بعد الجونة والإسكندرية مصر خارج سباق الجوائز فى المهرجانات المحلية

قد لا يكلل مهرجان رسمى للسينما بأفلام البلاد التى تنظمه، وهو ما صادفه هذا العام مهرجانا الجونة فى دورته الثالثة ومن بعده الإسكندرية فى دورته ال35 حيث خلت مسابقتاهما الرسميتان من وجود أفلام مصرية فى الوقت الذى كان الفيلم المصرى يتنافس على الجوائز فى هذين المهرجانين وحقق مؤخرا جوائز كبرى مثلما فاز فيلم يوم الدين للمخرج أبو بكر شوقى بجائزة أفضل فيلم عربى بالجونة العام الماضى وفى وقت كان مهرجان الاسكندرية ينظم ضمن فعالياته بينالى خاصا للسينما المصرية يعرض فيه مجموعة من أحدث إنتاج لها وفى الغالب كانت أفلاما لم تعرض تجاريا.
عقب أسابيع قليلة تنطلق الدورة ال41 لمهرجان القاهرة السينمائى وتحديدا يوم 20 نوفمبر المقبل فهل سيواجه نفس الأزمة وتخرج مسابقته الرسمية دون فيلم مصرى؟!
يقول الناقد نادر عدلى إن مسابقة الجونة ليست من المسابقات المهمة لدرجة تحرص فيها الأفلام المصرية على المشاركة وقد يكون مهرجان القاهرة هو الأهم فى ذلك إلا أن عدم وجود الفيلم المصرى تعانى منه أيضا مهرجانات الأقصر وأسوان وشرم الشيخ.
ويضيف: «هناك عدة أسباب أولها أن معظم الأفلام التى تنتج حاليا فيها الطابع التجارى والمهرجان قد يرفضه لو دخل فى أى مسابقة، والسبب الثانى أن هناك تعنتا واضحا وقويا من الرقابة لإجازة كثير من الأعمال» وينوه «عدلى» لوجود عدد كبير من السيناريوهات التى يتم رفضها قبل التصوير وقد طالت قائمة الممنوعات الكثير، وبالتالى هناك كثير من الشباب والمخرجين القدامى يجدون صعوبة فى تقديم الموضوعات التى تقترب من تقديم الواقع فى مصر.
ويتابع:«النقطة الثالثة والأهم فى حالة وجود فيلم متميز فأصحابه يفضلون أن يتم عرضه فى مهرجان خارج مصر، وهذا واضح فى السنوات العشر الأخيرة لما يلاقونه من ترحيب فى المهرجانات العالمية الكبرى أكثر من المهرجانات المصرية». ويوضح أن النقطة الرابعة تتمثل فى وجود أفلام تشارك فيها دول أخرى سواء فى الدعم المادى أو التقنى، ويكون أحد شروط هذا الدعم أن يتم العرض الأول للفيلم فى المهرجان الخاص بالدولة الداعمة، لافتا إلى أن هذه الأسباب الأربعة مجتمعة هى السر فى أزمة الفيلم المصرى.
ويؤكد «عدلى» أن الإنتاج لم يقل لكن الاهتمام بالأفلام التجارية هو الذى نال النصيب الأكبر فى الاهتمام ورغم محافظة هذه الأفلام على الصناعة السينمائية متماسكة إلا أنها تظل أفلاما لا تصلح للاشتراك فى المهرجانات.
من جانبه يقول الناقد أحمد شوقى، المدير الفنى لمهرجان القاهرة: «إن المهرجانات ليست جهات إنتاج بل هى مرتبطة بحجم الإنتاج الموجود فى السوق، وفى السنة الماضية كان هناك فيلمان مشاركان فى الجونة هما يوم الدين وعيار نارى»، ويشير إلى أنه فى القاهرة كان هناك العام الماضى 6 أفلام مصرية تقريباً من ضمنها (ليل خارجى، وورد مسموم، ولا أحد هناك)، بينما هذا العام الإنتاج أقل، فلا يوجد أفلام من الأفلام التى يمكن عرضها فى المهرجانات، لكن الجونة هذا العام كان لديه فيلمان خارج المسابقة هما (لما بنتولد، والفارس والأميرة).
ويشير «شوقى» إلى وجود خيارات للاستقرار على فيلم مصرى فى مهرجان القاهرة القادم ويتابع: «إننا ننتقى أفلاما لها توجه فنى أكثر، هدفها الرئيسى ليس مخاطبة جمهور الشباك وغالبًا ميزانيتها لا تكون بنفس حجم ميزانية الأفلام التجارية كما أننا لا يصح أن نعرض فيلما تجاريا بل فيلما جديدا لأول مرة.
ويضيف أن صناع الأفلام لا ينتهون من صنع أفلامهم إضافة لمعاناتهم فى الإنتاج، فمثلاً فى بعض السنوات، كما حدث فى السنة الماضية، كثير من صناع الأفلام قاموا بإنهاء أعمالهم فى نفس التوقيت لتكون جاهزة للعرض، فجاءت كافية لكل المهرجانات وزيادة وفى أحيان ثانية كما فى هذه السنة لا يكون هناك عدد معقول من الأفلام فتكون هناك صعوبة فى المهرجانات.
ويربط الكاتب حسن أبو العلا، مدير مهرجان أسوان لأفلام المرأة، أزمة وجود الفيلم المصرى فى المهرجانات سواء الجونة أو غيرها بعلاقته بصناعة السينما بشكل عام ويقول: «لو أن صناعة السينما تعيش فى حالة انتعاش فحجم الإنتاج سيكون فى زيادة بالإضافة لوجود تنوع، وبالتالى سيكون هناك أفلام تصلح للمشاركة فى المهرجانات سواء الجونة أو القاهرة وحتى ممكن يكون فى أفلام نوعية تصلح للمشاركة ضمن أفلام نسوية تعبر عن إبداع المرأة، كما فى فيلم (أخضر يابس)، فالأمر متعلق بالتنوع».
ويؤكد أن وجود الفيلم المصرى مشارك دائم فى المهرجانات متابعا: «بالنسبة للدورة القادمة فى مهرجان أسوان لا أستطيع أن أجزم بوجود فيلم مصرى ضمن المسابقة أم لا، ولو استعادت السينما المصرية عافيتها وقوتها وتنوعها فى طرح القضايا وفى وجود مخرجين يقومون بتقديم رؤى مغايرة عن رؤية الأفلام التجارية، فمن المؤكد حينها سيكون هناك أفلام فى كل المهرجانات المصرية». ولا يوجد مهرجان سينمائى فى العالم سينجح ويتطور إلا إذا كانت صناعة السينما فى بلده تشهد تطورا، فالمهرجانات هدفها دعم حركة السينما بشكل أو بآخر، وفى مصر ينقصنا أن يكون عندنا تجارب مختلفة عن الأفلام التجارية.
ويشير محمد حفظى، رئيس مهرجان القاهرة السينمائى، إلى وجود فيلم ضمن المسابقة الرسمية فى مهرجان القاهرة القادم، لكنه لم يصرح باسمه، ويقول: «مقارنة بالعام الماضى نحن نعانى حتى نجد فيلما مناسبا للمسابقة بشكل عام، فالأفلام المستقلة إنتاجها ضعيف بينما الأفلام التجارية تأتى على مستوى عال وجماهيرى».