معالى وزير الخارجية المصرى تحية طيبة وبعد قررت أن أكتب لكم خطاباً مفتوحاً بعد أن شعرت بحالة عدم الوضوح للرؤية المصرية فى السياسة الخارجية بعد الثورة.. وهذا جعل القلق لدى العديد من المصريين والعرب ولدى المؤمنين بقدرة مصر على استعادة الراية فى الإدارة السياسية للمنطقة. معالى الوزير.. إن الدور القيادى الذى نحلم به لا يتطلب الحيادية فى الكلام فاللون الرمادى يغلب علينا، ولكن يحتاج إلى مواقف واضحة أحياناً وحاسمة لا تفتح مجالاً للاختراق أو النفاق، فلاشك أن عودة الاهتمام بالعلاقات الأفريقية هى سعى للأمن القومى ولا يقبل التمهل فيها أو النقاش.. كما تتطلب ضرورة المراجعة الشاملة لعلاقات مصر الخارجية مع عدة دول نرتبط معها بحدود مشتركة أو مصالح تجارية أو عسكرية أو سياسية مهمة، سواء كانت صديقة أو عدائية.. ولكن أكثر ما يؤرق الكثيرين هى التصريحات بخصوص إيران. أنقل لك ما يقال فى الخارج عن سياسة مصر بعد الثورة «من الواضح أن رئيس الوزراء ونائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية ووزير الخارجية فى حكومة تصريف الأعمال الحالية يحملون كل الخبرة والتقدير والاحترام ولكن، المشكلة أن كلاً منهم منذ سنوات طويلة بعيد عن الممارسة اليومية للعمل الدبلوماسى أو السياسى أو الأمنى، مما جعل هناك فروقاً فى التوقيت.. فلاشك أنهم وجدوا هموماً كثيرة فى انتظارهم مما جعل الفروق فى التوقيت فى اتخاذ القرار سمحت بمساحة تعجب وانتقاد»، نعم هذا ما يقال فى الخارج والداخل يا معالى الوزير، فالدعوة لصفحة جديدة مع إيران مثلاً أصابت العديد بالاستهجان، خاصة أنها دون مقابل فقط لأن مبارك كان على خطأ فى إغلاق هذا الباب، هذا غير كافٍ، فيجب مراجعة الأحداث الحالية التى تحدث أمامنا، فهناك تهديدات صريحة للبحرين وشبكة تجسس إيرانية فى الكويت وسفن تحمل الأسلحة من إيران دخلت مياه الخليج، بجانب دور الحوثيين فى اليمن وتعديها على الأراضى السعودية، والدور الإيرانى داخل البرلمان والحكومة العراقية وانعكساته على الشعب العراقى، هذا بجانب حزب الله فى لبنان الذى أخرج سلاحه فى 7 مايو 2008، ليس على إسرائيل ولكن على المواطنين اللبنانيين من أهل بيروت «السنة» وأسقط 90 قتيلاً وأسقط الحكومة ليصبح هو وأعوانه المتحكم فى مصير البلاد حتى الآن، بجانب أننا نحذر من المد السلفى والإخوان فى الداخل المصرى، وإيران طبعاً هى الدولة الداعمة لهم مادياً ومعنوياً.. فلا تربطنى مع هذه الدولة حدود مشتركة ولا مصالح تجارية ولا استثمارات ولا عمال بالألفات يعملون هناك، إذ إن مصلحتى عدم التصعيد وليس الغزل والهرولة بتصريحات وزيارات.. غريب أن نقدم تنازلات دون مقابل! والتعبير عن ذلك فى هذا الوقت الحرج لدى شعوب المنطقة! ■ إيران يا معالى الوزير هى صاحبة الثورة الإسلامية التى تنكل كل يوم بشبابها المعترض على الانتخابات المزورة لرئيسها أحمدى نجاد كل يوم وحتى الآن نشهد ذلك على الشاشات، فهى إيران نفسها التى تدعى الديمقراطية من جهة ونجد الحرس الثورى الإيرانى يقتل المعترضين من الشباب الثائرين فى الشوارع والجامعات من جهة أخرى، فهل هذا ما يقبله المصريون بعد الثورة التى قام بها الشباب وكانت القوات المسلحة هى الحارس الأمين لها؟! ■ وهل الحرية فى إيران هى أن تمنع عشرين مليون مواطن إيرانى فى منطقة الأهواز وغيرها فى محافظات إيرانية مختلفة من بناء المساجد أو إقامة الصلاة لأنهم من المذهب «السنى» الذى تنتمى إليه الغالبية من الشعب المصرى والأقلية من الشعب الإيرانى.. ويمنع عليهم ممارسة حقوق المواطنة أو التمتع بالحقوق الإنسانية والسياسية؟! ■ الدولة الإيرانية هى التى تستخدم سوريا بوابة عربية لها وتساهم معها فى قمع التظاهرات للشباب فى «درعا» السورية، فالنظام العلوى فى سوريا والشيعى فى إيران يتحدان أمام الغالبية السنية فى المنطقة، وهذا بالشعارات ودعم جماعات الإخوان من حماس والمتطرفة مثل القاعدة وتلعب بأصابع مشبوهة على الحدود وعلى عدة دول فى أفريقيا ولا ننسى نشاطها فى السودان وكذا المقايضة فى الدبلوماسية والمصالح المصرية.. مع دول الخليج هناك استثمارات وسياحة وعمالة ومصالح مادية ومعنوية حتمية لإنقاذ اقتصاد مصر أمام دور مصرى فى أمن الخليج.. ولكن مع التجار الفارسيين يجب أن نترك العلاقات للحكومة الدائمة فى المرحلة المقبلة.. يحددها مجلس شعب وحكومة ورئيس. ثم يا معالى الوزير أمامك سوريا تقدمنا نحوها بخطوة إيجابية من مدير المخابرات المصرية لأول زيارة رسمية استغرقت يومين، كان الرد بعد ذلك الإعلان فى كل مرة عن خطف واعتقال مصريين ثم مع جهود الخارجية إعادة الإفراج عنهم لتصبح هذه هى الخطوة الإيجابية نحو مصر والمصريين.. آسفة يا معالى الوزير رسائل سوريا وإيران يجب الرد عليها بأسلوب أعمق، نراعى فيها مصالح مصر العربية والإقليمية، وأمامك تركيا فهى لا تترك مجالا إلا تتواجد فيه لإثبات مصالحها وأهميتها والحفاظ على مركزها، هى الأقرب على الحدود لسوريا وإيران، يجب فتح مجال لأصدقاء مصر أولاً بعد الثورة ومن ثم سوريا وإيران.. فليس بالجفاء نعالج الأمور ولكن بأولويات المصالح مع هؤلاء. [email protected]