مبادرة مصرية لإحياء مشروع التضامن العربى ب«قمة الأمل»

سلم شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، عقب إلقائه كلمة مصر فى الجلسة الافتتاحية، للقمة العربية، ال27، «قمة الأمل»- رئاسة القمة إلى الجمهورية الإسلامية الموريتانية، الرئيس الحالى للقمة، معرباً عن أمنياته للرئيس الموريتانى، محمد ولد عبدالعزيز بالتوفيق فى رئاسة القمة.
وقال السفير حسام القاويش، المتحدث الرسمى لرئاسة مجلس الوزراء، إن إسماعيل ألقى خلال الجلسة كلمة نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسى، نقل فيها تحيات وتقدير الأخير الذى كان يتطلع للمشاركة فى فعاليات القمة، فضلاً عن تقدير ومودة الشعب المصرى الفخور بانتمائه العربى.
وقال إسماعيل إن مصر تولت رئاسة القمة ال26، وركزت جهودها على تعزيز آليات العمل العربى المشترك، فى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إيماناً بأن التكامل العربى الفعال لم يعد ترفاً، ولكن ضرورة ملحة لترجمة تطلعات أجيالها الصاعدة، إلى خطوات عملية باتجاه بناء المستقبل.
وأضاف أنه إدراكاً من مسؤولية مصر تجاه متطلبات الأمن القومى العربى، فقد حرصت خلال فترة رئاستها للقمة، على توظيف علاقاتها المتوازنة وتحركاتها النشطة على الساحة الدولية وتنسيق المواقف مع الدول العربية الشقيقة، بهدف التأثير الفعال فى التناول الدولى لقضايا العالم العربى.
وتابع أنه فى هذا الإطار عملت القاهرة أيضاً، بصفتها العضو العربى فى مجلس الأمن، على تحقيق نقلة نوعية فى تناول المجلس للشأن العربى، والمساهمة فى توحيد الرؤى والمواقف العربية، تجاه القضايا المطروحة على المجلس، وتمس المصالح العربية.
وأشار إلى أن الظرف التاريخى الدقيق الذى يشهده العالم العربى يتطلب تكاتف الجميع للحفاظ، ليس فقط على مصالح الدول، ولكن على تماسك المجتمعات ووحدة الشعوب، ما يتطلب السعى بصدق نحو بلورة رؤية واضحة لمعالجة مختلف التحديات، ووضع مبادئ متوافق عليها لإدارة ما تشهده المنطقة من تحولات.
ولفت إلى أن نظرة سريعة على خريطة الأزمات الممتدة فى المنطقة وتداعياتها الكفيلة بأن توضح بجلاء الدرجة غير المسبوقة، التى باتت الشعوب تعانى بها من مآسىَ يتألم لها الوجدان الإنسانى.
ونبه إسماعيل إلى ضرورة بناء الدولة ذات المؤسسات القوية القادرة على تحقيق التنمية المستدامة، والقائمة على تعزيز قيم المواطنة والعدل بين مواطنيها، بصرف النظر عن انتماءاتهم العرقية أو الطائفية ورعاية مصالحهم، إذ إنه خيار لا غنى عنه لمستقبل الأمة.
وأوضح أن التدخلات الخارجية فى الشأن العربى، أحد أهم العوامل التى ساهمت أكثر من غيرها على مدى عقود، فى تقويض البناء العربى، ويتعين التنبه لها ومواجهتها، والعمل على تقوية الداخل العربى ليتمكن من مجابهة التحديات الإقليمية والدولية الراهنة، وذلك بالتواكب مع تصويب الخطاب الدينى، وتنقيته مما علق به من أفكار مغلوطة، تستغلها التنظيمات الإرهابية لاستقطاب عناصر جديدة إلى صفوفها، وذلك فى إطار استراتيجية شاملة لمكافحة التطرف والإرهاب.
وأضاف أن المستقبل الذى تبتغى الدول العربية تحقيقه لشعوبها، يتطلب فى المقام الأول تهيئة البيئة المناسبة لبنائه، والذى لن تتأتى دون التوصل إلى تسويات سياسية للأزمات التى تواجه عدداً من الدول، وفى مقدمتها القضية الفلسطينية، التى تحتفظ بأولوية متقدمة فى السياسة الخارجية المصرية، والتى لا تدخر مصر جهداً من أجل تسويتها، وفى هذا الإطار جاءت جهودها الأخيرة، التى تحذر من عواقب تفاقم الأوضاع، وتؤكد أهمية إحلال السلام العادل والشامل وآثاره الإيجابية على مستقبل المنطقة وأجيالها القادمة.
كما تمثل الأوضاع فى كل من سوريا وليبيا قضيتين أساسيتين من قضايا العرب، ويتعين تسويتهما، من خلال حلول سياسية تحقن دماء الشعبين الشقيقين وتصون مقدراتهما، وتحفظ كيان هاتين الدولتين الشقيقتين ومؤسساتهما الوطنية، وينطبق ذات الأمر على عدد من الدول العربية الشقيقة، سواء التى تواجه ظروفاً مشابهة، أو تلك التى تكافح الإرهاب، وتجتهد من أجل ترسيخ مؤسساتها الوطنية.
ولا غنى اليوم عن التوافق على أطر ومبادئ لإعادة الاستقرار، وتسوية الصراعات والاضطرابات التى تعصف بمقدرات العالم العربى، وتهيئة الأجواء لعملية واسعة وطموحة لرأب الصدع، وترميم بناء البيت العربى من الداخل، وبما يمهد الطريق أمام ميلاد ثان لمشروع التضامن العربى، الذى يعتمد على أن قوة العرب فى وحدتهم وتكاتفهم.
وأضاف إسماعيل: تبقى رسالة ذات أهمية بالغة لتوجيهها إلى القوى الإقليمية والدولية، التى تراقب المشهد الاستراتيجى الحالى فى المنطقة عن كثب، وتتداخل فيه مدفوعة بمصالحها واهتماماتها: «أؤكد أن تهيئة الأجواء المواتية للانخراط فى حوار جاد، يستهدف إعادة الاستقرار إلى ربوع المنطقة، والحفاظ على مؤسسات دولها من خطر التفكك ودعمها فى التقدم الاقتصادى والاجتماعى، مسألة تتجاوز فى أهميتها المصلحة العربية المباشرة، إلى الحد الذى يمكن معه اعتبارها محوراً أساسياً من محاور تحقيق السلم والأمن الدوليين».
العالم فى أمس الحاجة إلى شرق أوسط آمن ومستقر، خال من الصراعات، متجه نحو تحقيق طفرة تنموية واقتصادية، تمكن شعوبه من استحضار مخزونها الحضارى الوفير، وتطوير إسهامات جديدة وعظيمة فى مسيرة الحضارة الإنسانية.
أتحدث باسم الشعب المصرى، وأتعهد أمامكم اليوم بأن مصر انطلاقاً من مسؤوليتها التاريخية أمام أمتها لن تدخر جهداً للمساهمة فى تحقيق مزيدٍ من التضامن العربى، وتعزيز العمل العربى المشترك، تحقيقاً للتطور الحضارى الذى يقودنا نحو المستقبل المأمول.