والد ضحيتين بقطار الإسكندرية: لن يعوضنى شىء عن حرمانى من بناتى.. ونقلت جثة طفلتى على «نصف نقل»

رغم فقدان سيد سليمان، الرجل الأربعينى، لابنته «دنيا» 16 عاما، وطفلته «بسملة» التى لا تتعدى 8 سنوات، إلا أنك تراه ثابتا أمامك رغم أن قلبه يحترق من الفراق، لا يقوى على الدخول إلى حجرة بناته داخل شقته فى منطقة «العوايدة»، بعدما فقدهما فى حادث قطارى الإسكندرية، فابنته الكبرى «دنيا»، التى كان يحلم بيوم زفافها، قام بنقل جثتها على سيارة نصف نقل بسبب ارتفاع عدد الضحايا الذى لا يتناسب مع عدد سيارات الإسعاف.
وقال سيد: «يوم الحادثة أنا كنت رايح أجيب أولادى من محطة القطار، واتفاجئت أن فيه حادثة ولقيت القطر مطحون، وجثث الضحايا على شريط القضبان، وأهالى عزبة الشيخ لهم الفضل الأكبر، فلم يتأخر أحدهم عن المساعدة، وبعدها توجهت إلى مشرحة كوم الدكة، ورأيت صورة بارزة من الإهمال، فثلاجات المشرحة لا تستوعب جميع الضحايا، وكان من المفترض عند وقوع حادث كبير فتح أبواب المستشفيات الخاصة للمصابين، بأمر من وزير الصحة، خاصة أن الحادث وقع فى منطقة خورشيد والمسافة بين المنطقة ومستشفى الجامعة تصل تقريبا إلى ساعة، وهو ما يرفع من خطورة الحالات المصابة».
أسر الأطفال ضحايا «قطارى الإسكندرية»
يصمت الرجل دقائق معدودة يستجمع فيها قوته، ويقول: «لن يعوضنى أى شىء عن ضحكة ابنتى بسملة فى وجهى، وأنا أرى أن هذا الحادث ليس طبيعيا، فلم نسمع من قبل عن اصطدام قطار قادم بسرعة 120 كم بقطار آخر واقف، رغم أن هناك احتياطات يأخذها سائق القطار عند حدوث أى عطل فى القطار، بجانب أن القطار القادم كان داخل على مزلقان ومن الطبيعى أن يقوم بالتهدئة إلا أن هذا لم يحدث، وإذا كان القطار قادما على سرعة منخفضة لم نكل سنصل إلى هذا الحجم من الخسائر». وانتقد سيد تأخر سيارات الإسعاف، مؤكدا أنه دون تدخل أهالى «عزبة الشيخ»، لارتفع عدد الضحايا والمصابين، وقال: «لدى فيديوهات تثبت تأخر سيارات الإسعاف والتى وصلت بعد مرور ساعة، وكان من الممكن إنقاذهم فى حالة الوصول باكرا».
اقتراب مزلقان «خورشيد» مكان الحادث من منزل سيد، يسبب له المزيد من الحزن ولن يستطيع نسيان الحادث طيلة حياته، فهو يمر عليه بشكل يومى فى ذهابه وإيابه إلى عمله، وقال سيد: «لم أتوقع أن أفقد بناتى بجوار منزلى، ويوم الحادثة كلمت بناتى عشان أطمن عليهم وأعرف هما وصلوا لفين وأطلب منهم انتظارى فى محطة سيدى جابر، وبمجرد ما قفلت التليفون مع ابنتى بسملة ومرت 3 دقايق باتصل بها تانى للتأكيد عليهم عدم الخروج من المحطة، لقيت التليفون مغلق، وكان آخر اتصال بينّا».
وكأن بسملة الطفلة التى لم تتم عامها الثامن على دراية أنها لن ترى والدها مرة أخرى، فقبل الحادث بيوم واحد اتصلت بوالدها لتقول له «وحشتنى يا بابا وأنا مش هسيبك تانى خالص»، وهى المرة الأولى التى تسافر فيها بنات سيد بمفردهن، وأراد القدر أن تكون الأخيرة، وقال سيد: «كانت المرة الأولى التى يسافر فيها بناتى لوحدهم، وأنا متعود أسافر معاهم فى أى مكان، عمرى ما سفرتهم أو طلعتهم برة البيت من غيرى، وكان المفروض أنهم يجوا يوم الخميس، وقضاء ربنا إنهم يأجلوا السفر ويسافروا الجمعة عشان يتوفاهم الله، ومش عارفين نعيش فى الدنيا من غيرهم، وكل حته فى البيت بتفكرنى بيهم، وربنا ما يكتبها على حد أبدا».