الدولار يطير ل8.95 بالبنوك.. حلول «مؤقتة» وتوزيع «خسائر» على الجميع (تقرير)

في أكبر تخفيض رسمي لسعر الجنيه، طرح المركزي عطاءً استثنائياً، الاثنين باع فيه 198.1 مليون دولار بسعر 8.85 جنيه للدولار، بهدف تغطية واردات سلع إستراتيجية أساسية.
وانخفض سعر الجنيه بنحو 112 قرشًا، وفور إعلان خطوة البنك المركزي، غيرت بنوك الأهلي والقاهرة، ومصر والتجاري الدولي سعر الدولار إلى 8.95 جنيه للبيع و8.90 للشراء.
وبرر البنك المركزي، السعر الجديد، ب«انتهاج سياسة أكثر مرونة لعلاج التشوهات في منظومة أسعار الصرف واستعادة تداول النقد الأجنبي داخل الجهاز المصرفي بصورة منتظمة ومستدامة».
ويرى الدكتور عمرو عادلي، الباحث في مركز «كارنيجي» للشرق الأوسط، أن تخفيض قيمة الجنيه، حل على المدى القصير.
ويرجع عادلي، في تصريحات ل«المصري اليوم»، الخطوة، إلى رغبة البنك المركزي في حماية الاحتياطات النقدية، من خلال تقليل الفجوة التمويلية، بتحجيم الواردات.
ويقلل أستاذ الاقتصاد السياسي في الجامعة الأمريكية، من الرهان على أن تخفيض الجنيه، يؤدي إلى جذب استثمارات وزيادة الصادرات المصرية، موضحًا أن هامش المناورة لدى المركزي محدود للغاية، والرهان لتخفيف الضغط على العملة الوطنية وبالتالي على الاحتياطيات الضعيفة هو تخفيض الواردات وليس زيادة المدخول الدولاري سواء من الصادرات السلعية أو الخدمية أو من تدفقات الاستثمارات الأجنبية.
وتابع: «الرهان على تخفيض الواردات له تكلفة تباطؤ اقتصادي وقتل لقطاعات صناعية معتمدة على المدخلات المستوردة».
ويشرح الباحث في مركز كارنيجي أن «الأزمة تعني توزيع خسائر على الجميع، لأن المعونات من الخليج هي التي حمت الاحتياطيات من اللي بيحصل دلوقتي وأجلته»، مضيفًا: «رهانات المركزي هي لإدارة الأزمة مش للدفع باتجاه التعافي لأنه مفيش تعافي في الاقتصاد المصري والاقتصاد العالمي متباطئ».
وعن إمكانية تكرار تخفيض العملة المحلية، يوضح عادلي: «لا يمكن الجزم بأنه التخفيض الوحيد للجنيه، لأن السعر مرتبط بالعرض والطلب».
وعن الحل، يوضح عادلي، أن الاقتصاد العالمي في تراجع وتقريبا كل مصادر الدولار في مصر غير مرشحة للزيادة نتيجة أزمة الديون السيادية في أوروبا المؤثرة على سوق الصادرات غير البترولية مع تدهور الصادرات البترولية نتيجة انخفاض أسعار النفط.
ويضيف: «تركز 70٪ من استثمارات الأجنبية في مصر في قطاع البترول والغاز لن تشهد زيادة في الاستثمارات في ظل انخفاض الأسعار العالمية».
وتابع: «مع تباطؤ النمو في الصين اللي مؤثرة على صادرات الخدمات، يظل الاستثناء الوحيد هو تحويلات العاملين المصريين في الخارج».
وقال البنك المركزي إنه يستهدف أن يسجل الاحتياطي النقدي الأجنبي «حوالي 25 مليار دولار في نهاية 2016 نتيجة لجذب الاستثمار الأجنبي بعد الاطمئنان إلى إنهاء القيود ووجود خروج آمن لتلك الاستثمارات، واستعادة الاقتصاد المصري لقدراته التنافسية».
باحث: ليس تعويمًا.. والتعويم يعني شراء «المركزي» الدولار من السوق وليس العكس
ويرفض الباحث الاقتصادي أيمن هدهود، وصف قرار المركزي، ب«التعويم»، موضحًا «ده مش تعويم.. التعويم هيحصل لما المركزي هو اللي يدعم احتياطاته بشراء الدولار من السوق وليس العكس».
ويشرح هدهود ل«المصري اليوم»، القرار، بأنه يعيد التعاملات إلى طبيعتها بعد أكثر من سنة من فشل السياسات الجبرية .
ويضيف أن رفع سعر صرف الدولار بحوالي 15% من 7.83 إلى 8.95 يأتي في إطار تحركات شهر مارس اللي اختلفت بشكل كبير عن فبراير، موضحًا«خلال فبراير المركزي امتنع تماما عن التدخل بالاحتياطي وترك الدولار للسوق الموازي، وبالتالي قوي السوق الطبيعية حركت السعر بشكل حاد جدا وصل ل10 جنيه».
وتابع: «في مارس المركزي تدخل بعطاء أولي قيمته500 مليون دولار وهو ما خفف سعر السوق الموازي قليلا، تبعه بعطاء 40 مليون دولار، وأخيرًا عطاء استثنائي، اليوم قدره 200 مليون دولار، وهو ما جعل السعر الرسمي تقريبا مساوي للموازي».
ويلخص هدهود، تحركات المركزي، بقوله: «يعني المركزي عمل حاجتين: أولا حرك السعر بشكل مؤثر وان لم يكن كافيا بعد، وثانيا: انه في نفس الوقت ضحى ب750 مليون دولار من الاحتياطي.. يعني انخفاض مزدوج في الاحتياطي والسعر معًا لأول مرة تقريبا منذ سنوات».