قال جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزى المصرى، خلال مشاركته فى جلسة «الآثار الإقتصادية المباشرة وغير المباشرة للنزاعات فى الدول العربية»، إن بعض بلدان العالم العربى تشهد أوضاعاً إقتصادية واجتماعية وأمنية متدهورة نتيجة النزاعات المحلية بها وقد تسبب ذلك فى دمار البنية الأساسية والمرافق العامة فضلاً عن الخسائر البشرية والمادية الجسيمة والتى تُقدر إجمالاً بنحو 800 مليار دولار. وتابع «عند النظر إلى حجم الخسائر فى البنيه التحتيه والقطاعات المُحفزه للنمو الإقتصادى وفقاً لتقارير الجهات الدولية نجد أن الوضع أصبح مأساوياً لدى دول كانت تحظى بمستويات جيدة ومقبولة من المعيشة ومنها على سبيل المثال العراق التى تراجع الإحتياطى النقدى الأجنبى لها إلى 49 مليار دولار فى عام 2017 مقارناً بنحو 80 مليار دولار فى عام 2013، وتصاعدت معدلات البطالة والفقر خلال عام 2017 إلى 25% و30% على الترتيب مُقارنة بنسبتى 12% و19% على الترتيب قبل نشوب النزاعات بالبلاد». وأضاف أن سوريا شهدت خسائر كبيرة منها تراجع الإحتياطى النقدى الأجنبى إلى 700 مليون دولار فى عام 2017 مُقارنة بنحو 20 مليار دولار قبل الأزمة السورية، فضلاً عن تدمير 27% من مجموع الوحدات السكنية بالبلاد، وتصاعد معدلات البطالة والفقر إلى 78% و60%. وأشار إلى أن اليمن شهدت تراجع الإحتياطى النقدى الأجنبى إلى 600 مليون دولار فى مايو 2016 مُقارنة بنحو 5 مليار دولار فى مطلع عام 2014، كما أدت الحرب إلى خسائر قُدرت بأكثر من 15 مليار دولار. ولفت نائب محافظ المركزى إلى أن ليبيا تراجع الإحتياطى النقدى الأجنبى لها إلى نحو 70 مليار دولار فى عام 2016 مُقارناً بنحو 124 مليار دولار فى عام 2012، كما بلغت الخسائر المُهدرة الناتجة عن إغلاق الموانئ النفطية نحو 70 مليار دولار إعتباراً من أغسطس 2013 وحتى عام 2015. وذكر «أن الصراعات المسلحة فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا تُدمر إقتصاديات الدول التى يدور فيها القتال فحسب ولكنها تؤثر أيضا على النمو الإقتصادى بالدول المجاورة والتى تستضيف ملايين اللاجئين، فقد إنخفض الناتج المحلى الإجمالى السنوى بواقع 1.9% فى دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما تسبب تنافس المهاجرين على العمالة غير الرسمية فى انخفاض الأجور فى مختلف قطاعات الاقتصاد كما شكل ضغطاً على الخدمات العامة». وأكد نجم أن هذه التطورات تظهر أهمية تضافر الجهود العربية فى إعادة إعمار الدول المتضررة، من خلال وضع آليات تعاون وشراكة بين القطاعين العام والخاص لتمويل إعادة بناء المرافق العامة التى دُمرت، وضرورة إقامة شبكات النقل والطرق للمدن والقرى المُضارة، فضلاً عن توفير الإستثمارات العربية والدولية الضرورية لتنمية إقتصاديات الدول المتضررة أسوة بما حدث بمشروع مارشال بعد الحرب العالمية الثانية والذى أسهم فى إعمار أوروبا. وشدد على ضرورة الدعوة إلى إنشاء صندوق إنقاذ طوارئ عربى لتمويل الاحتياجات الطارئة للاقتصاديات العربية وبشكل خاص من أجل تمويل الاحتياجات الأساسية من مواد غذائية وسلع ضرورية للدول التى تستضيف النازحين واللاجئين. كما أشار إلى ضرورة قيام القطاعات المصرفية العربية فى هذا المجال بوضع السياسات المالية لإعادة بناء البنيه الأساسية والمرافق الحيوية والقطاعات الاقتصادية والإنتاجية، وكذلك قيام الدول الكبرى بدورها فى توفير التمويل اللازم لإعادة الإعمار.