الاقتصاد البريطانى يدخل النفق المظلم ويواصل نزيف الخسائر

دفع الخروج البريطانى من الاتحاد الأوروبى المملكة المتحدة نحو نفق مظلم محفوف بمخاطر اقتصادية داخلية وخارجية على حد سواء خصوصا مع هبوط الإسترلينى مجددا إلى أدنى مستوى له فى 31 عاما، مسجلا أكبر انخفاض فى تاريخه، حيث هبط سعره منتصف جلسة الإثنين بنسبة 2.17% مقابل الدولار لتصل قيمته إلى 1.336 دولار، فضلا عن تراجعه بواقع 1.64% أمام اليورو، ليخسر أكثر من 9% من قيمته إزاء العملة الأوروبية منذ إعلان نتيجة الاستفتاء.
كما انخفض مؤشر «إف.تى.إس.إى 100» الرئيسى فى بورصة لندن فى منتصف جلسة التداول بمقدار 83.25 نقطة بما يعادل 1.36%، وسجل عائد السندات البريطانية مستويات قياسية متدنية لتبلغ 1.018 %، وأعرب الخبراء عن اعتقادهم بأنه قد يهبط أكثر من ذلك ليقل عن 1 %. وسجلت أسهم بعض شركات القطاعات المصرفية والعقارية والجوية هبوطا فى بورصة لندن، وتراجعت أسهم شركة «ايزيجيت» للطيران 16%، وخسرت أسهم مصرف «رويال بنك اوف سكوتلند» 15% من قيمتها. أما مؤشر فوتسي-100 لأكبر 100 شركة فى بورصة لندن، فبلغ تراجعه 1.36%
وفى الوقت الذى أصاب الهبوط بورصة لندن الإثنين، استعادت أسواق المال فى العالم بعض الهدوء إلا أنها لاتزال هشة إثر الزلزال البريطانى، وأكدت مجموعة الوساطة (أوريل بى جى سي) أن التقلبات ستبقى قوية فى الأيام المقبلة، ونصحت المستثمرين بتوخى الحذر وسط محاولات بورصات أوروبا لهضم التراجع الذى يعد الأكبر منذ الأزمة المالية فى 2008 فى بعض أسواق المال.
ومع هبوط الإسترلينى، اضطر البنكان الأمريكيان إلى تخفيض توقعاتهما للفترة المتبقية من العام الحالى، وبلغ مقدار التخفيض من قبل بنك «أوف أمريكا ميريل لينش» نحو 30 سنتا، وكشف الملياردير المجرى جورج سوروس الذى اشتهر بالمراهنة على هبوط العملة البريطانية فى 1992 أن الإسترلينى قد ينخفض إلى 1.15 دولار.
وقالت وزيرة المشروعات الصغيرة آنا سوبرى، إن الحكومة البريطانية تبذل كل ما بوسعها لتحقيق الاستقرار واستعادة ثقة قطاع الأعمال والمستثمرين، فيما أظهر استطلاع للرأى نشرت نتائجه الإثنين أن واحدة من كل 5 شركات بريطانية تعتزم نقل قسم من نشاطها، وأن الثلثين تقريبا يعتبرون أن خيار الخروج من الاتحاد الأوروبى «مضر بأعمالهم».
كان وزير المالية البريطانى، جورج أوزبورن، أكد أن بلاده فى موقف «قوة» يسمح لها بمواجهة التحديات الناجمة عن خروجها من الاتحاد الأوروبى، وفى تصريحات أدلى بها فى لندن قبل بدء التداول فى البورصة لتهدئة الأسواق، أقر أوزبورن ب«حتمية» تأقلم الاقتصاد البريطانى على الوضع الجديد، وبعث برسالة طمأنة لرجال الأعمال، مؤكدا أن الاقتصاد البريطانى «قوى بالأساس ومنفتح» على عالم الأعمال.
وفى سياق متصل، اعتبرت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية وصندوق النقد الدولى أن الانسحاب البريطانى سيضر بباقى الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى ودول أخرى خارج الاتحاد، حيث سيقل إنتاج الاتحاد باستثناء بريطانيا بنحو 1 % بحلول 2020 عما كان سيتحقق حال البقاء.
وسجلت بريطانيا أكبر عجز فى ميزان المعاملات الجارية على الإطلاق العام الماضى بما يعادل 5.2 %من الناتج الاقتصادى للبلاد، وعكس هذا العجز زيادة تدفقات توزيعات الأرباح ومدفوعات الدين إلى المستثمرين الأجانب، فيما أشارت معظم التكهنات إلى أن معدل البطالة البريطانى الذى يبلغ أدنى مستوياته فى 10 سنوات حاليا عند 5 % سيرتفع بعد الخروج، وتوقع المعهد الوطنى للبحوث الاقتصادية والاجتماعية فى بريطانيا انخفاض أجور المستهلكين الحقيقية بما يتراوح بين 2.2 و7% بحلول 2030.