«بو عزيزي».. بائع الخضار الذي هزم «الطاغية»

لم يكن الشاب التونسي طارق محمد بوعزيزي الذي لقي مصرعه في مثل هذا اليوم 4 يناير 2011، يتوقّع أن إضرام النيران في نفسه ستدفع الشعوب العربية في مقدمتها التونسيين للخروج ضد «الديكتاتورية»، ترك وضعه البائس الذي لا يختلف عن وضع الشباب العربي، ورّحل، دون أن تنطفأ نيرانه، التي أشعلت الشرق الأوسط بأسره، سيذكره التاريخ بأنه «هزم الطاغية بن علي».
«بوعزيزي»، المولود عام 1984، أحرق نفسه في ولاية سيدي بوزيد، احتجاجًا على مصادرة عربة الخضار التي كان يمتلكها، موته كان بمثابة «البركان»، انفجّر في تونس ضد الرئيس زين العابدين بن على، ثم امتدت عدواه إلى باقي البلدان العربية: مصر، وليبيا، وسوريا، واليمن.
نشأ «بوعزيزي» في أسرة تتكون من 9 أفرد، أحدهم مُعاق، وتوفى والده وهو في الثالثة من عمره، واضطر للعمل وهو في العاشرة، فزوج والدته لم يكن يستطع العمل، كان عربة الخشب التي يحمل عليها الخضروات والفاكهة، هي مصدر رزقه الوحيد.
انقطع «بوعزيزي» عن الدراسة، التي كان متفوقًا فيها، حسبما يقول شقيقه، إذ كان يدرس في معهد تقني، لكن الظروف المادية للعائلة لم تكن تسمح باستكمال دراسته، لم يحلّم بالثورة، ولم ينخرط في النشاط السياسي، أسرته قالت إنه كان مرحًا، أمنيته في الحياة كانت إنهاء دراسته الجامعية، والالتحاق بالجيش التونسي.
تعرّض «بوعزيزي» لمضايقات كثيرة من شرطة البلدية، انهالت عليه المخالفات والغرامات، ووصلت إلى 500 دينار، لم يُحقق أرباحًا، وما يكسبه يدفعه، فلم يجد حلًا أمام الظلم والفقر، فأحرق نفسه في 17 ديسمبر 2010، ونُقل إلى المستشفى، وتوفى في الرابع من يناير عام 2011، لكنه ألهم الشعب التونسي الذي ثار على «بن علي» وأسقطه، ثم ثارت بعدها الشعوب على الأنظمة العربية.
عربة «بوعزيزي» ليست للبيع، العربة التي كانت سببًا في الربيع العربي، لازالت في منزله يحتفظ به شقيقه، ورفض بيعها لرجل أعمال خليجي مقابل 20 ألف دولار.