رئيس جامعة حلوان يهنئ السيسي والأمة الإسلامية بحلول عيد الأضحى المبارك    وزير الخارجية يؤكد لنظيره الرواندي ضرروه التهدئة بمنطقة البحيرات العظمى    «يمامة» يكشف حقيقة توافق «الوفد» مع قوى سياسية لخوض انتخابات الشيوخ 2025    محافظ بني سويف يتلقى التهاني بعيد الأضحى من قيادات الكنائس والطوائف المسيحية    «الزراعة» تتابع إجراءات منع التعدي على الأراضي الزراعية خلال عيد الأضحى    مواعيد غلق المحلات والمقاهى والمطاعم خلال إجازة عيد الأضحى 2025    وزير الكهرباء يبحث مع AMEA POWER الإماراتية زيادة التعاون فى الطاقة المتجددة    نائب وزير المالية: حريصون على سرعة إنهاء الإجراءات الجمركية    أردوغان: مفاوضات اسطنبول خطوة تاريخية لإنهاء حرب أوكرانيا    بريطانيا: نظام المساعدات الإسرائيلي الجديد لغزة غير إنساني    الاتحاد الأوروبي يعلن حزمة دعم ب 175 مليون يورو لسوريا    الرئيس البرازيلي: الاعتراف بدولة فلسطينية واجب أخلاقي    زلزال بقوة 4.6 درجة على مقياس ريختر يضرب بحر إيجة    "أمر طبيعي".. لاعب بالدوري التشيكي يكشف حقيقة تواجده مع الأهلي في مونديال الأندية    نجم الأهلي السابق: بيراميدز أفضل من الزمالك ولكن    «إساءة لنا».. تعليق ناري من نجم الزمالك السابق على سب هاني شكري لجمهور الأهلي    طارق يحيى: حظوظ الزمالك متساوية مع بيراميدز للفوز بكأس مصر    لماذا يعتبر فيفا الموسم يقتصر على الدوري والكأس فقط؟ خبير لوائح يجيب    مصرع شاب دهسا أسفل عجلات سيارة نقل ثقيل في الفيوم    استعدادا ل عيد الأضحى.. رفع درجة الاستعداد داخل مستشفيات دمياط    أحمد سعد يحيي أولى حفلاته في بورتو مارينا ضمن احتفالات عيد الأضحى 2025    احتفالا بالعيد.. عروض فنية لقصور الثقافة بمتحف الحضارة ونادي 6 أكتوبر    وزير الدفاع الأمريكى: شبه إجماع بين أعضاء الناتو على رفع نسبة الإنفاق إلى 5%    مها الصغير تغني في "معكم منى الشاذلي".. وتؤكد: الرجل هو الأمان    محمد منير يستعد لطرح أول أغانيه مع روتانا    تهنئة عيد الأضحى 2025.. أجمل العبارات المكتوبة (ارسلها لأحبائك الآن)    3 أبراج تهرب من الحب.. هل أنت منهم؟    يوم عرفة.. موعد أذان مغرب الخميس 9 من ذي الحجة 2025    حذرت من صلاة الرجال بجوار النساء.. الأوقاف تصدر تنبيها هاماً بخصوص تنظيم صفوف الصلاة في مصلى عيد الأضحى    كيف تؤدى صلاة العيد؟.. عدد ركعاتها وتكبيراتها وخطواتها بالتفصيل    الصحة: فحص 17.8 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف عن الأمراض المزمنة    رئيس هيئة التأمين الصحي يزور مستشفى أطفال مصر    قوافل طبية تجوب قرى أبو المطامير بالبحيرة وتوقع الكشف على 1000 مواطن    لهذه الأسباب.. طبيب بيراميدز يحذر من موعد نهائي كأس مصر    جامعة بنها تشارك في النسخة الثالثة من المؤتمر الدولي للمناخ والبيئة    أول تعليق من بسمة بوسيل بعد تحسن حالة نجلها آدم تامر حسني الصحية    المصرية للاتصالات WE تعلن الإطلاق الرسمي لخدمات الجيل الخامس في مصر    استشاري تغذية مُحذرًا من شوي اللحمة: يعرّض للإصابة بالأورام - فيديو    أثناء كلمة مندوب إسرائيل.. انسحاب وفد مصر من مؤتمر العمل الدولى بجنيف تنديدًا بجرائم الاحتلال    مفاجأة.. ماسك طلب تمديد مهمته في البيت الأبيض وترامب رفض    العودة للزمالك أو الاستمرار.. رئيس البنك الأهلي يكشف لمصراوي مصير نيمار    ألمانيا تسعى لبناء أقوى جيش أوروبي.. تحديات ملحة وخطط طموحة حتى 2029    كل ما تريد معرفته عن جبل عرفات ويوم عرفة    الاحتلال يستهدف صحفيين في مستشفى المعمداني واستشهاد 3    ارتفاع أسعار 3 أنواع من الكتاكيت واستقرار البط اليوم الخميس 5 يونيو 2025    الهلال يعلن إنزاجي مديرا فنيا للأزرق لمدة موسمين    «في وقفة عرفات».. موعد أذان المغرب بالمحافظات    التنظيم والإدارة: إعلان باقي مسابقات معلم مساعد لمعلمي الحصة خلال يونيو الجاري    سقوط تشكيلين عصابيين وكشف غموض 28 جريمة سرقة ب"الإسكندرية وبني سويف"    تعليم القاهرة تعلن أماكن مقار لجان قبول اعتذارات الثانوية العامة    قبل عيد الأضحى.. حملات تموينية بأسوان تسفر عن ضبط 156 مخالفة    من مسجد نمرة إلى جبل الرحمة.. الحجاج يحيون الركن الأعظم في تنظيم استثنائي    مصرع عامل في حادث انقلاب دراجة نارية بالمنيا    تكثيف الحملات التموينية المفاجئة على الأسواق والمخابز بأسوان    موقع الدوري الأمريكي يحذر إنتر ميامي من خماسي الأهلي قبل مونديال الأندية    أسعار البيض بالأسواق اليوم الخميس 5 يونيو    مسجد نمرة يستعد ل"خطبة عرفة"    عالم أزهري: أفضل أيام العشر يوم النحر يليه يوم عرفة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوعى بعد فوات الأوان
نشر في المصري اليوم يوم 03 - 12 - 2019

يطرح هذا المقال سؤالًا محوريًا هو على النحو الآتى: لماذا دائمًا الوعى بعد فوات الأوان؟، وما يدعونا لطرح هذا السؤال هو ما نشهده الآن من ظواهر غريبة مناقضة للعقل فى وسائل الإعلام وما نطالعه عن تلك الظواهر فى المجلات والجرائد، وأزيد الأمر إيضاحاََ فأشير إلى الفجوة العميقة بين الواقع الذى يموج بأحداث وسلوكيات لا تمت إلى العقل بصلة سواء فى مجال الفكر الدينى أو الثقافة الشعبية من جهة، ووعى المثقفين والكتاب والإعلاميين بمدى خطورة هذا الواقع على مستقبل المجتمع المصرى من جهة أخرى، مما يدل على سمة مهمة بدأ يتميز بها المجتمع المصرى، وهى الوعى بعد فوات الأوان. وأعنى بذلك الوعى بما يدور فى الواقع أو بالأدق الحياة، وهى فى حالة حركة يومية، وهذه الحركة ليست عشوائية، إذ هى محكومة بقوانين وبمنطق، وهذا هو ما دلل عليه الفيلسوف الألمانى هيجل 1770 1831م من خلال ما أطلق عليه المنطق الجدلى الذى يقوم على ثلاثة قوانين هى:
القانون الأول: وحدة وصراع الأضداد، ومعناه أن الشىء يحيا فى حالة تناقض، ولكن هذا التناقض لا يعنى التشتت وإنما يعنى وحدة الشىء، القانون الثانى: الانتقال من التراكمات الكمية إلى التغيير الكيفى، ومعناه أن النقلة النوعية للمجتمع لا تتم إلا بتراكمات، والنتيجة المترتبة على ذلك هى أن المجتمع الذى تمتنع فيه التراكمات يتوقف عن التطور، القانون الثالث: نفى النفى، ومعناه أن المجتمع ينفى نظامه القائم بنظام جديد، ثم ينفى نظامه الجديد بإحداث توليفة من النظامين القديم والجديد تأخذ بما هو إيجابى فى كل منهما.
والآن.. نبدأ فى تطبيق هذه القوانين الثلاثة على المجتمع المصرى، فماذا نرى؟
للجواب عن هذا السؤال أجتزئ من تاريخ المجتمع المصرى الحقبة الزمانية ابتداء من ثورة 1952 التى كانت تنشد تأسيس نظام اجتماعى جديد مناقض للنظام القديم، فماذا حدث لهذا النظام الجديد من تطور؟.
قلنا إن الشىء ينطوى على نقيضه، فما هو نقيض ثورة 1952 الكامن فيها؟، إنها حركة الإخوان المسلمين، فهذه الحركة لا يمكن فصلها عن داخل تلك الثورة، ولا أدل على ذلك من أن الصراع بين الضباط الأحرار وحركة الإخوان المسلمين كان قائمًا فى إطار وحدة غامضة، فقد عرض جمال عبدالناصر على الإخوان تشكيل هيئة واحدة هى هيئة التحرير، على أن تضم الإخوان، بشرط ذوبانهم فى نهاية المطاف، ورفضت حركة الإخوان اقتراح عبدالناصر، ومن أجل منع الذوبان قرر الإخوان اغتيال عبدالناصر فى 26 أكتوبر 1954 وهو يخطب فى ميدان المنشية بالإسكندرية، وكان فى ظنهم أنهم بذلك يدخلون فى وحدة مع الثورة ولكن من خلال الصراع وهو هنا الاغتيال، إلا أن الاعتقالات التى مستهم أفشلت تطبيق القانون الأول، وهو وحدة وصراع الأضداد، فلجأوا إلى الاستعانة بالقانون الثانى وهو إحداث تراكمات كمية يكون من شأنها إحداث نقلة كيفية وهى الاستيلاء على السلطة، وبدأت الحركة تطبيق هذا القانون بصدور كتاب «معالم فى الطريق» عام 1957 وتحت شعار الحاكمية لله، وفى 1967 فسر الإخوان الهزيمة بأنها مردودة إلى انتقام الله من عدم تطبيق مبدأ الحاكمية لله.. وفى عهد أنور السادات حدث تراكم آخر، وهو تعاونهم مع السادات من أجل تصفية الناصرية واليسار، وبعد إتمام التصفية طالب الإخوان السادات بإعلان الدولة الإسلامية، فرفض، وعندئذ تم اغتياله فى 6 أكتوبر 1981، وبعدها بدأ التيار الإسلامى الأصولى بزعامة حركة الإخوان التغلغل فى جميع مؤسسات الدولة الخاصة والعامة، ثم تبلور هذا التدخل فى ظاهرة حجاب المرأة إلى الحد الذى فرض فيه الحجاب على الأطفال فى المدارس، وتبلور هذا التغلغل أكثر وأكثر فيما قام به الدعاة من الرجال والنساء فى المساجد والزوايا، خاصة فى الأحياء الشعبية من نشر الفكر الأصولى اللاعقلانى وفرض فتاوى تروج للفكر الخرافى، ثم تدعم هذا التغلغل بإنشاء القنوات الدينية الفضائية من أجل السيطرة الكاملة المحكمة على عقول الناس، أما فى مجال التعليم العام والعالى فقد كان منذ البداية هو الركيزة الاستراتيجية لنشر فكر الإخوان فى المجتمع المصرى، وقد نجحوا نجاحًا باهرًا فى تحقيق هذا الهدف الاستراتيجى ابتداء من المرحلة الأساسية فى التعليم مرورًا بالمرحلة الثانوية ووصولًا إلى التعليم العالى الذى يتحكم فيه أساتذة ينتمون إلى فكر الإخوان، مما دفعهم فى مرحلة ما إلى تأييد وتدعيم ما سمى «اتحاد الطلاب الحر» الذى كان يرفع شعار الإخوان، هذا بالإضافة إلى سيطرة التيار الإخوانى على النقابات المهنية بالكامل.
كل هذه أدلة دامغة على نجاح الإخوان فى تطبيق القانون الثانى، مما أدى إلى حتمية الوصول إلى القانون الثالث وهو نفى النفى، أى نفى الواقع الراهن للمجتمع المصرى، ثم نفى هذا النفى، أى إحلال واقع جديد محله، وهو إعلان الجمهورية الإسلامية على يد الرئيس محمد مرسى الذى وصل إلى الحكم عن طريق صناديق الانتخابات.
كل هذا حدث ومازال يحدث فى غفلة من المثقفين المصريين، وأعنى بهم الأفراد المشتغلين بالكتابة سواء الصحفية أو الأكاديمية أو الأدبية، والرافضين فكر الإخوان وسيطرتهم على المجتمع المصرى، على حد قولهم، فهؤلاء المثقفون كانوا ومازالوا منشغلين بقضايا لا تمت إلى ما يحدث فى المجتمع المصرى بصلة مثل السخرية من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، والدفاع عن حقوق الإرهابيين فى حرية التعبير بدعوى حقوق الإنسان، وقضايا أخرى هامشية.
وعندما انغمس المثقف المصرى فى هذه القضايا، فإنه فى نفس الوقت تنازل طواعية عن دوره الجوهرى الذى يكمن فى مسؤوليته تجاه تغيير ذهنية المواطن المصرى وإعادة بناء عقله فى اتجاه التنوير ومواجهة التخلف، ونتجت عن هذا التنازل حالة موت وسكون، أى خروج عن قوانين الديالكتيك، فى مقابل حركة التراكم التى كان يقوم بها التيار الإخوانى ومازال، بهدف الوصول إلى الحكم مرة ثانية، ومما يزيد الأمر خطورة أن هذا التنازل من جانب المثقفين عن دورهم قد نتج عنه الإحجام التام عن مواجهة التيار الأصولى الدينى المدعم بالإرهاب وعدم تأسيس تيار مغاير وبديل له، هذا على الرغم من الدعوات المتكررة لرئيس الدولة التى يعبر فيها عن استعداد السلطة السياسية لتدعيم تأسيس هذا التيار المنشود.
والسؤال الآن: هل إحجام المثقفين عن تأسيس تيار بديل ومغاير للتيار الأصولى المدعم بالإرهاب مردود إلى عدم رغبة المثقفين فى ذلك، أم لغياب وعيهم بضرورة حدوث ذلك، أم إلى ما أسميه الوعى بعد فوات الأوان؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.