سانت كاترين: التعمير تحت رحمة «الآثار»

تزيد أمواج الألوان الصخرية من روعة المشهد، وبين الأصفر الحارق للصحراء تستقر «سانت كاترين» أقرب إلى محمية طبيعية، وهى أكثر مدن سيناء خصوصية وتميزاً، فهى أعلى الأماكن المأهولة فى سيناء حيث تقع على هضبة ترتفع 1600 متر فوق سطح البحر، وتحيط بها مجموعة جبال هى الأعلى فى سيناء بل وفى مصر كلها، وأعلاها قمة جبل كاترين وجبل موسى وجبل الصفصافة وغيرها. وتقع سانت كاترين فى قلب جنوب سيناء على بعد 300 كم من قناة السويس. وتبلغ مساحتها 5130 كم مربع. وتشتهر المدينة بالسياحة الدينية وسياحة السفارى وتسلق الجبال. ويوجد بها دير سانت كاترين وجبل موسى ومقام النبى هارون وغيرها من الآثار الدينية، كما يوجد بها العديد من المشروعات السياحية الكبرى، وتعتبر أكبر محمية طبيعية فى مصر من حيث المساحة.
هذه الخصوصية جعلت أيادى جهات حكومية عديدة نافذة فى كل شىء، وهو ما دفع المهندس سيد عبدالصادق، رئيس المدينة، يؤكد أن هذا الأمر يجعل تعدد جهات الولاية على الأرض عائقا أمام تنفيذ خطط التنمية.
ويضيف عبدالصادق أن هناك مشكلات عديدة تواجهها المنطقة، وتتضح جلية فى تجمع تل المروة.
ولذلك إن كان هناك مشروع تنموى سينفذ داخل المدينة فلابد من موافقة العديد من الجهات، فإن وافقت جهة ترفض الأخرى وهذا يشكل عبئا كبيرا على المسؤولين للقيام بتنفيذ خطط التنمية.
وأشار عبدالصادق إلى أن منطقة تل المروة تحتاج إلى منازل بدوية بمواصفات صحية تتلاءم مع طبيعة البدو، وكانت ضمن الخطة الموضوعة إنشاء 20 منزلا لم ينفذ منها شىء.
وناشد عبدالصادق وزير الآثار أن يتدخل وينظر إلى أهالى تجمع تل المروة، الذين يرغبون فى مستوى معيشة آدمى يليق بهم، مؤكدا أن
المشروع توقف بسبب مدير منطقة الآثار الذى رفض أى إنشاءات بالمنطقة.
واقترح عبدالصادق تعديل منطقة حرم الأثر، مؤكدا أن البشر أهم من الحجر، لافتا إلى تدخل المحافظ خالد فودة من قبل لحل المشكلة بمناشدة وزير الآثار، دون جدوى.
وكان جهاز التعمير بدأ العمل فى منطقة تل المروة منذ 20 أغسطس 2014، وتعتبر مصلحة الآثار المنطقة أثرية رغم أن المسافة التى تقع بين المنازل البدوية وبين أقرب أثر نحو مسافة 1 كيلومتر، فى حين أن هناك بعض المنشآت والمنازل تقع على بعد أمتار من هذا الأثر، ولا يوجد ما يدل على أن هذا المكان يعتبر منطقة سكنية ولا توجد حتى لافتة أو أسوار تحيط بالمكان لتدل على أنها حرم لأثر موجود.
ومنذ قام جهاز التعمير بالعمل فى تل المروة، انتظرت وزارة الآثار أن يبدأ الإنشاءات، ولم يتحركوا لتنبيهه بأن المنطقة حرم أثرى سوى فى 4 مايو 2015.
ووفقاً لأهالى تل المرة قام مسؤولو وزارة الآثار بإيقاف مقاول البناء حتى يتم ندب لجنة لمعاينة المكان ومواقع البناء، وهل المنازل البدوية ضمن منطقة حرم الأثر أم لا؟
ويقول عبدالصادق إنه على الرغم من تغيب مصلحة الآثار لفترة 9 أشهر، لم يتم التنبيه على أن المنطقة أثرية أم لا، حتى يتم التوقف قبل بداية تنفيذ وإنشاء المنازل، ومنذ هذه اللحظة وخطة البناء متوقفة والمقاول لا يعمل وكل هذا بسبب مدير منطقة الآثار بالمدينة.
وداخل التجمع، يشير الأهالى إلى إنهم ينتظرون تغطية احتياجات التجمع من المنازل، حيث يوجد بهذا التجمع نحو 20 منزلا، و30 منزلا بمنطقة الطرفة، و10 منازل بتجمع الحمامى. وهو ما يفى بمتطلبات تسكين 20 أسرة.
فيما أكد عبدالصادق أن جهاز التعمير لا يستطيع بناء منزل لكل مواطن ولكن هى خطة موضوعة للجهاز، وأضاف أنه خلال المرحلة الثانية يمكننا تسكين مجموعة من الأسر حتى يكون هناك بعد اجتماعى حتى يعيش المواطنون فى مستوى جيد ونقل المواطنين الذين يعيشون فى مستوى صعب.
يقول عبدالصادق، المواطن بمدينة سانت كاترين، إنه ليست لديه أطماع وأحلامه بسيطة جدا، فهو يبحث عن المسكن الملائم وقوت يومه وعمل شريف حتى يغطى احتياجات أسرته. ومن خلال الخطط التى تصلنا للارتقاء بمستوى المعيشة، نرى أن الدولة تريد أن تقوم بعملية تنمية شاملة لمحافظتى شمال وجنوب سيناء.
وتابع عبدالصادق أن المطلوب من جهاز التعمير هو عمل مجتمع تنموى بمنطقة وادى سعال وتسكين ما يقرب من 67 أسرة تاركين العشش، حيث يتكلف المنزل الواحد نحو 350 ألف جنيه، وإعطاء 10 أفدنة لكل شاب، بما يمثل طفرة فى ظل انخفاض معدل السياحة.
وهنا يتم توجيه المجتمع للزراعة حتى يتم الاستقرار، ويمكن للشاب أيضا إنشاء مزارع للماشية والماعز والدواجن، وبذلك يمتلك الشاب منزلا وأرضا، ويصبح المجتمع متكاملا يمكن مده وتزويده فيما بعد بالمدارس والمساجد والوحدات الصحية والأسواق حتى يتم تسويق المنتجات من الأراضى الزراعية والمزارع بها. وتوافر مرافق الصرف الصحى والكهرباء. وهناك 7 مجتمعات تنموية مثل هذا النموذج بمناطق أخرى.
ومدينة سانت كاترين من أوائل المدن التى تم تحريرها فى 19 نوفمبر عام 1979، وحينما نستعرض ما تم تقديمه من خدمات منذ هذا التاريخ وحتى الآن سنجد أن الدولة مضت فى مشروعات البنية الأساسية كالطرق والمرافق والاتصالات، واليوم الدولة تقوم بعمل خطوط للتليفون من نويبع وصولا لسانت كاترين، بالإضافة إلى عمل وتركيب أبراج لشبكات الهاتف المحمول عبر وادى فيران وصولا لمدينة أبورديس، إلى جانب المنازل البدوية والوحدات السكنية.
ويؤكد عبدالصادق عمل تجمع الشيخ عواد بالمدينة، لافتا إلى أن الطريق كان صعبا للغاية ويوجد به مدقات. وكان يصعب على المواطنين البدو التنقل للتجمعات الأخرى عبر هذا الطريق، لوعورته لذلك تستغرق فترة التنقل يوما كاملا رغم قرب المسافة.
وهو الطريق الذى بنى بالتعاون بين مجلس المدينة وجهاز التعمير، وتم رصف هذا الطريق وسيتم افتتاحه خلال العيد القومى القادم للمحافظة.
وبعد افتتاح الطريق سوف تقدم العديد من الخدمات كبناء منازل فى تجمع غربه وتجمع الشيخ عواد.
ويقوم الجهاز بعمل مزرعة نموذجية فى تجمع الشيخ عواد لتوفير فرص عمل للشباب، والمحاصيل الغذائية الطازجة للمواطنين.
وسوف تتم إعادة رصف طريق وادى سعال ورفع كفاءة الطريق بدأ من كمين النبى صالح وحتى مدينة نويبع. وتشمل خطة التنمية المستقبلية أيضا طريق وادى حبران والذى سيربط بين مدينة سانت كاترين ومدينة الطور وبهذا يتم تقريب المسافات حوالى 73 كيلومترا بدلا من 170 كيلو. وكل هذا ضمن الخطة الشاملة للتنمية.
وأكد عبدالصادق أن المستقبل سيكون لهذه المجتمعات لأن هناك مساحات كبيرة يجب أن تستغل، ولذلك نريد الشباب ألا ينتظر الوظيفة الحكومية، ويسعى لتغيير مفاهيمه، فالمستقبل فى الزراعة، خاصة إن توافرت الأرض الصالحة والمياه. ولذلك تسعى الدولة لتوفير كل هذا للشباب. والشباب بمنطقة سانت كاترين بارعون فى الزراعة. ولذلك قام الجيش من قبل بتوزيع 75 صوبة زراعية ليقوم الناس بزرع الخضروات والفاكهة، فمدينة سانت كاترين تتميز بتوافر أنواع الفاكهة النادرة لأنها تحتاج لدرجة برودة معينة.