توفير 7574 فرصة عمل جديدة في 63 شركة خاصة.. التفاصيل الكاملة    وكيل تموين الإسكندرية يبحث استعدادات معارض «أهلا رمضان»    طارق شكري رئيسًا لغرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات    وزير الداخلية يستقبل وزير خارجية جنوب السودان لبحث سبل التعاون المشترك    هايدينهايم ضد البايرن.. البافارى بالقوة الضاربة فى الدورى الألمانى    حسام حسن ينشر صورته مع كأس إفريقيا قبل انطلاق بطولة كان 2025    سيسكو يقود هجوم مانشستر يونايتد أمام أستون فيلا في البريميرليج    حقيقة توقيع يوسف بلعمري مع الأهلي 3 مواسم ونصف.. مصدر يكشف    الطقس غدا.. أجواء شديدة البرودة ليلًا وهطول أمطار فى الإسكندرية    ضبط طرفي مشاجرة بعد تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي    لسة واقفة حتى لو اتغربت.. فيديو بال AI لأم كلثوم تتحدث عن آثار مصر المسروقة    وزير الثقافة ومحافظ القاهرة يتفقدان مكتبة «نون السحار 2» تمهيدًا لافتتاحها    خبير: لقاء نتنياهو وترامب يركز على قضايا الفساد والضفة الغربية بدلاً من غزة    باسل رحمي: جهاز تنمية المشروعات قدم تمويلات بأكثر من 750 مليون جنيه    الجيزة توضح حقيقة نزع ملكية عقارات بطريق الإخلاص    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد تشغيل فندق الكونتيننتال التاريخي وسط القاهرة بعلامة تاج العالمية    التشكيل – واتكينز يقود هجوم أستون فيلا.. وتبديلات في مانشستر يونايتد بسبب غيابات إفريقيا    حصاد 2025.. تنفيذ أكبر خطة حضارية لتطوير شوارع مدينة كفرالشيخ| صور    جامعة عين شمس تحقق إنجازًا جديدًا وتتصدر تصنيف "جرين متريك 2025"    وكيل الأزهر يلقي محاضرة لعلماء ماليزيا حول "منهج التعامل مع الشبهات"| صور    وزير الخارجية يعقد اجتماعاً ثلاثياً حول ليبيا مع نظيريه الجزائري والتونسي    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم مدينة قلقيلية ‫ويداهم بناية    على أنغام الربابة.. نائب محافظ الأقصر يشهد تعامد الشمس على معابد الكرنك| صور    «النجمة التي سقطت من السماء» يفتتح عروض نوادي مسرح الطفل في الغربية    مفتي الجمهورية: المؤسسة الدينية خَطُّ الدفاع الأول في مواجهة الحروب الفكرية التي تستهدف الدين واللغة والوطن    الصحة: إغلاق 11 مركزًا خاصًا للنساء والتوليد ب 5 محافظات لمخالفتها المعايير الطبية    القيمة السوقية لمنتخبات أفريقيا في كان 2025    رئيس الإمارات يبحث مع نظيره الفرنسي تعزيز العلاقات    إحالة أوراق قاتل زوجته أمام أبنائه إلى المفتي بالبحيرة    أمن الجيزة يفحص فيديو اقتحام عدد من الخيول فناء مدرسة بمنطقة بولاق    رئيس الوزراء يتابع مع وزير الكهرباء الموقف التنفيذى لمشروعات الطاقة المتجددة    دراما بوكس | المسلسلات المؤجلة بعد رمضان 2026 .. وقصة آسر ياسين ودينا الشربيني مع الصدمات النفسية    انطلاق اليوم الأول للاختبارات التجريبية لمنصة الذكاء الاصطناعي اليابانية بالأزهر    نصيحة للأمهات، احذري من تأثير ضغط الدراسة على علاقتك مع أبنائك    إيمى سمير غانم تكشف كواليس اختيار أسماء أبنائها مع حسن الرداد    لماذا نشتهى الطعام أكثر في الشتاء؟    عراقجي: مستعدون لإبرام اتفاق "عادل ومتوازن" بشأن برنامجنا النووي    اتحاد شركات التأمين: معالجة فجوات الحماية التأمينية تتطلب تعاونًا بين شركات التأمين والحكومات والمجتمع المدني    برلمانية المؤتمر: تعديلات قانون الكهرباء خطوة ضرورية لحماية المرفق    ضبط 3 محطات وقود بالبحيرة لتجميع وبيع 47 ألف لتر مواد بترولية    مدير تعليم البحيرة يتابع انتظام الدراسة بعدد من مدارس إيتاي البارود وكوم حمادة    وزير الخارجية يلتقي نائبة وزير خارجية جنوب إفريقيا لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية    «المصدر» تنشر نتيجة الدوائر الملغاة بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    محافظ أسيوط: استمرار تدريبات المشروع القومي للموهبة الحركية لاكتشاف المواهب الرياضية    حملة للمتابعة الطبية المنزلية لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن وذوي الهمم.. مجانًا    فى مباحثاته مع مسرور بارزانى.. الرئيس السيسى يؤكد دعم مصر الكامل للعراق الشقيق ولوحدة وسلامة أراضيه ومساندته فى مواجهة التحديات والإرهاب.. ويدعو حكومة كردستان للاستفادة من الشركات المصرية فى تنفيذ المشروعات    مصرع 3 أشخاص وإصابة آخرين في بورسعيد إثر حادث تصادم بين سيارتين    حقيقة تأثر رؤية شهر رمضان باكتمال أو نقص الشهور السابقة.. القومي يوضح    فضل العمرة فى شهر رجب.. دار الإفتاء توضح    محافظ القاهرة جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي    شهر رجب .. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    الصحة: فحص أكثر من 20 مليون مواطن في مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    شهر رجب.. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    حبس المتهم بقتل زميله وتقطيع جثمانه إلى أربعة أجزاء وإخفائها داخل صندوق قمامة بالإسكندرية    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    بركلة جزاء قاتلة.. أرسنال يهزم إيفرتون ويعود لاعتلاء صدارة البريميرليج    قمة إنجليزية نارية.. ليفربول يحل ضيفًا على توتنهام في الجولة 17 من البريميرليج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمرو المنير يكتب : الهيئة المستقلة للضرائب.. لماذا؟
نشر في المصري اليوم يوم 03 - 11 - 2019

بحكم خبرتى فى التعامل لسنوات طويلة مع منظومة الضرائب فى مصر وخارجها خلال عملى مستشارًا ضريبيًا لكبرى الشركات ثم مسؤولًا حكوميًا، وبحكم الوعى بالواقع الضريبى فى بلادنا، تكونت لدىّ رؤية بشأن عنصر أساسى فى حل المشكلة الاقتصادية وهو الإصلاح الضريبى.. ويأتى تطوير الإدارة الضريبية فى القلب منه.. فلا سياسة ضريبية جيدة ولا تشريعات ضريبية محكمة يمكن- وحدها- أن تحقق الإصلاح المطلوب بدون إدارة ضريبية متطورة تطبق تلك السياسات والتشريعات بكفاءة وعدالة. فأهمية الدور الذى تلعبه المصالح الضريبية باعتبارها أهم مصادر الإيرادات الحكومية فى غالبية دول العالم تجعل من الضرورى أن يتم الاهتمام بها بشكل خاص والعمل على تحسين أدائها بما يخدم مصلحة الخزانة العامة للدولة ومصلحة دافعى الضريبة على حدٍ سواء، مع ضمان حيادها وعدم تحيزها فى التعامل مع المجتمع الضريبى.
لذلك طرحتُ- أثناء تواجدى فى منصب نائب وزير المالية للسياسات الضريبية- فكرة تحويل مصالح الضرائب (الدخل والقيمة المضافة والعقارية) بعد دمجها إلى هيئة واحدة مستقلة للضرائب، والتى تعد- من وجهة نظرى- أفضل الحلول للنهوض بقطاع مهم يحمل على عاتقه توفير الجزء الأكبر من إيرادات الدولة سنويًا ومُكلف بتحقيق العدالة وتقديم خدمة جيدة لدافعى الضرائب.
وبلا شك فإن تطبيق فكرة الهيئة المستقلة للضرائب يجب أن يكون جزءا من خطة متكاملة لإصلاح منظومة الضرائب المصرية بصفة عامة وتطوير الإدارة الضريبية بصفة خاصة.
وقبل الحديث بالتفصيل عن فكرة الهيئة المستقلة للضرائب، أود أن أشير هنا إلى ما أوصى به صندوق النقد الدولى فى تقريره عن مصر الصادر فى ديسمبر 2017 بضرورة استمرار مصر فى اتباع سياسات إصلاحية فى مجال الضرائب بما يسهم فى زيادة الالتزام الضريبى وبالتبعية الحصيلة الضريبية، حيث أشار التقرير إلى الحاجة إلى زيادة تلك الحصيلة لتحقيق تنمية شاملة عبر توفير التمويل اللازم للاستثمار فى مجالات البنية التحتية والصحة والتعليم وتوفير مبالغ للإنفاق الاجتماعى والاستثمار فى الموارد البشرية.
وقدر التقرير القدرة الضريبية لمصر Tax Potential بنسبة تتراوح بين 16.8% و18.2% من إجمالى الناتج المحلى، وذلك وفقًا للمعطيات الاقتصادية والإمكانيات التى تملكها مصر.
وجاء ما طرحه صندوق النقد الدولى فى تقريره متفقًا مع السياسة الضريبية التى وضعناها فى وزارة المالية اعتبارا من بداية السنة المالية 2016/2017، تلك السياسة التى وضعت نَصب عينيها تطوير المنظومة الضريبية من حيث العدالة والكفاءة وكذلك زيادة الإيرادات الضريبية تدريجيا لتصل إلى 17% - 18% بنهاية السنة المالية 2021/2022، وهو ما بدأ فى التحقق من خلال زيادة نسبة الإيرادات الضريبية إلى الناتج المحلى الإجمالى من 13% فى 15/16 إلى 14.2% فى 17/ 2018 مما يعنى تخفيض الفجوة الضريبية خلال تلك الفترة بنسبة 1.2% من الناتج المحلى الإجمالى.
وكما ذكرت فإنه لا يستقيم الوضع الضريبى بصفة عامة إلا بوجود إصلاح ضريبى جاد يبدأ بالإدارة التى تمثل ضلعًا مهمًا من أضلاع منظومة الضرائب فى مصر، على أن يكون إصلاح الإدارة الضريبية محددا بأهداف نصل فى نهايتها إلى الانتقال بمصلحة الضرائب من مفهوم إدارة مصلحة حكومية تقليدية هدفها تحصيل الضرائب إلى هيئة خدمية حديثة تعامل دافع الضريبة كعميل يحق له أن يحصل على خدمة عالية الجودة تهدف إلى رضائه ومساعدته على الالتزام الضريبى، وهو ما سوف يؤدى بالتبعية إلى زيادة الحصيلة الضريبية بعدالة وكفاءة ودون جور.
ويعتمد هذا السيناريو على عدة أمور، أولها: وضع منظومة تكنولوجية تتفق مع متطلبات العمل الضريبى وتتسم بالبساطة والشفافية بحيث تكون عنصرًا فعالًا فى التطوير، واضعين فى الاعتبار أن تطوير المنظومة التكنولوجية لا يتعلق فقط بتوافر الأجهزة وبرامج الكمبيوتر وقواعد البيانات وإنما قبل ذلك تغيير ثقافة العاملين فى المصالح الإيرادية وتدريبهم على استخدام التكنولوجيا وإقناعهم بأن استخدام التكنولوجيا فى صالح العمل وصالحهم.
ثانيًا: الاستفادة من المنظومة التكنولوجية والتعامل الإلكترونى- سواء فى عمليات الفحص أو الإخطار أو التحصيل- فى تقليل التعامل المباشر بين الموظف «مقدم الخدمة» والمواطن «دافع الضريبة»، مما يحد من احتمالات الفساد.
ثالثًا: الاستثمار فى العنصر البشرى ووضع نظام فعال لتقييم أداء العاملين يرتبط به نظام مؤسسى ومستدام للمزايا المالية يضمن لمن يطلق عليهم قضاة المال العيش الكريم.. هذا النظام يجب ألا يرتبط فقط بالحصيلة الضريبية وإنما يقوم على معايير لتقييم الأداء أهمها جودة الأداء والانضباط السلوكى.
رابعًا: ضرورة إعادة النظر فى التركيبة العمرية للعاملين بالمصالح الإيرادية، حيث تعانى تلك المصالح من نقص حاد فى الفئة العمرية أقل من 35 عاما، فمن بين مئة ألف موظف تقريبا يعملون فى المصالح الإيرادية تقل نسبة من هم دون ال35 عاما عن 11% من عدد العاملين، بينما يتطلب العمل بمصلحة الضرائب القيام بوظائف الفحص والمعاينة والمراجعة والتى تحتاج إلى هذه الفئة العمرية. والسبب وراء هذا الهيكل المقلوب هو وقف التعيينات الجديدة إلى جانب هجرة الكفاءات خاصة ذوى الأعمار الصغيرة للعمل فى المكاتب المهنية والشركات فى مصر أو للعمل فى الإدارات الضريبية فى دول الخليج بسبب تدنى مستوى الدخول مقابل ما سيحصلون عليه من تلك الجهات.
خامسًا: وضع برامج تدريب على أسس علمية وعملية تعمل على رفع كفاءة العنصر البشرى وترتبط بمسار مهنى محفز لشباب العاملين بالمصالح.
سادسًا: فيما يخص بيئة العمل.. يتطلب الأمر الارتقاء بمقار الضرائب لتصبح جاهزة للتعامل مع دافعى الضرائب بشكل أكثر تَقدمًا ورقيًّا، لأن معظمها تم بناؤه بعشوائية وداخل مقار سكنية مما يجعل هذه المقار بيئة غير مناسبة للعمل.
وإذا ما فتحنا ملف الحديث عن أهمية وجود هيئة مستقلة للضرائب فلابد أن نعرض ببعض التفصيل ما هى أهمية هذا الاتجاه حاليًا وكيف يتم، وما الاستفادة التى سوف تتحقق منه؟
فبدءًا من تسعينيات القرن الماضى تبنت العديد من الحكومات على مستوى العالم مفهوم استقلال الإدارات والهيئات والمصالح التابعة لتجنب القيود الإدارية الحكومية وضمان مرونة وكفاءة وفعالية عمل الجهات التابعة لها.
ويمكن تعريف استقلالية جهة ما بقدرتها على ممارسة مهامها بشكل مستقل، بحيث تكون قادرة على اتخاذ قراراتها الإدارية المتعلقة بهيكلها الوظيفى والتعيينات والمزايا المالية للعاملين ومقار العمل بعيدا عن الروتين الحكومى. وتتفاوت درجة الاستقلالية من تبعية الكيان تبعية كاملة للجهاز الحكومى- الوضع التقليدى- إلى تبعية شبه مستقلة حتى تصل إلى استقلال الكيان تمامًا عن الجهاز الإدارى الدولة.
وبالعودة إلى الإدارة الضريبية ومن منطلق ما سبق أن ذكرناه من أهمية دور المصالح الضريبية فى مصر فإنه يجب منح هذه المصالح درجة كبيرة من الاستقلالية التى تتيح لها أداء مهامها وتحمل مسؤولياتها التى حددتها القوانين الضريبية المختلفة، وفى نفس الوقت تحميها من خطر التدخلات السياسية؛ حفاظا على حيادها فى التعامل مع كافة أطراف المجتمع الضريبى.
ومن ثم فإنه يجب أن تكون المصالح الضريبية من أولى الجهات التى تتحول إلى هيئة مستقلة تتحمل بالكامل مسؤولية إدارة أنواع الضرائب المختلفة كما تتحمل تبعة تلك المسؤولية بصورة مباشرة أمام الجهات المعنية مثل رئاسة الوزراء أو مجلس النواب لأن الإدارة الضريبية- فى اعتقادى- ليست أقل أهمية من عدد من الهيئات المستقلة مثل هيئة ضمان جودة التعليم أو جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر والذى صدر هذا العام قرار بنقل تبعيته إلى مجلس الوزراء.
وتتمثل استقلالية الهيئة فى طبيعة تبعيتها ومنحها الصلاحيات الكاملة فى اتخاذ القرارات المتعلقة بإدارة شؤونها بصفة عامة وذلك من خلال عدد من الملامح أهمها:
1- من حيث الشكل القانونى تتبع الهيئة مباشرة مجلس الوزراء.
2- تتمتع بالمرونة فى التمويل وإدارة الموازنة من خلال تخصيص نسبة من الحصيلة الضريبية لتمويل عملها وتطوير مستوى الخدمة.
3- تتمتع الهيئة بكافة الصلاحيات المالية والإدارية والفنية لإدارة شؤونها وتصدر القرارات واللوائح الداخلية المتعلقة بها دون التقيد بالنظم المطبقة فى الجهاز الإدارى للدولة وعلى الأخص وضع الهيكل التنظيمى للهيئة وإصدار اللوائح المتعلقة بالتعيين والترقية والنقل وتحديد الأجور والمزايا المالية ووضع معايير تقييم الأداء بعيدا عن القواعد الحكومية التقليدية.
ويدير الهيئة مجلس إدارة يجمع بين المسؤولين الحكوميين المعنيين وأعضاء من القطاع الخاص يمثلون الاتحادات الصناعية والمالية والغرف التجارية وشخصيات عامة. وتعمل الهيئة بالتنسيق مع وحدة السياسات الضريبية بوزارة المالية فى إطار متابعة الأداء وذلك دون تدخل الوزارة فعليًا فى إدارة أعمال الهيئة.
وحتى نكون قد عرضنا الموضوع بشكل موضوعى علينا أن نتناول مزايا وعيوب التحول نحو هيئة مستقلة للضرائب.
 
■ مزايا تحويل الضرائب لهيئة مستقلة:
1- العمل بعيدا عن التدخلات السياسية فى عملها بما يضمن حيادها فى التعامل مع المجتمع الضريبى ويعكس مصداقيتها أمام المواطنين.
2 تدير نفسها بنفس آليات العمل بالقطاع الخاص بحيث تتمتع بالمرونة وتخرج عن إطار الروتين الحكومى وتمارس مهامها بعيدا عن القواعد والإجراءات التقليدية التى تحكم الوظيفة العامة، وهو ما يساعد فى جذب المستثمرين من ناحية والاقتصاد غير الرسمى من ناحية أخرى والذين يعانون من تعقيدات البيروقراطية الحكومية.
3- مكافحة الفساد المالى والإدارى من خلال وضع نظام فعال للرقابة الداخلية وإدارة المخاطر بما يسمى التحول من الحكومة إلى الحوكمة وهو ما لا يتعارض مع خضوعها لرقابة الأجهزة الرقابية بالدولة (مثل الرقابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات).
4- توفير الموارد المالية اللازمة لرفع مستوى الأداء الضريبى من خلال تمويل عمليات التطوير على مستوى العنصر البشرى ومنظومة التكنولوجيا.
5 انخفاض تكاليف التحصيل من خلال رفع كفاءة التحصيل مما ينتج عنه وجود فائض فى الموارد المالية للهيئة.
6- معالجة سوء عمليات الاتصال وتبادل المعلومات بين المصالح الضريبية من خلال العمل كهيئة واحدة وفتح قنوات للاتصال مع الجهات الحكومية الأخرى.
7- وضع منظومة شاملة لتحفيز العاملين وتشجيعهم لتحسين معدلات الأداء الوظيفى مع وضع معايير تحكم آليات التقييم وجوانب التقدير المادى والمعنوى، ووضع نظام لاختبارات نفسية وفنية ومهنية لتقييم كفاءة العاملين واستخدام نتائج تلك الاختبارات كأداة للتطوير المهنى.
 
■ عيوب الهيئة المستقلة للضرائب:
تمثل الإدارة الضريبية إحدى أهم أدوات وزارة المالية لتحصيل الإيرادات الحكومية، ومن ثم فإن تحويل الضرائب لهيكل مستقل قد يمثل عائقا لوزارة المالية. وهذا العيب مردود عليه بأن المصالح الإيرادية أهم مصادر الإيرادات للدولة، ومن ثم يجب أن يتم الاهتمام بها بشكل خاص بما يخدم مصلحة الدولة والممول، مع قيام وزارة المالية بدورها فى مراقبة تنفيذ السياسات الضريبية بما يحقق أهداف الموازنة العامة للدولة.
يرى البعض أن توفير معاملة خاصة لكيان حكومى مثل مصلحة الضرائب من شأنه أن يؤثر سلبًا على أداء كيانات حكومية أخرى تابعة لوزارة المالية. وهنا يجب أن نشير إلى أن نجاح تحويل إدارة بحجم الإدارة الضريبية إلى هيئة مستقلة يمكن أن يسهم فى تعميم التجربة فى العديد من الجهات الحكومية.
قد يكون تناول أى فكرة جديدة مشوبًا بالحذر، وهذا ليس عيبًا؛ لذا علينا أن نُلقى نظرة سريعة على بعض الدول التى طبقت هذا النظام ونجحت فى تحقيق أهدافها منها: سنغافورة حيث تأسست الهيئة عام 1992، وفى ماليزيا تأسست هيئة الضرائب المستقلة عام 1996، وكندا التى تم تأسيس هيئة الضرائب فيها كهيئة مستقلة فى 1998، وفى فنلندا تأسست الهيئة فى 2003 كهيئة مستقلة وفى إثيوبيا تأسست هيئة الضرائب المستقلة عام 2008 وغير هذه الكثير. وفى هذه الدول جميعا تم تطبيق مبادئ الحوكمة فى هيئة للضرائب مستقلة تماما فى إدارة مواردها مع إيجاد هيكل قوى للمراجعة الداخلية ونظام رقابى صارم.
وفى إفريقيا قامت دول مثل جنوب إفريقيا وكينيا وأوغندا وغانا وزامبيا، على سبيل المثال وليس الحصر، بتطبيق نموذج هيئات الضرائب المستقلة- ضمن برنامج إصلاح ضريبى متكامل- بهدف التخلص من تدنى الأداء مما حقق لهم طفرة هائلة فى نسبة الحصيلة الضريبية من إجمالى الناتج المحلى؛ فغانا مند بداية التطبيق فى 1983 وحتى 1994 زادت نسبة الضرائب من إجمالى الناتج المحلى من 4.6% إلى 17%، وأوغندا زادت نسبة الضرائب من إجمالى الناتج المحلى عند بداية التطبيق 1990/1991-1995/1996 من 7%-11% أما جنوب إفريقيا فقد حقق ذلك ارتفاع نسبة الحصيلة الضريبية إلى الناتج المحلى الإجمالى من 26.8% إلى 29.2% من عام 1994 إلى عام 1998.
مُجمل القول.. لقد وضعت القيادة السياسية الإصلاح الضريبى كأولوية لتحقيق النمو الاقتصادى فى مصر وقطعت الحكومة خطوات جادة فى هذا الطريق إلا أن وجود هيئة مستقلة للضرائب فى مصر أصبح ضروريًا فى ظل تصاعد أهمية الضرائب وفى ظل ما تحمله هذه الفكرة من شفافية وإدارة مستقلة تمنحها حرية اتخاذ القرارات وتلقى على عاتقها مسؤولية نتائج هذه القرارات فى ظل تطبيق مبادئ الحوكمة والإدارة الرشيدة، ولا تقل مصر من حيث الخبرة والقدرة على الإدارة والعنصر البشرى المُدرب عن أى دولة طبقت هذا النظام؛ فنحن قادرون على إنجاح منظومة الضرائب فى مصر وترقيتها لمَصاف الدول المتقدمة.
* نائب وزير المالية السابق
 


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.