إيران تتهم أمريكا بالانخراط في قرصنة الدولة بمنطقة البحر الكاريبي    اليوم.. الأهلي يواجه إنبي في بداية مشواره بكأس عاصمة مصر    28 لاعبًا في قائمة نيجيريا استعدادًا لأمم إفريقيا 2025    وكيل الشباب بالفيوم يشهد انطلاق انعقاد الجمعية العمومية لنادي المحافظة الرياضي    مقتل تاجر مواشي وإصابة نجله على يد مزارع وأبنائه في خصومة ثأرية بالبحيرة    مصرع 3 أشخاص في انهيار حفرة تنقيب عن الآثار داخل منزل بالفيوم    رحيل الناشر محمد هاشم مؤسس دار ميريت    الحصر العددي، المرشحون الأكثر حصولًا على الأصوات في انتخابات النواب بالمنيا    حكومة الاحتلال تصادق على تنظيم 19 مستوطنة جديدة بالضفة الغربية    طريق للجنسية أقوى من الجرين كارد.. ماذا قال ترامب عن البطاقة الذهبية؟    الحصر العددي لأصوات الناخبين في دائرة المنتزه بالإسكندرية    وزارة التموين ترجئ افتتاح سوق اليوم الواحد بمنطقة بالمرج إلى الأحد المقبل    وزير الاستثمار يطرح رؤية مصر لتنفيذ اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية    مواعيد مباريات الجمعة 12 ديسمبر 2025.. ربع نهائي كأس العرب والأهلي في عاصمة مصر    سبورت: الأهلي لن يسهل انتقال عبد الكريم إلى برشلونة    مصر تحصد ميداليتين في منافسات الوثب العالي والقرص بدورة الألعاب الأفريقية    بالبنك المركزي 47.46 جنيه.. سعر الدولار اليوم الجمعة 12-12-2025 أمام الجنيه    وزير الخارجية يلتقي نظيره الأنجولي    هطول أمطار على أحياء الإسكندرية والصرف الصحي يتدخل| صور    الصرف الصحي يهدد الأموات بالغرق والأحياء بالمرض في فاو قبلي بقنا    التموين تواصل صرف مقررات شهر ديسمبر على بطاقات التموين    وزير الثقافة: انطلاق مؤتمر أدباء مصر بدورته ال37 فى العريش 26 ديسمبر    «الصحة»: H1N1 وRhinovirus أكثر الفيروسات التنفسية إصابة للمصريين    «المجلس الأعلى لمراجعة البحوث الطبية» ينظم ندوة لدعم أولويات الصحة العامة في مصر    صندوق رعاية المبتكرين والنوابغ ينظم ورشة عمل تفاعلية للباحثين ضمن برنامج (R2E)    انطلاق القافلة الدعوية بين الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء إلى مساجد شمال سيناء    رئيس جامعة العاصمة: تغيير الاسم لا يمس الهوية و«حلوان» تاريخ باق    وزيرة التنمية المحلية تناقش مع محافظ القاهرة مقترح تطوير المرحلة الثانية من سوق العتبة    ترامب يوقع أمراً تنفيذيا لمنع الولايات من صياغة لوائحها الخاصة بشأن الذكاء الاصطناعي    الصحة: إغلاق مركز Woman Health Clinic للعمل دون ترخيص وضبط منتحل صفة طبيب    مؤشرات أولية.. الإعادة بين 6 مرشحين في الدائرة الأولى بانتخابات النواب في المنيا    جوتيريش: عام 2025 شهد أكبر توسع للاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية    أمريكا تغرق.. فيضانات عارمة تتسبب في عمليات إجلاء جماعية بولاية واشنطن    رئيس وزراء تايلاند يحل البرلمان ويمهد لإجراء انتخابات جديدة    طريقة عمل الأرز بالخلطة والكبد والقوانص، يُقدم في العزومات    اليابان ترفع التحذير من وقوع تسونامي بعد زلزال بقوة 6,7 درجات    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 والقنوات الناقلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 12-12-2025 في محافظة قنا    كيف أصلي الجمعة إذا فاتتني الجماعة؟.. دار الإفتاء تجيب    القطري عبد الرحمن الجاسم حكما لمباراة بيراميدز وفلامنجو    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 12-12-2025 في قنا    ثقافة أسيوط تنظم ندوتين حول اليوم العالمي لحقوق الإنسان والتنمر    ياسمين عبد العزيز: غلطت واتكلمت في حاجات كتير مش صح.. والطلاق يسبب عدم توازن للرجل والمرأة    ياسمين عبد العزيز: خسرت الفترة الأخيرة أكثر ما كسبت.. ومحدش يقدر يكسرني غير ربنا    اللجنة العامة بأسيوط تستقبل محاضر الحصر العددي اللجان الفرعية استعدادا لإعلان النتيجة (فيديو)    «ترامب» يتوقع فائزًا واحدًا في عالم الذكاء الاصطناعي.. أمريكا أم الصين؟    الحصر العددي لدائرة حوش عيسى الملغاة بانتخابات النواب بالبحيرة    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    جوتيريش: غارات إسرائيل المستمرة فى غزة ما زالت تتسبب بخسائر كبيرة    ظهر في حالة أفضل، أحدث ظهور لتامر حسني مع أسماء جلال يخطف الأنظار (فيديو)    رد مفاجئ من منى زكي على انتقادات دورها في فيلم الست    الصحة: نجاح استئصال ورم خبيث مع الحفاظ على الكلى بمستشفى مبرة المحلة    رئيس الطائفة الإنجيلية: التحول الرقمي فرصة لتجديد رسالة النشر المسيحي وتعزيز تأثيره في وعي الإنسان المعاصر    رحيل الشاعر والروائى الفلسطينى ماجد أبو غوش بعد صراع مع المرض    طريقة عمل كيكة السينابون في خطوات بسيطة    أيهما الزي الشرعي الخمار أم النقاب؟.. أمين الفتوى يجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفاوضات سد النهضة فى مفترق الطرق

شهدت مفاوضات سد النهضة خلال السنوات الماضية مسارات وسيناريوهات مختلفة عكست أحداثًا وتغيرات فى موازين القوى فى المنطقة، بدءاً بثورة يناير المصرية عام 2011 وتداعياتها على الداخل المصرى، ثم الاضطرابات المحلية والقبلية بإثيوبيا وتغيير قيادتها السياسية، وتلاها ثورة السودان وتغيير نظام الحكم، بينما تحقق مصر نمواً واستقراراً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً مع تطور عسكرى كبير.
وكان نتيجة للوهن المصرى عقب أحداث ثورة يناير 2011 والانفلات الأمنى والانقسام المجتمعى، أنّ تشجعت إثيوبيا على وضع حجر أساس سد النهضة بعد أسابيع قليلة من انطلاق الثورة المصرية، وقبول مصر وقت حكومة عصام شرف بالشروط الإثيوبية المجحفة لتشكيل اللجنة الدولية لتقييم الدراسات الإثيوبية لسد النهضة. فقد كان أحد هذه الشروط أن تقر مصر بأنّ سد النهضة تحت الإنشاء بالرغم من عدم بناء حجر واحد فى جسم السد وقتذاك، وقبلت مصر الإقرار بالسد وإنشاءاته ولم تعترض عليه أو حتى المطالبة بوقف إنشاءاته حتى استكمال الدراسة. وكان من الشروط أيضاً أن توافق مصر على أن نتائج دراسات اللجنة الدولية غير ملزمة للدول بل استشارية فقط، وأن تأخذ بها إثيوبيا أو لا، فهذا أمر يرجع للإدارة الإثيوبية ومشيئتها.
وبعد مرحلة المجلس العسكرى جاءت مرحلة الإخوان المسلمين، وأتذكر الرئيس الأسبق محمد مرسى فى مقابلة تليفزيونية قبل الانتخابات الرئاسية عند سؤاله عن رأيه فى مشكلة سد النهضة، قال ما معناه إن الله معنا وسيزيد من الأمطار ومن إيراد النهر ويحفظ مصر. وكلنا نتذكر حضور الرئيس الأسبق اجتماع الاتحاد الإفريقى فى إثيوبيا وأثناء رحلة عودته إلى القاهرة قامت إثيوبيا بتحويل مسار النيل الأزرق للبدء فى إنشاءات سد النهضة.
.. وبعد ذلك بأيام قليلة، قامت اللجنة الدولية بنشر ملخص تقريرها النهائى عن الدراسات الإثيوبية لسد النهضة، منتهية إلى تدنى مستوى هذه الدراسات وقصورها وأنّه يجب إعادتها، وأنّ هناك تأثيرات سلبية كثيرة للسد على مصر. وتلى ذلك هوجة إعلامية وتصريحات جوفاء ثم اجتماع للقيادات الحزبية السياسية الدينية وقتذاك مع الرئيس الأسبق محمد مرسى، وكان الاجتماع مذاعاً على الهواء وتم الإعلان فيه عن حروب وغزوات تليفزيونية أضرت كثيراً بسمعة مصر ومكانتها الاستراتيجية. والغريب أنّ حكومة الإخوان حجبت تقرير اللجنة الدولية عن العامة والخاصة ولم تسمح بنشره إعلامياً، وكذلك دولة السودان، خوفاً من «زعل» الحكومة الإثيوبية وحفاظاً على مشاعرها الرقيقة.
وجاءت ثورة يونيو 2013 وتم تكليف رئيس مؤقت للبلاد وحكومة جديدة لم تقدم شيئاً لهذه القضية فى ظل انقسامات داخلية عنيفة، واعتصامات الإخوان المسلمين وفضها والقبض على قياداتها، وهجمات إرهابية شرسة على مصر من الشرق والغرب، وما صاحب ذلك من أزمات. ثم تولى الرئيس السيسى قيادة البلاد فى ظروف صعبة من تجميد عضوية مصر فى الاتحاد الإفريقى، وتدخلات دولية متكررة من الولايات المتحدة وأوروبا فى شؤون البلاد، بالإضافة إلى أزمات نقص خدمات تمس الاحتياجات الأساسية للمواطن المصرى. وتم لقاء الرئيس المصرى مع رئيس وزراء إثيوبيا فى اجتماع الاتحاد الإفريقى فى غينيا الاستوائية، وتم الاتفاق على استكمال مفاوضات سد النهضة للنظر فى تنفيذ توصيات اللجنة الدولية.
واليد العليا فى المفاوضات كانت لإثيوبيا، فأخذت تفرض شروطها التفاوضية واحداً بعد الآخر، سواء من استبعاد الخبراء الأجانب من اللجنة الثلاثية أو استبعاد دراسة السلامة الإنشائية للسد من الدراسات الاستشارية المطلوبة، وقبلت مصر بهذه الشروط فى ظل تضامن سودانى- إثيوبى واضح. والنتيجة أنه لم يتم تحقيق أى شىء يُذكر فى المفاوضات حتى مارس 2015، فتم توقيع إعلان المبادئ لتحريك المفاوضات، والذى أكد موافقة مصر الصريحة على سد النهضة، بعد الانتهاء من نسبة كبيرة من إنشاءاته. وشمل إعلان المبادئ تعهداً إثيوبياً باستكمال دراسات السد وتداعياته على دولتى المصب للاتفاق على قواعد تخزين وتشغيل السد، واستمرت إثيوبيا فى المماطلة والتعنت ولم تكلل المفاوضات بأى نجاح أو تحرك إيجابى. واستمرت المناورات الإثيوبية لمد فترات التفاوض بدون تحقيق أى شىء يُذكر، واستمرت إثيوبيا فى تصريحاتها العنترية عن السيادة على المياه النابعة من أراضيها. فقامت مصر بالإعلان عن فشل المفاوضات، وطالبت بالوساطة الدولية، ورفعت الأمر إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة لتدويل القضية، وجاء التدخل الأمريكى لنزع فتيل هذه الأزمة بين الدولتين الحليفتين. والغرب، بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، هو الداعم الأساسى لإثيوبيا فى المنطقة مادياً وعسكرياً، وهو من وراء الزخم الإعلامى حول نموها الاقتصادى بالرغم من هشاشة الداخل الإثيوبى.
الهدف من المفاوضات الجارية هو الاتفاق على قواعد ملء السد وتشغيله، وبما يجنب مصر والسودان أزمات مائية طاحنة بعد تهميش دور السد العالى كمخزون مائى استراتيجى. وإثيوبيا بعد أن نجحت فى الحصول على اعتراف مصر بالسد وسعته مازالت تطمع أيضاً فى الحصول على حصة مائية من النيل الأزرق لتوسعات زراعية مستقبلية وبناء مزيد من السدود على حساب حياة الشعبين المصرى والسودانى. وإثيوبيا تتغافل عن اختلال ميزان القوى التى كانت تعتمد عليه، وتتغافل أيضاً أنها بالفعل لديها حصة مائية من مياه النيل الأزرق تتمثل فى فواقد سد النهضة، والتى تزيد على 3 مليارات متر مكعب سنوياً، بالإضافة إلى كمية مماثلة تقريبًا من المياه للزراعات القائمة على مشروع تانا بيليس ومجموعة من السدود الصغيرة فى أعالى النيل الأزرق، وإثيوبيا سوف تستخدم كامل تدفق النيل الأزرق فى توليد الكهرباء من سد النهضة. ولكن إثيوبيا فوق ذلك تريد مياهًا لتوسعات زراعية جديدة ولسدود جديدة على حساب استخدامات مصر والسودان الحالية فى الأغراض الحياتية، ويسقط عليها مئات المليارات من الأمتار المكعبة من الأمطار سنوياً وتنتشر بها الغابات ومراعى ثروة حيوانية هائلة للتصدير، وتزرع ملايين من الأفدنة الزراعية بالأمطار بما يكفى احتياجاتها وتصدر الباقى، بينما مصر تبلغ فيها الفجوة الغذائية حوالى 10 مليارات دولار سنوياً، وإذا استمر التعنت الإثيوبى فعلى مصر استغلال هذه الفرصة لتحييد دور الولايات المتحدة الأمريكية والغرب فى هذه القضية، حيث تستطيع مصر وقتها تحقيق أمنها المائى وعدم التفريط فى حقوقها.
د. محمد نصر الدين علام
وزير الموارد المائية والرى الأسبق
 
 
 


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.