صوّت الإيرانيون، أمس، فى انتخابات برلمانية من المرجح أن تعزز قبضة المحافظين على السلطة فى وقتٍ تواجه خلاله طهران ضغطًا أمريكيًا متصاعدًا بسبب برنامجها النووى، إضافة إلى تنامى السخط داخل البلاد. ومع استبعاد آلاف المرشحين المحتملين لصالح محافظين مؤيدين للزعيم الأعلى على خامنئى، فمن غير المتوقع أن يكون للانتخابات تأثير على العلاقة المتأزمة مع الولاياتالمتحدة. وعلى الرغم من أن سلطة البرلمان محدودة، فإن مكاسب غلاة المحافظين قد تضعف الإصلاحيين والمحافظين الذين يدعمون نظام الحكم، لكنهم يؤيدون مزيدًا من التواصل مع العالم. كما قد يعزز حصول غلاة المحافظين على المزيد من المقاعد فى البرلمان فرصهم فى انتخابات الرئاسة التى تجرى العام المقبل. وفاز الرئيس حسن روحانى، وهو إصلاحى، فى آخر جولتين لانتخابات الرئاسة بسبب تعهده بمزيد من الانفتاح لإيران على العالم. وتضرر الاقتصاد الإيرانى بشدة بعد انسحاب واشنطن فى 2018 من الاتفاق النووى المبرم بين طهران وقوى عالمية، مما أدى لصعوبات معيشية واسعة النطاق، وتصاعد التوتر بشدة بين إيرانوالولاياتالمتحدة منذ مقتل قاسم سليمانى، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثورى الإيرانى، فى ضربة جوية أمريكية بطائرة مسيرة بالقرب من مطار بغداد فى 3 يناير. وردت إيران فى 8 يناير بمهاجمة أهداف أمريكية فى العراق باستخدام صواريخ باليستية محلية الصنع، لكن هذه الهجمات لم تسفر عن سقوط قتلى، وإن كانت تسببت فى إصابات بالمخ لأكثر من 100 جندى أمريكى. ولحث الإيرانيين على المشاركة فى التصويت، عرض التليفزيون الرسمى مقاطع تظهر اصطفاف الناخبين للإدلاء بأصواتهم أمام عدة مراكز اقتراع أقيمت بشكل أساسى فى مساجد. وقال أحد الناخبين فى مسجد موجود داخل منطقة مقابر دُفن بها سليمانى فى مسقط رأسه: «جئت للتصويت، من واجبى أن أمضى على نهج الشهيد سليمانى». كان سليمانى ثانى أهم رجل فى إيران بعد المرشد الأعلى. وذكر التليفزيون الرسمى أن التصويت استمر لمدة 10 ساعات. ويحق لنحو 58 مليون إيرانى التصويت لانتخاب برلمان البلاد الذى يضم 290 مقعدا. وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على أعضاء فى مجلس صيانة الدستور ولجنته المشرفة على الانتخابات بسبب منع مرشحين. ونقلت هيئة الإذاعة الإيرانية عن المتحدث باسم المجلس قوله، أمس، إنه فخور بوضعه فى القائمة السوداء الأمريكية. وكان خامنئى أول من أدلى بصوته فى الانتخابات، وقال بعد التصويت فى بث مباشر على التليفزيون الرسمى: «التصويت واجب دينى، سيضمن أيضا المصالح الوطنية لإيران.. أدعو الإيرانيين إلى التصويت مبكرا». وفى الوقت الذى تواجه فيه إيران عزلة متزايدة على الساحة الدولية وحالة من السخط فى الداخل بفعل الصعوبات الاقتصادية، يقول محللون إن الانتخابات ستكون استفتاء على أسلوب إدارة القادة للأزمات السياسية والاقتصادية. وبالنسبة لخامنئى، ستكون نسبة المشاركة الكبيرة مؤشرًا لواشنطن، على أن إيران لم ترضخ بفعل العقوبات واغتيال سليمانى. وحرص مجلس صيانة الدستور على أن يسيطر غلاة المحافظين على الانتخابات، حيث استبعد 6850 ألفا من المعتدلين والمحافظين البارزين ليترك للناخبين المجال للاختيار فى أغلب الأحيان بين أحد غلاة المحافظين وأحد المرشحين المحافظين غير المعروفين والموالين لخامنئى. وتواجه السلطات ضغوطًا منذ العام الماضى عندما اندلعت احتجاجات بسبب رفع أسعار الوقود ليواجهها الأمن بأكثر حملة دموية تشهدها البلاد منذ الثورة فى 1979 أسفرت عن مقتل المئات، لكن الإصلاحيين فشلوا فى استغلال هذا التوتر لصالحهم. وعرض التليفزيون الرسمى لقطات للناخبين أمام مراكز الاقتراع فى انتظار الإدلاء بأصواتهم فى أنحاء البلاد. وقال أمير على حاجى زادة، قائد وحدة القوة الجوفضائية بالحرس الثورى الإيرانى: «كل صوت فى صندوق الانتخابات هو صاروخ موجه لقلب أمريكا».