هل تغير الصين سياساتها مع تغيير قيادات الحزب الشيوعى الحاكم للبلاد؟ هذا السؤال أجاب عنه بالنفى أغلب الدبلوماسيين الذين لا يتوقعون حدوث أى منعطف مفاجئ بوصول القيادة الجديدة للسلطة فى الصين. وهم يرجحون أن تبقى الدبلوماسية الصينية على أولوياتها بعدما التقى الأسبوع الماضى أكثر من 2200 مندوب يمثلون أكثر من 83 مليون حزبى صينى خلال المؤتمر الوطنى الثامن عشر للحزب الشيوعى الحاكم للبلاد الذى يقام كل خمس سنوات. ويعد هذا المؤتمر أهم حدث سياسى فى البلاد، حيث سيتنحى بسبب التقدم فى السن سبعة أعضاء من أصل تسعة هم مجموع المكتب السياسى وسيكون على رأس المتنحين «هو جينتاو» وهو قائد الحزب ورئيس الدولة، كما سيرحل معه «ون جياباو» رئيس الحكومة ليحل فى قيادة الحزب ورئاسة الدولة نائب الرئيس الحالى «شى جينبينج» ومعه طاقم جديد ، حيث تنتهى مدة قيادة الجيل الرابع واختيار الجيل الجديد من القادة بعد أن أجريت انتخابات المندوبين منذ شهر نوفمبر عام 2011 حتى شهر يونيو 2012. ووفقا للقواعد التنظيمية للحزب الشيوعى الصينى، يتم ترشيح لجنة مركزية جديدة للحزب من قبل المندوبين إلى المؤتمر تشرف هذه اللجنة على أعمال الحزب وتمثله أثناء عدم انعقاده كما تختار أعضاء المكتب السياسى للحزب ولجنته الدائمة وكذلك تختار الأمين العام الذى يعتبر أعلى القيادات فى البلاد. وعند هذا الحد تقف الحياة السياسية والحزبية فى الصين حيث إن من يترأس ثانى أكبر اقتصاد فى العالم بعد الولاياتالمتحدة لا يختار فريقه الرئاسى إذ إن الحزب الحاكم هو الذى سيغير 70% من أعضاء الحكومة وقيادات الجيش بحلول شهر مارس المقبل. وفى تحليل إخبارى لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، ذكرت أنه بالرغم من أن السياسات التى طرحها وتبناها الحزب الشيوعى الصينى منذ عام 1978 على يد زعيمه السابق «دينج شياو بينج» تمكنت من انتشال مئات الملايين من ويلات الفقر وتحويل البلاد إلى ثانى أكبر اقتصاد عالمى، إلا أن الأسلوب والاستراتيجية التى اعتمدها زعماء الحزب فى إدارة البلاد على مدار عقود طويلة تمخضت عنها مشكلات وأزمات هائلة يصعب تجنبها أو تفاديها كما يشير المحللون. ويعقد المؤتمر الثامن عشر للحزب وسط اضطرابات اجتماعية وغضب عام نجم عنه تحركات احتجاجية اجتماعية يعمل على تفعيلها ناشطون صينيون على الإنترنت رغم الرقابة الصارمة، فيما يتقبل عدد غير قليل من الصينيين حكم هذا الحزب لأنهم أصبحوا أكثر ثراء ورأوا أن بلادهم تستعيد هيبتها حيث حول الحزب الصين من بلد ذى اقتصاد ضعيف إلى عملاق يوشك أن يصبح رقم واحد فى العالم. وقد ذكرت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية أن الاقتصاد الصينى سوف يصبح الأكبر فى العالم خلال السنوات الأربع المقبلة ليحل الاقتصاد الأمريكى ثانيا لأول مرة فى التاريخ، وذلك بفضل النمو الاقتصادى القوى الذى تتمتع به الصين فى الوقت الذى لا يزال فيه الاقتصاد الأمريكى يواجه المتاعب المتعلقة بالأزمة المالية حيث ستتجاوز الصين حجم اقتصاد منطقة اليورو مع نهاية العام الحالى، كما أنه سيتجاوز الاقتصاد الأمريكى مع نهاية عام 2016، إضافة لدورها المحورى كعضو بارز فى مجلس الأمن الدولى وسياستها الخارجية الحثيثة وردود أفعالها تجاه القضايا الدولية. وعلى الجانب الآخر، تواجه القيادة الجديدة إضرابات وانقسام على مستوى الرأى العام بشأن المسار السياسى الذى ستنتهجه الدولة والفساد المستشرى على كافة المستويات مع تعهد مسئولين كبار فى الحزب الصينى - شاركوا فى المؤتمر العام للحزب فى بكين - بمزيد من الشفافية بشأن عائدات القادة لتهدئة الغضب الشعبى بعد ما نشرته بعض الصحف الغربية عن مبالغ طائلة يملكها مسئولون فى الحزب حيث سعت السلطات إلى فرض رقابة على هذه المعلومات لمنع وصولها للرأى العام، إضافة لقضايا الفساد التى هزت الحزب منذ أشهر وكان بطلها «بو شيلاى» النجم الصاعد للنظام الذى سقط بعد تورط زوجته فى قضية قتل.