شيخ الأزهر يستقبل رئيس هيئة الأركان البريَّة الباكستانيَّة لبحث تعزيز التعاون المشترك    حكم نهائي.. استبعاد هيثم الحريري من انتخابات مجلس النواب بسبب موقفه التجنيدي    25 فرقة مصرية وأجنبية تشارك في اليوبيل الفضي لمهرجان الإسماعيلية    محافظ الإسكندرية يتفقد اصطفاف معدات مجابهة الأزمات استعدادًا لموسم الشتاء    الحكومة تدرس إعفاء حملة وثائق صناديق الاستثمار بأنواعها من الضرائب على الأرباح    الرقابة المالية تلزم الشركات والجهات العاملة في الأنشطة المالية غير المصرفية بتعزيز بنيتها التكنولوجية والأمن السيبراني لديها    «إكسترا نيوز»: ما يدخل غزة لا يزال نقطة في محيط الاحتياج الإنساني| فيديو    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة الزمالك وديكيداها الصومالي    الزمالك يتقدم بشكوى ضد أسامة حسني للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام    تحويلات مرورية جديدة شرق الإسكندرية من غد الجمعة ولمدة 15 يوما    حنان مطاوع تكشف شعورها بعد ترشح فيلمها «هابي بيرث داي» ل الأوسكار    «في الحركة حياة» ندوة وورشة عمل بمكتبة الإسكندرية    «أنتم جزء من الحكاية»| يسرا تحتفل بنصف قرن من الفن والإبداع    نائب وزير الصحة يوجّه بإنشاء عيادات جديدة لخدمة أهالي وسط سيناء    تمارين مثبتة علميا تساعد على زيادة طول الأطفال وتحفيز نموهم    معجنات الجبن والخضار.. وصفة مثالية لوجبة خفيفة تجمع بين الطعم وسهولة التحضير    الأنبا إبرهام: الوحدة المسيحية تحتاج إلى تواضع وحوار ومحبة حقيقية    وزارة التضامن تحدد آخر موعد للتقديم في حج الجمعيات الأهلية 2026    نائب ترامب: الرئيس سيعارض ضم إسرائيل للضفة.. وذلك لن يحدث    محافظ سوهاج يتفقد فعاليات وأنشطة مبادرة " أنت الحياة " بقرية نيدة بأخميم    محافظ كفر الشيخ: تسهيلات غير مسبوقة للجادين وإزالة معوقات التقنين لتسهيل الإجراءات    العاصمة الإيطالية روما تستقبل معرض "كنوز الفراعنة"    مساعد وزير الخارجية المصري: الاتحاد الأوروبي أصبح شريكًا اقتصاديًا بمعنى الكلمة لمصر    أندية وادي دجلة تحصل على التصنيف الفضي في تقييم الاتحاد المصري للتنس    التشكيل الرسمي لمنتخب مصر للسيدات أمام غانا في تصفيات أمم إفريقيا    محافظ بني سويف يتفقد مستجدات الموقف التنفيذي لأعمال المرحلة الثانية من تطوير نادي سيتي كلوب    رسمياً.. الاتحاد يشكو حكم مباراته ضد الأهلي    باعتراف صحيفة صهيونية..جيش الاحتلال فشل فى تحرير الأسرى بالقوة العسكرية    حكم الشرع في خص الوالد أحد أولاده بالهبة دون إخوته    حصيلة ضحايا الحرب على غزة تتجاوز 238 ألفا و600 شهيد وجريح    نادي الصحفيين يستضيف مائدة مستديرة إعلامية حول بطولة كأس العرب 2025    أسعار النفط تسجل 65.94 دولار لخام برنت و61.95 دولار للخام الأمريكى    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في الشرقية    ب«لافتات ومؤتمرات».. بدء الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب في الوادي الجديد (تفاصيل)    بيتصرفوا على طبيعتهم.. 5 أبراج عفوية لا تعرف التصنع    العثور على جثة «مجهول الهوية» على قضبان السكة الحديد بالمنوفية    فاليري ماكورماك: مصر مثال عظيم في مكافحة السرطان والتحكم في الأمراض المزمنة    الداعية مصطفى حسنى لطلاب جامعة القاهرة: التعرف على الدين رحلة لا تنتهى    رفع 3209 حالة اشغال متنوعة وغلق وتشميع 8 مقاهي مخالفة بالمريوطية    السادة الأفاضل.. انتصار: الفيلم أحلى مما توقعته ولا أخشى البطولة الجماعية    الجيش الثالث الميداني يفتتح مزار النقطة الحصينة بعيون موسى بعد انتهاء أعمال تطويره    بسعر 27 جنيهًا| التموين تعلن إضافة عبوة زيت جديدة "اعرف حصتك"    البنك الأهلي يحصد شهادة التوافق لإدارة وتشغيل مركز بيانات برج العرب من معهد «Uptime»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    وزارة الدفاع الروسية: إسقاط 139 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    مستشار رئيس الجمهورية ومحافظ أسوان يشيدان بمستوى التجهيزات التعليمية والخدمات المقدمة للطلاب    حجز الحكم على البلوجر علياء قمرون بتهمة خدش الحياء العام ل29 أكتوبر    رانيا يوسف تكشف الفرق الحقيقي في العمر بينها وبين زوجها: مش عارفة جابوا الأرقام دي منين!    الصحة توقع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    شبكة العباءات السوداء.. تطبيق "مساج" يفضح أكبر خدعة أخلاقية على الإنترنت    تموين قنا يضبط محطة وقود تصرفت فى 11 ألف لتر بنزين للبيع فى السوق السوداء    مقتول مع الكشكول.. تلميذ الإسماعيلية: مشيت بأشلاء زميلى فى شنطة المدرسة    محمد صلاح.. تقارير إنجليزية تكشف سر جديد وراء أزمة حذف الصورة    محمد بن سلمان يعزى ولى عهد الكويت فى وفاة الشيخ على الأحمد الجابر الصباح    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    تهديدات بالقتل تطال نيكولا ساركوزي داخل سجن لا سانتي    على أبو جريشة: إدارات الإسماعيلى تعمل لمصالحها.. والنادى يدفع الثمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الظلام يحطّ على بيت المدينة
نشر في المصري اليوم يوم 07 - 01 - 2016

حتى بداية التسعينات من القرن الماضي، كان البؤس والركود والرجعية ثلاث صفات يمكن إطلاقها على المشهد الفني المصري. في هذا الزمن تكوّن المشهد من قطاعات تابعة لوزارة الثقافة مسؤوليتها رعاية الفنانين أو طبقاً لسياسة فاروق حسني وزير الثقافة وقتها إدخالهم الحظيرة.
مقالات متعلقة
* يهمنى الإنسان ولو مالوش عنوان
* أحمد بهاء الدين واحد من أعلام القرن العشرين
* مثلث الفشلة الذى يسىء إلى الرئيس!
لم يكن هناك قاعات لعرض الأعمال الفنية إلا القاعات التابعة لوزارة الثقافة، وبعض الجاليرهات المتخصصة في الأثاث وتعرض اللوحات الفنية كإكسسوارات للديكور الداخلي لبيوت الأثرياء الفخمة.
الحركة الفنية ذاتها كانت مختطفة من قبل أساتذة كليات الفنون الجميلة، وهم نفس الأسماء التي تسيطر على قطاعات وزارة الثقافة، ونفس الأسماء التي تسيطر على المشاريع الفنية التي تقوم بها الدولة في المساحات العامة.
انظر حولك وأنت تتمشى في القاهرة، دقّق النظر في أسماء الفنانين تحت التماثيل المنصوبة في الميادين والنقوش الغرائبية القبيحة معدومة الخيال التي تحلي الكباري ومداخل المباني والمصالح الحكومية التي أنشئت في عهد مبارك، ستجد ثلاثة أو خمسة فنانين، تحتل أسماؤهم كل الجداريات والتصميمات في المدينة. لا لمهارتهم أو عبقريتهم فمعظمهم لا تتعدى شهرته حدود القطر المصري، وأعمالهم بلا قيمة على المستوى العالمي، بل بعد سنوات من وفاتهم لن يذكر أحد اسمهم. لكن مع ذلك فأعمالهم تحاصرنا في كل مكان، لأنهم أساتذة في الكلية ولأنهم من أصحاب المناصب في وزارة الثقافة في زمن فاروق حسني ورفاقه.
تعليم الفنون في مصر أيضاً كان في مرحلة انحدار مرعبة، داخل بعض الكليات كان هناك أساتذة يضغطون من أجل غلق قسم النحت لأنه حرام. والمناهج التي تدرس ذاتها بعيدة تماماً عن كل ما يحدث في العالم وقتها. كانت هناك مدارس وأساليب فنية جديدة تغزو العالم لا يعلم عنها الطلبة أو الفنانون المصريون أي شيء. من التجهيز في الفراغ وحتى الفيديو آرت والفنون الرقمية، كل هذا كان ولا يزال غير موجود في مناهج تدريس الفنون في الكليات المصرية.
ثم ومع منتصف التسعينات ووسط ورش قطع غيار السيارات في شارع شامبليون بوسط البلد وبمبادرة من الصديقين ياسر جراب ووليم افتتح جاليري التاون هاوس أو بيت المدينة، كنموذج جديد للمؤسسات الثقافية والفنية غير الهادفة للربح وليست تابعة لمافيا أساتذة الجامعة وحيتان وزارة الثقافة. عمل بيت المدينة أو كما صار يعرف محلياً وعالمياً «جاليري التاون هاوس» وفق عدة برامج تقوم على التعاون والتعلم من البيئة المحيطة، ولسنوات طويلة نظم الجاليري عشرات الورش الفنية والتعليمية لأطفال المنطقة ولطلبة مدرسة الزخرفة والصنايع المجاورة للجاليري.
إلى جانب هذا النشاط التنموي، فقد سعى الجاليري إلى بناء جسر بين المشهد الفني في مصر والمشهد العالمي، استقدم عشرات الفنانين العالميين ونظم عبر أكثر من 15 عاماً هي عمر الجاليري مئات العروض الفنية والورش التدريبية والبرامج الدراسية للفنانين الشباب المصريين. وفر جاليري التاون هاوس من خلال قاعاته الفرصة للفنانين لعرض تجاربهم المغايرة التي كان يستحيل وقتها أن تجد مكاناً لها في قاعات وزارة الثقافة أو في الجاليرهات التجارية التي تبحث عن لوحات وأعمال فنية تتماشي مع لون «كنب» الصالون.
في ظرف بضع سنوات رعا جاليري التاون هاوس عشرات الفنانين المصريين وسمح لتجاربهم بأن تتطور وتقدم نفسها، أعمالهم الآن تتوزع على المتاحف الأوروبية والعربية. بل بسبب توسع تأثير جاليري التاون في المشهد الفني الإقليمي، حاولت وزارة الثقافة مع بداية الألفية الجديدة التطوير من أداء قطاعها الفني، وسمحت لأسماء فنية من خارج دائرة حيتان أساتذة الفنون بالعرض في قطاعها وتطورت من سياسات عرضها وتعاملها مع الفن المعاصر.
توسع التاون هاوس بعد ذلك ليحول جراج قديم للسيارات لمسرح روابط، ولتتحول المنطقة المحيطة بالمكان إلى مركز ثقافي يجذب الجميع من سفراء أجانب وفنانين عالميين زائرين وحتى شباب مصري يتطلع إلى رؤية شيء مختلف والاستماع لحديث آخر غير فتاوى طهارة الأفيون والحشيش. أصبح التاون هاوس حيزاً جغرافياً يضم مسرحاً بسيطاً، قاعتين لعروض الفن التشكيلي، ومكتبة عامة مفتوحة مجاناً للجمهور.
حافظ جاليري التاون هاوس على وجوده ككيان ثقافي محايد، محاولاً تجنب كل التقلبات السياسية في السنوات الأخيرة. بسبب هذا الموقف أحياناً ما وجهت له انتقادات من أطراف متعددة من شباب ثوري إلى حيتان أساتذة الفنون الذين لم يكفوا طوال أكثر من خمسة عشر عاماً عن مهاجمة المكان واتهام العاملين فيه بالعمالة والخيانة، إلى آخر قاموس شتائم التخوين البائس الذين لا يعرفون غيره. ورغم هذا الاتهامات فقد شارك جاليري التاون هاوس في عشرات الورش التي نظمت بعد الثورة وبعضها تم بمشاركة أعضاء في البرلمان وممثلين حكوميين لمناقشة مستقبل السياسات الثقافية في مصر.
لكن أحدهم في مكان على أرض وادينا الطيب قرر أن وجود مثل هذا المكان يمثل خطراً غامضاً، فقرر إغلاقه.
الدعاوى الرسمية أن إغلاق التاون هاوس بالشمع الأحمر، بسبب عدم وجود مخرج طوارئ للمسرح. وإن سلمنا بصحة مثل هذا الادعاء فهو لا يبرر إغلاق المكتبة ولا الجاليري ولا القسم الإداري، ولا يبرر كذلك المداهمة ذات الطابع الأمني على المكان ومصادرة أجهزة كأنها غارة على وكر إرهابي.
استمرار غلق بيت المدينة، ليس السابقة الأولى فقبلها بأشهر تكرر ذات الشيء مع مراكز ثقافية أخرى في وسط البلد، وقبلها أوقفت مؤسسة المورد الثقافية نشاطها في مصر. تجفيف وحصار المؤسسات الثقافية المصرية، يأتى في ظل ركود وأزمات تمويلية وتنظيمية تعاني منها وزارة الثقافة التي على سبيل المثال لم تستطع تنظيم بينالي القاهرة الدولي للفنون، والذي كان الحدث الأبرز فنياً على مستوى دولي تقيمه الوزارة. وكأن الخطة تهيئة البيئة والواقع المصري للظلام أكثر فأكثر.
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.