تنسيق الثانوية العامة 2025 ..شروط التنسيق الداخلي لكلية الآداب جامعة عين شمس    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر و10 أيام عطلة للموظفين في أغسطس    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 1 أغسطس 2025    5 أجهزة كهربائية تتسبب في زيادة استهلاك الكهرباء خلال الصيف.. تعرف عليها    أمازون تسجل نتائج قوية في الربع الثاني وتتوقع مبيعات متواصلة رغم الرسوم    إس إن أوتوموتيف تستحوذ على 3 وكالات للسيارات الصينية في مصر    حظر الأسلحة وتدابير إضافية.. الحكومة السلوفينية تصفع إسرائيل بقرارات نارية (تفاصيل)    ترامب: لا أرى نتائج في غزة.. وما يحدث مفجع وعار    الاتحاد الأوروبى يتوقع "التزامات جمركية" من الولايات المتحدة اليوم الجمعة    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. مستندات المؤامرة.. الإخوان حصلوا على تصريح من دولة الاحتلال للتظاهر ضد مصر.. ومشرعون ديمقراطيون: شركات أمنية أمريكية متورطة فى قتل أهل غزة    مجلس أمناء الحوار الوطنى: "إخوان تل أبيب" متحالفون مع الاحتلال    حماس تدعو لتصعيد الحراك العالمي ضد إبادة وتجويع غزة    كتائب القسام: تدمير دبابة ميركافا لجيش الاحتلال شمال جباليا    عرضان يهددان نجم الأهلي بالرحيل.. إعلامي يكشف التفاصيل    لوهافر عن التعاقد مع نجم الأهلي: «نعاني من أزمة مالية»    محمد إسماعيل يتألق والجزيرى يسجل.. كواليس ودية الزمالك وغزل المحلة    النصر يطير إلى البرتغال بقيادة رونالدو وفيليكس    الدوري الإسباني يرفض تأجيل مباراة ريال مدريد أوساسونا    المصري يفوز على هلال الرياضي التونسي وديًا    انخفاض درجات الحرارة ورياح.. بيان هام من الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة    عملت في منزل عصام الحضري.. 14 معلومة عن البلوجر «أم مكة» بعد القبض عليها    بعد التصالح وسداد المبالغ المالية.. إخلاء سبيل المتهمين في قضية فساد وزارة التموين    حبس المتهم بطعن زوجته داخل المحكمة بسبب قضية خلع في الإسكندرية    ضياء رشوان: إسرائيل ترتكب جرائم حرب والمتظاهرون ضد مصر جزء من مخطط خبيث    عمرو مهدي: أحببت تجسيد شخصية ألب أرسلان رغم كونها ضيف شرف فى "الحشاشين"    عضو اللجنة العليا بالمهرجان القومي للمسرح يهاجم محيي إسماعيل: احترمناك فأسأت    محيي إسماعيل: تكريم المهرجان القومي للمسرح معجبنيش.. لازم أخذ فلوس وجائزة تشبه الأوسكار    مي فاروق تطرح "أنا اللي مشيت" على "يوتيوب" (فيديو)    تكريم أوائل الشهادات العامة والأزهرية والفنية في بني سويف تقديرا لتفوقهم    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    الزمالك يهزم غزل المحلة 2-1 استعدادًا لانطلاقة بطولة الدوري    اصطدام قطار برصيف محطة السنطة وتوقف حركة القطارات    موندو ديبورتيفو: نيكولاس جاكسون مرشح للانتقال إلى برشلونة    مجلس الشيوخ 2025.. "الوطنية للانتخابات": الاقتراع في دول النزاعات كالسودان سيبدأ من التاسعة صباحا وحتى السادسة مساء    «إيجاس» توقع مع «إيني» و«بي بي» اتفاقية حفر بئر استكشافي بالبحر المتوسط    مجلس الوزراء : السندات المصرية فى الأسواق الدولية تحقق أداء جيدا    فتح باب التقدم للوظائف الإشرافية بتعليم المنيا    رئيس جامعة بنها يصدر عددًا من القرارات والتكليفات الجديدة    أحمد كريمة يحسم الجدل: "القايمة" ليست حرامًا.. والخطأ في تحويلها إلى سجن للزوج    فوائد شرب القرفة قبل النوم.. عادات بسيطة لصحة أفضل    متى يتناول الرضيع شوربة الخضار؟    تكريم ذوي الهمم بالصلعا في سوهاج.. مصحف ناطق و3 رحلات عمرة (صور)    حركة فتح ل"إكسترا نيوز": ندرك دور مصر المركزى فى المنطقة وليس فقط تجاه القضية الفلسطينية    أمين الفتوى يوضح أسباب إهمال الطفل للصلاة وسبل العلاج    الداخلية: مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة خلال مداهمة أمنية بالطالبية    الإفتاء توضح كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير الخارجية الفرنسي: منظومة مساعدات مؤسسة غزة الإنسانية مخزية    ممر شرفى لوداع لوكيل وزارة الصحة بالشرقية السابق    رئيس جامعة بنها يشهد المؤتمر الطلابي الثالث لكلية الطب البشرى    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دعوة إلى وقفة مع النفس
نشر في المصري اليوم يوم 04 - 06 - 2011

هوجمت فى إحدى المرات من سيدة اتهمتنى بأننى أصبحت متخصصة فى الدفاع عن حكام مصر، وقالت متهكمة «الظاهر إنك هاتتخصصى فى هذا الموضوع المُخجل»!!..
طبعاً هى اعتمدت على أننى كتبت مسلسلاً عن الملك فاروق، والآن أكتب دائماً برفضى للإهانة والسباب والتلويث لرجل مصرى محارب كان على قمة الدولة المصرية ثلاثين عاماً.. وكان يمثل شعب مصر بين حكام العالم، وكان رمزاً للأمة المصرية.. وإن كان لابد من المحاكمة فلابد أن تكون بأدب وعدم التجاوز خاصة والقانون المدنى المصرى يقول إن المتهم برىء حتى تثبت إدانته..
وأيضاً طالما اختار الثوار وأولو الأمر المحاكمة القضائية فلابد أن تتم فى حدود القانون واحترام الحقوق التى يكفلها هذا القانون لكل متهم حتى لو كان «سفاح كرموز» أو «خُط الصعيد»، ثم توقفت عند هذه الجملة وتساءلت: وهل من المفترض والأكيد والمسلم به أن يكون ملوك وحكام مصر دائماً أبداً متهمين بكل ما هو مشين؟
ومن وضع هذه القاعدة؟ ومن جعل من هذا الأمر شيئاً معتاداً ومألوفاً؟ ولماذا منذ مئات السنين يتحول الحاكم «بعد أن يسقط طبعاً» إلى فاسد وفاسق وسفاح ولص وخائن؟
هذا المبدأ الغريب هو الذى جعلنى متهمة بالدفاع عن الحكام المصريين، وكلما حدثنى أحد الأصدقاء أو الأقارب حذرنى قائلاً: خدى بالك إنت كده بتدلقى الكلام وهايقولوا عليكى بتدافعى عن مبارك وعن النظام السابق.. حرّصى وحياة والدك شوية.. فأقول: أنا ظللت أهاجم النظام منذ أحد عشر عاماً ولكنى أترفع عن «مهاجمة» شيخ كان رئيساً وأصبح غير قادر على مجرد الدفاع عن نفسه، فهذا شىء أتقزز منه والنظام الذى سقط ليس شخص مبارك، وحتى إذا كان فأنا أرفض الصفعات من الذين كانوا يقبّلون الأيادى، وأرفض جداً الفوضى وعدم احترام القانون الذى طالما عانينا من ضعفه.. وأرفض جداً جداً أن يزايد أحد على وطنيتى.. وبعد كل نقاش حاد وعنيف أعود لأجد أن هذه العبارة تتردد فى أذنى بإلحاح «الدفاع عن حكام مصر».
عدت سريعاً لكتابى «كلوت بك» و«المصريين المحدثين» لأراجع ما كتبه الاثنان، الطبيب الفرنسى الذى أنشأ الطب فى مصر و«إدوارد لين» المستشرق الذى عاش فى مصر وأحبها، والاثنان عاصرا مصر أيام محمد على.. وتحدثا عن سمات الشخصية المصرية.
يؤكد الاثنان أن الشعب المصرى شعب عقائدى حتى النخاع مؤمن شديد الإيمان، لديه اعتزاز دينى شديد، وتفاخر بالتقوى والورع حتى لو كان بالكذب.. شعب مرح.. سريع البديهة دائم الفكاهة قوى الذاكرة صبور فى المصائب جداً، مؤمن بالقضاء والقدر، دائم الحمد والشكر وترديد كلمة «الله»، لا ينهى جملة بدون «إن شاء الله» ولا ينهى عملاً دون قول «الحمد لله» حتى تناول الطعام.. دائم البر والإحسان والتصدق والزكاة، والمصريون لديهم روح التعاطف والمودة والاحترام للغرباء حتى وإن تحاشوا عاداتهم وتقاليدهم، وأيضاً الفضول الشديد تجاههم وإذا حدث ما يعكر الصفو فهم يتكاتفون ضد الغرباء حتى لو كانوا على حق.. حسن الضيافة والكرم الشديد.. احترام الخبز احتراماً مبالغاً فيه إلى درجة التقبيل والوضع على العينين والحلفان على الخبز..
وأبرز سمات المصريين هى «عاطفة البنوة» واحترام الكبير بشكل عام، سواء كان أباً أو خالاً أو عماً أو معلماً أو حتى عابر سبيل، والشباب دائماً ما ينتفض واقفاً عند مرور رجل متقدم فى العمر.. والنداء بالأب والوالد والعم وكذلك الأم طبعاً والمصرى يحب الكسل أكثر من العمل والشقاء وبذل الجهد، والعند صفة أساسية، فالمصرى يرفض دفع الضرائب إلا بعد الضرب والجلد حتى إنهم يتفاخرون بعدد الجلدات ومن يدفع دون جلد بالكرباج يكون محلاً للاحتقار والخزى من الآخرين.. هم أجناد بواسل شجعان لا يتراجعون.
وهم أيضاً هجاؤون دوماً، وساخرون دوماً من حكامهم.. يسبونهم فى أغانيهم ويسخرون من القوانين الحكومية ويدعون من قلوبهم على الحكام أن يعانوا من القوانين والضرائب مثلهم، وأن يصيبهم الطاعون حتى يتخلصوا منهم.
وعندما نقرأ هذه الصفات الأخيرة نتوقع أنها بسبب الحكام الأجانب والعسكر الأتراك والألبان والأكراد الذين كانوا موجودين فى توقيت كتابة هذه الكتب، ولكن عندما نسرد الحكام والشعب المصرى وعلاقتهم نجد أن التنكر للحكام المصريين الخالصين كان أشد وأقسى، بعد خروج الفرنسيين وتولى محمد على الحكم، كانت الفوضى مازالت شديدة فصرخ المصريون فى العسكر قائلين (إن أيام المحتلين الفرنسيس كانت أفضل، على الأقل كانوا يعطوننا ثمن البضائع)..
وعند خروج الخديو إسماعيل من مصر منفياً وقف المصريون يلوحون له وهم يبكون، وعندما عاد فى صندوق ساروا فى جنازته بالآلاف يودعونه بالدموع ولكن عندما أعلن السلطان أن «عرابى» عاص على السلطة انفضوا من حوله بسرعة لأن عصيان السلطان من وجهة نظرهم كان كفراً، وبعد عودته من المنفى شيخاً هرماً اتهموه بالخيانة وكانوا يسبونه فى الشارع إذا رأوه.. وبعد أن خلع الإنجليز الخديو «عباس حلمى الثانى» وهو فى الأستانة انتظر المصريون رجوع أفندينا وسار الأطفال فى الشوارع يغنون (الله حى.. عباس جاى).. وجنازة الملك فؤاد رغم كره المصريين له لأنه كان عدواً لسعد زغلول حبيب الشعب والأمة - كانت جنازة مهيبة ومنظمة جداً وحاشدة جداً.. ثم بعد سقوط فاروق ورحيله بدأ الجهاد الأعظم.
تم سب وتلويث سمعة كل العائلة المالكة من رجال ونساء وأميرات صغيرات وكبيرات.. حتى بنات فاروق الصغيرات المقيمات معه فى إيطاليا نشرت عنهن فضائح أخلاقية مخزية ومسفة.. أما زعيم الأمة طاهر القلب واليد فقد كُتبت له الكتب واتهم بالعمالة للإنجليز والسرقة والرشوة والعمالة للملك، وزوجته «زينب الوكيل» اتهمت بكل شىء وحوكمت وشنعوا عليها بقصص وحواديت مريضة وغاية فى الحقارة وقلة الأدب.. وهتف الشعب ل«نجيب» وعندما حاول الضباط الأحرار إقصاءه فى مارس 1954 ثار الشعب فتمهلوا قليلاً حتى أقصوه بحرفنة واعتقل فى منزل زينب الوكيل بالمرج لمدة سبعة عشر عاماً بعد أن نهبوا كل أثاث المنزل وتركوا له سريراً متهالكاً ومنضدة قديمة ووابور جاز وتمثالاً نصفياً لسعد زغلول.. هذا طبعاً غير الإهانة والبهدلة التى وصلت إلى درجة الضرب بالأيدى والأرجل.. وسكت الشعب، وبعد قليل هتف: ناصر.. ناصر. وما أعرفش مين اخترع أيامها «بالروح والدم» وأصبح نجيب خائناً كان يود أن يقلب نظام الحكم ويقود ثورة مضادة مع الإخوان ضد ثورتنا المصرية..
وعاد الشعب يهمس فى السر «ولا يوم من أيام الملك».. «دى أيام الإنجليز كانت أحسن من الأيام دى ميت مرة» وانهزمنا هزيمة مرة ومات عبدالناصر وسار الشعب يهتف فى الجنازة «الوداع يا جمال يا حبيب الملايين»، وتولى السادات وبدأ السباب فى عبدالناصر.. وأقول السباب ليس تقييم فترة حكمه بما لها وما عليها..
قالوا: ليس هو عبدالناصر لقد استبدله اليهود فى حصار الفالوجة بآخر يهودى.. وقالوا إنه على علاقة بواحدة يهودية.. بل تصاعد المزاد حتى قالوا إن أمه يهودية.. ثم قالوا إنه شيوعى.. لأ.. عميل أمريكانى.. شرس وقاتل وكان يذيب المعارضين فى أحواض الأحماض والجير الحى.. وهتفنا للسادات بعد قليل ثم بعد شهور قلنا «يوووه.. ولا يوم من أيام عبدالناصر»، حتى بعد أن كشفت مؤامرة قلب نظام الحكم المسماة «مراكز القوى» وهدم سجن أبوزعبل ومنع التسجيلات الأمنية..
وحاربنا فى أكتوبر وانتصرنا وبدأت اتفاقية السلام ورفضناها ثم هتفنا له ووقفنا على الصفين فى صلاح سالم نغنى ونصفق، وبالروح والدم، ومات السادات وبدأ سلو بلدنا وقيل من لم يسرق ويغتن أيام السادات لن يثرى فى حياته، وقيل الخائن باع سيناء لليهود وقيل عن جيهان السادات إنها كانت تحكم مصر وإن الوزراء كانوا يعملون لديها، وقيل قلة أدب برضه على الماشى، وجاء مبارك وشوية وهتفنا بالروح والدم ثم ولا يوم من أيام السادات ده كان زعيم بجد.. يا سلام.. وعشنا ثلاثين عاماً رعايا وهو رئيس وسرنا خلفه بالطوابير وخلف الهانم بالطوابير، ودون مبالغة ربما لا توجد سيدة من سيدات العمل العام والصحافة لم تسر فى ركب الهانم..
وسار الكثيرون خلف جمال مبارك يقولون له أنت العريس القادم.. وقلنا لعلاء أنت محبوب لأنك تشبه أباك جداً فى روحه.. وفى عيد ميلاد حسنى مبارك عام 2010 قلنا «يوم أن ولدت مصر» وفى 2011 «روح منك لله».. والآن يطالبون بالبهدلة والمرمطة والذهاب إلى طرة ويتساءلون: من سيدفع فاتورة علاجه؟؟.. وأخيراً الإعدام فى ميدان التحرير مطلب الجماهير.. هل يستحق هذا السلوك وقفة مع النفس لنسأل ماذا نفعل بحكامنا وبأنفسنا؟؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.