قال وزير الخارجية الإثيوبي، غدو أندرجاتشاو، إن بلاده تبني سد النهضة، لأنها تملك الحق الكامل في ذلك، مع التزامها بالحفاظ على مصالح دول المصب وعدم إلحاق أي ضرر عليها، مؤكدًا أنه «سنواصل التفاوض بشأن سد النهضة ما لم يضر ذلك بمصالحنا الوطنية». وأضاف خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي، سليشي بيكلي، أن بلاده تؤمن بأن المفاوضات هي الحل الوحيد للوصول إلى اتفاق، معربًا عن رفضه للتحذير المصري الذي قال إنه «ليس في صالح الجميع، ولن يؤدي إلا إلى تدمير العلاقات». وطالب «أندرجاتشاو» أن بلاده لديها الحق الكامل في انتشال مواطنيها من الفقر باستخدام مواردها الطبيعية، مضيفا أنه «على الرغم من بناء إثيوبيا للسد انطلاقًا من ذلك، فقد دخلت في محادثات من أجل تعزيز الثقة مع دولتي المصب (مصر والسودان)». وتساءل الوزير عن دور الولاياتالمتحدة والبنك الدولي في عملية التفاوض، مشيرا إلى أنه لا بد أن يكون دورهما واضحًا ومحددًا ومنحصرًا في الرقابة فقط. وأكد أن إثيوبيا ترفض بيان وزارة الخزانة الأمريكية بشأن عدم تعبئة سد النهضة، مضيفًا: «لن نقبل أن تطلب منا أمريكا أن نفعل شيئا لا نريده وممارسة الضغوط علينا لفائدة الآخرين». وقال الوزير إن الولاياتالمتحدة والبنك الدولي لديهما مصلحة في صياغة قانون يتجاوز المشاركة بصفة مراقب. وشدد على أن إثيوبيا تقيم سداً على أراضيها وتحت سيادتها الكاملة، ولا ينبغي تدخل الولاياتالمتحدة أو دولة أخرى في تحديد مصلحتها، مبدياً دهشة أديس أبابا من صدور مثل هذا البيان من دولة عظمى. وفي السياق ذاته تلقى الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم الثلاثاء، اتصالاً هاتفياً من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وشهد الاتصال التباحث وتبادل وجهات النظر بشأن آخر تطورات ملف سد النهضة. وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس الأمريكي أعرب عن تقديره لقيام مصر بالتوقيع بالأحرف الأولى على الاتفاق الذي أسفرت عنه جولات المفاوضات حول سد النهضة بواشنطن خلال الأشهر الماضية، باعتباره اتفاقاً شاملاً وعادلاً ومتوازناً، مؤكداً أن ذلك يدل على حسن النية وتوفر الإرادة السياسية الصادقة والبناءة لدى مصر. كما أكد الرئيس ترامب استمرار الإدارة الأمريكية في بذل الجهود الدؤوبة والتنسيق مع مصر والسودان وإثيوبيا بشأن هذا الملف الحيوي، وصولاً إلى انتهاء الدول الثلاث من التوقيع على اتفاق سد النهضة. من جانبه، أعرب الرئيس عن بالغ التقدير للدور الذي تقوم به الإدارة الأمريكية في رعاية المفاوضات الثلاثية الخاصة بسد النهضة، والاهتمام الكبير الذي يوليه الرئيس ترامب في هذا الصدد، مؤكداً سيادته استمرار مصر في إيلاء هذا الموضوع أقصى درجات الاهتمام في إطار الدفاع عن مصالح الشعب المصري ومقدراته ومستقبله. وكانت وزارتا الخارجية والموارد المائية والري أعربتا عن بالغ الاستياء والرفض للبيان الصادر عن وزارتي الخارجية والمياه الإثيوبيين بشان جولة المفاوضات حول «سد النهضة» التي عقدت في واشنطن يومي 27 و28 فبراير 2020 والتي تغيبت عنها إثيوبيا عمداً لإعاقة مسار المفاوضات حيث أنه من المستغرب أن يتحدث البيان الإثيوبي عن الحاجة لمزيد من الوقت لتناول هذا الأمر الحيوي بعد ما يزيد عن خمس سنوات من الانخراط الكامل في مفاوضات مكثفة تناولت كافة أبعاد وتفاصيل هذه القضية. وأكدت وزارتا الخارجية والموارد المائية والري، في بيان مشترك، أن البيان الإثيوبي قد اشتمل على العديد من المغالطات وتشويه الحقائق بل والتنصل الواضح من التزامات إثيوبيا بموجب قواعد القانون الدولي وبالأخص أحكام اتفاق إعلان المبادئ لعام 2015. وأكدت وزارتا الخارجية والموارد المائية والري بجمهورية مصر العربية رفضهما التام لما ورد في البيان الإثيوبي من إشارة إلى اعتزام إثيوبيا المضي في ملء خزان سد النهضة على التوازي مع الأعمال الانشائية للسد، وليس ارتباطاً بالتوصل إلى اتفاق يراعي مصالح دول المصب ويضع القواعد الحاكمة لعمليتي ملء السد وتشغيله بما لا يحدث أضرارًا جسيمة لها، وهو ما ينطوي على مخالفة صريحة للقانون والأعراف الدولية وكذلك لاتفاق إعلان المبادئ المبرم في 23 مارس 2015 والذي نص في المادة الخامسة على ضرورة الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد قبل البدء في الملء، وهو الاتفاق الذي وقعته إثيوبيا ويفرض عليها الالتزام باجراءات محددة لتأكيد عدم الإضرار بدول المصب. وأكد وزارتا الخارجية والموارد المائية والري مجدداً أن الاتفاق العادل والمتوازن الذي بلورته الولاياتالمتحدة والبنك الدولي قد جاء بمشاركة كاملة من قبل إثيوبيا وتضمن مواد وأحكام أبدت اتفاقها معها، وأن ما تم بلورته في إجتماع واشنطن الأخير، جاء نظراً لغياب إثيوبيا المتعمد ويتسق تماماً مع أحكام القانون الدولي ويمثل حل وسط عادل ومتوازن تم استخلاصه من واقع جولات المفاوضات المكثفة بين مصر والسودان وإثيوبيا على مدار الأشهر الأربعة الماضية، ومن ثم فهو يحقق مصالح الدول الثلاث ويمثل الحل للقضايا العالقة إذا خلصت النوايا تجاه تحقيق مصالح الجميع وصدقت الوعود الإثيوبية المتكررة بعدم الإضرار بالمصالح المصرية، أخذاً في الاعتبار أن ملكية إثيوبيا لسد النهضة لا تجيز لها مخالفة قواعد القانون الدولي والالتزامات الإثيوبية باتفاق إعلان المبادئ أو الافتئات على حقوق ومصالح الدول التي تشاطرها نهر النيل. وقال السفير سامح شكري، وزير الخارجية المصري، إن إخطار إثيوبيا بعدم المشاركة في جولة المفاوضات الأخيرة بشأن سد النهضة في الولاياتالمتحدةالأمريكية جاء متأخرًا جدًا في يوم 25 فبراير بعد أن سافر الوفود للولايات المتحدة، موضحًا أن هذا الإجراء كان واضحًا منه أن هناك رغبة من قبل إثيوبيا لعرقلة الوصول إلى الاتفاق النهائي والتوقيع عليه. وعقب «شكري»، خلال مداخلة هاتفية في برنامج «القاهرة الآن»، مع الإعلامية لميس الحديدي، على شاشة «العربية الحدث»، على تصريحات إثيوبيا ومطالبتها بمنحها مزيدا من الوقت، حيث قال «كلمة مزيد من الوقت مطاطة ومستمرة منذ فترة طويلة ولم تشر إثيوبيا مطلقا إلى محددات رئيسية إلا عندما حلت الوساطة الأمريكية». وأوضح وزير الخارجية أنه في غضون شهر من وساطة الولاياتالمتحدةالأمريكية كان هناك نص لاتفاق متكامل ذو جاهزية للتوقيع عليه ومع ذلك استغرقنا وقت طويل ومازالت تطالب إثيوبيا بمزيد من الوقت وهذا أمر غريب. وحول الوضع الراهن ومستقبل هذه المفاوضات في حال لجوء أديس أبابا لعملية الملء قبل التوصل للاتفاق قال «لا يمكن لإثيوبيا بأي حال من الأحوال أن تقدم على الملء بدون اتفاق.. ومصر تؤكد باستمرارها في الرغبة في الوصول للاتفاق ويجب على الجانب الإثيوبي الانخراط في هذا المسار، حيث ترغب مصر في التوصل لاتفاق في إطار سياسي، خاصة مع وجود قضية حساسة وشائكة مثل سد النهضة لتأثيراتها المتوقعة على دول المصب فإن الأمر يتطلب مزيد من الجهد وكل ما لدينا من عزيمة لرعاية مصلحة مصر وشعبها وكل مؤسسات الدولة تحافظ عليها ونؤكد على ذلك».