د. نادر رياض أما وقد مرت مياه كثيرة فى النهر منذ 25 يناير وما تلاها من رياح التغيير، آن لنا أن ننظر حولنا، خارجياً وداخلياً، فى كل ما له تأثير على الشأن المصرى سلباً وإيجاباً. ولقد ارتفعت أصوات مؤخراً تطالب بالإسراع فى تطبيق مشروع إنشاء أول محطتين نوويتين لتوليد الطاقة الكهربائية بالضبعة دون أى التفات لرد فعل الدول الصناعية الكبرى المستخدمة للطاقة النووية من توجس واحتراز كبيرين بخصوص مستقبل المحطات القائمة، فى ضوء الدروس المستفادة من حادثة «فوكوشيما»، كما لو كنا نحيا بمعزل عن ردود الفعل العالمية، وهو اتجاه من الواضح أنه لم يمر بنفق متابعة الأخطار المتعددة والكبيرة وأثر ذلك على مستقبل البلاد والعباد. ومن عجب أن العالم الغربى الذى تعالى على كارثة «تشيرنوبل» السوفيتية باعتبارها إحدى نتائج الفجوة التكنولوجية بين التكنولوجيا الغربيةوالشرقية - فوجئ بتطابق الحادثتين «فوكوشيما» اليابانية و«تشيرنوبل» السوفيتية، من حيث وصف حالة ما يسمى الأزمة وتصاعد حدتها ووصولها إلى نقطة اللاعودة وانفلات الموقف. ولعل سرداً لبعض الحوادث التى تعرضت لها دول صناعية كبرى والتى خلفت وراءها خسائر مدمرة يلقى الضوء على سجل الأخطار المحدق: عام 1953: تدمير مفاعل لاف قناة شلالات نياجرا – نيويورك. عام 1967: انصهار جزئى فى مفاعل نووى نتيجة لإخفاق نظام تأمينه، بسبب حريق بمفاعل جرايف فالد بألمانياالشرقية. عام 1984: تسرب غازات سامة من مفاعل بوبال فى الهند. عام 1986: كارثة «تشيرنوبل» بكييف أوكرانيا. عام 1999: حدوث سلسلة من التفاعلات فى الوقود النووى بمحطة توكاى ميورا باليابان. أما عن رد الفعل العالمى على مستقبل صناعة المحطات النووية، فحدث ولا حرج، فمثلا يوجد فى ألمانيا 17 محطة نووية لتوليد الكهرباء يتم تصنيفها فنياً من أسفل لأعلى حسب درجات استيفائها بمعيار العمر والأمان النووى، وتم اتخاذ قرار بإيقاف تشغيل 7 محطات منها بصورة فورية، كما تم اتخاذ قرار بإيقاف المحطات العشر الباقية بمجرد إيجاد مصادر بديلة للطاقة تحل محلها تباعاً. وتبقى على رأس مشاكل استخدامات الطاقة النووية طريقة التخلص الآمن من النفايات النووية، والتى يظل أغلبها ذا تأثير إشعاعى لعشرات الألوف من السنين. والأمر المتوقع أنه مع انحسار الإقبال العالمى على إنشاء محطات نووية جديدة وتراجع عدد المختصين بتشغيلها وتحديثها، فإن هذه التكنولوجيا ستتقادم بسرعة، بحيث لم تجد مصر ما يتيح لها المحافظة على تطوير تلك المحطات بفرضية إنشاء بعضها تحت موجة الحماس العاطفى التى يتبناها البعض، لذا فإن النظرة المستقبلية تقتضى أن نتجه فوراً ودون إبطاء إلى مصادر الطاقة غير الناضبة التى اتفق على تسميتها «المتجددة» من طاقة رياح وطاقة شمس، حيث ستثبت الأيام أن من يبدأ مبكراً سيحصل على مزايا لا يحصل عليها المتأخرون.