أعلن كل من وزيرى البترول والطاقة فى مصر وإسرائيل عن باكورة ضخ الغاز الطبيعى من إسرائيل إلى مصر أمس، ما يمثل تطورا مهما يخدم المصالح الاقتصادية لكلا البلدين، حيث سيمكن هذا التطور إسرائيل من نقل كميات من الغاز الطبيعى لديها إلى أوروبا عبر مصانع الغاز الطبيعى المسال المصرية، فى إطار دور مصر المتنامى كمركز إقليمى للغاز. وسيعلن الوزيران: المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، ويوفال شتاينتز، وزير الطاقة الإسرائيلى، هذا التطور أثناء المؤتمر الوزارى لمنتدى غاز شرق المتوسط والذى سيعقد اليوم بالقاهرة. ومن المتوقع أن يوافق وزراء الطاقة المصرى والقبرصى والإسرائيلى واليونانى والإيطالى والأردنى والفلسطينى على تأسيس منظمة إقليمية للغاز خلال انعقاد القمة. وقال مصدر مسؤول بوزارة البترول، إن مصر ستستقبل نحو 200 مليون قدم من الغاز الإسرائيلى يوميًا فى بداية تنفيذ اتفاق استيراد الغاز من إسرائيل، والذى يتم لأول مرة، مضيفا فى تصريحات خاصة، أن الكميات ستتم زيادتها مرحليًا طبقًا للاتفاق واحتياجات السوق خلال الفترة المقبلة. ورفض المصدر، الذى طلب عدم ذكر اسمه، الكشف عن قيمة المليون وحدة حرارية فى الاتفاق الذى تم توقيعه بين شركة دولفينوس فى الجانب المصرى والشركات المنتجة فى إسرائيل، مؤكدًا أن الشركة تقدمت إلى جهاز تنظيم تداول الغاز وحصلت على الموافقة باستيراد الغاز مع إمكانية تصديره إلى الخارج أو بيعه فى السوق المحلية. وفيما يتعلق بالكميات المتفق على استيرادها من جانب إسرائيل وهل سيتم استهلاكها فى السوق المحلية أو تصديرها إلى الخارج قال: «إن هذا سيكون طبقًا لاحتياجات السوق، حيث إن الهدف الأساسى من الاتفاق تصدير هذه الكميات لصالح إسرائيل ولكن فى حالة احتياج أى من الشركات المحلية لهذا الغاز يمكن لها التعاقد مباشرة مع الشركة المستوردة للغاز». وحول تقدم شركات أخرى للحصول على موافقة جهاز تنظيم الغاز للدخول فى سوق تجارته، قال إنه لم تحصل أى شركة أخرى على تراخيص حتى الآن، وتابع أن تجارة الغاز أمر معمول به فى كل الدول وأن الدول المنتجة للغاز ومنها أمريكا تقوم بتصدير الغاز واستيراده فى الوقت نفسه. وكانت شركة دولفينوس المصرية وقعت اتفاقا مع شركات إسرائيلية لاستيراد غاز من إسرائيل من خلال حقول «ليفياثان وتمار»، وبموجب الاتفاق ستورد الشركات نحو 85.3 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى لمصر، على مدى 15 عاما بقيمة نحو 20 مليار دولار. وكشف مصدر آخر، فضل عدم ذكر اسمه، أن الشبكة القومية للغازات بها كميات كبيرة من الغاز حاليًا، وأن هناك تراجعا فى معدلات الاستهلاك حاليًا نتيجة فصل الشتاء، وتابع أن تنفيذ الاتفاق جاء تحقيقيا للمصلحة، خصوصًا أن الاتفاق على استيراد الغاز تم بعد تسوية قضايا التحكيم ضد الجانب المصرى ولكن ليس هناك احتياج لغاز إسرائيل فعليا. وحول إمكانية زيادة معدل التصدير، أوضح أن هناك تراجعا فى سعر السوق العالمية للغاز حاليا وهو ما يقلل من الجدوى الاقتصادية للتصدير حاليًا. فى سياق متصل، أكد الخبراء أن الاتفاق على استيراد الغاز من إسرائيل سيكون له أثر إيجابى على الاقتصاد المصرى، حيث سيساهم فى زيادة الصادرات البترولية، بالإضافة إلى تحقيق قيمة مضافة بعد إسالته فى المحطات المصرية والحصول على عوائد مقابل نقله وتسييله. وقال المهندس محمد سعد الدين، رئيس جمعية مستثمرى الغاز، إن استيراد الغاز من إسرائيل «صفقة تجارية بحتة» وليس له علاقة بالسياسة، مشيرًا إلى أن الخط المستخدم فى نقل الغاز من إسرائيل الى مصر وهو «خط غاز المتوسط» غير مستغل منذ توقف تشغيله فى تصدير الغاز إلى إسرائيل عقب ثورة يناير. وتابع أن مصر لديها بنية أساسية قوية فيما يتعلق بشبكة نقل الغاز داخليا، فضلا عن محطات الإسالة والتى تمتلك مصر فيها حصة تصل لنحو 24%، مشيرا فى تصريحات ل«المصرى اليوم» إلى أن تصدير الغاز الإسرائيلى إلى مصر سيسهم فى حصول مصر على مقابل مرور الغاز وتسييله فى المحطات المصرية، وبالتالى سيكون له أثر جيد على تحقيق عائدات، فضلا عن تحقيق قيمة مضافة وزيادة الصادرات المصرية. وقال إن هناك جانبا آخر يمكن الاستفادة منه وهو أن غاز إسرائيل يمكن استخدامه داخليا فى مناطق سيناء والمنطقة الشرقية، والتى يغيب عنها الإنتاج المحلى ويتم نقل الغاز من شمال مصر إلى المنطقة الشرقية لتشغيله هناك ولكن مع وصول الغاز الإسرائيلى يمكن استخدامه فى المنطقة الشرقية على أن يتم تعويض الجانب الإسرائيلى بكميات مماثلة من المنتجة فى المنطقة الشمالية مباشرة. وقال رئيس جمعية مستثمرى الغاز، إن زيادة التشابك الاقتصادى بين البلدين يمكن أن يساهم فى ضمان موقف إسرائيل المساند إلى الجانب المصرى فى أى مواقف خارجية لما بينهما من مصالح مشتركة، وأكد على أهمية هذه الصفقة فى حل قضايا التحكيم، مشيرا إلى عدم حاجة مصر إلى الغاز الإسرائيلى للاستهلاك المحلى ولكن «سنحقق منه عائدا اقتصاديا وسيتم بيعه لحساب الطرف الإسرائيلى بالأسعار العالمية». وحول تدنى السعر العالمى حاليا قال إن قرار البيع سيكون من جانب إسرائيل والشركة المستوردة وليس لنا دخل فيه، وإن دور مصر يقتصر على تحصيل رسوم المرور والتسييل فقط. وقال أحد الخبراء، فضل عدم ذكر اسمه، إن تنفيذ الاتفاق جاء بعد تسوية قضايا التحكيم من الجانب الإسرائيلى، مشيرا إلى أن هذا ما يفسر ضرورة تنفيذ الاتفاق رغم أن مصر ليست فى حاجة إلى هذا الغاز وأن الإنتاج المحلى يغطى الاستهلاك ويزيد أيضا ويتم تصدير كميات إلى الخارج. وكانت، الجلسات التحضيرية لأعمال منتدى غاز المتوسط بالقاهرة، انطلقت أمس، بحضور وزراء البترول فى الدول الأعضاء وهى مصر والأردن وإسرائيل وقبرص واليونان إلى جانب ممثلين من الاتحاد الأوروبى. وفيما يتعلق بالاتفاق الخاص بخط «ايست ميد» والذى يقضى بإقامة خط لنقل الغاز من إسرائيل إلى قبرص واليونان ومنه إلى إيطاليا، قال مصدر مسؤول بالوزارة، إن هذا الاتفاق لا يؤثر على خطة مصر للتحول إلى مركز إقليمى للطاقة حيث إن مصر لديها بنية أساسية قوية ولا تحتاج إلى الدخول فى مثل هذا الخط، فضلا عن وجود اتفاق موقع مع قبرص لإقامة خط غاز لتسييل الغاز القبرصى لدى مصر وتصديره إلى أوروبا فى إطار خطة أوروبا لتنويع مصادر الطاقة لديها. وأضاف أن هناك مشكلات فنية تواجه تنفيذ خط «إيست ميد» فعليا نظرا لإقامته فى المياه العميقة بطول 1900 كيلو متر ويحتاج إلى استثمارات ضخمة تصل لنحو 7 مليارات دولار.