رحيل «داجان».. أشهر سفاحي «الموساد» وقائد وحدة الاغتيالات

أعلنت إسرائيل، اليوم الخميس، وفاة رئيس الموساد السابق، مائير داجان، عن عمر يناهز 71 عامًا بعد صراع مع السرطان، ويُعتبر داجان من أشهر السفّاحين الذين عرفتهم إسرائيل منذ تأسيسها، وامتلأت مسيرته المهنية بالعمليات المثيرة للجدل والذي أبى أن ينسحب من المجال العام الإسرائيلي بعد أن ترك منصبه وأصبح من أشرس منتقدي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وسياسته ضد إيران.
وشهدت فترة تولية الموساد أشرس العمليات الاستخباراتية بالمنطقة وأكثرها عنفًا ومن أشهرها الضربة الجوية لمواقع بسوريا عام 2007 اشتبه في كونها مفاعلات نووية، والهجوم الإلكتروني الذي استهدف علماء إيرانيين، والإشراف على العديد من الاغتيالات بحق قيادات عسكرية سورية، وأفراد من «حزب الله» و«حماس» وعلماء نوويين إيرانيين، والتي لم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عنها حتى الآن.
وقد فقد مائير منصبه على خلفية فضيحتين شهيرتين، إحداهما عملية اغتيال القيادي الحمساوي محمود المبحوح في دبي عام 2010، وذلك بعد ما عرضت شرطة دبي شريط فيديو يكشف تفاصيل العملية والأفراد المتورطين بقتل المبحوح والذين دخلوا دبي بجوازات سفر مسروقة لمواطني دول غربية، وهي الجريمة التي كانت بمثابة فضيحة دولية للموساد. لحقتها في نفس العام، فضيحة أخرى، حين أعلن انتحار ضابط بالموساد الإسرائيلي من أصل أسترالي كان محتجزا على خلفية اتهامات بتسريب وثائق سرية داخل محبسه.
لم ينته الجدل حول مائير داجان حتى بعد انتفاء صفته الرسمية في عام 2011، فقد خالف العُرف السائد بالتزام قيادات جهاز الموساد بالصمت بعد التقاعد بتصريحاته المهاجمة بشدة لسياسات نتنياهو ضد إيران وموقف رئيس الوزراء الإسرائيلي من الولايات المتحدة بسبب الاتفاق النووي مع إيران، والتي عرّضته لهجوم حاد من السياسيين الإسرائيليين اليمينيين، ولكن على الرغم من ذلك قام بنيامين نتنياهو بنعي مائير من خلال حسابه على موقع «تويتر» قائلا: «توفي محارب عظيم.. لترقد روحه في سلام» .
ولد داجان، صاحب الأصل البولندي، عام 1945 لأبوين نجيا من ملاحقة النازيين في «الهولوكوست» بأوروبا، وهاجرا إلى إسرائيل الناشئة عام 1950. التحق مائير بالجيش الإسرائيلي عام 1963 وتدرج بالمناصب، وقد شارك بحرب لبنان عام 1982، فكانت وحدته التي كان يتولى قيادتها أول من وصل للعاصمة بيروت، وفي ذلك الوقت قام بتوطيد علاقته برئيس الوزراء الأسبق، آرييل شارون، مهندس الاجتياح الإسرائيلي للبنان.
تقاعد من جيش الإسرائيلي وتحول إلى العمل كمستشار للأمن القومي، وخلال ولاية شارون كرئيس وزراء تولى مائير منصب مدير جهاز الموساد عام 2002 مع انطلاق الانتفاضة الفلسطينية، وظل على رأس الجهاز حتى 2011 حيث تابع البرنامج النووي الإيراني، مؤكدا أن البرنامج الإيراني لم يكن يمثل بعد تهديدا حيويا لتبرير شن هجوم جوي ذي عواقب مجهولة.
داجان، أحد القيادات العسكرية الكبيرة في إسرائيل ومهندس سياساتها الأمنية خلال العقدين الأخيرين. وبعد مسيرة عسكرية طويلة تقاعد من الجيش برتبة جنرال وفي عام 2000 انضم إلى حزب الليكود بزعامة شارون، الذي كلفه بالمهام الأمنية كرجل ثقة.
وكانت محكمة إسرائيلية سمحت بنشر شهادة أدلى بها داجان، في قضية ضابط إسرائيلي قتل سائحا بريطانيا بدمٍ بارد وادعى أنه أقدم على فعلته بسبب خدمته في وحدة الاغتيالات (ريمون) التي أسسها شارون وقادها داجان، ويتبين من الشهادة أن داجان اعترف بأنه عندما وصل إلى قطاع غزة، كانت قائمة المطلوبين الفلسطينيين لجيش الاحتلال تشمل 300 مطلوب ويتفاخر بأنّه تمكن من قتل 290 فلسطينيًا، وبقي 10 مطلوبين فقط، وتابع خلال التحقيقات: لم أقم بإحصاء الفلسطينيين الذين قتلتهم، وأضاف على كل فلسطيني تمت تصفيته كانت الوحدة تعتقل مئات الفلسطينيين.
ووحدة الاغتيالات أقامها شارون عندما كان قائدًا للمنطقة الجنوبية قبل 45 عامًا وبقيت موضع خلاف حول طبيعتها والأهداف من إقامتها والمهام التي نفذتها والمعروفة في الصحافة الإسرائيلية بوحدة الاغتيالات والتصفيات. وبحسب التقارير الإسرائيلية، فقد قررت مؤخرا قيادة المنطقة الجنوبية التابعة لقوات الاحتلال إعادة بناء وإحياء الوحدة سيئة الصيت على طراز وحدات اغوز (الجوز بالعربي) والدفدوفان (الكرز بالعربية) وذلك للعمل في قطاع غزة
ووحدة (ريمون) معروفة في إسرائيل باسم وحدة الاغتيالات التي نشطت في سبعينيات القرن الماضي وفرضت جوًّا من الإرهاب على المنظمات الفلسطينية وقادتها في قطاع غزة إبّان النشاط المسلح المكثف الذي عاشه القطاع في تلك الفترة.