الناجون والمصابون يروون ل«المصري اليوم» تفاصيل «يوم الجحيم»

روى عدد من المصابين الناجين من «مركب البحيرة الغارق»، ل«المصرى اليوم»، ما لاقوه في الساعات الأخيرة قبل غرق المركب، وأكدوا أن سبب إقدامهم على الهجرة غير الشرعية هو الظروف المعيشية الصعبة التي يمرون بها وعدم وجود عمل، وعبر عدد منهم عن شعورهم بالندم على ما أقدموا عليه من محاولة الهجرة غير الشرعية.
وقال أحمد محمد درويش، 25 سنة، أحد المصابين، والذى يعانى من كدمات بأماكن متفرقة من الجسد، ويسكن بقرية شبرا اليمن، التابعة لمركز زفتى بمحافظة الغربية، إن الفكرة جاءته عندما رأى عددا من أهالى قريته ومعارفه يسافرون إلى إيطاليا ويجنون المال.
وأضاف درويش أن أحد أصدقائه اقترح عليه فكرة السفر إلى إيطاليا عن طريق أحد معارفه الذين يسهلون عملية الهجرة غير الشرعية، وأنه لم يكن يفكر في الهجرة قبل هذا الوقت، لافتا إلى أنه تردد كثيرا قبل موافقته على السفر، وأن ظروف المعيشة وعدم وجود عمل دفعاه إلى الإقدام على تلك التجربة.
وتابع: «صاحبى قالى إننا مش هندفع أي فلوس لحد أما نوصل إلى إيطاليا، ورحت معاه، وخدونا في مكان مش عارفه ونمنا الليلة هناك، وبعد منتصف الليل صحونا وقالولنا يالا عشان تسافروا، وركبنا مراكب صيد مشيت بينا حوالى نص كيلو في البحر، ونقلونا لواحدة تانية كبيرة»، وأضاف: «ساعتها حسيت بالخطر، وصعبت عليا نفسى، وفكرت في الرجوع بس مكانش ينفع».
وأكمل درويش: «ركبنا المركب الكبيرة وفضلنا يومين في عرض البحر، وكنا لما نسألهم إحنا واقفين ليه؟ كانوا بيقولوا إن فيه ناس هتيجى معانا، وقالوا إنهم حوالى 50 واحد، ولما وصلوا فوجئنا إن عددهم 500 مش 50 زى ما قالوا، والحمولة كانت زيادة على المركب، ومبقتش عارف أروح ولا أعمل إيه، ومكنش قدامى حاجة أعملها غير إنى أكمل، وحوالى الساعة 5 صباحا، بدأت المركب تتحرك بس ملحقناش نتحرك ولقيناها بتتقلب وتغرق، وفضلنا نصارع الأمواج، وكل واحد كان ماشى في مواله وبيحاول ينجا بنفسه، وجاءت فرقة الإنقاذ وطلعتنى من المياه، بعد ما فضلت أعوم من 5 صباحا لحد 2 الظهر».
وقال سامح محمد عبدالدايم، 15 سنة، من قرية الجزيرة الخضراء، بمركز مطوبس، التابع لمحافظة كفرالشيخ: «أنا سافرت علشان مفيش شغل في البلد، ومكنتش عاوز أكمل دراسة، وفيه ناس كتير من زملائى سافروا، وطلعنا الساعة 9 بالليل، وبيتونا في حته اسمها أرض الجوافة، وبعدين ركبنا مراكب صيد صغيرة، وبعدين نقلونا لمراكب خشب أكبر، وكل مركب كان فيه حوالى 150 واحد أو أكتر».
وأضاف سامح: «بعدها نقلونا للمركب اللى هيسفرنا، وقعدنا من الساعة 2 لحد الساعة 6 صباحا في المركب من غير ما نتحرك، وبعدين حاولوا يمشوا بالمركب فاتقلبت عشان الحمولة كانت كبيرة، وبدأت تغرق».
وتابع: «أنا كنت مسافر عشان أرجع أفرح أبويا باللى كنت هعمله بره، وإحنا ظروفنا صعبة، ومضونى على إيصالات أمانة، وقالوا لى أول ما تروح إيطاليا تكلم أهلك تقولهم إن عليك لينا فلوس ويدفعوها لنا وإلا هنشتكيك بيها ومش هنخليك تعرف ترجع تانى، ووافقت عشان كان نفسى أبقى زى الناس اللى سافرت برا وعملت فلوس وجات البلد وهى حالها أحسن بكتير من اللى كانت عليه قبل السفر، ولو كنت أعرف إن دا هيحصل مكنتش فكرت أسافر أصلا».
وقال أحمد جمال، 24 سنة، من بنها، إنه كان يريد السفر كباقى أصدقائه، مضيفا: «عملنا كل الترتيبات بالتليفون، وكلمنا حد قالنا نروح كفرالشيخ، وهناك نمنا في مكان منعرفوش، والمركب غرق، وفضل 7 ساعات في الميه، والحمد لله ربنا نجانى على إيد مركب صيادين أنقذونى أنا وزملائى».
وأكد بدر محمد عبدالهادى، 29 سنة، الذي كان صوته مبحوحا من شدة تأثره، حيث كان ينهار في البكاء بين الحين والآخر، أن الدنيا ضاقت به وزوجته وبناته فقرر السفر إلى خارج البلاد، واصطحبهم وقام بالإعداد لرحلة السفر، مشيرا إلى أنه ذهب إلى السماسرة ووقع على إيصالات الأمانة المطلوبة، وأنهم انتقلوا من مركب إلى آخر حتى وصلوا إلى المركب الذي من المفترض أن يسافر بهم إلى إيطاليا.
وأضاف بدر: «أول ما المركب بدأت تتحرك قعدت تموج بينا وتتقلب جامد لحد ما غرقنا، وساعتها محدش فكر غير في إنه يعيش، وسبنا ورانا الحريم والعيال الصغيرة»، ثم أخذ يتمتم: «هاتولى نورا وبطة ويارا وحنين».