إخفاقات وإنجازات 365 يوماً (ملف)

لم يبق سوى أيام معدودة على انتهاء العام 2016، وكان من أبرز الإخفاقات والتى كانت مثار تعليق المواطن فى مختلف الطبقات غلاء الأسعار وعدم قدرة الدولة على التدخل لضبط السوق والسيطرة على ما يطلق عليه استغلال التجار خاصة مع الزيادات اليومية فى الأسعار، والتى باتت من ملامح الفترة الحالية.
وحمل شهر نوفمبر الكثير من المفاجآت غير السارة للمواطن بدأت بقرار تعويم الجنيه فى الثالث من نوفمبر ليتبعه موجة من زيادة الأسعار فى كافة القطاعات الإنتاجية لتأتى الضربة التالية فى زيادة أسعار الوقود بكافة أنواعه ما ساهم فى دفع الأسعار إلى الارتفاع.
ولم يخلُ العام أيضا من بعض الإنجازات التى اقتربت من احتياجات المواطن، أهمها حل مشاكل الكهرباء وإقامة محطات جديدة، فضلا عن التوسع فى شبكة الطرق، بالإضافة إلى مشروعى تكافل وكرامة وسط مطالب بدرجة أكبر من التركيز على الفقراء، فضلا عن التوسع فى مشروعات الإسكان الاجتماعى لحل أزمة الإسكان.
وكشفت التقارير الحكومية عن تراجع عجز ميزان المدفوعات إلى 2.8 مليار دولار عام 2015/2016 مقابل فائض بقيمة 3.7 مليار دولار فى العام السابق عليه بسبب انخفاض الصادرات وانخفاض السياحة وكذا التحويلات الخاصة والرسمية.
وارتفع عجز الموازنة إلى 339 مليار جنيه بنسبة 12.2 % من الناتج الإجمالى، كما ارتفع الدين العام المحلى إلى 2.4 تريليون جنيه نهاية العام المالى 2015/2016 مقابل نحو 2.1 تريليون فى العام السابق عليه بنسبة زيادة 17.5 %.
وفى ظل تراجع أداء الاقتصاد المصرى وزيادة الاعتماد على الخارج، انخفضت قيمة الجنيه بشكل ملحوظ فبلغ سعر صرف الدولار فى السوق الموازية قبل قرار تعويم الجنيه إلى 11.20 جنيه، بينما بلغ فى السوق الرسمية 8.8 جنيهات، ليأتى قرار تعويم الجنيه ليصل الدولار إلى نحو 20 جنيها فى الوقت الحالى، وهو ما أثار العديد من المشاكل بداية من زيادة تكلفة الإنتاج وبالتالى زيادة أسعار كافة المنتجات، ما أدى إلى إحداث ركود بات يشكو منه التجار والمنتجون، فيما تعالت شكوى المواطن من زيادة فاتورة المعيشة بنسبة تقترب من 50 % فى ظل ثبات مستويات الأجور، ما زاد من أعباء الأسرة المصرية.
وتراجعت تحويلات العاملين بالخارج بعد أن كانت أحد مصادر النقد الأجنبى الهامة خاصة مع اتساع الفجوة بين السعر الرسمى للدولار فى البنوك والتعامل فى السوق الموازية، وكذا تراجع الاقتصاديات العربية نتيجة تراجع سعر البترول وبالتالى تخفيض أعداد العمالة ومنها المصرية.
ولم تكن السياحة أسعد حظا من التحويلات حيث تراجعت الوفود السياحية القادمة إلى مصر بما يزيد على 50% نتيجة العديد من الضربات التى تلقاها القطاع بداية من سقوط الطائرة الروسية على أرض سيناء ليتبعها العديد من الحوادث، كان آخرها سقوط طائرة مصر للطيران القادمة من فرنسا.
تظهر بيانات ميزان المدفوعات عن النصف الأول من عام 2015-2016 وصول إيرادات السياحة إلى 2.7 مليار دولار، مقارنة بنحو أربعة مليارات دولار فى الفترة المقابلة من عام 2014-2015. وكان من بين أهم الإنجازات مشروع الشبكة القومية للطرق والذى تصل تكلفته إلى 100 مليار جنيه ويستهدف إقامة الشبكة القومية للطرق 30 ألف كيلومتر، فقد تم إنجاز جانب كبير منها خلال عام 2016 سواء فى القاهرة أو المحافظات. ورغم ما أثير من آراء مختلفة عن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة والذى تصل تكلفته إلى 150 مليار جنيه، فقد تم تنفيذ المرحلة الأولى منه على 10500 فدان.
وتضمنت المشروعات التى اعتبرها عدد من الخبراء إشارات للنجاح، المشروع القومى للإسكان والذى تصل تكلفته إلى 185 مليار جنيه، حيث يتم تنفيذ المشروع على مدار 5 أعوام فى كافة أنحاء الجمهورية. ويعد قطاع الكهرباء أحد القطاعات الواعدة والتى مثلت أكبر إنجازات العام الحالى والماضى، حيث انتهت تقريبا أزمات انقطاع التيار الكهربائى، سواء للقطاع المنزلى أو الصناعى بعد التوسع فى إقامة عدد من المحطات الكهربائية بالتعاون مع شركة سيمنز، ويصل تكلفة المشروع القومى للكهرباء 500 مليار جنيه.
وكان مشروعى تكافل وكرامة لمساندة الفقراء من أهم الإنجازات ويتضمن البرنامج تقديم المساندة ل20% الأفقر من السكان ويغطى نحو 706.297 أسرة من إجمالى مليون و706.938 أسرة تقدمت للحصول على المعاش وبلغت تكلفة البرنامج 2 مليار و19 مليون جنيه، فضلاً عن زيادة دعم البطاقات التموينية ل 21 جنيه.
من جهته، قال السفير جمال البيومى، أمين عام اتحاد المستثمرين العرب، إن تراجع التمويل وراء عدم سرعة إنجاز عدد من المشروعات، موضحا أن هناك أولويات يتم وضعها فى الحسبان طبقا للاحتياجات، وبناء عليها يتم تحديد أولويات التنفيذ وتوفير التمويل اللازم لها.
وقال «البيومى»، فى تصريحات خاصة ل«المصرى اليوم» إن هناك فشلا فى إثارة شهية المستثمر الأجنبى للقدوم إلى مصر والاستثمار بها، موضحا أن الدراما المصرية وسوء الترويج للاستثمار فى مصر ساهما فى التقليل من جاذبية مصر للاستثمار، بالإضافة إلى الظروف العالمية والإقليمية التى أدت إلى بعض الركود الاقتصادى.
وأوضح أن هناك حاجة ملحة للمضى فى برنامج الإصلاح الاقتصادى، وأن الخطوات الأخيرة كانت جريئة رغم أنه كان يجب اتخاذها منذ عام 2015، وأن تأجيلها أدى إلى زيادة تكلفة وأعباء تطبيقها، منوها إلى أن هناك عنصرين يجب الاهتمام بهما خلال الفترة المقبلة، للعمل على تخفيف عبء الإصلاح على الطبقة الأكثر احتياجات من خلال التوسع فى البرامج الاجتماعية بالإضافة إلى الاهتمام بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة الذى لم يحظ بالاهتمام الكافى حتى الآن.
وقال الدكتور شريف دولار، أستاذ الإدارة بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا إن مشروعات البنية الأساسية والطرق والكبارى أحد إهم إنجازات العام، موضحا أنها ساهمت فى حل جانب كبير من مشكلة البطالة، خاصة أنها تعتمد على جانب كبير من المدخلات المحلية سواء الأسمنت والطوب والزلط وغيرها، مشيرا إلى أن انتظام حركة الكهرباء سواء فى المصانع أو القطاع المنزلى من أهم إنجازات العام والتى بدأت من عام 2015.
وفيما يتعلق بمشروع قناة السويس وتراجع دخل القناة، قال إن هذه نظرة محدودة لأن عملية تنمية قناة بنما الأمريكية تم الانتهاء منها بعد فترة عمل امتدت لمدة 9 سنوات ولو لم يكن هناك قناة السويس الجديدة واختصار وقت المرور لكانت تراجعت إيرادات القناة الحالية بمعدل النصف مع تشغيل قناة بنما وتحول جزء من التجارة العالمية إلى هناك. وتابع أن الهدف الأكبر من قناة السويس الجديدة تنمية المنطقة بالكامل وهو ما سيتحقق خلال الفترة المقبلة ولكن يحتاج إلى تهيئة المناخ العام للعمل، لافتا إلى أن مثل هذه المشروعات وتشغيل شركات المقاولات والعمال تسهم فى خفض معدل البطالة.
واستطرد «دولار» أنه كان يجب الاحتفاظ بسعر الدولار الجمركى ثابتا عند 8.8 لفترة لعدم رفع الأسعار وكذا الحفاظ على مديونية الشركات الصناعية الدولارية باحتسابها على أساس 8.80، مشيرا إلى أن القرار تم اتخاذه دون دراسة تبعاته والاستعداد لها بعدد من القرارات المصاحبة.
وشدد على أنه كان يجب أن يتم اتخاذ هذا القرار قبل 3 سنوات فى وقت تدفق المنح من الدول العربية إلى مصر وكان يجب إعداد برنامج اقتصادى قوى دون الحاجة إلى صندوق النقد والقرض، وكان هذا يسهم فى جذب تحويلات المصريين فى الخارج، معتبرا ما حدث نوعا من إخفاق الحكومة والبنك المركزى أيضا.