بقلم د. ياسر الدرشابي لقد شبه البعض ما حدث للشرطة أثناء الثورة من إنهيار و الذي ترتب عليه الإنفلات الأمني الذي نعاني منه الأن بما حدث للقوات المسلحة أثناء نكسة 67 و من ثم يمكننا أن نلتمس الأعذار و نصبر علي جهاز الشرطة الذي لا يريد أو يخاف أن يعاود نشاطه في حفظ و ضبط الأمن في الشارع في هذه الأوقات التي تنتهز فيها فلول النظام السابق كل فرصة لنشر الفوضي و البلطجة. و الحقيقة أنني لا أستطيع إلا أن أختلف مع هذا الرأي إختلافاً جذرياُ. ففي نكسة 67 أصيبت القوات المسلحة المصرية علي غفلة بعدوان خارجي من قبل جيش شديد التسليح إستطاع تدمير البنية الأساسية للجيش المصري و الذي إستدعي من جمال عبد الناصر و السادات من بعده العمل بكل جهد لبناء هذا الجيش إستعداداً لخوض حرب أكتوبر المجيدة. و المشهد يختلف تماماُ في ثورة 25 يناير حيث إستخدمت قوات الشرطة التي إستعدت لهذا اليوم من قبل كل الوسائل لقمع و قتل الثوار و عندما فشلت إنسحبت من الشارع و من كل مكان له علاقة أو ليس له علاقة بالأحداث. مما إضطر الشباب إلي تنظيم المرور بأنفسهم و تكوين اللجان الشعبية لحماية بيوتهم و أملاكهم. لم يقتل الثوار من أفراد الشرطة المئات أو حتي العشرات، لم يدمر الثوار كل مدرعات الشرطة و تجهيزاتها، بل و من المفترض أن الشعب لم يمس البنية الأساسية للشرطة. بل إن كل ما حدث إن الشرطة فقدت هيبتها بسبب إنسحابها الهزيل الذي هو في الأساس قرار إتخذه النظام الذي أسقطناه. و بغض النظر عن أوجه الشبه و الإختلاف فإننا الأن معنيون أكثر بالحل و ليس بالأسباب. و إذا نظرنا بدقة إلي الأحداث الأخيرة في إمبابة نجدها تعطينا بالإضافة إلي الألم و الحزن مؤشرات واضحة قد تؤدي إلي الحل لأزمة الإنفلات الأمني الذي يخدم في الأول و الأخر من هم في طره الأن. أوضحت أزمة إمبابة النية الخالصة لوزير الداخلية و عزمه الصادق علي حل الأزمة و عودة الأمن، كما أوضحت أيضاُ عدم قدرته علي تحقيق هذه الأهداف التي يشاركه فيها الشعب بكل طوائفه إلا طائفة طره بالطبع. كيف يستطيع وزير الداخلية الصادق في أفعاله و أقواله أن يحل الأزمة و قياداته مازالت تمن بالولاء و الجميل لمن في طره و علي رأسهم العادلي الذي يرجع إليه الفضل الأعظم في الأزمة؟ كيف يمكن لوزير الداخلية أن يصد أوامره لمن لن ينفذها بصدق أو لن ينفذها من الأصل؟ سيكون هذا بمثابة النفخ في قربة مقطوعة. لقد صرح السيد الوزير منصور العيسوي مؤخراُ بأن هناك أربع قيادات موالية للنظام السابق مازالت تعمل في الداخلية حتي الأن. شكراً يا سيادة الوزير لقد أعطيتنا مؤشراً هاماً يمكن أن يقودنا لطريق الحل. إذا فالحل مازال كامناُ في تطهير جهاز الشرطة و ليس فقط في علاج همجية بعض المواطنين. و أعتقد أن هذا التصريح الأخير من وزير الداخلية يعكس رغبته في التطهير الجذري لأجهزة الأمن و إلا لم يكن ليصرح بهذا الكلام. كما يعكس ايضا هذا التصريح عدم قدرة الوزير علي تفعيل هذا التطهير و إلا لم يكن ليترك هذه القيادات في مكانها حتي الأن. فمن إذاً ليساعد سيادة الوزير في تطهير جهازه الذي نحتاجه جميعاً.. هل يمكن لمن قاموا بالثورة و من قاموا بحمايتها تقديم يد المساعدة للوزير حتي يتمكن من حمايتنا و تحقيق أهدافه في علاج الإنفلات الأمني ؟