حينما يتهم البعض اجهزة مخابرات لدول ما بانها خلف حدث او مجموعة احداث فانه لا ينطلق من ادلة ولا يعقل ان يطلب منه ادلة لانه اى جهاز مخابرات هذا الذى سيترك خلفه ادلة ومستندات تثبت تورطه وانما المنطلق الذى ينطلق منه هو تسلسل الاحداث ومنطقها والنتائج التى افرزتها ومما يصعب كشف هذه المؤامرات او اقناع الناس بان ما حدث ما هو الا مؤامرة ان المخابرات تعتمد على العامل العفوى فى جانب من تخطيطها وعلى اصحاب قضية فى جانب اخر يعنى لا يمكن ان يقال عن انسان قام بتفجير نفسه انه على علاقة بجهاز مخابرات ما كما لا يمكن ان يقال ان خروج الناس بشكل عفوى فى مظاهرات ضد النظام كان استجابة لاوامر مخابراتية ولكن بالرغم من ذلك فالمخابرات تتدخل بطرق غير مباشرة لاختيار توقيت ومكان وقوع مثل هذا التفجير الذى كان بامكانها منعه لكنها وجدت مصلحة فى وقوعه بل وساعدت فى تنفيذه دون ان يشعر من قام بتفجير نفسه او حتى زملاءه فى المجموعة ان الامر لا يعدو تنفيذ مصلحة مخابراتية وهكذا كان الامر مع احداث سبتمبر والمظاهرات لا تخرج الا بناء على اوضاع سياسية واقتصادية دفعت الناس للخروج ولكن ذلك لا يعنى عدم وجود جهاز يخترق اصحاب الدعوة للمظاهرات ويخترق تفكيرهم ويحدد مطالبهم من خلال توجيه المناقشات والتدخل فى الاحداث ولا يعنى ان الظروف التى دفعت الناس للخروج هى من صنع هذا الجهاز نفسه فلاشك ان ثورة 25 يناير تحتوى على الكثير من الاسرار التى لم يتم الكشف عنها ولن يتم الكشف عنها الا من خلال الربط المنطقى بين الاحداث ماز لت اذكر المظاهرة العبيطة التى تحركت بعد دخول الامريكان بغداد وقد وضح تماما انها مظاهرة من البلطجية وهو ما اوحى للعادلى بعد ذلك استعمال هذا النوع من الناس فى تنفيذ خططه فظاهرة استعمال البلطجية لم تبدأ الا مع دخول الامريكان بغداد ساعتها راينا الجنود الامريكان وهم فى حالة من التوتر وينظرون بعدساتهم المكبرة على الابنية المحيطة بالميدان ويقومون بتطويقه بكل جدية ثم راينا الكاميرات ترصد تحرك مجموعة من الناس الذين يدرك من يراهم انهم بلطجية وليسوا من الشعب وهنا تساءلنا متى تجمع هؤلاء واين تجمعوا وكيف علموا ان الامريكان سيدركون ان مظاهرتهم مع الاحتلال وليس ضده ثم اين التوتر والجدية التى كانت تعترى هؤلاء الجنود وهم يرون تجمع قادم اليهم والمفترض انهم لا يعلمون اذا كان هذا التجمع معهم او ضدهم ثم كانت قمة المهزلة حينما اخرج هذا التجمع من البلطجية العلم العراقى القديم والذى لا يفرق عن العلم الجديد الا ان الثانى يحتوى على عبارة ( الله اكبر ) يعنى الامريكان يريدوننا ان نصدق ان الشعب العراقى قد خرج فرحا بدخولهم وليس هذا فحسب بل ويريد عودة العلم القديم الذى لا يحتوى على عبارة الله اكبر . لو كان هذا الشعب يهوديا او مسيحيا او حتى بوذيا بل لو كان شيوعيا اذا ما تخيلنا ان هناك شعبا شيوعيا فلن يخرج ليطالب بتغيير العلم لكونه يحمل عبارة ( الله اكبر ) لكنها على ما يبدو فكرة بوش الذى كان مصمما على انها حرب صليبية وصمم كذلك على ان يكون لقاء اعلان الحرب بينه وبين حليفيه البريطانى والاسبانى فى البرتغال لانه لو تم فى اسبانيا لن يفهم الناس المغزى فاسبانيا تشارك اما ان يتم فى البرتغال فهذه رسالة واضحة بانها حرب صليبية تستهدف القضاء على الاسلام فى العراق كما تم القضاء على الاسلام فى اسبانيا والبرتغال واليوم يتسائل الكثيرون متى تم تحضير العلم الليبى القديم الذى رايناه فجأ' وفى اول يوم للثورة وقد امتلآت به شوارع بنغازى ولا يعلمون انها عادة امريكية قديمة مظاهرات 25 يناير فى مصر ليست شبيهة بمظاهرة البلطجية فى العراق فهى مظاهرات طبيعية فى جانب كبير منها وهذا ما تعلمه الامريكان تعلموا انه اذا لم يكن هناك ما يدعوا الناس للثورة فعليهم هم ان ينشئوا تلك الاوضاع التى لابد وان تؤدى الى الثورة لقد اراد بوش ان يقوم بما يحدث الان فى البلاد العربية اثناء فترة ولايته لكن ما قابله من مقاومة عراقية مع مواقف العلمانيين العرب الذين لم يكن من الممكن ان يظهروا امام شعوبهم الا كعملاء وخونة اذا ما طالبوا باى اصلاحات فى ذلك الوقت خاصة وان بوش كان يدعوهم بشكل مباشر للتواصل معه والاستجابة لدعوته بالاصلاح السياسى والذى اراد ان يقوم على الفوضى الخلاقة وهذا هو الفرق بين ايام بوش وهذه الايام فالظروف السياسة فى الداخل والخارج لم تكن لتؤدى الى امكانية الاستجابة لدعوة بوش حينها اما الان وبعد عشر سنوات من التخطيط اليطئ والمتواصل وبعد انشاء الفضائيات والصحف الخاصة التى دعت بشكل مباشر الى الثورة دون ان تلقى رد فعل من النظام لتوازنات انشاتها المخابرات الامريكية فلاشك انه كان هناك حرب باردة بين المخابرات الامريكية والنظام منذ احداث سبتمبر خسرها النظام باعتماده على سياسة واحدة وهى كسر عين الامريكان بالاستجابة لكل مطالبهم تلك الاستجابة التى كانت من العوامل الاساسية فى تحفيز الشباب فالاطفال الذين كانت تتراوح اعمارهم بين عشر وخمسة عشر سنة ايام بوش اصبحوا الان بين عشرين وخمسة و عشرين سنة تم تثقيفهم وتربيتهم وتنظيمهم حتىاصبحوا هم شباب الثورة وبدلا من استعمال البلطجية مع الثورة تم استعمالهم ضد الثورة ولكن بطريقة تخدم الثورة وتستفز مشاعر من لم يكن قد حسم امره بعد وكما طالب البلطجية فى العراق بتغيير العلم الذى يحتوى على عبارة ( الله اكبر ) الان يطالب شباب الثورة بتغيير المادة الثانية من الدستور