في ظل الأزمات الاقتصادية، وارتفاع أسعار السلع، وزيادة الأعباء على كاهل المواطن البسيط، وعجز الموازنة العامة للدولة، والاتجاه نحو المشاريع الخدمية لا الإنتاجية، قرر الدكتور طارق عامر، محافظ البنك المركزي، تقديم عطاء للبنوك بقيمة 200 مليون دولار بسعر 8.85 للجنيه، مما أدى إلى انخفاض قيمة الجنيه بنحو 112 قرشا أمام الدولار، فيما اعتبر بعض الخبراء تلك الخطوة ترقيعا للأوضاع الاقتصادية المهترئة، بينما وصفها آخرون بأنها تمثل تصحيحا للمسار وليس تعويما للجنيه. وأصدر البنك المركزي صباح الاثنين بيانا، يؤكد فيه اتخاذه الإجراءات اللازمة لتصحيح أوضاع أسواق النقد، والعمل على تحقيق الاستقرار النقدي، من أجل توفير المناخ المطلوب للتنمية الاقتصادية، وخلق فرص العمل وإطلاق قدرات الاقتصاد المصري في جذب الاستثمار الأجنبي وتعزيز الثقة في قوة الجهاز المصرفي وقدرته على تمويل المشروعات الكبرى. وتضمنت الإجراءات إلغاء قرارات فبراير 2015 تصحيحا للأوضاع، واستعادة الثقة في السياسة النقدية وتحقيق انسياب النقد الأجنبي في الأسواق، فضلاً عن عودة تداول النقد الأجنبي إلى داخل البلاد بعد أن كان يتم تداوله في الخارج خلال العام الماضي؛ نتيجة إجراءات وقيود تحكمية لا تتواكب مع أعراف إدارة حركة النقد وحرية تداوله. قال رضا عيسي، الباحث الاقتصادي، إن قرار البنك المركزي بتخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار هو ترقيع للاقتصاد المصري، موضحًا أن النظام الحالي يسير على نهج من سبقوه، منذ الانفتاح الاقتصادي في عصر السادات، فكان سعر صرف الدولار 80 قرشا في الثمانينات حتى وصل إلى 330 قرش في التسعينات، ثم أصبح ب550 قرش في عام 2005، واخيرًا 895 قرشا خلال عام 2016. وأضاف عيسي، أن الدولار سلعة تخضع للعرض والطلب، والمنهج الاقتصادي المتبع فاشل، لذلك نرى الزيادة الكبيرة في سعر الدولار؛ لأن مصر تحولت من دولة منتجة إلى مستوردة،لافتًا إلى أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة كانت ومازالت الحل الوحيد لتوفير سد عجز الميزان التجاري الذي يعاني دائما؛ لكون الواردات أكثر من الصادرات، وهذا يرجع إلي ضعف منظومة الاقتصاد المصري. وتوقع عيسي، زيادة أسعار السلع بعد تخفيض قيمة الجنيه، بالإضافة إلي زيادة الديون بقيمة ارتفاع الدولار، وكذلك ديون الشركات. في المقابل، رفض الدكتور شريف دولار، الخبير الاقتصادي، تسمية قرارات البنك المركزي بتعويم الجنيه، قائلاً: الخطوات التي اتخذها البنك المركزي هي بمثابة الاعتراف بالواقع، ويجب علي الحكومة إعادة هيكلة السياسات الخاصة بمنظومة الاقتصاد المصري. وأضاف دولار، أن ارتفاع الأسعار بالفعل حدث؛ لأن السوق المصري مرتبط بالأسواق الموازية التي تعد الأساس في تحديد الأسعار، وما فعله البنك المركزي هو تقريب سعر الصرف من السوق الموازية؛ لأن الفشل الاقتصادي ينتج عن وجود أكثر من سعر للصرف.