السينما السعودية.. خطوة جديدة نحو «التحديث»

تبنت المملكة العربية السعودية مؤخرًا عدة قرارات تهدف إلى التوجّه نحو التحديث، حمل أغلبها توقيع الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد، الذي يقود الترويج ل«رؤية السعودية 2030»، الهادفة إلى إيجاد بدائل لدعم الاقتصاد السعودي، وتقليل الاعتماد على الموارد النفطية.
في افتتاحية «رؤية 2030»، يقول الأمير محمد بن سلمان، 30 عامًا: «لسنا قلقين على مستقبل المملكة، بل نتطلع إلى مستقبل أكثر إشراقًا، قادرون على أن نصنعه بثرواتها البشرية والطبيعية والمكتسبة التي أنعم الله بها عليها، لن ننظر إلى ما قد فقدناه أو نفقده بالأمس أو اليوم، بل علينا أن نتوجه دوما إلى الأمام».
لا تنفصل «رؤية 2030» بحال عن خطوات أخرى وليدة نحو «الدولة الحديثة»، مثل تقليص أنشطة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أسّ العقيدة الوهابية في الممكلة، الساهرة على اصطياد وزجر مرتكبي «المحرمات»، بمعاونة قوتها البوليسية المعروفة ب«شرطة المطاوعة».
هكذا، رشّحت الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، وهي منظمة غير حكومية تخضع لإشراف وزارة القافة والإعلام، فيلم «بركة يقابل بركة»، للمخرج الشاب محمود صبّاغ، إلى جائزة الأوسكار، ضمن ترشيحات فئة أفضل فيلم أجنبي، وهو ثاني عمل سينمائي يترشح عن المملكة إلى مسابقات الجائزة الأشهر عالميًا.
يتمرد «صبّاغ»، 33 عامًا، في فيلمه الجديد، المدعوم ذاتيًا، على عادات مجتمعه البالية، في معالجة تضج بالسخرية، وتحمل رفضًا لموروث من التقاليد، كتلك الرافضة لأي علاقة بين الرجل والمرأة. من هنا يحكي الفيلم عن شاب ينتمي لطبقة متدنية، يصطدم بفتاة تعلوه بكثير في ترتيب الهرم الاجتماعي.
يتسلل الإعجاب بالفتاة إلى قلب الشاب، وسرعان ما يصارحها بذلك، ولكن عاطفته تصطدم بجدار صلب من العادات والتقاليد، يلقاها الشاب في أسرته، ويلقاها أيضًا في نظرة المجتمع إليهما إذا ما استقرا في مكان.
يقول «صبّاغ»، المفتون بالسينما المصرية القديمة، إن السعوديين أظهروا ميلًا كبيرًا نحو العديد من الأنشطة الفنية، وعليه يضيف، في حوار لمجلة «فاريتي» المعنية بأخبار السينما: «حان الوقت كي نقدم نحن نتاجنا الفني».
أحرز الفيلم جائزة مهرجان برلين، فبراير الماضي، ولقي ردود فعل إيجابية في عدد من المهرجات الدولية، ومن المقرر أن يعرض في مهرجان تورنتو بكندا، سبتمبر المقبل، وسيحل على السينمات العربية في كل من دبي وتونس والقاهرة اعتبارًا من أكتوبر.
يقول «صبّاغ»، في حوار لصحيفة «الشرق الأوسط» السعودية: «الفيلم يعبر عن الأمل وعن التغيير، والسعودية الآن تتجه نحو التغيير»، ويشير في الوقت ذاته إلى الصعوبات التي تواجهها صناعة السينما في المملكة، آملًا أن يسهم الفيلم في مدّ يد العون إلى صناعة الفيلم المحلي.
عبّر «صبّاغ» عن إعجابه بالسينما المصرية، القديم منها على وجه التحديد، مشددًا على ضرورة «التعلم من السينما في كل من إيران ومصر ودبي»، والحاجة الملحّة إلى «تأسيس مدارس سينمائية تستوعب المواهب الشابة، فضلًا عن ضرورة إيجاد فرص للتمويل».