تطرح قضية شراء الغواصات الألمانية الثلاث تساؤلاتٍ وشكوكاً حول سلوك رئيس الوزراء (الإسرائيلى بنيامين نتنياهو) ورجاله. ويمكن التخمين بأنه إذا ما تقرر يوما فتح تحقيق فى هذا الموضوع فسيكون من دواعى سرور وزير الدفاع السابق، موشيه يعلون، أن يدلى بشهادته. مقالات متعلقة * إسرائيل تعتزم شراء غواصات ألمانية حديثة من طراز «دولفين» * مصر تتسلم أول غواصة ألمانية مطلع العام المقبل * سلاح البحرية الإسرائيلي يتسلم اليوم غواصة ألمانية جديدة حسب مصادر فى وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلى، فإن المرة الأولى التى تبين فيها لقادة وزارة الدفاع أن نتنياهو يعتزم أن يشترى من ألمانيا 3 غواصات أخرى لسلاح البحرية كانت فى النصف الثانى من عام 2015. فى ذاك الوقت جرى نقاش بين قادة وزارة الدفاع ومجلس الأمن القومى الإسرائيلى حول عناصر خطة العمل متعددة السنوات «جدعون». فى الخطة التى قدمها الجيش الإسرائيلى حينئذ ظهرت توصية بشطب غواصة دولفين واحدة من حجم القوات بعد وصول غواصة جديدة عام 2019، والتى ستكون الأخيرة فى الصفقة الحالية مع ألمانيا. ورقة العمل التى تقدم بها مَن كان آنذاك رئيس قيادة الأمن القومى، يوسى كوهين، تُظهر أن تعليمات العمل التى وجهها نتنياهو لقيادة الأمن القومى وقيادات وزارة الدفاع كانت للتزود بثلاث غواصات أخرى.. أى زيادة القوات العامة للغواصات لدى الجيش الإسرائيلى إلى 9 غواصات. لكن وزير الدفاع آنذاك، موشيه يعلون، وضع الفكرة على الرف ورفضها، ودار جدال عنيف بينه وبين نتنياهو فى مسألة شراء الغواصات الإضافية. نتنياهو من جهته وبخ قادة وزارة الدفاع على عزمهم إخراج غواصة من حجم القوات. فى تلك المرحلة أيضا فحص يعلون مع الجيش الإسرائيلى إمكانية أن تكون جهة من الجهات ذات الصلة لخطة جدعون قد عملت ببراءة مع مجلس الأمن القومى، وقدمت فتوى مهنية إيجابية لخطة شراء الغواصات الإضافية. تم فحص الموضوع فى مكتب رئيس الأركان، وفى قيادة سلاح البحرية، وفى شعبة التخطيط: فى المكاتب الثلاثة لم يكن لدى أى أحد أى فكرة عن صفقة الغواصات الجديدة، فلم يتلق أى أحد طلبا بإبداء رأيه أو تقديم خطة أو طلب عملى. نجح وزير الدفاع الإسرائيلى آنذاك فى إقناع نتنياهو بأن الحديث لا يجرى بأى حال من الأحوال على صفقة مستقبلية ستتحقق فى السنوات الخمس المقبلة، ولذلك اتفق الاثنان على أن يتوصل نتنياهو إلى اتفاق مبدئى مع الألمان حول إمكانية شراء 3 غواصات فقط فى المستقبل لتحل محل الغواصات التى ستخرج من الخدمة. كما أوضح وزير الدفاع الإسرائيلى آنذاك انه لا يمكن أن نتوقع اليوم ماذا ستكون عليه الاحتياجات والتكنولوجيات التى سيحتاجها سلاح البحرية الإسرائيلى خلال 10 سنوات.. ولذلك فمن الأفضل التوقيع على مذكرة تفاهم مبدئية، لكن دون النزول إلى التفاصيل. فى منتصف فبراير الماضى، عشية سفر نتنياهو لزيارة ألمانيا، علم مكتب يعلون، بالصدفة البحتة، أن رئيس الوزراء الإسرائيلى يعتزم التوقيع فى هذه الرحلة على شراء 3 غواصات أخرى، والاتفاق على جدول زمنى محدد. وتم ذلك أيضا دون التشاور مع وزارة الدفاع أو الجيش الإسرائيلى. فلم يكن لدى نتنياهو فى تلك الرحلة أى ورقة عمل عن نوع الغواصات أو حجم التسليح. فى أعقاب ذلك نشبت مواجهة خطيرة أخرى بين يعلون ونتنياهو، ادعى رئيس الوزراء الإسرائيلى خلالها أن هناك احتمالا بأن تخسر المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فى الانتخابات المقبلة، وبالتالى ليس مؤكدا أنه سيكون بوسع إسرائيل الحصول على 3 غواصات أخرى بثمن جذاب كهذا من ألمانيا. فى نهاية النقاش سافر نتنياهو إلى ألمانيا ووقع فقط على مذكرة تفاهم، مثلما اتفق مع يعلون مسبقا. ويتعهد الألمان فى مذكرة التفاهم ببيع الغواصات بثمن خاص، فيما تتعهد إسرائيل بشراء تلك الغواصات. من هذه اللحظة ولاحقا، ظهرت بوادر تدهور العلاقات بين وزير الدفاع ونتنياهو. وتفاقم الوضع أيضا بسبب خلافات تقييمية حول منح فرصة لضباط الجيش الإسرائيلى وقضية أليئور أزاريا (الذى أعدم الشاب الفلسطينى عبدالفتاح الشريف فى الخليل نهارا جهارا). وأدى سلوك نتنياهو فى النهاية إلى أن يقدم يعلون استقالته بعد 3 أشهر من ذلك. وأثيرت الشبهات حول العلاقة بين ديوان نتنياهو وحوض السفن الألمانى فى كيل قبل نحو 3 سنوات، حين أصدرت وزارة الدفاع الإسرائيلية عطاء دوليا لبناء 4 سفن لحماية حقول الغاز. وأصر نتنياهو على عقد الصفقة فى ألمانيا، بدعوى أن الألمان يمنحوننا تخفيضات فى الأسعار. ولكن كانت هناك مشكلة لوزارة الدفاع الإسرائيلية مع حوض السفن الألمانى، لأن الألمان- على حد قول قادة الجيش الإسرائيلى- رفعوا السعر مسبقا، وفقط بعد ذلك قدموا التخفيضات. فى نهاية المطاف نجح الضغط الذى مارسه نتنياهو، وتم إبرام الصفقة. لماذا ضغط نتنياهو من أجل إبرام صفقة الغواصات مع ألمانيا الآن، بينما كانت هذه الصفقة ستتم على أى حال خلال 10 سنوات على الأقل؟ لماذا تجاوز نتنياهو كل الجهات المهنية، من سلاح البحرية، وشعبة التخطيط، ووزارة الدفاع، واتخذ القرار بناء على رأيه هو فقط لإلزام دولة إسرائيل بشراء سلاح هو أغلى سلاح تشتريه إسرائيل منذ نشأتها؟ لماذا أخفى عن قادة وزارة الدفاع عزمه التوقيع على اتفاق شراء الغواصات خلال رحلته إلى ألمانيا؟ ولماذا أصر على إلغاء العطاء الدولى لشراء السفن لحماية حقول الغاز البحرية بينما أصر على تنفيذ الصفقة الأخرى مع حوض السفن الألمانى؟ ويدعى نتنياهو وقيادة الأمن القومى أنه جرت دراسة مفصلة حول الحاجة لشراء 3 غواصات إضافية. ولكن فى الجيش الإسرائيلى، وفى سلاح البحرية، وفى شعبة التخطيط لم يتم إعداد دراسة كهذه. فإذا كانت دراسة الجدوى قد أجريت فى مكان ما فقد أجريت فقط فى مجلس الأمن القومى. نقلاً عن صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية ترجمة- محمد البحيرى اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة