن لايزال يذكره بعد إضافة بعض الإضافات إليه، ففى «المصرى اليوم» يوم الثلاثاء 14/6/2011 ص17 كتب يقول: «فى ضوء وجود حيثيات حكم للمحكمة الدستورية تعود إلى عام 1994 أرست مبدأ مفاده أنه لا يجوز لأى من السلطات (التنفيذية، التشريعية، القضائية) أن تضع الدستور لأن الأخير هو الذى يحدد اختصاصات وصلاحيات ونفوذ هذه السلطات الثلاث وليس العكس».
والمذهل أن يصدر هذا الكلام عن الدكتور عمار بعد أن نشرت «المصرى اليوم» رداً من المحكمة الدستورية العليا يقول فيه المستشار ماهر سامى، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا: «لم يسبق أن أقرت المحكمة الدستورية فى أى من أحكامها التى صدرت على مدى أكثر من 40 عاماً حكماً يتصل بتحديد الجهة التأسيسية التى تضع الدستور»، موضحاً «أن الحكم الذى أشار إليه التقرير- أى الحكم رقم 13 لسنة 15 قضائية والصادر فى 17/12/1994- كان بمثابة دعوى أقيمت طعناً على نص تشريعى فى قانون إنشاء بنك فيصل الإسلامى يتصل بقواعد التحكيم فى المسائل المدنية والتجارية»، وأشار نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا إلى أنه ليس هناك ارتباط بين هذا الحكم بمنطوقه وأسبابه، وإعداد دستور جديد للبلاد.
وهذا يعنى أن الرغبة فى الانتصار للرأى لدى هؤلاء القوم تدفعهم للإطاحة بكل المبادئ والقيم المهنية والقوانين والقواعد الأخلاقية أيضاً.
وهكذا يتضح أن هذه الصحيفة بدأت معتدلة ثم دخلت فى منافسة شديدة مع الصحف الحكومية قبل الثورة فى محاولة الاغتيال المعنوى والتحريض على الإيذاء المادى للإخوان المسلمين، والآن وبعد الثورة اعتدلت الصحف الحكومية إلى حد كبير، وانطلقت «المصرى اليوم» فى نفس طريق العداوة والتشويه للإخوان، ونحن نقول لهم ولأمثالهم، اكرهونا كيفما شئتم، اكرهونا من كل قلوبكم، ولكن لا تظلمونا ولا تفتروا علينا، فالله يقول للمؤمنين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً).
وعندما قرر الإخوان عدم المشاركة فى مظاهرة يوم الجمعة 27/5/2011 سلخت الجريدة وكتابها جلود الإخوان المسلمين ورموهم بكل نقيصة، وصوروا الأمر على أنه حرب بين الإخوان والمشاركين فى المظاهرة، فكان عنوان الصحيفة يوم 28/5/2011 (من مليونية التحرير للإخوان: النصر بِمَن حضر)، والأمر لا يعدو فى حقيقته أن يكون خلافاً فى الرأى السياسى وفى تقدير المصلحة العامة.
- ولا يكاد يمر يوم إلا والعناوين الرئيسية للصحيفة وفى الصفحة الأولى غالباً ما تهاجم الإخوان، أو تعرض بهم، أو تسقط إسقاطات سيئة عليهم، منها ما جاء فى عدد الثلاثاء 14/6/2011 فى العنوان الرئيسى: (مفاجآت قضية التجسس: الضابط الإسرائيلى اتصل بقيادات الإخوان والتقى السلفيين قبل الفتنة).
فإذا قرأنا تفاصيل الخبر نجد فيه: (وأن جهاز الموساد كلفه بجمع معلومات عن جماعة الإخوان المسلمين والأقباط والمجلس الأعلى للقوات المسلحة وشباب الثورة، وأكدت أن المتهم التقى عدداً من الصحفيين والمثقفين بمقاهى وسط القاهرة).
وواضح الاختلاف بين تفاصيل الخبر وعنوانه الذى يصل إلى حد التزوير، والرغبة الواضحة فى الإسقاط السيئ، وتشويه صورة الجماعة، ويعضد هذا الكلام أننا لو استعرضنا جميع الصحف التى تعرَّضت لهذا الموضوع لا نجد ذكراً على الإطلاق لهذه الاتصالات المزعومة بين الجاسوس وقيادات الإخوان.
هذا غيض من فيض، ولقد مددنا حبال الصبر طويلاً حتى بلغ السيل الزبى، وآن الأوان لوقفة مع هذه الصحيفة إما أن تعتدل وتحترم مبادئ الأخلاق وأمانة الكلمة وقواعد المهنة، وأعراض الناس ومصلحة الوطن فى هجر إثارة الشقاق بين فصائله وجماعاته، وإما أن نقول لهم: (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً).
وهنا تجب مقاطعتها شراءً وإدلاءً بأى تصريح، أو حديث لها من أى أخ إراحة لأنفسنا، وانطلاقاً فى أعمالنا، فليس لدينا وقت وجهد نضيعه معهم فى مراء وجدال، ولا تسمح لنا مبادئنا وأخلاقنا بأن نرد عليهم بطريقتهم، ولكن يجب أن نتمثل قوله تعالى (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِى...).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.