استطاعت السينما المصرية أن تقدم هذا العام العديد من الأفلام الجماهيرية التى دخلت تاريخ الصناعة، بعد تحقيقها أرقامًا قياسية فى الإيرادات التى حصدتها بدُور العرض السينمائية، وقليل منها حقق نجاحًا نقديًا ومثل مصر فى المهرجانات الدولية، وما ميّز الأفلام المطروحة فى 2019 هو تنوعها بين الكوميديا والأكشن والرعب، كما اعتمد عدد منها على البطولات الجماعية، وتصدِّى وجوه غير معتادة على شباك التذاكر لبطولات تلك الأفلام، أيضًا تميزت السينما المصرية بنجاح الأجزاء الثانية لبعض الأفلام فى صدارة شباك التذاكر، فى ظاهرة لافتة هذا العام، ربما تدفع بأجزاء جديدة من تلك الأعمال، كما كان لافتًا تحقيق قليل من الأفلام لنجاح فنى وجماهيرى فى الوقت نفسه، وأبرزها فيلم «الممر» الذى أعاد الأعمال الوطنية إلى الشاشة مرة أخرى بعد غياب سنوات. 30 فيلمًا فى 365 يومًا طرح، فى عام 2019، 30 فيلما سينمائيا بدأ عرضها فى 2 يناير الماضى بفيلم «122» بطولة طارق لطفى، وفيلم «الضيف» بطولة خالد الصاوى وفيلم «قرمط بيتمرمط» وفيلم «نادى الرجال السرى» و«ساعة رضا» بطولة أحمد فتحى، و«قصة حب» بطولة أحمد حاتم، وفيلم «عيش حياتك» بطولة سامح حسين، و«ضغط عالى» بطولة نضال الشافعى، و«كازانوفا» بطولة ايساف، وفيلم «يوم العرض» بطولة إيهاب فهمى وفيلم «خط الموت» بطولة علا غانم. كما طرحت أيضًا أفلام «كازابلانكا» بطولة أمير كرارة، و«الممر» بطولة أحمد عز، و«سبع البرومبة» بطولة رامز جلال، و«حملة فرعون» بطولة عمرو سعد و«محمد حسين» بطولة محمد سعد، و«إنت حبيبى وبس» بطولة محمود الليثى وبوسى. ومن الأعمال التى طرحت فيلم «الفيل الأزرق 2» بطولة كريم عبدالعزيز وفيلم «ولاد رزق 2» بطولة أحمد عز، وفيلم «الكنز 2» بطولة محمد سعد ومحمد رمضان وفيلم «خيال مآتة» بطولة أحمد حلمى، وفيلم «لما بنتولد» بطولة أمير عيد، و«الطيب والشرس واللعوب» بطولة مى كساب، وفيلم «عمر خريستو» بطولة دومنيك حورانى، وفيلم «اللعبة الأمريكانى» بطولة أحمد فهمى وناهد السباعى، وفيلم «إنت إيه» بطولة حامد الشراب، وفيلم «قهوة بورصة مصر» بطولة حسن حسنى و«استدعاء ولى عمرو» بطولة حورية فرغلى و«بيت ست» و«الفلوس» بطولة تامر حسنى. فيلمان يتخطيان ال100 مليون جنيه لارتفاع سعر التذكرة استطاعت 4 أفلام خلال عام 2019، هى «الممر» و«كازابلانكا» و«ولاد زرق 2» و«الفيل الأزرق 2»، تجاوُز 100 مليون جنيه فى إيراداتها، وهو ما أثار جدلًا بين السينمائيين حول ارتفاع سعر تذكرة السينما عما كانت عليه قبل سنوات، وبالتالى ارتباط ذلك بارتفاع ما حققته الأفلام من إيرادات. واعتبر المنتج صبرى السماك أن هذا العام حمل مبالغة كبيرة فى الأرقام التى تُطرح على الجمهور، فهناك أسباب كثيرة لذلك، أهمها عدم وجود دُور عرض كافية ومزاحمة الأفلام الأجنبية للعربية. وقال: «لو أن هناك أرقامًا كبيرة تُذكر، فالسبب فيها هو فكرة الاحتكار، التى أصبحت تُلعب حاليًا فى السينما، وهى مقصورة على عدد معين من النجوم». وأضاف «السماك»، ل«المصرى اليوم»: «فكرة الاحتكار هى التى تلعب اللعبة الأصلية، فهناك عدد معين من الأسماء تُفتح لهم فقط قاعات العرض، وشركات إنتاج بعينها هى مَن له الغلبة فى ذلك، إضافة إلى أن التوزيع يفرق فى ذلك، ويستطيع أن يرتب مَن الأول ومَن الثانى، واللعبة التى تُلعب غير طبيعية وغير حقيقية». وقال الناقد محمد عاطف إن أى زيادة فى أعداد التذاكر أو إيرادات السينما إيجابية لأنها تُحرك الصناعة بالكامل وتدفع إلى صناعة المزيد من الأفلام، مشيرًا إلى أن زيادة الإيرادات تعود بزيادة الأعمال، وهذا يعود فى المستقبل على اهتمام المنتج بالكيف بعد تحقيقه الإيرادات، فالمنتج عندما يقدم أفلامًا وتأتى بإيرادات، يفكر فى تقديم أعمال إيجابية وفن إبداعى بعيدًا عن التجارى، وهذا شىء جيد لزيادة الإيرادات. وقالت الناقدة رشا حسنى إن تحقيق الإيرادات شىء جيد حتى لو كنا مختلفين فنيًا، فما يحدث انتعاش للسوق المصرية. تأثير طفيف ل «watch-it وNetflix» على صناعة السينما قال الناقد طارق الشناوى إن وجود منصات لعرض الأعمال السينمائية مثل «نتفليكس» وغيرها هو مسألة طبيعية، لأننا أصبحنا فى سوق عالمية، وكون مصر مع منصة مثل «نتفليكس» يعطى قوة لصالح السينما المصرية، مشيرًا إلى أن «نتفليكس» ستنتج سينمائيًا فى مصر قريبًا، ولدىّ من التأكد ما أقوله، وأضاف «الشناوي»: «أصبحنا حاليًا نتقبل الآخر سينمائيًا، والدليل أن هناك أعمالًا ضد منطقنا المصرى مثل «الملاك» فتح ممرًا جديدًا معهم، وعرف من الجدل الكثير داخل الأوساط المصرية، وهذا دليل على وجود المنصة بقوة داخل مصر». وقال الناقد محمد عاطف إن منصات الVOD هى تطور المنحى الجديد لعلاقة صناعة الترفيه بالمشاهد العربى، والتليفزيون أصبح وسيطًا كان يعتمد على المجانية، لكن المنصات الجديدة تضع ثقافة أخرى وجديدة للمشاهدة، وهى أن تدفع لكى تشاهد، وهذا أحدث اهتزازًا للوسط الفنى، ولكن تقبله للناس وأصبح إيجابيًّا. وتابع: «الأموال التى ستُضخ فى الوسط السينمائى فى الوطن العربى ستؤدى إلى تطوير المحتوى للتنافس بين المنصات والتنوع الكبير لتغطية شريحة واسعة للمشاهدين». وعلقت رشا حسنى بأن التطبيقات ستزداد بشكل كبير، فهناك حوالى 4 منصات فتحت خلال الفترة الماضية، منها «ديزنى» و«آبل»، موضحة أن «ديزني» أخذت كل أعمالها التى كانت تعرض على «نتفليكس». وقال أحمد شوقى: «إن المنصات لم تؤثر على السينما المصرية بشكل كبير حتى الآن، لكن من الممكن أن يحدث خلال السنوات المقبلة»، موضحًا أنها أثرت على سوق الدراما والمخرجين والمؤلفين والمنتجين، وأصبح من الممكن أن يتخلّوا عن العرض التليفزيونى من أجل «نتفليكس»، وهذا طبيعة المرحلة والوسيط من العالم وارتباطنا بالتكنولوجيا. وأضاف «شوقى»: «ما يحدث من هذه التطبيقات هو نقلة تحدث فى العالم، وتغييرات تقنية». 9الشناوى: عام أسود فى التواجد خارجيًا.. وشوقى: «إحكيلى» و«بعلم الوصول» فقط شاركا عالميًا مقابل 8 أفلام فى 2018 غياب الأفلام عن المهرجانات فشلت السينما المصرية فى 2019 فى التواجد والتمثيل الجيد فى المهرجانات العربية والدولية وحتى المصرية، حيث ضعفت المشاركة هذا العام ورفع اسم مصر، سواء كدولة مشاركة أو كدولة فائزة بأى جوائز، وهو ما علق عليه الناقد طارق الشناوى أن عام 2019 يعتبر الأسود فى السينما المصرية بالنسبة للمهرجانات، سواء داخل مصر أو خارجها، مشيرًا إلى أن مصر أقيمت فيها 3 مهرجانات وراء بعض فى الفترة الماضية، وهى الجونة والقاهرة والإسكندرية ولم يمثل مصر أى فيلم روائى طويل كتمثيل وليس كجائزة. وأضاف «الشناوى» فى تصريحات ل«المصرى اليوم»: «أُحمل الدولة المصرية هذه المشكلة، حيث إن الدولة لم تتحرك ساكنًا بعد هذه الأزمة، فهى قضية أمن قومى من الدرجة الأولى، ومع الأسف لم يتحرك أحد لبحث الأزمة فى عدم تمثيل مصر بمهرجانات دولية، والمشكلة ليست فى وزارة الثقافة، بل فى الدولة نفسها التى كانت فى السنوات الماضية تعطى للأفلام منحا بقيمة 20 مليون جنيه، وقبل 4 سنوات أعلن بأن المنح زاد إلى 50 مليونا، ووزير المالية لم يكن لديه علم بقرار رئيس الوزراء بهذه القيمة، بل توقف الدعم والمنح التى كانت تعطى ومن 4 سنوات توقف نهائيًا. وتابع «الشناوى»: مسألة غريبة للغاية ألا يهتم أحد بعدم وجود مصر فى المهرجانات، بل الأسود أننا لا نمثل مصر فى مهرجاناتنا، ولم نحصل على جوائز لرفع اسم البلد المضيف، فحتى مع الكم الكبير من الإيرادات، لا يوجد فيلم سعداء به فنيًا، فكلها تجاريًا جيدة، ولكن السنة فقيرة إبداعيًا للغاية. وقال الناقد محمد عاطف: إن إنتاجنا المصرى كان ضعيفا جدًا، مشيرًا إلى أنه لا يوجد أى فيلم مصرى استطاع أن يدخل فى مسابقة دولية، سواء فى مصر أو خارجها، سوى فيلم «احكيلى» الوثائقى للمخرجة ماريان خورى، الذى شارك فى المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة، ولكن لا يوجد عمل روائى. وأضاف «عاطف»: «الفيلم الوحيد الذى حقق مشاركة ناجحة هو (ستموت فى العشرين)، ولكنه يحسب أكثر على السودان، لكنه إنتاج مشترك، وضعف مصر هذا العام، لأن المهرجانات دائما تبحث عن الفن الإبداعى (الآرت هاوس)، وحاليًا أصبحنا نميل للشكل التجارى، ولا يوجد مغامرة إبداعية والجميع يبحث عن الأفلام التى تحقق الربح التجارى أكثر». وقال الناقد أحمد شوقى، المدير الفنى لمهرجان القاهرة السينمائى، إن عام 2019 كان سيئا للغاية وعاما متقشفا مقارنة ب2018، والتى خرج من مصر حوالى 8 أفلام شاركنا بها فى مهرجانات عالمية، مشيرًا إلى أن وجود فيلمين فقط فى 2019، وهما «احكيلى» و«بعلم الوصول» الذى شارك فى مهرجان تورنتو كندا، رقم ضعيف وصعب مقارنة بحجم السينما المصرية. وأضاف «شوقى» فى تصريحات ل«المصرى اليوم»: السبب فى عدم وجود أفلام تمثل مصر فى المهرجانات هو عدم وجود ثبات أو إنتاج وآليات واضحة لدعم الفيلم، بجانب أن الناحية الأخرى السوق التجارية تزدهر، لكن الأفلام المغايرة أو المستقلة تضعف، ولا يوجد أى آلية لدعمها، حتى إن غالبية الصناديق فى العالم العربى تغلق مثل «دبى» و«أبو ظبى»، حتى أصبح من الصعب الحصول على دعم من مهرجان الدوحة لأسباب لها علاقة بمشاكل تمويلية، لذلك انحصار الصناديق والدعم على الصناع أصبح عائقا أمام تقديم هذا النوع من الأفلام.
142 فيلمًا أجنبيًا فى مواجهة الأعمال المحلية طرحت السينما المصرية هذا العام 30 فيلمًا فى دُور العرض مقارنة بالسينما الأجنبية، التى طرحت 142 تقريبًا ما بين الأفلام الأمريكية وذات الجنسيات الأخرى. وقال المنتج صبرى السماك إن الفيلم الأجنبى يعمل بجانب الأفلام المصرية طوال الأعوام الماضية، موضحًا أن أكل حصة الإيرادات بدأ منذ أن أصبح هناك قصور واضح فى الإنتاج السينمائى المصرى. وأضاف «السماك»: «الكثرة تأتى للأجنبى لأن الإنتاج لديه غزير وقوى، وبه من الفن والإبداع ما يجذب أى فئة من الجمهور، فعندما لا يعمل الفيلم العربى فى الصالات السينمائية، يأتى دور الفيلم الأجنبى فى إنقاذ دُور العرض المصرية بدلًا من الإغلاق، وقال الناقد محمد عاطف: «الفيلم الأجنبى يحقق نجاحًا كبيرًا قبل عرضه، فنحن لا ننكر أن الدعاية الهوليوودية ضخمة للغاية، وهم مهتمون جدًا بالتسويق، ولديهم خطط قوية لذلك، فهناك مثلًا فيلم «الجوكر»، الذى مهدوا له قبل طرحه بشهور من الدعاية. وقالت الناقدة رشا حسنى إن كل سنة يحدث تآكل للسينما المصرية من قِبَل الأفلام الأجنبية أكثر من قبلها. «الممر».. العرض الأسرع لعمل سينمائى على شاشة التليفزيون قال الناقد طارق الشناوى إن فيلم «الممر» أول عمل عسكرى يحصل على إيرادات ضخمة، والناس تصدقه، مشيرًا إلى أن كل الأفلام التى قدمت من قبل ليست أعمالا عسكرية، لكنه اخترق حاجز الأرقام، وهذه قوة كبيرة له، مشيرًا إلى أن عرضه فى التليفزيون وهو لا يزال يحقق إيرادات والسبب الاحتفال بذكرى نصر 6 أكتوبر، ولكن الفيلم لعب على مشاعر رفض المصريين للكيان الصهيونى وأى ممارسة تحمل أى نوع من الصلح. وذكرت الناقدة رشا حسنى أن الفيلم له ظروف مختلفة وكان هناك رغبة واضحة من جميع الجهات لخروجه بهذا الشكل من جهات سيادية التى وفرت له كل شىء، ومن إنتاج هشام عبد الخالق، ما أوجد له إنتاجا ضخما ومصروفا عليه كثيرا وجيدا، والرغبة كانت جيدة لظهوره بهذا الشكل، والذى يعيد رسالة لتكريم شهدائنا وتحفيز الشباب، إضافة إلى أنه سينمائيا كان حدثا ومقدما بشكل جيد، بعيدا عن الضحك، فمثلا الأفلام التى تقدم بشكل غير جيد تجعلنا نضحك عليها من التواضع، لذلك المنظر الذى حدث من امتلاء المقاهى الشعبية دليل نجاح لم يحدث من قبل.