بروفايل: شياو بينج .. قائد النهضة بعد السبعين

أثبت أن الشباب الحقيقى هو شباب العقل والعزيمة، فقد بدأ مسيرة نهضة الصين الحديثة وعمره 74 عاما، بحكمة الأجداد، فهو مهندس النهضة، ابن الفلاحين، وُلد فى أغسطس 1904 فى بلدة قوانج آن بمقاطعة سيتشوان جنوب غربي الصين.
على ضوء سمعته كرجل براجماتى، كان واضحا أن قيادة الحزب الشيوعى الصينى، وعلى رأسها ماو تسى دونج، قد دعته للإسهام فى جهود الحكومة لتحريك الاقتصاد المتعثر، ثم الاستعداد ليحل محل رئيس مجلس الدولة آنذاك، جو إن لاى، الذى تمكن منه المرض. وخلال أول دورة للمجلس الوطنى الرابع لنواب الشعب فى بكين عام 1975، تم تكليفه بتسيير شؤون البلاد كنائب لرئيس مجلس الدولة (مجلس الوزراء)، بفضل ما يُعرف عنه من جرأة فى تحمل المسؤوليات والمهام الصعبة. وكان اختياره موفقا، لأن الاقتصاد الصينى حقق فى تلك السنة أفضل معدلات نموه منذ الثورة الثقافية (1967-1977).
وبسبب أفكاره الجريئة الخاصة، ظهرت الخلافات منذ الثلاثينات بينه وبين بعض زملائه الثوريين الذين اتهموه بمختلف التهم وأجبروه على التنحى من مناصبه بالحزب والدولة عدة مرات، لكنه كان يعود أقوى فى كل مرة.
إنه السياسى والمنظّر والقائد الصينى دينج شياو بينج، الذى قاد الصين من عام 1978، وحتى عام 1992، نحو تبنى اقتصاد السوق. وفى العام الأول أطلق نبوءة بأن الصين تحتاج إلى نصف قرن لاستكمال عملية التحديث والسيطرة السياسية والاقتصادية، وتنتهى المهلة التى حددها عام 2028.
بدأ دينج شياو بينج فى أواخر السبعينيات من القرن الماضى فى إرسال البعثات إلى البلاد الغربية لتعلم الهندسة والاقتصاد وطرق الإدارة الحديثة بغرض التطوير الاقتصادى فى البلاد. واعتمد على فئة المتخصصين المعروفين باسم «التكنوقراط» فى حل مشاكل الصين الشعبية، والتطور بها وتشغيل الصينيين، فكانوا خير نخبة يعتمد عليها فى حل المشاكل فى الصناعة والتطوير العملى والانتقال من مجتمع زراعى بحت إلى مجتمع صناعى.
وبعد عام 1985 أصبح التكنوقراط غالبية فى المجلس المركزى، وهو أعلى مجلس نابع من الحزب الشيوعى، وأصبحت المجموعة الحاكمة معظمها من التكنوقراط، وساروا على هذا السبيل حتى يومنا هذا.