توقيع بروتوكول تعاون بين جامعتي مطروح والأزهر    جيروم باول: تحول توازن المخاطر قد يستدعي إعادة النظر في أسعار الفائدة؟    مدير شبكة المنظمات الأهلية في غزة: نحن في أسوأ وأخطر مرحلة في تاريخ القطاع.. والأوضاع أشد سوءا في الشمال    مستقبل الدور الفرنسي في إفريقيا بين الشراكة والقطيعة    محاضرة فنية بالفيديو للاعبي الزمالك قبل المران    الزمالك يدعم «قدم السيدات» بصفقة ثلاثية    إقبال كثيف على شواطئ الإسكندرية رغم التحذيرات وارتفاع الأمواج وحرارة الجو    الداخلية تكشف ملابسات فيديو واقعة اعتداء وسرقة مزعومة بالدقهلية    إصابة 6 أشخاص إثر حادث تصادم سيارتين بالبحيرة    انطلاق حفل عازفة الماريمبا نسمة عبد العزيز في محكي القلعة بعد قليل    لغة لا تساوى وزنها علفًا    وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يدينون خطة إسرائيل الاستيطانية الجديدة    شنوان.. القرية التي جعلت من القلقاس جواز سفر إلى العالم| صور    محمود فوزي: الحكومة جادة في تطبيق قانون الإيجار القديم وحماية الفئات الضعيفة    مدرب توتنهام: هؤلاء من نريد التعاقد معهم    فانتازي يلا كورة.. ارتفاع سعر ريتشارليسون.. وانخفاض عدة لاعبين    بروكسي يتعادل مع مالية كفر الزيات في افتتاح مباريات دوري المحترفين    «حماة الوطن» ينظم حلقة نقاشية حول تعديل قانون الرياضة    «التنظيم والإدارة» يعلن توقف الامتحانات بمركز تقييم القدرات.. لهذا السبب    وزير الشؤون النيابية: الحكومة تقدم أجندة تشريعية مرنة كل دورة برلمانية    حماس: تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي اعتراف بجرم يرقى للتطهير العرقي    «تسريب غاز».. مصدر أمني يكشف سبب صوت الانفجار بموقف سيارات ملحق بمطار القاهرة    بعد مداهمة وكر التسول.. حملات مكثفة لغلق فتحات الكباري بالجيزة| صور    المجاعة تهدد نصف مليون في غزة.. كيف يضغط المجتمع الدولي على إسرائيل؟    حماس: تصريحات كاتس «اعتراف بجرم يرقى للتطهير العرقي»    الوادي الجديد تبحث إنشاء منصة إلكترونية للمواقع السياحية والأثرية    الفائزون بجوائز المهرجان القومي للمسرح يتحدثون ل«الشروق»: حققنا أحلامنا.. والتتويج من الوطن له طعم خاص    "قالتلي إلحقني".. محامي شيرين عبد الوهاب يصدر بيان بشأن عودتها ل حسام حبيب    خطيب الجامع الأزهر: أعداء الأمة يحاولون تزييف التاريخ ونشر اليأس    الحبس عامين ل تارك صلاة الجمعة في ماليزيا.. أحمد كريمة يكشف الحكم الشرعي    نجاح عملية دقيقة لاستئصال ورم بالمخ وقاع الجمجمة بمستشفى العامرية العام بالإسكندرية    الكروم ومرض السكر.. مكمل غذائي مساعد لا يغني عن العلاج الدوائي    عميد طب القصر العيني يتابع جاهزية البنية التحتية استعدادًا لانطلاق العام الدراسي    "درويش" يحقق قفزة كبيرة ويتخطى 20 مليون جنيه في 9 أيام    ضبط لص حاول سرقة حقيبة من شخص فى العمرانية    محافظ مطروح ورئيس جامعة الأزهر يفتتحان كلية البنات الأزهرية بالمحافظة    الكشف الطبى على 276 مريضا من أهالى قرى البنجر فى قافلة مجانية بالإسكندرية    فورين بوليسي: منطقة "دونباس" مفتاح الحرب والسلام في أوكرانيا    مصر تحصد فضية الريشة الطائرة بالبطولة العربية المدرسية بالأردن    حقيقة حرمان خريجي البكالوريا من الالتحاق بعدد من الكليات    بالأرقام.. الأمن الاقتصادي يضبط آلاف القضايا خلال 24 ساعة    بنسبة تخفيض تصل 30%.. افتتاح سوق اليوم الواحد فى مدينة دهب    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    العين مرآة العقل.. وهذه العلامة قد تكشف مرضًا عقليًا أو اضطراب نفسي    محافظ مطروح يستقبل رئيس جامعة الازهر لافتتاح مقر لكلية البنات الأزهرية    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    صحيفة عبرية: نتنياهو يشجع بن جفير وسموتريتش على تقويض فرص التوصل إلى اتفاق    «التسامح والرضا».. وصفة للسعادة تدوم مدى الحياة    الاقتصاد المصرى يتعافى    مصلحة الضرائب تنفي وجود خلاف بين الحكومة وشركات البترول حول ضريبة القيمة المضافة    وزارة التخطيط ووكالة جايكا تطلقان تقريرا مشتركا حول 70 عاما من الصداقة والثقة المصرية اليابانية    وزير الثقافة يستقبل وفد الموهوبين ببرنامج «اكتشاف الأبطال» من قرى «حياة كريمة»    دعمًا للأجيال الواعدة.. حماة الوطن يكرم أبطال «UC Math» في دمياط    محافظ أسيوط يسلم جهاز عروسة لابنة إحدى المستفيدات من مشروعات تمكين المرأة    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    نجم الأهلي السابق: أفضل تواجد عبد الله السعيد على مقاعد البدلاء ومشاركته في آخر نصف ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلان الدستوري المؤقت بين التأصيل والمواءمة
نشر في المصري اليوم يوم 06 - 04 - 2011

أصدر المجلس الأعلي للقوات المسلحة إعلانا دستوريا مؤقتا من ثلاث وستين مادة ينظم العمل في مؤسساتالدولة المصرية ويوضح الحقوق الأساسية للمواطنين التي تلتزم الدولة بحمايتها وذلكحتي صدور دستور جديد وفقا للآليات التي يحددها الإعلان المؤقت. وعلي الرغم من أهمية الحدث فقد جاءت ردود الأفعال الملحوظة علي هذاالإعلان مبهمة أو مشوشة علي أحسن تقديرفمن ناحية أثارالإعلان استغراب واستنكار البعض علي أساس أن صدور إعلان جديد كان أبرز مطالبالرافضين للتعديلات الدستورية التي تمت الموافقة عليها وبالتالي فكان من المنطقي أن يطرح الإعلان الدستوريبأكمله للاستفتاء الشعبي، ومن ناحية أخري اعتبر البعض الآخر صدور الاعلان الدستوريسببا للاحتفال إما لأنه أبقي علي المادة الثانية بذات نصها ورقمها أو لأنه مؤشر علياتجاه الأوضاع إلي الهدوء والاستقرار. ومن الممكن تفسيرردود الأفعال تلك بأن الساحة السياسية المصرية – والتي تشهد في هذه الأيام زخما غيرمعهود- ما زالت تعيش تحت وطأة الاستقطاب الذي نتج عنتجربة الاستفتاء الأخير وما صاحبها من استعراض للقوي في غير محله و ما أدي إليه ذلكمن انفعالات وصلت إلي حد الهلع عند البعض وإعلان الانتصار فيما سمي بغزوة الصناديقلدي البعض الآخر.
وبعيدا عن الوضعالاجتماعي والشعوري المعقد لدي قطاعات عدة من الجماعات السياسية المصرية تبقيالقراءة المتأنية المدققة لمواد الإعلان الدستوري أمرا حتميا بالنظر إلي كون هذاالإعلان بحكم الجهة التي أصدرته وعدم نية أي من المجموعات الفاعلة في المجتمع- حتي الآن -الاعتراض علي شرعيته هو النص القانوني الأعلي في جمهورية مصر العربية والمنظم لتلكالمرحلة الانتقالية بالغة الأهمية. إلا أن تلك القراءةالمدققة لا يمكن أن نتفصل عما سبق الإعلان الدستوري من جدل أثاره العارفين بالمسائلالدستورية في مصر حول مسألة شرعية المجلس العسكري ووضع دستور 1971 وإذا ما كان قدسقط بفعل الثورة الشعبية . ومن المرجح أن هذا الجدل كانسببا مباشرا وراء حالة التخبط المؤسسي والمجتمعي التي صاحبت عمليةالاستفتاء حيث اصتدم اتجاه المجلس العسكري إلي عدم القيام بتغييرات جذرية أوالمساس بأمور قد تثير الجدل بين أوساط الشعب الذي أصبح ثائرا ومتحفزا بمسألةاستحالة الابقاء علي دستور 1971 لأنه ببساطة لا يمنح المجلس أية شرعية – وهو الأمرالذي حسمته المحكمة الإدارية العليا عندما قررت أن المجلس يستند في شرعيته إلياحتضانه ثورة الشعب المصري، وهو ما يعد اعترافا ضمنيا بسقوط شرعية دستور 1971. ومنهنا اكتفي المجلس بإصدار هذاالإعلان المؤقت الذي نص في المادة56 منهعلي أن يقوم المجلس العسكري بإدارةشئون البلاد. وبذلك سقط دستور 1971 ضمنيا دون إعلان صريح من المجلس أو أية جهة رسميةأخري. ولكن قضية الشرعية سرعان ما تطل علينا مرة أخري عند دراسةنصوص هذا الإعلان الدستوري. فالإعلان في مجمله يستند بصورة كبيرة إلينصوص دستور 1971 بالإضافة إلي المواد المستفتي عليها وبعض الأحكام الخاصةوالانتقالية . وهذا التناول متناسق مع اتجاه المجلس العسكري إلي عدمإجراء تغييرات جذرية قد تثير الجدل أو الارتياب أوالارتباك.إلا أن الاضطراب الذي أشرنا إليه فيما يخص اصطدام الاتجاهالعام للمجلس بضرورة التأصيل الدستوري السليم لشرعية المرحلة الانتقالية قد انعكسعلي بعض النصوص الواردة في الإعلان.فالمواد الدستورية المتضمنة فيالإعلان قد جاءت في صيغة قرار من المجلس وهو أمر وإن كان يناسب الواقع الشكلي إلاأنه يتنافي مع أسس التأصيل الدستوري حيث من المفترض أن يقتصر دور المجلس في هذهالحالة علي إصدار المواد الدستورية أو إعلانها وذلك لأن تلك المواد هي في واقعهاأعلي من سلطات المجلس نفسه وتؤسس لسلطاته وتنظمها وبالتالي وجب أن يقتصر دور المجلسعلي الإصدار أو الإعلان وألا يبدو الإعلان وكأنه قرارا صادرا من جهةإدارية.فمن اللافت للنظر أن تجئ صيغة الإعلان بأن"المجلس الأعلي للقوات المسلحة... قرر... جمهورية مصر العربية دولة نظامهاديمقراطي... الإسلام دين الدولة... إلخ" فالمجلس غير مختص بتقرير خصائص الدولة المصرية وإنمايكتفي بإعلانها بناء علي ما يراه من توافق شعبي.
وإذا ما تجوزنا تلك النقطة التي قد تبدو شكلية وقد يريالكثير أنه يجدر عدم الوقوف عندها في هذه الأوضاع الاستثنائية وجدنا أن الإعلانالدستوري هو ببساطة مجموعة من مواد دستور 1971 التي رأي المجلس أهمية الاستنادإليها في المرحلة الانتقالية بالإضافة إلي المواد المؤسسة لآلياتالانتقال. ومن الملاحظ أن المعايير التي استند إليها المجلس فيالابقاء علي المواد أو حذفها هي كما يلي: أولا أبقي المجلس علي النصوص الأساسيةالمتعلقة بنشأة المؤسسات واختصاصاتها والحقوق والحريات الأساسية للمواطنين وحذفما يمكن الاستغناء عنه في تلك الظروف الاستثنائية مثل المادة المتعلقة بالتجاربالطبية. ثانيا لم يتضمن الإعلان أية نصوص منظمة لتفاعل مؤسسات الدولة فيما بينها أوتغيير أو تجديد أعضاء تلك المؤسسات وذلك علي اعتبار أن تلك المسائل محلها الدستورالدائم. وثالثا تجنب الإعلان بقدر الإمكان أية إشارة الي لفظ"الدستور"وذلك لأن الدستور الدائم السابق عليه قد سقطضمنيا وتم استبدال هذا الإعلان به. وقد أدت تلك النقطة الأخيرة تحديداإلي وضع غير مألوف حيث جاءت الإشارات التي تضمنها الإعلان إلي القواعد ذات الصفةالدستورية علي ثلاث صور مختلفة من دون تحديد تعريفها أو أوجه تباينها أو علاقة كلمنها بالآخر . فقد نصت المادة 25 علي أن يختص رئيس الجمهورية بالأمورالمحددة في"هذا الإعلان"بينما أكدتالمادة ذاتها علي أن الرئيس يسهر علي"احترامالدستور " وفي ذات الوقت نصت المادة 75 علي أن لمجلس الوزراء أنيعقد القروض وفقا"للمبادئالدستورية ". وإن كانت الإشارة للإعلان واضحة لا تحتاج إلي تفسير، بقيأن نعرف الفارق بين الدستور والمبادئ الدستورية وهذا الفارق قد تظهر أهميته إذا مابدت في أثناء المرحلة الانتقالية أوضاعا قانونية لا تنظمها نصوص الإعلان المؤقت كماسيتم الإيضاح فيما بعد.
ويمكن القول بأن المعيار الرابع في اختيار الموادالواردة في الإعلان هو مسألة المواءمة السياسية والاجتماعية . فالإعلان أتيبالمادة الثانية بنصها كما أبقي علي نسبة العمال والفلاحين في مجلسي الشعب والشوري ،ولم يمس سلطات رئيس الجمهورية في تعيين الأعضاء في مجلسي الشعبوالشوري.وعلي الرغم من ذلك فقد اختلفت المادة الرابعة في الإعلانعن نظيرتها في دستور 1971 وهي المادة الخامسة حيث أزالت الحظر الذي فرضته المادةالمشار إليها المتعلق بإنشاء أحزاب ذات مرجعية دينية ، واكتفي الاعلان بحظر قيامالأحزاب علي إساس ديني.والتفسير الشائع للفارق بين الأساسالديني والمرجعية الدينية هو أن الأول يقتضي أن مبادئ أو شروط عضوية الحزب تتضمن تمييزا بينالمواطنين علي أساس الديانة ، بينما الحزب الذي يستمد مرجعيته من تعاليمديانة معينة قد يفتح أبوابه نظريا إلي كافة المواطنين ويعاملهم معاملة متساوية معاختلاف العقيدة.
واستثناء مما سبق فقد جاءت مواد القسم الأول من الإعلانشبه مطابقة لمواد الباب الأول من دستور 1971 المتعلق بخصائص الدولة، باستثناء إضافةالجمعيات والنقابات والاتحادات إلي المادة المتعلقة بالأحزابالسياسية. وبينما لم يتضمن الإعلان المواد المتعلقة بالمقوماتالخلقية والاجتماعية والاقتصادية للدولة، وهي أبواب تميزت في أجزاء منها ( في دستور 1971 ) ، بالطابعالإنشائي الذي لا يتفق مع إعلان دستوري مؤقت ،إلا أن الإعلان تضمن الكثير من المواد الواردة فيالباب الثالث المتعلق بالحريات والحقوق والواجبات العامة. وجدير بالذكرأن الإعلان لم يأخذ بالمواد المتعلقة بالبحث العلمي والتجارب الطبية والتأميمومصادرة الأموال والملكية الزراعية والملكية التعاونية، كما لم يحيل لمواد القانونفيما يخص الجنسية المصرية كما فعل دستور 1971 بينما قام بدمج المواد الخاصةبالإقامة والهجرة واللجوء السياسي. ومما قد يثير التساؤل عدم الأخذبالمادة المتعلقة بحق التصويت ومخاطبة السلطات وإذا ما كان ذلك مؤشرا لما قدتئول إليه مطالبات المصريين المغتربين بحقهم في التصويت. إلا إن الوضعالقانوني لحق التصويت لم يختلف كثيرا وذلك لعضوية مصر في العهد الدولي للحقوق المدنيةوالسياسية والذي يكفل هذا الحق لكافة المواطنين.
وفيما يلي المواد المتعلقة بالحريات وسيادة القانون، جاءت بعض المواد المتعلقة برئيس الدولة مماثلة لنظيراتها في الدستور السابق باستثناءالمواد التي تم الاستفتاء علي تعديلها. بينما خلت المواد من 21 إلي 39 من أية نصوص متعلقة بسلطات رئيس الدولة في أخذ اجراءات استثنائية وهو ما كانمنصوص عليه في المادة 74 من الدستور السابق. وقد يكونالنقص الأكثر أهمية في هذا السياق هو عدم وجود أية مواد تتعلق بخلو منصب رئيسالجمهورية سواء بسبب مانع مؤقت أو بسبب الوفاة أو العجز أو الاستقالة أو الخيانةالعظمي. وقد يكون هذا الاغفال مبنيا علي توقع أن يصدردستور جديد يتضمن كل تلك الأحكام قبل أن تقع أي من هذهالحالات. أما في حالة ما إذا توفي رئيس الجمهورية الجديد أو أصابهعجز دائم لا قدر الله قبل دخول الدستور الجديد حيز النفاذ ، فلا توجد آلية دستورية لملء هذاالفراغ. والجواب الضمني علي هذه الملاحظة أن المجلس العسكري فيهذه الحالة سوف يتدخل من جديد لإدارة شئون البلاد والدعوة لانتخابات رئاسيةوهو ما يعني أن انتقال سلطات المجلس لرئيس الجمهورية وفقا لنص الإعلان الدستوري هوليس انتقالا نهائيا لا رجعة فيه وإنما يكون نهائيا فقط عندما يصدر الدستور الجديدوتستقر مؤسسات الدولة في عملها.
واتساقا مع الاتجاه العام الذي يقضي بعدم التطرقلمسألة تجديد أو تغيير أعضاء مؤسسات الدولة وعلاقة تلك المؤسسات ببعض فقد خلا القسمالخاص بمجلس الشعب والشوري من الإشارة إلي الآليات المتبعة عند خلو مقعد من مقاعدأي من المجلسين – وهو ما كانت تختص به المادة 94 من دستور1971. كما لم يتضمن الإعلان أية إشارة إلي سلطة رئيس الدولة فياقتراح القوانين – بينما له حق إصدارها والاعتراض عليها وهي الأمور التي يختص بهاحاليا المجلس العسكري – كما لا يتضمن الإعلان أية آلية لسحب الثقة من الوزراء أوتحديد الشروط الواجب توافرها فيهم ولا يمنح لرئيس الجمهوية سلطة حل البرلمان كما لايمنح البرلمان سلطة سحب الثقة من الوزارة. وخلاصة القول ،فإن الإعلان الدستوري الحالي يهدف – أو يأمل – في ألا يطرأ أي تغيير علي المؤسساتالتي سوف يتم انتخابها وفقا لنصوصه علي أن يتضمن الدستور الجديد آليات التغيير والتعديلوالتوازن بين السلطات. فما ينص عليه الإعلان لا يعد فصلا بين السلطات وإنما قطيعة تامةبينها.
أما فيما يخص اختصاصات المجلس الأعلي للقوات المسلحةفقد نصت عليها المادة 56 من الإعلان الدستوري. وفي واقعالأمر فإن تلك المادة تتضمن مجموعة من الاختصاصات التي خولها الدستور السابق لكل منالبرلمان ورئيس الدولة وهي وإن كانت واسعة إلي حد أصاب البعض بالقلق فإنها في ذاتالوقت واردة علي سبيل الحصر ومنقولة في أغلبها من الدستورالسابق. ومن الجدير بالذكر أن تلك المادة لم تتضمن الحق فياستفتاء الشعب علي الأمورالتي تقتضيها مصلحة الدولة إلا أن المادتين 59 و60قد أشارتا إلي استفتاءالشعب علي تجديد حالة الطوارئ والدستور الجديد ، وهي الأمور التي قد تقتضي المرحلةالانتقالية استفتاء الشعب عليها.
قد يكون من غير المنطقي أو المجحف أن نتوقع أن يتضمنإعلان دستوري مؤقت نصوصا تغطي كافة الأوضاع الدستوريةالمتصورة. فقد جاءت تلك المواد ممثلة للحد الأدني الضروري لإدارةالمرحلة الانتقالية ، بينما فرضت الظروف السياسية والاجتماعية المعقدة نفسها عليالعديد من القرارات التي اتخذها المجلس العسكري فيما يخص المواد التي تم طرحها أوالاستغناء عنها أو استحداثها. ومع هذا فينبغي علينا أن ننتبه لماجاء في هذا الإعلان وما يمكن أن يترتب عليه من نتائج وبصفة خاصة فيما يتعلقبإغفال تنظيم علاقات المؤسسات ببعضها خلال المرحلة الانتقالية وما يتبعه ذلك منغموض في آليات انسحاب المجلس الأعلي للقوات المسلحة من الساحة السياسية المصرية. وعلي أية حال فإن ردود الأفعال علي الإعلان تظهر أن قطاعامن المجتمع المصري قد تجاوز مرحلة الصراعات الدستورية وانخرط بالفعل في العملالسياسي والاجتماعي استعدادا للمرحلة القادمة والتي سيكون الوجود علي الأرض بينالجماهير أشد حسما فيها من أي نص دستوري أو قانوني ، بينما عاد قطاع آخر – متداخل معالقطاع الأول بالضرورة – إلي رحلته اليومية في البحث عن مصادر العيش ملتقطا أنفاسه بعد حالة الاضطراب التي صاحبت الثورة . وذلك حتي إشعار آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.