كما لم يعرض فى مصر أى فيلم من إسرائيل، لم يعرض فيها أيضاً أى فيلم من أفريقيا السوداء! وبينما يوجد بها مهرجان لدول البحر المتوسط، لا يوجد بها مهرجان لدول أفريقيا السوداء، أو حتى دول نهر النيل، أو دول البحر الأحمر. ولا يزيد عدد الكتب المؤلفة والمترجمة عن أفريقيا على واحد فى المائة مما صدر فى مصر ويصدر كل عام! وبينما تنشغل مصر بمن يستخدمون قضية الشعب الفلسطينى لتحقيق أطماعهم والتغطية على مشاكلهم الداخلية العميقة فى إيران وتركيا وإسرائيل، يأتى ذلك على حساب السودان الذى قال عنه مصطفى النحاس يوماً للإنجليز قولته الشهيرة «تقطع يدى ولا تقطع السودان من مصر»، وعلى حساب الاهتمام بدول نهر النيل، أو شريان حياتنا، كما نطلق عليه. لو كانت الأوضاع طبيعية لكان ممثل المسرح والسينما الأفريقى الأسود سوتيجى كوياتى معروفاً لدى الجمهور فى مصر، ولكانت وفاته فى باريس يوم 18 أبريل خبراً فى الصحف المصرية، وقد توفى الفنان الذى ولد عام 1936 فى باماكو عاصمة مالى بعد أن أصبح أول ممثل من كل أفريقيا البيضاء والسوداء يفوز بجائزة أحسن ممثل فى أحد مهرجانات السينما الكبرى الثلاثة (كان وفينسيا وبرلين) عندما فاز العام الماضى فى مهرجان برلين عن دوره فى الفيلم البريطانى «نهر لندن» إخراج الفرنسى الجزائرى الأصل رشيد بوشارب. وعندما نقول أن كوياتى ممثل أفريقى أسود نعنى حرفياً هذا التعريف لأنه أصلاً من غانا وولد فى مالى وعمل فى بوركينا فاسو، وفى العديد من الدول الأفريقية الأخرى، وعندما نقول إنه ممثل عالمى نعنى حرفياً هذا التعريف أيضاً لأنه عمل على المسرح وأمام كاميرات السينما فى باريس ولندن وغيرهما من العواصم الأوروبية رغم أنه لم يدرس فى أى مدرسة للتمثيل، وإنما كان يقول إنه تخرج فى مدرسة الحياة والشارع، وكان من الممثلين المفضلين عند بيتر بروك، سيد المسرحيين الأحياء فى العالم اليوم، ومثل معه فى «ماها باراتا» و«أنتيجون» و«العاصفة» و«هاملت» وغيرها من روائع المسرح العالمى. بدأ كوياتى حياته لاعباً لكرة القدم، واختير مرتين للمشاركة فى منتخب مالى، ثم اتجه للتمثيل، وأسس فرقة المسرح الشعبى عام 1966. وقد عبر وزير الثقافة فى بوركينا فاسو فيليبى ساوادوجو عن أسفه لوفاة الفنان، وقال إنها «خسارة كبيرة للسينما والمسرح فى العالم وأفريقيا وبوركينا فاسو».. كما نعاه بيتر بروك، ونعاه رشيد بوشارب الذى كان قد اختاره للتمثيل فى فيلمه «السنغال الصغيرة» ثم فى «نهر لندن» الذى توجه فى برلين. [email protected]