قتل 15 مدنيا على الأقل، وأصيب حوالى 30 آخرين فى غارات جوية «مجهولة»، استهدفت منطقة جنوبى مدينة درنة شرقى ليبيا، مساء الإثنين، فيما نفى الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر، مسؤوليته عن الغارة التى أثارت انتقادات وجدلا فى ليبيا، ومطالبات بالكشف عن الجهة التى نفذتها، فى الوقت الذى اعتقلت فيه قوة أمريكية مطلوبا متورطا فى الهجوم على القنصلية الأمريكية فى بنغازى. وأفاد مصدر طبى ليبى بمستشفى الحريش بمدينة درنة بتسلم جثامين 15 قتيلا، من بينهم نساء وأطفال، ينتمون إلى عائلة واحدة، وأكد أن من بين الجرحى 3 فى حالة حرجة، وقال شهود عيان إن الغارات الجوية استمرت إلى ما بعد منتصف ليل الإثنين- الثلاثاء. ونفى المكتب الإعلامى للجيش الوطنى الليبى، فى بيان الثلاثاء، قيام أى من طائراته بغارة جوية على مدينة درنة، كما أمرت بفتح تحقيق فنى فى الواقعة، وتعتبر مدينة درنة هى المدينة الوحيدة التى لا تسيطر عليها قوات حفتر فى الشرق الليبى. وتحاصر القوات الموالية للمشير حفتر، مدينة درنة، منذ شهر وتشن غارات جوية باستمرار فى هذه المنطقة المعروفة بأنها معقل للمتطرفين فى ليبيا منذ عهد نظام الزعيم الراحل معمر القذافى، وخلال الفترة من 2011 حتى 2014 سيطرت جماعة «أنصار الشريعة» القريبة من تنظيم «القاعدة» على المدينة، وفى نهاية 2014 استولى عليها جهاديون انشقوا عن هذه الجماعة وبايعوا «داعش»، وشكل الجهاديون فى درنة القريبون عقائديا من تنظيم «القاعدة»، تحالفا يحمل اسم «مجلس مجاهدى درنة» لمقاتلة «داعش» وقوات حفتر. ونجح التحالف منذ صيف 2015 وبعد معارك عنيفة، فى طرد المنظمة المتطرفة من المدينة. وقوبلت الغارة بتنديد ليبى واسع، وخاطب المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الوطنى، الثلاثاء، مجلس الأمن للتحقيق فى القصف الجوى المجهول الذى تعرضت له درنة، وطالب رئيس مجلس الدولة، عبدالرحمن السويحلى، مجلس الأمن ب«عقد جلسة طارئة لاتخاذ موقف حازم تجاه المجازر المتكررة وآخرها فى درنة وجثث الأبيار، وحماية المدنيين وفقا للقرار 1970». وأكد السويحلى فى بيان «أن مجزرة درنة محطة فاصلة تتطلب التجرد من الحسابات السياسية وإدانة ما يسمى القيادة العامة المسيطرة على المنطقة الشرقية وداعميها محليا وإقليميا» فى إشارة إلى جيش حفتر. فى الوقت نفسه، أعلن الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، أن القوات الأمريكية اعتقلت مطلوبا يدعى مصطفى الإمام، بتهمة الاشتراك فى الهجوم الذى استهدف القنصلية الأمريكية فى بنغازى، أسفر عن مقتل السفير الأمريكى فى ليبيا، كريستوفر ستيفنز، و3 موظفين، عام 2012. وقال ترامب، الإثنين، إن القوات الأمريكية اعتقلت بناء على أوامره، داخل الأراضى الليبية، الأحد الماضى، مصطفى الإمام، وقال إن «الإمام سيواجه العدالة فى الولاياتالمتحدة لدوره المفترض فى هجمات 11 سبتمبر 2012 فى بنغازى»، وتعرضت بسببه وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك، هيلارى كلينتون، لانتقادات شديدة من معارضيها. وقال وزير العدل الأمريكى، جيف سيشنز، إن الإمام «سيواجه العدالة أمام محكمة فيدرالية لدوره فى الهجوم». وبموجب دعوى كشف عنها مؤخرا تتضمن 3 تهم، سيُحاكم الإمام بتهمة «قتل شخص خلال هجوم على منشأة فيدرالية، باستخدام سلاح نارى»، كما يواجه تهمة حيازة سلاح نارى وتقديم «دعم مادى لإرهابيين أدى إلى وفاة». وكان الإمام يقيم فى حى الليثى بمدينة بنغازى الليبية، وهو من أصول فلسطينية، هرب من بنغازى عقب اندلاع «عملية الكرامة»، بعد مشاركته فى عمليات ضد الجيش الوطنى الليبى، ولجأ إلى مدينة مصراتة قبل أن يتم القبض عليه فى إحدى ضواحيها من قبل قوات خاصة أمريكية. ويعد الإمام أحد عناصر تنظيم «القاعدة» فى ليبيا، حيث سجن من قبل أمن الدولة الليبى عام 2007، وأودع سجن «أبوسليم» فى طرابلس، حتى أفرجت عنه بعد عام السلطات الليبية. ولا يعد الإمام أول ليبى تعتقله قوات أمريكية، فقبل 3 سنوات اختطفت تلك القوات فى عملية مشابهة داخل ليبيا مطلوبا يدعى «أحمد أبوختالة»، لكونه المسؤول عن جماعة «أنصار الشريعة الإسلامية» فى بنغازى، التى شنت الهجوم على القنصلية الأمريكية، وبحسب لائحة الاتهام، فإن أبوختالة قاد مجموعة من 20 مسلحا اقتحموا القنصلية وأضرموا النار فيها، وبدأ الادعاء الاتحادى بالولاياتالمتحدة هذا الشهر مرافعاته ضد أبوختالة. من جهة أخرى، كشف المتحدث باسم الجيش الوطنى الليبى، العقيد أحمد المسمارى، عن نتائج اجتماعات القاهرة، التى انعقدت اليومين الماضيين، بهدف توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، لافتا إلى أنها تمحورت حول تحييد الجيش عن التجاذبات السياسية. وأشار المسمارى فى تسجيل مصور عبر صفحته الرسمية على موقع «فيسبوك»، مساء الإثنين، إلى أن المشاركين كلفوا مجموعة أولى بمهام رفيعة بشأن المؤسسة العسكرية، دون أن يكشف عن ماهيتها. مؤكدا أن «العمل متواصل بكل حرفية ووطنية، وأن المؤسسة العسكرية ستسقط كل المؤسسات لتوحيد صفوفها».