الكلام كثير هذه الأيام، عن ضرورة توبة أعضاء الحزب الوطنى.. كما هو بلا حدود عن «دستور أولاً.. أم انتخابات برلمانية؟».. الدكتور محمد البرادعى قال إنه يقبل توبة التائبين من الحزب الوطنى.. والبعض قال لابد من التوبة والاستغفار، وحرق كارنيه الحزب، فى ميدان عام.. ويفضل أن يكون فى ميدان التحرير، الذى افتروا عليه، وعلى ثواره، بادعاء تلقيهم أموالاً ووجبات كنتاكى! هناك معنى من محاولات البعض استتابة قيادات الحزب الوطنى، هو ألا نقع فى فخ الاستبعاد أو الإقصاء، الذى وقع فيه النظام الفاسد.. وهناك احتمال آخر، وهو أن يعرف التائبون حجم الذنب وحجم الجريمة، التى وقعوا فيها.. وأن العودة ليست سهلة، بالطريقة التى يظنونها.. وهناك إحساس بأن البعض كان مقهوراً فى اختياراته، ولو كان من أعضاء الحزب الوطنى المنحل! والآن نحن أمام سؤال مهم وهو: هل ما تردد عن العزل السياسى، يستهدف فقط أعضاء الحزب الوطنى، أم كل رجال مبارك؟.. أعنى هل الذين يحملون الكارنيه فقط هم المستهدفون؟.. فما هو قولكم بشأن عمر سليمان مثلاً؟.. وما هو رأيكم فى أحمد شفيق؟.. أتحدث عن أمثلة، وليس عن أشخاص بعينها.. بمعنى هل كل الذين عملوا مع مبارك يستحقون العزل، جزاء بما كسبوا نكالاً؟! لو صح أن الهدف، عزل كل رجال مبارك.. ما ترك الثوار على ظهرها من دابة.. لا سياسيين ولا اقتصاديين، ولا علماء ولا فنانين.. إلا من رحم ربى.. حتى شيوخ السلطان، وكهنة السلطان، وشعراء البلاط.. هناك خلق كثير كانوا من أتباع مبارك، ولا يحملون عضوية الحزب، ولم يكونوا فى لجنة سياسات جمال مبارك، ولا فى تنظيم أحمد عز.. لا التنظيم السياسى، ولا عز الدخيلة أيضاً! الشيخ خالد الجندى واحد من الذين أعلنوا التوبة.. والذين طالبوا شباب الثورة بالعفو والمغفرة، عما بدر منه من إساءات لهم.. وتساءل قائلاً: «الله يغفر ويعفو ويقبل التوبة.. فهل سترفضون أنتم مسامحتى، عما بدر منى تجاهكم؟».. وخاطبهم قائلاً: «يا شباب التحرير إلى متى ستعايروننى بما فعلت.. هل ستقولون إنى من المتحولين؟.. نعم أنا من المتحولين.. فإلى متى تعايروننى»! وبالفعل هناك اتجاه الآن لقبول التوبة.. كما أن هناك اتجاهاً أكبر للعزل السياسى.. اشترط البرادعى «التوبة والاستغفار» لقبول فلول الوطنى فى العمل السياسى.. وقال إن هناك عناصر بالحزب الوطنى - ضمن نوعين - يمكن قبولهم بعد «الاستغفار وقبول توبتهم»، رافضا مشاركة رموز الفساد.. وهو يعنى التجاوز عن اللمم.. فى الوقت نفسه، لا تصالح فى كبائر! المصالحة واجبة من أجل مصر أولاً.. شعارها نتصالح ولا نستبعد أحداً.. لكنها ليست مصالحة مع رموز أفسدوا مصر سياسيا واقتصاديا، ولابد من إقصائهم لسنوات.. نأتى للسؤال: هل تتضمن دعوة البرادعى للمصالحة أسماء مثل عمر سليمان وأحمد شفيق.. أم أن هذين الاسمين تحديداً لا توبة لهما؟.. لأنهما من أقرب رجال مبارك إليه.. أم نتصالح «والله الموفق والمستعان»؟! أخيراً، هل العزل المقصود هدفه عقوبة رموز الحزب المنحل؟.. أم هدفه إخلاء الساحة لمرشحى الرئاسة؟.. أم الهدف إقصاء الحاصلين على كارنيهات عضوية؟.. فماذا نفعل فى الذين ليست لهم عضويات رسمية، مثل عمر سليمان؟.. هل يحق له خوض انتخابات الرئاسة؟.. أم أنه ذهب مع مبارك ليلة التنحى؟!