في 5 بنوك.. سعر الريال السعودي مقابل الجنيه بأول أسبوع بعد إجازة العيد    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الجمعة في الأسواق (موقع رسمي)    الإسكان: 900 حملة لمنظومة الضبطية القضائية للتأكد من المستفيدين لوحداتهم السكنية    أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي ل457830 جنديا منذ بدء الحرب    مسؤول إسرائيلي: الهجوم داخل إيران رسالة عن قدرات تل أبيب على ضرب عمق البلاد    "18 لاعبا".. شوبير يكشف أسماء مصابي منتخب مصر والعائدين منهم قبل تصفيات كأس العالم    "الزمالك مش أول مرة يكسب الأهلي".. إبراهيم سعيد يهاجم عمرو الجنايني    جنوب سيناء تتعرض لرياح شديدة محملة بالرمال- صور    بسبب سرعة الرياح.. وقف رحلات البالون الطائر في الأقصر    ميرنا نور الدين تخطف الأنظار بفستان قصير.. والجمهور يغازلها (صورة)    مراسلة «القاهرة الإخبارية» بالقدس: الضربة الإسرائيلية لإيران حملت رسائل سياسية    تعديلات على قانون المالية من نواب الحزب الديمقراطي    «القابضة للمياه» تطلق حملات توعية للمواطنين لترشيد الاستهلاك بالشرقية    ألونسو: مواجهة ريال مدريد وبايرن ميونخ ستكون مثيرة    مساجد شمال سيناء تتحدث عن منزلة التاجر الصدوق    المشاط: أكثر من 900 مليون دولار تمويلات تنموية ميسرة لدعم منظومة التأمين الصحي الشامل    "التعليم": "مشروع رأس المال" بمدارس التعليم الفني يستهدف إكساب الطلاب الجدارات المطلوبة بسوق العمل    أزمة نفسية.. تفاصيل إنهاء فتاة حياتها بحبة الغلة في أوسيم    إصابة جنديين إسرائيليين بجروح جراء اشتباكات مع فلسطينيين في طولكرم بالضفة الغربية    إيرادات قوية ل فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة (مفاجأة)    مخرج «العتاولة» عن مصطفي أبوسريع :«كوميديان مهم والناس بتغني المال الحلال من أول رمضان»    طلب إحاطة لوزير الصحة بشأن استمرار نقص أدوية الأمراض المزمنة ولبن الأطفال    وزير المالية يعرض بيان الموازنة العامة الجديدة لعام 2024 /2025 أمام «النواب» الإثنين المقبل    انخفاض الأسهم الأوروبية مع تراجع أداء قطاعي البناء والصناعة    «التوعوية بأهمية تقنيات الذكاء الاصطناعي لذوي الهمم».. أبرز توصيات مؤتمر "تربية قناة السويس"    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 19 أبريل 2024.. «الدلو» يشعر بصحة جيدة وخسائر مادية تنتظر «السرطان»    جدول مباريات اليوم.. ظهور مرموش.. افتتاح دوري "BAL" السلة.. ولقاء في الدوري المصري    أمريكا تعرب مجددا عن قلقها إزاء هجوم إسرائيلي محتمل على رفح    «العشرية الإصلاحية» وثوابت الدولة المصرية    بسبب ال«VAR»| الأهلي يخاطب «كاف» قبل مواجهة مازيمبي    الدولار على موعد مع التراجع    أخبار الأهلي : موقف مفاجئ من كولر مع موديست قبل مباراة الأهلي ومازيمبي    أحمد كريمة: مفيش حاجة اسمها دار إسلام وكفر.. البشرية جمعاء تأمن بأمن الله    طلب عاجل من ريال مدريد لرابطة الليجا    مخرج «العتاولة»: الجزء الثاني من المسلسل سيكون أقوى بكتير    شريحة منع الحمل: الوسيلة الفعالة للتنظيم الأسري وصحة المرأة    فاروق جويدة يحذر من «فوضى الفتاوى» وينتقد توزيع الجنة والنار: ليست اختصاص البشر    مسؤول أمريكي: إسرائيل شنت ضربات جوية داخل إيران | فيديو    منهم شم النسيم وعيد العمال.. 13 يوم إجازة مدفوعة الأجر في مايو 2024 للموظفين (تفاصيل)    محمود عاشور يفتح النار على رئيس لجنة الحكام.. ويكشف كواليس إيقافه    #شاطئ_غزة يتصدر على (اكس) .. ومغردون: فرحة فلسطينية بدير البلح وحسرة صهيونية في "زيكيم"    انهيار منزل من طابقين بالطوب اللبن بقنا    تعديل ترتيب الأب.. محامية بالنقض تكشف مقترحات تعديلات قانون الرؤية الجديد    والد شاب يعاني من ضمور عضلات يناشد وزير الصحة علاج نجله (فيديو)    الإفتاء تحسم الجدل بشأن الاحتفال ب شم النسيم    الجامعة العربية توصي مجلس الأمن بالاعتراف بمجلس الأمن وضمها لعضوية المنظمة الدولية    أحمد الطاهري يروي كواليس لقاءه مع عبد الله كمال في مؤسسة روز اليوسف    سكرتير المنيا يشارك في مراسم تجليس الأنبا توماس أسقفا لدير البهنسا ببني مزار    بسبب معاكسة شقيقته.. المشدد 10 سنوات لمتهم شرع في قتل آخر بالمرج    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    دعاء للمريض في ساعة استجابة يوم الجمعة.. من أفضل الأوقات    جريمة ثاني أيام العيد.. حكاية مقتل بائع كبدة بسبب 10 جنيهات في السلام    إصابة 4 أشخاص فى انقلاب سيارة على الطريق الإقليمى بالمنوفية    وزير الخارجية الأسبق يكشف عن نقاط مهمة لحل القضية الفلسطينية    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    شعبة الخضر والفاكهة: إتاحة المنتجات بالأسواق ساهمت في تخفيض الأسعار    أخبار 24 ساعة.. مساعد وزير التموين: الفترة القادمة ستشهد استقرارا فى الأسعار    فحص 1332 مواطنا في قافلة طبية بقرية أبو سعادة الكبرى بدمياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السفير نبيل العرابي ل«المصري اليوم»: السيسي حقق نقلة نوعية في علاقتنا مع روسيا (حوار)
نشر في المصري اليوم يوم 12 - 10 - 2019

يعد هذا الحوار جامعا لسيرتين ومسيرتين، إحداهما دبلوماسية والثانية عسكرية، فالأولى تخص ضيفنا فى الحوار السفير نبيل العرابى، الذى بدأ مسيرته الدبلوماسية منذ عام 1958 متنقلا بين سفاراتنا المصرية فى أكثر من دولة، منها سويسرا وبولندا واليونان والعراق وشيلى، وظل يترقى حتى تم اختياره سفيرا لمصر فى روسيا الاتحادية فى الفترة من 1991 حتى خروجه على المعاش، وخلال تلك الفترة تمكن من إحداث نقلة إيجابية كبيرة بيننا وبين روسيا الاتحادية بعد غياب طويل منذ أزمة طرد الرئيس الأسبق أنور السادات الخبراء الروس، إذ ساهم فى تنشيط حركة التجارة بين مصر وروسيا وعودة السياحة الروسية لمصر بعد انعدامها تقريبا.
«المصرى اليوم» أجرت حواراً مع السفير نبيل العرابى بعد أيام قليلة من وفاة شقيقه الفريق إبراهيم العرابى، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، وقال إن وجود الرئيس عبدالفتاح السيسى على رأس مشيعى شقيقه شرف للعائلة واعتراف بمسيرته الوطنية.. وإلى نص الحوار:
■ دعنا نبدأ أولًا بمسيرتك الدبلوماسية؟
- تخرجت فى كلية الحقوق عام 1956، والتحقت باتحاد الغرف التجارية لأشهر ثم اجتزت امتحان الخارجية، وكانت أولى محطاتى فى السلك الدبلوماسى فى جنيف كنائب قنصل فى 1958 حتى 1960، وأمضيت 5 سنين فى وارسو فى بولندا، ثم عدت 1964، وعملت فى العراق كسكرتير ثانى السفارة، ثم سافرت مستشارا فى سفارتنا باليونان من 1971 إلى 1977، وفى 1980 ذهبت إلى شيلى سنتياجو ثم عملت قنصلا عاما فى سان فرانسيسكو، ثم اختارنى عمرو موسى، وزير الخارجية الأسبق، سفيرا فى موسكو عام 1991.
■ كيف تقيّم علاقاتنا مع روسيا فى ظل تراجع وقتى لمعدلات السياحة، وهل ترى فى لقاء الرئيسين الروسى والمصرى بشارة تحسن فى معدل تدفق السياح الروس إلى مصر؟
- روسيا دولة كبيرة، والرئيس الروسى فلاديمير بوتين يخشى على شعبيته، والسياح الروس موجودون فى الغردقة لكن عبر خطوط طيران مختلفة، وهم هناك بشكل كبير، وربما تكمن أهمية التعاون المصرى- الروسى فى مشروع الضبعة، إذ لا يقتصر الأمر على الإنتاج المستقبلى، فهناك تقام مدرسة فنية للعلوم النووية لأول مرة فى مصر، والمفاعل للأغراض السلمية بموافقة دولية.
■ ماذا عن أشكال التعاون الأخرى؟
- بدأت فى التحسن المتزايد والمستمر، خاصة بعد حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى على توطيد العلاقات مع الرئيس الروسى، ولعل ما يؤكد هذا مشروع الضبعة، والاستثمارات الروسية بمنطقة قناة السويس، إذ حصلوا على مساحات كبيرة هناك لينشئوا مشاريع استثمارية، ولم يعد هناك تأزم بل حضور واضح للتعاون، خاصة فى ضوء توطد العلاقة بين الرئيسين، فمصر تهمها روسيا، وروسيا تهمها مصر، وهناك وفاق تام، والعلاقات نشطة للغاية.
■ أذكر أنك بعد مجيئك سفيرا لمصر فى روسيا الاتحادية حققت ميلادًا جديدًا وبعثًا قويًا لفكرة تدفق السياحة الروسية إلى مصر.. حدثنا كيف حققت هذا؟
- حين ذهبت إلى روسيا فى أوائل التسعينيات سافرت على متن طائرة روسية لأقدم أوراق اعتمادى وكانت طائرة مزعجة وغير مريحة، وفى سفارتنا هناك سألتهم أين الطائرة المصرية فقالوا لى إنها متوقفة منذ عام 1972 منذ طرد السادات الخبراء الروس، وقالوا ليس هناك خط طيران مصرى لروسيا، فكان أول خطاب أوقعه فى موسكو كسفير، وكان الخطاب موجهًا لرئيس مصر للطيران آنذاك، وطالبته بإعادة دراسة اقتصاديات مسألة عودة الطيران المصرى لروسيا، وكان هذا عام 1992، وتحمس للغاية وتمت دراسة اقتصاديات الموضوع ونجحنا فى الحصول على موافقة على رحلة فى الأسبوع على سبيل الوقوف على المردود والنتائج، فوجدنا أن هذا أعاد الحضور المصرى فى روسيا وبدأ يتوافد علينا روس، مما شكل عودة الروس للسياحة فى مصر، وبدأ التدفق السياحى الروسى على مصر، وكنت حريصا على حضور المؤتمرات السياحية، كما لم يكن فى السفارة مكتب سياحى، فطلبت من القاهرة تأسيس مكتب سياحى فى السفارة وخلال أيام كانت اللافتات السياحية تملأ المرافق فى روسيا مثل وسائل المواصلات وكلها دعاية مصرية للأماكن السياحية فى مصر كالبحر الأحمر والأقصر وأسوان، وبدأت السياحة الروسية من موسكو تتدفق على القاهرة حتى وصلت فى عام 2010 إلى 3 ملايين سائح روسى لمصر، أى ثلث المعدل العام للسياحة فى مصر، مما حقق عوائد من 2.5 إلى 3 مليارات دولار، وهذه محطة فارقة أعتز بها خلال مدة خدمتى فى الخارجية والتى امتدت إلى 40 عاما، مما ساعد على إصلاح الحال فى أواخر التسعينيات، وتوقعاتى أن هذا المجال سيتحسن كثيرا مستقبلا.
■ حدثنا عن فترة عملك سفيرا لمصر فى روسيا الاتحادية؟
- المواقف فى هذه المرحلة كانت أشبه بالرهانات الصعبة بسبب ما ترسخ فى أذهان السياسيين هناك عقب أزمة طرد الخبراء الروس من مصر، وحاولت أن أجتهد فى تنقية الأجواء وفى المجال السياحى نجحت إلى حد كبير، أما السياسة فقد نجحت إلى حد ما حتى عام 2000 حين جاء بوتين إلى سدة الحكم وعمد إلى تجاوز الحقبة السوداء فى العلاقات بين مصر وروسيا.
■ لشقيقك الأكبر الفريق إبراهيم العرابى تاريخ عسكرى مشرف بدأ من انضمامه لتنظيم الضباط الأحرار فلنرتب سيرته فى محطات؟
- أبدأ معك منذ الطفولة، إذ بدا عليه التميز منذ وقت مبكر، حتى الروح القيادية ظهرت لديه مبكرا، وكنا نعيش فى المحلة الكبرى خلال الحرب العالمية الثانية، وكانت هناك مخابئ مشيدة يحتمى فيها المواطنون وقت الغارات، فكان فى صباه يقسم أصدقاءه إلى فريقين، ويخطط لهم معركة تدور بينهما، وخصص لنفسه دور القائد، حتى إن المنتصرين منهم كان يمنحهم نياشين.
وكان من المتفوقين فى الكلية الحربية، وحين كان طالبا فيها كان برتبة «باش شاويش» وكان فى السرية الثانية، وتخرج بتفوق والتحق بسلاح الفرسان بالمدرعات برتبة ملازم ثان، وكان قريبا من ثروت عكاشة، وزير الثقافة الأسبق.
■ متى انضم لتنظيم الضباط الأحرار؟
- ليلة قيام ثورة يوليو 1952، جمع حسين الشافعى ضباط المدرعات وصرح لهم بأن شيئا ما سيحدث، وعليهم أن يعدوا أنفسهم لذلك، فوقف الملازم إبراهيم العرابى، وقتها، قائلا: «أنا مستعد منذ الآن يا أفندم»، ولك أن تقف من خلال هذا الموقف على روح الاستعداد التام والإقدام لدى الرجل فى أى مهمة وطنية يكلف بها، وفى أول أيام الثورة أسندت إليه مهمة القبض على اللواء مدير المدرعات لدى وصوله بوابة سلاح المدرعات صباحا، ولم يتردد العرابى فى تنفيذ الأمر، وكان لنجاح تلك المهمة بالغ الأثر فى مجريات الثورة، كما كان إبراهيم العرابى بصحبة القوة التى كانت بقيادة يوسف صديق والتى اقتحمت القيادة العامة، حيث تم القبض على قيادات الجيش، الأمر الذى كان وراء نجاح الثورة، وكان الفريق إبراهيم العرابى- عقب تخرجه- قد التحق بسلاح المدرعات، وبدأ تاريخه مع الدبابة التى أحبها وكأنها كائن حى، وأصبحت جزءا من حياته.
■ ماذا عن مشاركة الفريق العرابى فى حرب اليمن؟
- أثبت كفاءة فى هذه الحرب، ولذلك فقد حظى بترقية استثنائية وكان صديقا للرئيس السلال، ومما يذكر فى هذه الحرب أن اليمنيين الجبليين نزلوا من الجبال مستهدفين قواته من الدبابات ببنادقهم مما جعل جنوده فى مواجهة خطر محدق بهم، حتى إنهم تسلقوا الدبابات للوصول لمن بداخلها، فأصدر أوامره بغلق أبراج الدبابات، ثم أصدر أوامره بإطلاق الرصاص على الدبابات نفسها فأصاب من أصاب، وهرب الباقون وأصبحت هذه الواقعة تدرس فى الأكاديميات العسكرية.
■ بين عامى 1965 و1966 كان الفريق العرابى قائدا لفرقة عسكرية فى العراق لدعم الرئيس عبدالسلام عارف.. حدثنا عن هذه الفترة؟
- كانت فترة صعبة، بسبب تأزم الأوضاع السياسية فى العراق، ولم يكن لدى الجيش العراقى القدرة الكافية للحفاظ على نظام عبدالسلام عارف، حيث كانت مختلف القوى السياسية الداخلية والخارجية تطمع فى الحكم، فقررت القاهرة مساندته عسكرياً عن طريق إرسال قوة سميت بالقوة العربية للقيام بهذه المهمة، وتم اختيار العرابى قائداً لهذه القوة التى تمركزت فى منطقة «التاجى» قرب بغداد، طوال فترة حكم الرئيس عبدالسلام عارف حتى وفاته فى حادث طائرة، وكان العرابى صديقاً مقرباً له، والاتصال دائم على المستويين الرسمى والشخصى.
■ ماذا عن فترة خدمته فى مكتب المشير عبدالحكيم عامر؟
- بعد عودته من العراق، ولكفاءته، اختير للعمل بمكتب المشير عبدالحكيم عامر قبيل حرب 1967 بقليل، ولم يقعد مستكينًا يراقب هول الفاجعة، لكن توجه إلى منطقة القتال ودون أوامر، حيث كانت الأوامر غائبة، فوجد ثلاث دبابات مصرية قرب كوبرى الفردان، وكانت القوات الإسرائيلية تحاول جس نبض عبور الكوبرى من وقت لآخر، إلا أنه وجّه تلك القوة المصرية البسيطة بضرب أى هدف أو قوة إسرائيلية تحاول عبور الكوبرى، ونجح فى مسعاه وحال دون عبور القوات المعادية إلى غرب القناة، وقد أصدرت القيادة العسكرية قرارًا بإبعاد ضباط مكتب المشير خارج الجيش دون التحقق من مواقفهم رغم أنهم كانوا على درجة جيدة من الكفاءة العسكرية ومنهم العميد العرابى، وكانوا حوالى 14 ضابطًا، وظلوا خارج القوات المسلحة إلى أن تيقنت القيادات العسكرية من عدم مسؤوليتهم عما حدث، فأعطتهم الخيار بالعودة للقوات المسلحة لمن يتقدم بطلب كتابى بذلك، وقدم الجميع طلباتهم بالعودة إلا العميد العرابى، إذ قرر أنه إذا كانت القوات المسلحة فى حاجة إليه فستطلب منه العودة للخدمة وقد كان وعاد معززًا مكرمًا.
■ ماذا عن الفترة التى كان فيها قائدًا للمدرعات بالجيش الثانى الميدانى بالإسماعيلية؟
- عمل أوائل السبعينيات قائدًا للمدرعات بالجيش الثانى الميدانى، وكان مقره معسكر الجلاء بالإسماعيلية، وبرتبة عميد، وكان مؤهلًا للقيام بدور مهم على مشارف حرب أكتوبر، وكانت الفرقة مدرعات بقيادته تتمركز فى موقع حساس على الجبهة حتى صدرت الأوامر لقائد الجيش الثانى بعبور الفرقة من البر الغربى إلى البر الشرقى للقناة خلال أيام الحرب، تخفيفًا للضغط العسكرى الإسرائيلى على الجبهة السورية، ووقتها كنا فى أوج الانتصار، وتمركزت القوات المصرية لمسافة كيلومتر شرق القناة، وامتنع قائد الجيش أول الأمر عن تنفيذ الأمر، لخطورته على وضع القوات المصرية فى الغرب وترك فراغ قد يساء استخدامه لو تم ذلك واستبدل قائد الجيش، ولم يكن هناك بد من عبور الفرقة إلى البر الشرقى للقناة، حيث دارت أكبر معارك للدبابات فى التاريخ على مدى ثلاثة أيام وراح ضحيتها آلاف القطع المدرعة من الجانبين، وتعرضت فيها دبابة القيادة المدرعة المصرية للضرب الإسرائيلى أكثر من مرة، وبعدها نوه وزير الدفاع المصرى للعميد العرابى على الخرائط كيف أن الجانب الإسرائيلى مُنى بخسائر فاقت خسائر الجانب المصرى، ولم يجد وسيلة أمام غياب الغطاء الجوى للجانب المصرى سوى الاشتباك بما يعرف ب«الجنزير فى الجنزير» حتى لا يسهل على طيران العدو التمييز بين الدبابات المصرية والإسرائيلية، وفاقت الخسائر الإسرائيلية خسائر مصر، وحين سمح لى بعبور قناة السويس عقب انتهاء حرب أكتوبر للرؤية على الطبيعة أماكن بعض المعارك وجدت نفسى أمام دبابة قيادة محترقة ضمن دبابات عديدة، وعلمت أنها دبابة الضابط الاسرائيلى عساف ياجورى الذى أسرته القوات المصرية فاستخلصت منها قطعة محترقة كتذكار وزينت بها مكتبى فى مراحل خدمتى بالخارج.
■ بعد ثلاثين عامًا أمضاها الفريق إبراهيم العرابى فى الخدمة العسكرية خارج القاهرة عاد مجددًا.. فماذا عن هذه الفترة؟
- بعد عودته إلى القاهرة عين مديرًا لفرع العمليات بالقوات المسلحة، وبعدها اختير رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة، وتحديدًا من عام 1983 حتى 1987، وأثبت جدارة عسكرية وتفوق فى الفكر العسكرى، واستفادت القوات المسلحة من علمه الذى شمل عمله وإدارته للقوات المسلحة، فكان يبدأ العمل فى مكتبه بالسادسة صباحًا ليتأكد من الأوضاع المطلوبة على مستوى القوات المصرية فى مختلف أماكنها واستعدادها، ثم يتفرغ بعد ذلك لإتمام المهام اليومية المنوط بها، وحصل الفريق العرابى إبان خدمته على وسام الجمهورية من الطبقة الأولى مرتين، وكذا ميدالية أكتوبر، وميدالية يوم الجيش، ونوط تحرير سيناء، ونوط الاستقلال العسكرى، ونوط الشجاعة العسكرى من الطبقة الأولى، ووسام التحرير، ونوط الجلاء العسكرى.
■ تردد أنه طلب من الرئيس الأسبق حسنى مبارك أن يترك موقعه كرئيس أركان.. هل هذا صحيح؟
- نعم، بناءً على إلحاح منه بضرورة ترك منصبه بعد حوالى خمس سنوات كرئيس للأركان تم تعيينه رئيسًا للهيئة العربية للتصنيع، وحين تسلم منصبه طلب تخفيض راتبه، حيث غلب عليه الزهد فى الحياة وخدمة الصالح العام، وعندما كنت شابًا أحمل أوتوجرافًا كان هو أول من سطر فيه «اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا»، وعاد إلى مسكنه الذى بدأ فيه حياته العائلية ذى الغرفتين وبه الأثاث القديم، إذ كان مثالًا للعبقرية النادرة والإرادة القوية والعزيمة والتصميم على تحقيق أهدافه، وصاحب نظرة مستقبلية، مترفعًا، يسارع فى خدمة المحتاج، كريمًا خلوقًا متعففًا، فكسب احترام الجميع، ورغم ما أشيع عن صرامته وشدته إلا أنه كان لين الجانب، وتميزت حياته العائلية والاجتماعية بالطابع الإنسانى الرحيم.
■ كان لدى الفريق العرابى ميول فنية.. حدثنا عنها؟
- كان مبدعًا خلاقًا، وأوجد الوقت لتلمس الإبداع وممارسة بعض الفنون، وعندما كان ملازمًا بالقوات المسلحة بدأ هواية الرسم بالزيت، واستمرت معه فترة طويلة، وأبدع فى لوحاته التى اشتقها من حياته اليومية، ثم مارس الإبداع التشكيلى، فكان يجمع ما لديه من أشياء بلاستيكية ويصهرها لتخرج فى أشكال وأنماط فنية جميلة، وعشق التصوير الضوئى وكون مجموعة من أصدقائه لإقامة معارض من وقت لآخر، وكان بيته المتواضع يعج بالكاميرات والحوامل ومستلزمات التصوير.
■ كيف ترى حرص الرئيس السيسى على أن يكون فى مقدمة مودعيه؟
- عبرت عن شعورى، وقتها، للرئيس السيسى، وقلت له إن تواجده على رأس مودعيه تشريف للعائلة، وإن الراحل علمنا الانضباط وحب الوطن، وأرى حضور الرئيس السيسى تقديرًا مهمًا لمسيرة الراحل إبراهيم العرابى وإحياء لها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.