لقاء ترامب المرتقب بنظيره الصينى يدعم ارتفاع بيتكوين إلى 111,410 دولار    انخفاض سعر الفراخ .. أسعار الدواجن والبيض اليوم 24-10-2025 بالأقصر    إزالة أدوار مخالفة لتراخيص البناء فى عدد من العقارات بحى الزيتون بالقاهرة    الوزير: افتتاح مصنع جديد في صناعة الضفائر الكهربائية للمركبات قريبا    «القومي للمرأة» ينظم تدريب حول الشمول المالي والقروض البنكية والاستثمار    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 24 أكتوبر    مساء اليوم.. حركة «حماس» تسلّم جثتي إسرائيليين    الجيش الروسي يعلن سيطرته على أربع قرى في شرق أوكرانيا    قمة في لندن تبحث تزويد كييف المزيد من الصواريخ البعيدة المدى    16 مركزا يضم نقاط لتسليم السلاح.. تفاصيل خطة حزام أمريكا الإنسانى فى غزة    رئيس فنزويلا يتحدى ترامب: أنا الشعب    جيروزاليم بوست: حماس قادرة على تحديد مكان 10 جثامين بدون مساعدة    الزمالك يواجه ديكيداها الصومالي الليلة في إياب دور ال32 من الكونفدرالية الأفريقية    موعد مباراتى بيراميدز والتأمين الإثيوبى فى دورى أبطال أفريقيا    أوسكار رويز يطير للإمارات 4 نوفمبر لحضور مباريات السوبر المصرى    3 مصريين يتأهلون إلى نصف نهائى بطولة أمريكا المفتوحة للاسكواش    طقس الإسكندرية مشمس نهارا مائل للبرودة آخر الليل.. فيديو    ضبط 2 طن صابون سائل المجهول المصدر بحملة تموينية بشبين القناطر    أمن الجيزة يحدد هوية الشاب ضحية حريق غرفة بالعياط    إحباط تهريب هواتف ومستحضرات تجميل بمطار الإسكندرية الدولي    ضبط 1340 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    القبض على تشكيل عصابي بحوزته كمية من الأسلحة غير المرخصة في قنا    المايسترو تامر فيظى يقود الليلة قبل الختامية لمهرجان الموسيقى العربية    دياب وأحمد زاهر ومصطفى قمر يدعمون تامر حسني بعد خضوعه لعملية جراحية    500 قطعة من مكتشفات مقبرة توت عنخ آمون تزين المتحف المصرى الكبير    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة.. وحكم الاستماع إليها من الهاتف    سر ساعة الإجابة يوم الجمعة وفضل الدعاء في هذا الوقت المبارك    دعاء الفجر.. اللهم اجعل لنا نصيبًا فى سعة الأرزاق وقضاء الحاجات    وزارة الصحة تعلن محاور المؤتمر العالمى للسكان والصحة والتنمية البشرية    مجلة فوربس: رئيس الرعاية الصحية ضمن أبرز 10 قادة حكوميين بالشرق الأوسط لعام 2025    سر قرمشة المطاعم في مطبخك| طريقة سهلة عمل الدجاج الكرسبي الذهبي    حملات توعوية لطلاب المدارس في سيناء بمبادرة "مصر خالية من السعار 2030"    هل تم دعوة محمد سلام لمهرجان الجونة؟.. نجيب ساويرس يحسم الجدل    «النيابة الإدارية» تشرف على انتخابات «الزهور» بالتصويت الإلكتروني    القائمة النهائية للمرشحين لانتخابات مجلس النواب 2025 في الإسكندرية    قبل مواجهة إيجل البوروندي.. توروب يعالج الثغرات الدفاعية للأهلي    الأزهر يجيب.. ما حكم صلاة المرأة بالبنطلون ؟    وزير الدفاع ورئيس الأركان يلتقيان رئيس أركان القوات البرية الباكستانية    البابا تواضروس يفتتح المؤتمر العالمي السادس للإيمان والنظام في وادي النطرون    جامعة القاهرة: إقبال كثيف من الطلاب على ندوة الداعية مصطفى حسنى.. صور    «ديمية السباع».. حين تتحدث حجارة الفيوم بلغة الإغريق والرومان    فرق سلامة المرضى تواصل جولاتها الميدانية داخل الوحدات الصحية ببني سويف    التوبة لا تغلق.. عالم أزهري يوضح رسالة ربانية في أول آية في القرآن    آخر فرصة للتقديم لوظائف بشركة في السويس برواتب تصل ل 17 ألف جنيه    هنادي مهنا: «أوسكار عودة الماموث» يصعب تصنيفه وصورناه خلال 3 سنوات بنفس الملابس    فردوس عبدالحميد: كنت خجولة طول عمري والقدر قادني لدخول عالم التمثيل    موعد تطبيق التوقيت الشتوي في مصر 2025.. تعرف على تفاصيل تغيير الساعة وخطوات ضبطها    قيادي بتيار الإصلاح الديمقراطي الفلسطيني: الحضور الدولي في شرم الشيخ يعزز فرص الاستقرار    «مبحبش أشوف الكبير يستدرج للحتة دي».. شريف إكرامي يفاجئ مسؤولي الأهلي برسائل خاصة    تعطيل الدراسة أسبوعًا في 38 مدرسة بكفر الشيخ للاحتفال مولد إبراهيم الدسوقي (تفاصيل)    سعر الدولار الأمريكي مقابل بقية العملات الأجنبية اليوم الجمعة 24-10-2025 عالميًا    نوفمبر الحاسم في الضبعة النووية.. تركيب قلب المفاعل الأول يفتح باب مصر لعصر الطاقة النظيفة    فتاة تتناول 40 حبة دواء للتخلص من حياتها بسبب فسخ خطوبتها بالسلام    «مش بيكشفوا أوراقهم بسهولة».. رجال 5 أبراج بيميلوا للغموض والكتمان    التجربة المغربية الأولى.. زياش إلى الوداد    مدرب بيراميدز يتغنى بحسام حسن ويرشح 3 نجوم للاحتراف في أوروبا    ماكرون: العقوبات الأمريكية ضد روسيا تسير في الاتجاه الصحيح    إصابة 10 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بالشرقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناع الفساد والعقد الاجتماعى الجديد
نشر في المصري اليوم يوم 17 - 04 - 2011

منذ ظهور «التاكسى» الأبيض الذى ساوى بينى وبين سائقى التاكسيات فى الحقوق والواجبات.. قررت أن أقلع تماما عن عادة قيادة السيارات.. وأصبحت من هواة ركوب «التاكسى الأبيض» حيث الدردشة مع السائقين متعة.. إذ تلمس بكلتا يديك نبض المواطن.. وليلة إلقاء القبض على جمال وعلاء مبارك.. والتحفظ على مبارك فى مستشفى شرم الشيخ.. وبدء التحقيق مع سوزان مبارك أمام إدارة الكسب غير المشروع.. فى هذه الليلة ركبت مع «سائق أبيض» واستمعنا معا إلى نشرة أخبار التاسعة.. وإذا به يقول لى:
«حد كان يصدق إن ولاد الريس يتقبض عليهم ويباتوا فى ليمان طرة.. ومبارك نفسه يتحبس ويتحقق معاه هو ومراته».. ثم نظر ناحيتى يتفحصنى بنظرة ذات مغزى، خوفا من أن أكون من فلول الحزب الوطنى.. أو لصوص المال العام.. أو أبطال موقعة الجمل..
ثم قال لى: «دنيا ملهاش أمان يا بيه.. والزمن غدار، بس الناس ما بتتعظش.. بالك أنت بكرة لما يعملوا رئيس جديد يقعد شوية أيام كده يعامل ضميره ويشتغل بما يرضى الله.. وبعد شوية الكرسى بيغير وتلاقيه قلب على الشعب.. وإيده تطول على فلوس البلد.. ويتلموا عليه الحاشية والنصابين ويطلع فى الآخر حرامى ويمشى بفضيحة وزفة».
تأملت حديث السائق الأبيض.. وتذكرت نص سعدالله ونوس المسرحى الرائع «الملك هو الملك».. ورحت أسأل نفسى:
- هل كان لابد أن تراق كل هذه الدماء.. حتى يستيقظ ضمير حسنى مبارك ليتنحى.. أو يحاصر بكل هذا الغضب والسخط ليجبر على ترك مقعد الرئاسة؟
- هل كان لابد من مرور ثلاثين عاما من الذل والهوان، ونهب المال العام، وتجريف ثروات مصر حتى يسقط نظام حسنى مبارك.. ثلاثون عاما لم يشبع خلالها كل رجال الرئيس والرئيس وعائلته؟
كيف لا يرى الحاكم إلا نفسه.. ولا يستمع إلا لبطانته.. ولا يستجيب إلا لنزوات النفس الأمارة بالسوء؟
لا شك أنهم لا يبصرون ولا يسمعون ولا يحسون.. فإن أبصروا لا يرون الحقيقة.. وإن سمعوا فلا يستمعون إلا لشياطينهم.. وإن أحسوا لا يشعرون بظلمهم الواقع على العباد.. فهم بلا بصيرة.. والبصر غير البصيرة.. فلو كانت لديهم بصيرة نافذة لما وصلوا وأوصلونا إلى ما نحن فيه الآن..
ماذا فعلت لهم المليارات التى سلبوها.. جاء عسكرى مصرى غلبان وجردهم من كل متعلقاتهم الشخصية وهو يدفعهم داخل الزنازين.. ماذا فعلت لهم القصور والفيلات عندما أغلقت على كل منهم زنزانة مساحتها متر ونصف المتر فى مترين.. كيف صور لهم غرورهم وجبروتهم أن هذا الملك باق.. إن كنوز العالم كلها لا تساوى الآن لحظة ذل ومهانة مما يتعرضون له.. والآن هل يحاسبون أنفسهم ويشعرون بالندم على ما اقترفوه من جرائم جسيمة وخطايا لا تغتفر فى حق الشعب المصرى وفى حق مصر.. أم أن جبروت الغرور مازال يركبهم غير مصدقين أن ما يحدث هو الحقيقة بعينها.. أم أنهم يظنون أنه مجرد كابوس بشع سيزول بمجرد أن يستيقظوا من النوم.. ألم يدركوا أن العالم قد تغير..
وإذا عجزت الشعوب المغلوبة على أمرها عن الثورة صارت هناك قوى عظمى تستقوى بها الشعوب على حكامها الظالمين.. وأن هذه القوى هى نفسها التى كان هؤلاء الحكام ينسحقون أمامها، ويقدمون لها فروض الولاء والطاعة على حساب كرامة وعزة شعوبهم.. ثم تأتى اللحظة التى يصبح فيها هؤلاء الحكام منتهى الصلاحية.. وتبدأ هذه القوى العظمى فى بيعهم والبحث عن طرق مبتكرة للتخلص منهم.. إنها دروس فى التاريخ تتكرر دائما بأشكال وسيناريوهات مختلفة..
ولكن الحكام لا يتعظون أبدا على مر العصور.. إنهم مصابون بمرض لعين اسمه جنون العظمة.. ولا أمان لأى حاكم مهما خلصت نيته لبلاده وشعبه.. ولا ضمان للشعوب إلا الديمقراطية الحقيقية والدستور الذى يتحول إلى عقد اجتماعى بين الحاكم والمحكوم، يحدد شكل العلاقة بين الطرفين.. عقد يؤكد للحاكم أنه جاء بأمر تكليف من الشعب لصيانة حقوقه وحماية أراضيه..
عقد يحدد الخطوط الفاصلة بين الحقوق والواجبات.. ويفصل بين مصالح الحاكم الخاصة ومصالح المواطن والوطن العليا.. لأننا ونحن نبحث بين الوجوه المرشحة لرئاسة مصر عن رئيس جديد علينا أولا أن نضع دستورا حقيقيا للبلاد، ونصيغ عقدا اجتماعيا بيننا وبين الحاكم تحدد فيه كل الأمور بوضوح شديد، ويطبع من هذا العقد أصل و90 مليون صورة، وتسلم للحاكم صورة ولكل مواطن صورة، ويتم إيداع الأصل فى المحكمة الدستورية العليا، ويكتب فيه شرطا أساسى ينص على: «أن أى إخلال بأى بند من بنود هذا العقد من جانب الحاكم أو المحكوم يصبح هذا العقد مفسوخا من تلقاء نفسه دون الرجوع للطرف الثانى، وعلى المتضرر اللجوء للقضاء»..
لأنه لا أمان لأى حاكم مهما بلغت نزاهته، فهناك دائما صناع الفساد ومفسدو الحاكم، الذين يلتفون حوله ويضعونه فى علبة من الحرير شديدة النعومة ويحيطونه بكل مباهج الدنيا.. ويصنعون منه نصف نبى ونصف إله.. فيحجبون عنه حقيقة كل شىء، ويصبح هو كالخاتم فى أصبعهم يصنعون به ما يشاءون.. إنهم صناع الفساد.. فلا يهم من سيكون رئيس مصر غدا، ولكن المهم كتابة العقد الاجتماعى الملزم للطرفين الحاكم والمحكوم وعلى الوسطاء (صناع الفاسد) أن يمتنعوا.. فلا نريد طرفا ثالثا فى هذا العقد حتى وإن كان زوجة رئيس الجمهورية أو أبناءه أو بطانته.. فالعقد شريعة المتعاقدين والسماسرة يمتنعون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.