«زي النهارده».. محمد سعيد باشا حاكمًا لمصر في 24 يوليو 1854

في الإسكندرية وفى 1822 ولد محمد سعيد باشا الابن الرابع لمحمد على باشا واعتنى أبوه بتربيته، واختار له السلك البحرى ليتدرب على فنون البحرية، ولم يجعله مميزاً عن سائر التلاميذ، ولما أتم دراسته انتظم في خدمة الأسطول، وارتقى سعيد في المناصب، حتى وصل في أواخر عهد أبيه إلى منصب القائد العام للأسطول كان سعيد يحب المصريين ويكره الأتراك والشراكسة ويميل للفرنسيين وفى فترة حكم والده محمد على باشا كان سعيد يعيش في الإسكندرية التي كان بها بيت القنصل الفرنسى، وكان ابن نائب القنصل الفرنسى هو فرديناند ديليسبس.
وكان سعيد طفلا يلعب في بيت القنصل مع ابن النائب والذى هو ديليسبس، لقد تولى سعيد باشا حكم مصر «زي النهارده» في 24 يوليو 1854، وظل على سدة الحكم حتى 1863 وفى فترة حكمه خفض الضرائب على الأرض الزراعية وأسقط المتأخرات التي كانت تثقل كاهلهم ومنحهم حق تملك الأرض، وألغى ضريبة الدخولية على الحاصلات والمتاجر، فحرر بذلك التجارة الداخلية وأتم الخط الحديدى بين القاهرة والإسكندرية ومد خطاً آخر بين القاهرة والسويس وأنشأ شركتين للملاحة إحداهما نيلية والأخرى بحرية.
وأصدر لائحة المعاشات للموظفين المتقاعدين وأصلح القضاء الشرعى. ومنع نقل الآثار المصرية إلى الخارج التي كانت نهباً لتجار الآثار وجمعها في مخازن في بولاق وقام بتعميم مدة التجنيد للشباب على اختلاف طبقاتهم وجعل متوسطها سنة واحدة وكان ميالا إلى ترقية الضباط المصريين وخاضت مصر في عهده حربين الأولى حرب القرم التي استمرت بعد وفاة عباس باشا وأرسل نجدة إلى الجيش المصرى.
واستطاعت تركيا وحلفاؤها التفوق على الروس أما الحرب الثانية فهى حرب المكسيك التي لم يكن لمصر فيها ناقة ولا جمل، ولكنها ميول سعيد نحو نابليون الثالث إمبراطور فرنسا الذي طلب منه دعما عسكريا مصريا، لقد أغلق سعيد المدارس العليا (الكليات) التي أنشأها والده، وقال: «أمة جاهلة أسلس قيادة من أمة متعلمة»، أما الكارثة الثانية فبدأت حينما اصطحب ديليسبس في رحلة إلى الإسكندرية وعرض عليه ديليسبس فكرة إنشاء مشروع قناة السويس ووافق سعيد على الفور وفى 1856 منح حق الامتياز للفرنسيين إلى أن توفى في 18 يناير 1863.